احذروا الجفاف فهو أخطر المضاعفات التي قد تنجم عن الإسهال عند الأطفال وهو السبب الرئيسي للوفيات الناجمة عن الإسهال
يعتبر التجفاف (Dehydration) من أخطر المضاعفات التي قد تنجم عن الإسهال عند الأطفال وهو السبب الرئيسي للوفيات الناجمة عن الإسهال، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 60% من وفيات الأطفال الناجمة عن الإسهال تكون بسبب الجفاف (وهذا يعادل حوالي 2-3.6 مليون وفاة عند الأطفال سنوياً).
يشكل الماء حوالي 60-75% من وزن الجسم عند الطفل ويكون ثلثا هذا الماء داخل الخلايا والثلث الباقي خارج الخلايا، وللماء أهمية كبيرة لا تخفى على أحد فهو يعمل على تنظيم جميع العمليات الاستقلابية الضرورية للحياة ولذلك يؤدي فقد الماء إلى حدوث تأثيرات خطيرة على الجسم قد تؤدي للوفاة.
يقصد بالتجفاف فقدان الماء والشوارد عن طريق الأمعاء (الإسهال) وأحياناً عن طريق الفم أيضاً (التقيؤ)، وهذه الشوارد هي البوتاسيوم، الصوديوم والبيكاربونات بشكل رئيسي وهي ضرورية لعمل الخلايا المختلفة وتوجد في الحالة الطبيعية بتراكيز معينة فـــإذا اختــــل هــــذا التركيز زيادة أو نقصاً أدى ذلك لاضطرابات عديدة في عمل القلب والعضلات والدماغ أحياناً.
إن التجفاف خطر محدق بالطفل المصاب بالإسهال قد يتطور في أي لحظة مهما كانت شدة الإسهال خاصةً إذا لم يتم تعويض السوائل عند الطفل أو إذا ترافق الإسهال مع التقيؤ، لذلك يجب عدم الاستهانة أبداً بالإسهال حتى لو كان خفيفاً والبدء مباشرة بإعطاء السوائل للطفل (أملاح مكافحة التجفاف - حليب الأم - ماء الرز - الشوربة) ومراجعة الطبيب أو المركز الصحي.
ما هي درجات التجفـاف؟
يقسم الأطباء التجفاف إلى ثلاثة درجات اعتماداً على كمية السوائل التي فقدها الطفل أو نسبة هذه السوائل من وزن الجسم، وهو يقسم عادة إلى التجفاف الخفيف، المتوسط والشديد ويقابله التجفاف 5% و 10% و15%. ويقسم عند الأطفال الكبار والبالغين إلى 3% و 6% و 9%، ولكل درجة من هذه الدرجات علامات وأعراض معينة يجب على الأهل معرفتها لتقدير مدى خطورة حالة الطفل ومدى حاجته للمعالجة الإسعافية.
أولاً- التجفاف الخفيف:
وهو أول درجات التجفاف ويقابله نقص حوالي 5% من وزن الطفل الصغير (الرضيع دون وزن 10 كغ) و3% من وزن الطفل الكبير (الطفل فوق وزن 10كغ) ويتميز هذا التجفاف بما يلي:
1. يبدو الطفل متنبهاً أو ضجراً.
2. العطش ويتجلى ذلك بجفاف الأغشية المخاطية الخفيف (جفاف الفم والشفتين) وهو العلامة الأولى على فقدان السوائل، ولايستطيع الرضَّع التعبير عن عطشهم إلا بالبكاء وهم يتناولون الماء بلهفة عند تقديمه إليهم.
3. البول المركّز (البول ذو لون غامق).
4. قلة الدموع.
5. مرونة الجلد طبيعية (تمسك ثنية جلدية بين الإبهام والسبابة وتشد للأعلى ثم تترك فيؤدي ذلك إلى عودة الجلد إلى ما كان عليه أما في حالة التجفاف المتوسط أو الشديد فيؤدي ذلك (كما سنرى لاحقاً) إلى بقاء الثنية الجلدية لعدة ثوان).
ثانياً- التجفاف المتوسط:
إذا لم تعالج الدرجة الخفيفة من التجفاف واستمر الإسهال فإن التجفاف يصبح متوسط الشدة ويقابل ذلك فقد حوالي 10% من وزن الطفل (أو 6% من وزن الطفل الكبير) ويتميز التجفاف متوسط الشدة بالصفات التالية:
1. العطش الشديد مع جفاف الأغشية المخاطية.
2. غؤور العينين.
3. غؤور اليافوخ عند الأطفال الصغار.
4. الهياج.
5. نقص مرونة الجلد بشكل خفيف.
6. قلة البول.
7. تسرع النبض وضعفه.
ثالثاً- التجفاف الشديد:
وهي مرحلة متقدمة وخطيرة من التجفاف وقد تؤدي إن لم تعالج بشكل إسعافي بالسوائل الوريدية في المشفى إلى الوفاة، وتتصف هذه الدرجة من التجفاف بفقد حوالي 15% أو أكثر من وزن الجسم عند الطفل الصغير وفقد حوالي 9% من وزن الطفل الكبير ويتصف بالصفات التالية:
1. الحالة العامة السيئة حيث يبدو الطفل واهناً ضعيفاً وقد يكون فاقداً للوعي وقد لا يستطيع الشرب.
2. برودة الجلد والأطراف (مرحلة الصدمة).
3. النبض ضعيف جداً أو غير مجسوس.
4. غؤور العينين الشديد.
5. غؤور اليافوخ الشديد.
6. يصبح اللسان خشناً وجافاً جداً وتظهر الزغابات على اللسان وتصبح كالمبرد.
7. انقطاع البول.
8. نقص شديد في مرونة الجلد (تبقى الثنية الجلدية عدة ثوان حتى تزول).
9. غياب الدموع.
ملاحظة:
إن هـــذه الحالــــة إســـعافية وتحتـــــاج إلى المعالجــــة السريعة بالســـوائل الوريديــــة لمكافحــــة الصدمــــة وقد تعطـــى أدوية أخرى مع السوائل لرفع الضغط وتحسين حالة الطفل.
إن تقسيم التجفاف إلى الدرجات السابقة أمر نظري نسبياً، وقد يتطور التجفاف من درجة إلى أخرى بسرعة خاصة إذا كان الإسهال شديداً أو ترافق مع التقيؤات المعندة لذلك يجب عدم الاستهانة بالإسهال عند الأطفال مهما كانت درجته والتعامل معه بعناية وحذر والبدء مباشرة بإعاضة السوائل عند الطفل عن طريق الفم، وفي حال استمرار الإسهال مراجعة الطبيب أو المركز الصحي بسرعة.
إن الإسهال لايؤدي لفقد السوائل (الماء) فحسب إنما يؤدي أيضاً لضياع الشوارد (الصوديوم والبوتاسيوم) والبيكاربونات وهذا يؤدي إلى تفاقم الحالة وحدوث اضطراب في هذه الشوارد مع حدوث الحماض وكل ذلك بالطبع يحتاج إلى تدابير خاصة يعرفها الطبيب.