البحث عن دوري رسالة ديزني المبطنة عن ذوي الاحتياجات الخاصة!

كتابة:
البحث عن دوري رسالة ديزني المبطنة عن ذوي الاحتياجات الخاصة!

في ذكرى ميلاد والت ديزني، نسترجع معكم بعض الشخصيات الكرتونية التي خلقتها ديزني لتبعث لنا برسائل هامة عن ذوي الاحتياجات الخاصة، وآخرها فيلم البحث عن دوري! فما هي هذه الرسائل؟ وما أهميتها في حياتنا؟

بدأ عرض فيلم البحث عن دوري (Finding Dory) في بداية صيف 2016، وهو الجزء ثاني من الفيلم الشهير البحث عن نيمو (Finding Nemo). وقد جاء الفيلم مختلفاً يحمل في طياته رسالة هامة، ألا وهي أهمية تفهم ذوي الاحتياجات الخاصة وتقبلهم في مجتمعاتنا. وقد عقب بعض الخبراء بعد مشاهدتهم للفيلم "لم يحطم الفيلم شباك التذاكر فحسب، بل جاء ليحاول تكسير الصورة النمطية عن ذوي الاحتياجات الخاصة".

دوري السمكة الصغيرة زرقاء اللون، والمحبوبة وخفيفة الظل والتي تستمر في إيقاع نفسها بالمشاكل الواحدة تلو الأخرى تفتتح الفيلم بالتعريف عن نفسها قائلة: "مرحبا، إسمي دوري، وأنا أعاني من فقدان ذاكرة مؤقت!". وتشق دوري طريقها في الفيلم منطلقة في رحلة بحث عن عائلتها بينما تعاني من حالة متقدمة من فقدان الذاكرة، تجعلها تنسى الكثير من الأشياء والشخصيات التي تظهر أثناء أحداث الفيلم.

وتقول الصحفية في الواشنطون بوست أليسا روزنبرغ (Alyssa Rosenberg):"تظهر دوري في الفيلم كشخصية يعمل دماغها بطريقة مختلفة قليلاً، ودماغها المميز الذي يجعلها تنسى الأشخاص والأماكن والأحداث هو ذاته الذي يجعلها تلاحظ أموراً يعجز الآخرون عن ملاحظتها، وتجد الروابط الصحيحة بين أمور يعجز الآخرون عن تحليلها بالطريقة التي تفعلها دوري!" وتعقب:"لا تسمح دوري لحالتها الخاصة بأن تقف عائقاً بينها وبين البحث عن أفراد عائلتها الذين  فقدتهم في مرحلة مبكرة من حياتها، ومشكلة دوري كما تظهر في الفيلم ليست في حقيقة أن دماغها يعمل بشكل مختلف عن الآخرين، بل أن الآخرين حولها لا يبدون استعداداً للتعاون معها أو تفهم حالتها الخاصة أو الصبر على ما تقوله وتفعله بسبب حالتها.

وهذا ليس فيلم ديزني الأول الذي تحاول من خلاله عرض الاختلاف بطريقة مميزة تبعث عبرها للمشاهدين برسالة مفادها أن على المجتمع تقبل الاختلاف والإعاقة الجسدية والذهنية (الإعاقة: هل هي سبب نخجل منه؟)، بل هناك أمثلة عديدة، نذكر منها: شخصية الفيل دامبو الذي ولد بأذنين كبيرتين مكنتاه من الطيران بدلاً من أن تكون عائقاً أمامه أو تجعله محط سخرية الآخرين! وشخصية نيمو الصغير من الجزء الأول للفيلم الذي جاءت دوري لتلعب بطولة جزئه الثاني، ففي الجزء الأول (البحث عن نيمو - Finding Nemo) نتعرف على نيمو، سمكة برتقالية اللون ولد بزعانف أصغر من زعانف رفاقه الآخرين. كما أن فيلم دوري نفسه يتميز عن باقي أفلام ديزني بأنه تضمن شخصيات أخرى، تميز كل منها باختلافه الذي تمكن من تحويله لنقطة قوة بعد أن كان يبدو عائقاً وضعفاً، مثل الاخطبوط هانك (Hank) الذي يظهر بمجسة ناقصة، والقرش ديستيني (Destiny) الذي يعاني من مشاكل في النظر وغيرهما. وقد علقت إلين دي جانرا (الكوميدية المشهورة التي تؤدي صوت دوري في الفيلم):"أحببت في هذا الفيلم أنه يطرح رسالة هامة، وهي أن إعاقتك قد تكون أكبر نقطة قوة فيك!"

الأطفال والحديث بصراحة عن الإعاقة!

بعد مشاهدة الفيلم قد تجد نفسك في منتصف نقاش مع أطفالك عن ذوي الاحتياجات الخاصة، فالأطفال بشكل عام معروفون بالفضول وحب طرح الأسئلة عن كل شيء يدور حولهم، لذا على الآباء والأمهات أن يتعاملوا مع أسئلتهم عن الاختلاف بحذر، وعندما نقول اختلاف فإننا نعني بذلك شتى أنواع الاختلاف، من اختلاف الجنس، إلى اختلاف الأعراق والديانات وغيرها كثير وصولاً إلى اختلاف من نوع آخر يبدأ بسؤال"أمي، لم زميلي في المدرسة شكله هكذا؟ أو لم لا يستطيع زميلي أن يحرك يده؟ أو لم لا يسمعني؟ أو لم لا يحب أن يلعب معنا؟" وهنا عليك أن تتوقف وتفكر ملياً في الإجابة، وكيف توصلها لطفلك بطريقة تدفعه للتصرف بشكل إيجابي مع ذوي الاحتياجات الخاصة.

وهنا نورد بعض النصائح للآباء حول تربية أطفال يحترمون ذوي الاحتياجات الخاصة:

  • لا تتجاهل علامات الفضول والحيرة التي تظهر على طفلك: على سبيل المثال، إذا وجدت أن طفلك يحدق بشخص جالس على كرسي متحرك، لا تتجاهل نظراته، بل تحدث معه واشرح له حالة هذا الشخص في حوار يخلق انطباعاً عند طفلك أن الشخص الجالس على الكرسي هو شخص طبيعي مثله لا داعي للابتعاد عنه أو الخوف منه.
  • علم أطفالك أن يستقبلوا الشخص المصاب بإعاقة بترحاب وابتسامة، لا تهرب بهم من المكان مسرعاً إذا رأيت شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل شجعهم على تقبله والتعامل معه بشكل طبيعي يشعره بأنه مرحب به في المجتمع حوله.

  • شدد على نقطة أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم أشخاص يشبهوننا ولا يختلفون عنا في كثير من الأمور. فإذا كان لطفلك زميل في المدرسة من ذوي الاحتياجات الخاصة اسأله عن الهوايات المشتركة بينهما مثلاً، مثل القراءة أو مسلسلات تلفزيونية مفضلة أو الفريق الرياضي الذي يشجعانه وهكذا.
  • لأن الأطفال يميلون لتقليد الأكبر سناً وبالذات الأبوين، كن مثالاً يحتذى به وقدوة حسنة لهم في طريقة تعاملك مع ذوي الاحتياجات الخاصة. احرص على معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة باحترام كما أي شخص آخر (تقديم المساعدة للآباء المعاقين)، وتجنب استخدام كلمات بعينها قد تشعرهم بأنك لا تحترمهم مثل "الإعاقة، العجز، التخلف".
  • لا تسكت طفلك عندما يبدأ بطرح الأسئلة (دليلك لإجابة أسئلة طفلك المحرجة)حتى لو كنت لا تعلم إجابتها، بل قم بالبحث عن الإجابة وعد بها لطفلك، أو تستطيع إشراك طفلك في عملية بحثك عن المعلومة، هذا لن يساعد طفلك على أن يتعلم أكثر عن ذوي الاحتياجات الخاصة فحسب، بل سوف يجعله يكبر ليصبح شخصاً متفهماً يعامل ذوي الاحتياجات الخاصة باحترام.
  • قد يكون الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة عرضة لسخرية بعض أقرانهم، فإذا كان طفلك ممن يسخر من الآخرين بسبب إعاقة ما، تحدث معه ليعتذر ويقلع عن هذا النوع من التصرفات وخذ الإجراءات المناسبة لتصحيح سلوك طفلك (كيف نعاقب الأطفال دون الشعور بالذنب؟).
 

في المرة القادمة التي تفكر فيها في تغيير القناة عن كرتون طفلك المفضل، فكر "هل أحرمه بذلك من مشاهدة فيلم كرتوني يحمل له رسالة أخلاقية وتربوية مهم؟"، وفي المرة القادمة التي ترى فيها شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، كن قدوة لأطفالك، وعامل هذا الشخص باحترام، فطفلك مثل الإسفنجة، ينظر إليك ويقتدي بك ويحاكي تصرفاتك!

4075 مشاهدة
للأعلى للسفل
×