الاسراء و المعراج

كتابة:
الاسراء و المعراج

معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

أيّد الله تبارك وتعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالعديد من المعجزات، حتّى إنّ ابن القيم ذكر في بعض كُتبه أن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاوزت الألف، من هذه المعجزات ما حصل وانتهى، ومنها ما هو باقٍ إلى يوم القيامة، وهذا النوع الثاني هو المعجزة العُظمى، ومعجزة محمد صلى الله عليه وسلم الكُبرى؛ القرآن الكريم، ووجوه إعجاز القرآن كثيرة، فمن جهة لفظه تحدّى الله تعالى فصحاء العرب أن يأتوا بسورة من مثل القرآن إلا أنهم عجزوا عن ذلك، ومن وجوه إعجازه أيضاً إخباره عن الغيب؛ فقد أخبر عن أمور مستقبلية وقعت تماماً كما أخبر، وهو معجِز أيضاً فيما جاء به من أحكام وتشريعات لم يهتدِ الناس لمثلها لولا القرآن الكريم، كما وردت فيه الكثير من الأخبار والأسرار والعلوم المتعلقة بهذا الكون ممّا لا زال العلم الحديث يكتشفه ويؤكّده بمرور الزمن.[١]


ولرسول الله صلى الله عليه وسلم معجزات أخرى غير القرآن الكريم، منها حادثة الإسراء والمعراج، وقد ذُكِرت في القرآن الكريم وفي بعض الأحاديث الصحيحة، ومن معجزاته عليه الصلاة والسلام انشقاق القمر الذي أشار إليه القرآن وتواترت السنّة به، ومن ذلك تكثير الطعام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأكل منه من معه من الجيش بل ويبقى منه، ومنه نبع الماء الذي يخرج من بين أصابعه فيشرب منه الجيش ويتوضّؤون، ومنه إخباره الصحابة بأمور مستقبلية ثمّ تقع كما ذكرها تماماً، ومن معجزاته كذلك حنين جذع الشجرة إليه لمّا ارتقى المنبر، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم عدد من المواقف التي برّأ بها مرضى بين يديه الشريفتين، كما رُوِي أن حجراً كان يسلّم عليه وهو في مكّة المكرمة، وقد جمع العلماء كل هذه العجزات للرسول صلى الله عليه وسلم وغيرها في عدد من المصنّفات والكتب؛ مثل: كتاب دلائل النبوّة للإمام البيهقي، وكتاب أعلام النبوة للماوردي.[١]


حادثة الإسراء والمعراج

حصلت حادثة الإسراء والمعراج في آخر فترات إقامة الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة، فقيل في شهر رجب، وقيل أيضاً في غير هذا الشهر، وقد كانت تلك الفترة من أصعب الفترات وأشدّها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان تكذيب قريش له في أعلى مستوياته، وإيذاؤهم له وللمسلمين يزداد يوماً بعد يوم، فأراد الله عز وجل أن يسلّي رسوله عليه السلام بذلك ويرفعه إليه بجسده وروحه، والمقصود بالإسراء أي رحلة أرضية بلمح البصر من مكة إلى بيت المقدس، قال الله تعالى فيهاك (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى)،[٢] وأما المعراج فهي رحلة سماوية من بيت القدس إلى السماء السابعة ثمّ إلى سدرة المنتهى، حيث رأى الرسول صلى الله عليه وسلم عدداً من آيات الله العجيبة.[٣]


بدأت قصة الإسراء والمعراج عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم نائماً عند البيت الحرام، فجاءه بعض الملائكة وشقوا صدره وأخرجوا قلبه، ثمّ جاؤوا بطشت من ذهب مملوءٍ بالإيمان والحكمة، فغسلوا قلبه بهما وأعادوه إلى صدره، وكان ذلك تهيئةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الرحلة العظيمة القادمة، بعد ذلك جاء البُراق ليركبه الرسول صلى الله عليه وسلم ويحمله إلى بيت المقدس، وهناك جاءه جبريل عليه السلام ومعه إناء من الخمر وإناء من اللبن، فاختار عليه الصلاة والسلام إناء اللبن، فقال له جبريل: هُديت وهديت أمّتك، بعد ذلك جمع الله تبارك وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم جميع أنبيائه في بيت المقدس، وفي ذلك تكريم للرسول صلى الله عليه وسلم وإشارة إلى أن رسالته ناسخة لكلّ ما سبقها من الرسالات، فقد صلّى عليه الصلاة والسلام بهم جميعاً ركعتين، فكان هو الإمام المتبوع فيهما، ثمّ صعد به جبريل عليه السلام إلى السماء، فكان الملائكة في كلّ سماء يرحبون به.[٣]


وقد وجد عليه الصلاة والسلام في كل سماء من السموات نبياً من الأنبياء؛ ففي السماء الأولى وجد آدم عليه السلام، وفي السماء الثانية وجد عيسى ويحيى عليهما السلام، وفي السماء الثالثة وجد يوسف عليه السلام، وفي الرابعة وجد إدريس عليه السلام، وفي الخامسة وجد هارون عليه السلام، وفي السادسة وجد موسى عليه السلام، وفي السابعة وجد إبراهيم عليه السلام، وكان كل منهم يسلّم عليه ويرحّب به، ثم صعد عليه السلام إلى سدرة المنتهى، حيث أوحى الله تعالى عليه ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاةً، فلما نزل عليه السلام ومرّ بموسى عليه السلام أخبره بأن أمّته لن تطيعه في خمسين صلاة، فعاد إلى الله تعالى يطلب منه التخفيف، وظلّ يخفف منها إلى أن أصبحت خمس صلوات، كما أنّه عليه السلام قد رأى في رحلته الجنة والنار، ورأى أصنافاً من المعذّبين والمنعّمين فيهما، فرأى آكلي الربا والزناة وغيرهم يُعذَّبون بسوء أعمالهم، وفي النهاية عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فراشه قبل طلوع صبح تلك الليلة.[٣]


دروس مُستفادة من حادثة الإسراء والمعراج

في حادثة الإسراء والمعراج العديد من العِبر والدروس، منها ما يأتي:[٤]

  • يعطي الله تعالى المِنَح لعباده بعد كل محنة يمرّون بها، فهي سنّة الله تعالى في خلقه وفي تدبير شؤونهم؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن ذاق صعوبات كثيرة من قومه كالتكذيب والاستهزاء وغيره، عوّضه الله عز وجل وروّح عنه بحادثة الإسراء والمعراج.
  • عِظم مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم عند الله تبارك وتعالى؛ فقد خصّه برحلة الإسراء والمعراج، وأراه فيها الكثير من الآيات العِظام.
  • مكانة المسجد الأقصى والبيت الحرام في الإسلام؛ فالله عز وجل خصّهما بالتفضيل على المساجد، وجعل الصلاة فيهما تفوق بالأجر الصلاة في غيرهما.
  • للصلاة أهمية كبيرة في الإسلام، ولذلك كان تشريعها من الله تعالى إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم مباشرةً دون وسيط، وذلك في حادثة خاصّة هي حادثة الإسراء والمعراج.


المراجع

  1. ^ أ ب "من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم"، www.islamqa.info، 2008-10-3، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-8. بتصرّف.
  2. سورة الإسراء، آية: 1.
  3. ^ أ ب ت أ. د. خالد بن عبد الله بن عبدالعزيز القاسم (2007-10-4)، "الإسراء والمعراج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-8. بتصرّف.
  4. عبد الواحد المسقاد (2017-4-25)، "معجزة الإسراء والمعراج: العبر والدلالات"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-8. بتصرّف.
3189 مشاهدة
للأعلى للسفل
×