التعامل مع السمنة هو أمر محبط، بدون أي شك، إذ أنه يشهد الكثير من التقلبات. هنالك أهمية كبيرة لميزان السعرات الحرارية، كمية خلايا الدهون في الجسم ووتيرة عمليات الأيض فيه.
التعامل مع السمنة هو أمر مثير للإحباط، بدون أدنى شك، إذ أنه يشهد الكثير من التقلبات.
أحد المصطلحات الشائعة، التي يستخدمها أخصائيو التغذية، هو ميزان السعرات الحرارية السلبي، والمقصود به أنه يجب المواظبة على حرق سعرات حرارية أكثر من تلك التي نستهلكها. لكن جسم الإنسان لا يعمل وفقاً لمعادلات رياضية. وحتى عندما نحاول المواظبة على هذا المبدأ، ففي العديد من الحالات لا نصل إلى الهدف المطلوب.
إذن، ما هو سبب السمنة؟ هل يعود السبب إلى ميزان السعرات الحرارية فقط؟
كمية خلايا الدهون في الجسم
عدد خلايا الدهون في الجسم هو أحد العوامل التي تحدد الميل للبدانة. تشمل العوامل الأساسية التي تؤثر على كمية الخلايا الدهنية في الجسم، العوامل الوراثية والسلوكية. في الواقع، من المفروض أن يبقى عدد الخلايا الدهنية التي نولد معها ثابتاً، أما السمنة فتكون نابعة من كبر حجم وإنتفاخ هذه الخلايا، إثر إمتصاصها للدهون التي تتواجد في الطعام. إلاّ أن هنالك مراحل مختلفة في الحياة، والتي يؤدي فيها اتباع نظام غذائي غير متوازن، غنياً بالسعرات الحرارية، السكريات والدهنيات، إلى تكاثر الخلايا الدهنية في الجسم. المراحل الحاسمة هي فترة الرضاعة، مرحلة الطفولة والمراهقة. على الرغم من ذلك، هنالك أدلة من دراسات مختلفة أجريت مؤخراً تُفيد بأنه أيضاً في مرحلة متقدمة من العمر تتكاثر الخلايا الدهنية إثر تناول طعام غير متوازن.
مع ذلك، لا تعتبر السمنة أمراً ميؤوساً منه. قد تؤثر خلايا الدهون في الجسم سلباً على الإحساس بالشبع وتقوم بارسال إشارات تجعل الإنسان يشعر بالجوع طيلة الوقت، إثر إفراز هرمونات مختلفة، وقد تؤدي إلى تعزيز مقاومة الإنسولين. على الرغم من ذلك، الهدف هو الحفاظ على خلايا الدهون خالية وغير نشطة.
ما هي طرق مواجهة هذه الحالات؟
- تقليل إستهلاك السعرات الحرارية الفارغة، كالوجبات السريعة والتي تكون غنية بالكربوهيدرات والدهنيات التي تمت معالجتها صناعياً.
- المواظبة على تقسيم الطعام بشكل صحيح على مدار اليوم - وفقاً للساعة البيولوجية الشخصية وساعات النشاط اليومية.
- المواظبة على تناول وجبتي الفطور والغداء، وعدم تناول أطعمة غنية بالسعرات الحرارية في الساعات المتأخرة من الليل.
- العلاج المبكر: في الحالات التي يعاني فيها الأطفال من السمنة، يوصى بمعالجة هذه المشكلة في مرحلة مبكرة قدر الإمكان، ذلك أن طبيعة التعامل مع هذه المشكلة تؤثر على الميل إلى البدانة مدى الحياة.
يُعد توزيع الخلايا الدهنية في الجسم أمراً بالغ الأهمية، إذ أن السمنة في منطقة البطن تعتبر الأكثر أهمية، ذلك أنها ذات تأثير خطير على القلب والأوعية الدموية، وقد تؤثر على قدرة الجسم على القيام بعمليات الأيض بشكل سليم.
هل هنالك خلل في عمليات الأيض؟
يتحدد حرق الطاقة اليومي وفقاً لثلاثة عوامل:
1. وتيرة الأيض عند الراحة.
2. التأثير الحراري للطعام (إنبعاث الحرارة إثر تحليل الطعام).
3. حرق الطاقة الذي يحصل أثناء ممارسة الرياضة.
تعتبر عمليات الأيض لدى الشخص العادي، العامل الأكثر أهمية في التأثير على حرق الطاقة اليومي. في العديد من الحالات، قد يحصل ضرر في وتيرة عمليات الأيض اليومية، بسبب الأنظمة الغذائية غير المتوازنة، اضطرابات في نشاط الغدة الدرقية ونقص في الفيتامينات ومواد غذائية مختلفة.
يطرأ مع التقدم في السن، إنخفاض في وتيرة عمليات الأيض، إضافةً إلى إنخفاض العمليات المتعلقة بالنشاط الذي يؤدي إلى بناء الكتلة العضلية (النشاط الإبتنائي)، هرمونات النمو والهرمونات الجنسية. بدون النشاط الإبتنائي، يصغر حجم الكتلة العضلية وبالتالي تقل كفاءة إستخدام الطاقة في الجسم. كلما كان النظام الغذائي حاداً أكثر، تقل الكتلة العضلية بشكل أكبر وبالتالي يقل إستهلاك الطاقة من قبل العضلات وحرق الدهون في الجسم عند الراحة.
تسهم الفحوصات المخبرية، التي تُجرى باستخدام تقنيات حديثة، في تقييم وتيرة عمليات الأيض وفي تقييم جودتها. تضرر عمليات الأيض هي المشكلة الأيضية الأكثر شيوعاً، إذ تصل نسبة إنتشارها إلى أكثر من 50% من بين البالغين الذين يعانون من السمنة.
قد يؤدي النظام الغذائي الذي لا يكون صحياً أو متوازناً، أو ممارسة الرياضة التي لا تكون ملائمة، إلى فرط إستخدام الطاقة السكرية أثناء الراحة على حساب الطاقة التي نحصل عليها من مخازن الدهون في الجسم. قد يقوم الجسم بتفكيك العضلات نفسها للحصول على مصدر للطاقة، مما يؤدي إلى ضرر في بوتيرة عمليات الأيض. قسم كبير من الأشخاص الذين يمارسون الرياضة، يبذلون جهوداً مضنية في محاولة منهم لتخفيف وزنهم، ولكن في الواقع، يقوم هؤلاء الأشخاص بتفريغ مخازن السكر لديهم وبإهمال مخازن الدهون.
يتعلق الحل لمشاكل السمنة الناجمة عن خلل في عمليات الأيض، بتحديد العوامل التي قد تخّل بعمليات الأيض، بشكل صحيح. بوسع إختصاصي الفيزيولوجيا أن يقوم بتحديد المشكلة عن طريق الفحوصات المخبرية في مختبر عمليات الأيض، وعن طريق فحوصات الدم بصفة عامة. يمكن تحسين وتيرة وجودة عمليات الأيض عن طريق اتباع نظام غذائي مناسب، علاج النواقص الغذائية، تمارين فيزيولوجية لتنشيط عمليات الأيض وتجديد بناء الكتلة العضلية.