محتويات
مرض الثلاسيميا مرض وراثي يصيب خضاب الدم الموجودة داخل كريات الدم الحمراء ملحقًا خللًا في تكوينه، مما يؤدي إلى تكسر كريات الدم الحمراء وموتها المبكر، إليك أهم المعلومات حول الثلاسيميا في الوطن العربي.
من المعلوم أن كريات الدم الحمراء تعيش داخل أجسادنا فترة تصل إلى مائة وعشرون يومًا، ولكن ماذا يحدث في حالة مرض الثلاسيميا العظمى؟ أبرز المعلومات حول الثلاسيميا في الوطن العربي من هنا.
الثلاسيميا في الوطن العربي
عند الإصابة بمرض الثلاسيميا لا يتعدى عمر كريات الدم الحمراء بضعة أيام إلى أسابيع الأمر الذي يتسبب في حالة فقر دم شديدة ومزمنة لا ينقذ المريض منها إلا أخذه جرعات دم وبشكل منتظم وطوال العمر.
لم يتوصل العلماء إلى سبب نشوء هذه الظاهرة المرضية وتركزها في مناطق جغرافية معينة وبمعنى آخر انتشار الثلاسيميا في الوطن العربي رغم وجود تفسيرات تحاول الإجابة على هذا السؤال.
في عصر سهولة المواصلات وانتقال الأفراد والهجرات فإن المرض آخذ في الانتشار خارج مناطق تواجده التاريخية إلى كافة أنحاء العالم.
كيف ينشأ مرض الثلاسيميا؟
بلغة بسيطة من المعروف أن الإنسان يتمتع بنسخة من المادة الوراثية مكونة من ستة وأربعين كروموسومًا يتلقاها مناصفة من كل من الأم والأب.
هذه المورثات تتحكم بكافة الصفات التي نتمتع بها بدءًا من الطول إلى لون الشعر إلى فصيلة الدم وغيرها من آلاف الصفات التي نرثها من آبائنا وأمهاتنا، وخضاب الدم تعد مثل باقي الصفات الوراثية يتلقى الإنسان مورثاتها مناصفة من جهة الأم والأب.
اللطيف في أمر مرض الثلاسيميا أن نشوء المرض مرتبط بتلقي الإنسان كروموسوم خضاب دم معتل من جهة الأم وكذلك كروموسومًا معتلًا من جهة الأب، إذ لا يكفي حمل كروموسوم واحد معتل للإصابة بالمرض.
في غالب الحالات فإن كلًا من الأم والأب لا يظهر عليهما أي أعراض مرضية بسبب وجود مورث معتل واحد لدى كل منهما.
يوضح الرسم المرفق احتمالات الإصابة بالمرض لدى أبوين يحمل كل منهما صفة مرض الثلاسيميا وفقًا لقوانين الوراثة والتي تصل إلى 25% لكل حالة حمل (الرسم التوضيحي رقم 1).
لماذا يتهدد الثلاسيميا في الوطن العربي؟
تبين أن صفة مرض الثلاسيميا في الوطن العربي الوراثية منتشرة بنسب تتراوح بين 3-4%، أي إن من بين كل مائة مواطن هناك 3-4 مواطنين يحملون صفة الثلاسيميا الوراثية.
كما سبقت الإشارة فإن حمل الإنسان لمورث واحد معتل للثلاسيميا لا تعني الإصابة بالمرض كما لا يعاني الإنسان من أي أعراض مرضية.
ولكن في حال زواجه ممن يحمل أيضًا صفة الثلاسيميا الوراثية وفقًا للرسم التوضيحي أعلاه تظهر الإصابة لدى الأبناء أو عدد منهم.
الحقيقة أن هذه المعلومة الهامة تمثل حجر الأساس في حملات الوقاية من انتشار مرض الثلاسيميا في الوطن العربي والمناطق الأخرى، فإذا اطمأننا إلى عدم حمل أحد الأبوين على الأقل لصفة الثلاسيميا الوراثية فإن ذلك يمثل ضمانا عمليا لعدم ولادة الطفل المريض حتى لو كان الأب الآخر يحمل هذه الصفة (الرسم التوضيحي رقم 2).
إن جهود الجهات الصحية المختلفة المعنية بالوقاية من انتشار مرض الثلاسيميا في الوطن العربي منصب على تحقيق هذا الهدف وقد سنت دول عديدة أنظمة وقوانين تحول دون زواج حاملي صفة مرض الثلاسيميا بعضهم من بعض.
ما هي أعراض مرض الثلاسيميا؟
تتلخص طبيعة مرض الثلاسيميا في حالة من فقر الدم الشديدة تبدأ في حالات الثلاسيميا المعروفة بنوع بيتا في السنة الأولى من عمر الطفل وفي نوع ألفا ثلاسيميا منذ لحظة الولادة.
الصحيح أن أعراض فقر الدم الحادة لدى طفل رضيع أو وليد أمر غير مألوف كما لا توجد أعراض محددة تشير إليه سوى الاعراض العامة لفقر الدم من الهزال، والشحوب، وعدم الاستقرار، إضافة إلى الضعف العام، وعدم الإقبال على الرضاعة.
إن هذه الاعراض بمجملها عامة تدفع الأم إلى طلب المساعدة الطبية التخصصية، ولدى إجراء فحص الدم البسيط المعروف اختصارًا بعدّ الدم الكامل (CBC) تتضح صورة فقر دم حادة يعاني منها ذلك الطفل لتبدأ بعدها رحلة غير طويلة لتشخيص الإصابة بمرض الثلاسيميا من بين عدد كبير من الأمراض المسببة لفقر الدم الحادة.
هل يوجد علاج لمرض الثلاسيميا؟
حتى سنوات قليلة خلت كان الإصابة بمرض الثلاسيميا في الوطن العربي وباقي الدول تعني معاناة المريض لسنوات تنتهي بالوفاة جراء حالة فقر الدم الحادة والتي لا ينفع معها العلاج بمركبات الحديد.
ولكن مع اكتشاف زمر الدم تغيرت الصورة بشكل ملموس حيث اعتاد الأطباء على تزويد المريض بوحدات دم بشكل منتظم وتزويده بأدوية طاردة لفائض الحديد المتراكم في أنسجة جسمه جراء تلقيه وحدات الدم شهريًا.
لقد أدى ذلك الاكتشاف إلى إحداث ثورة حقيقية في واقع مريض الثلاسيميا في الوطن العربي للتعايش مع هذا المرض بعد أن كان مرضًا قاتلًا لا يمكن النجاة منه.
إضافة إلى تلقي وحدات الدم شهريًا والأدوية المساعدة، فإن المريض بحاجة إلى متابعات طبية تخصصية إضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي.
عمليات زراعة نقي العظم
توفر هذه التقنية فرصة في حال نجاحها لتشافي المريض وبشكل نهائي من مرض الثلاسيميا مع ما يرافق عمليات زراعة الأعضاء من متابعات تخصصية.
إن عمليات زراعة نقي العظم تقتضي جملة أمور أهمها توفر المتبرع الملائم إضافة إلى تمتع المريض بوضع صحي مناسب للإفادة من هذه العملية المعقدة إلى جانب توفر التمويل المالي.
تنتشر العديد من المراكز التخصصية لإجراء هذا النوع من العمليات لعلاج الثلاسيميا في الوطن العربي وغيرها من الدول.
لماذا الاهتمام بالثلاسيميا في الوطن العربي؟
الصحيح أن الاهتمام بمرض الثلاسيميا في الوطن العربي ناشئ عن جملة حقائق أهمها إمكانية الحد من الإصابة بالمرض في صفوف الأبناء.
إضافة إلى الكلفة الهائلة لعلاج المريض الواحد المصاب بالثلاسيميا في الوطن العربي حيث تصل إلى 20-25 ألف دولار سنويًا، وعليه فإن كلفة العلاج للمريض الواحد لعشر سنوات تصل إلى ربع مليون دولار وإذا احتسبناها لعشرين عامًا فإن الكلفة تصل إلى نصف مليون دولار، وهو مبلغ هائل يفوق قدرات وميزانيات وزارات الصحة في الدول.
في حين أن كلفة الكشف عن حاملي صفة الثلاسيميا الوراثية وتنفيذ برامج التوعية والتثقيف لن تصل كلفتها إلى أجزاء من كلفة علاج الثلاسيميا في الوطن العربي.
إن الاستثمار في مجال الوقاية من الإصابة بمرض الثلاسيميا هو نموذج واضح لجدوى مثل هذا النوع من "الاستثمارات".
تبين أن السياسات المتبعة والانخفاض في أعداد المرضى الجدد منذ عام 2002 قد حال دون ولادة 750 حالة مرضية جديدة تبلغ كلفة رعايتها على مدى عشرين عامًا افتراضيًا يعيشها المريض الواحد مبلغًا يتراوح بين 150-200 مليون دولار.
مع ملاحظة أن تلك الارقام تم احتسابها بتحفظ على أساس كلفة الرعاية الصحية الحالية وانطلاقًا من أعداد المرضى المواليد الجدد السنوي قبل عام 2000، ووفقًا لمتوسط عمر المريض في الوطن العربي اليوم.