الحكمة من الحلال والحرام في الأطعمة والأشربة

كتابة:
الحكمة من الحلال والحرام في الأطعمة والأشربة









أسباب منع بعض الأطعمة والأشربة في الإسلام

منّ الله -عز وجل- علينا إذ جعلنا مسلمين، وبعث لنا من أنفسنا رسولاً أميناً، وأنزل علينا كتاباً عظيماً فيه تشريع من قبلنا، ونظام حياة لمن بعدنا، وشرع ما فيه مصلحة لنا، فأحل لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث، وجعل مصدر تحليل الأطعمة والأشربة وتحريمها الوحي من كتاب الله تعالى، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.


وإن من رحمة الله تعالى بعباده أنه حثّ في الكثير من آياته الكريمة على تحريم العديد من الأطعمة والأشربة، وأخبرنا -سبحانه وتعالى- أنه إنما أحل لنا الطيبات دون الخبائث، ومما لا شك فيه أن الأصل في الإسلام هو حل وإباحة الأطعمة والأشربة، إلا ما ثبت النهي عنه بدليل شرعي، أو تبين وجود مفسدة ظاهرة متحققة فيه.[١]


وكل ما فيه منفعة للبدن والروح من الأطعمة والأشربة فقد أباحه الله؛ ليستعين به الإنسان على طاعة الله، ويتقوى على عبادته، ويشكره على تمام النعمة[١] ولا شك أنّ الطعام الذي يتناوله الإنسان من الأطعمة التي أباحها الله له فيه حفظ لمقاصد الشريعة؛ والمتمثلة في الحفاظ على صحة الإنسان من المرض والضرر ، وأن كل ما فيه ضرر على صحة الإنسان فقد حرمه الله؛ لما فيه من مفسدة وضرر يقع على صحة الإنسان.[٢]


الوقاية من الضرر الصحي

إن الحكمة من النهي عن تناول الميتة من الحيوانات هو احتباس الدم فيها، وعلّة التحريم في الإسلام ترجع لسببين:[٣]

  • ما فيه حق لله تعالى

حيث قد نهى الله عن أكل الميتة، فمن أكلها فقد تعدى وتجاوز الحدّ، وانتهك حرمة أوامر الله ونواهيه.

  • ما فيه مصلحة للعباد

حيث إن وراء كل نهي مصلحة تتحقق للعباد في الدنيا والآخرة، سواء علم بها الإنسان أم لم يعلم بها، وقد حرّم الله العديد من المطعومات لِما تسبّبه من الضرر على صحّة الإنسان.


الحفاظ على الذوق السليم والبعد عن المستقذرات

لا شك أن من الأسباب التي دعت الإسلام لتحريم بعض الأطعمة والأشربة هي الوقاية من الأمراض التي تلحق بالإنسان جراء تناوله ما فيه ضرر على جسمه؛ كالطين، والفحم، والخشب، والابتعاد عن تناول ما تستقذره الطباع السليمة؛ كالروث، والقمل، والجعلان، والبصاق، والمخاط، وغيرها، وهذا من شأنه الحفاظ على الذوق السليم والبعد عن المستقذرات التي تأباها الطباع السليمة لدى الإنسان.[٤]


وقد تتكشف لنا بعض أسرار والحكم من تحريم بعض الأطعمة، فنلاحظ مرونة الشريعة الإسلامية من مرونتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وبالتالي هذا يبعث الاطمئنان في النفوس، فعلى سبيل المثال: دعت إلى تحريم أكل لحم الخنزير؛ لأنه معرض للإصابة بعدد كبير من الطفليات التي تصيب الإنسان.[٥]


حفظ العقل والمال والعرض

دعا الإسلام لتحريم بعض الأطعمة والأشربة بهدف الحفاظ على مقاصد الشريعة الإسلامية المتمثلة فيما يأتي:[٦]

  • حفظ العقل

من خلال النهي عن كل ما يفسد العقل ويذهبه؛ كتحريم الخمر، والمسكرات، والمخدرات التي تؤثر على العقل فتعمل على إتلافه.

  • حفظ المال

كما أنها تؤدي إلى ضياع المال في غير وجوهه المشروعة من خلال إنفاقه في شراء المسكرات والخمور والمخدرات.

  • حفظ النفس

فبفقدان الإنسان عقله قد يعرض نفسه للهلاك أو قد يقع في جرائم الاعتداء على العرض؛ كالوقوع في الزنا، أو القتل، بسبب عدم تمييزه بين الضار النافع.


إذاً فالحكمة من تحريم بعض الأطعمة والأشربة تُعزى لما فيها من ضررمحقّق لجسم الإنسان؛ لذا حرم الإسلام تناولها؛ للحفاظ على صحة الإنسان وعافيته، وهذا كله يحقق مقصد التشريع الحنيف في حفظ العقل والمال والعرض.[٧]


وهي من الضرورات الخمس التي جاء الإسلام للحفاظ عليها بتشريع كل ما فيه مصلحة، ودفع ما فيه مفسدة عنها، كتحريم تناول ما يعطل نشاطات العقل العملية؛ كالتدخين والمخدرات الذي يضر بجسم الإنسان وعقله، ويسبب الكثير من الأمراض.[٧]


المحافظة على طبائع الإنسان وخُلقه

من الأسباب التي دعت الإسلام لتحريم بعض الأطعمة والأشربة هو الحفاظ على طبائع الإنسان وخلقه؛ لأن في تناولها إضراراً بالإنسان، وهو ما تأباه النفس السوية وتعافه وترفض تناوله، لما فيه من إخلال بطبع الإنسان ومزاجه السّوي الذي خلقه الله عز وجل فيه، مثل تناول لحوم السباع وجوارح الطير، قال تعالى : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّـهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).[٨][٩]


سد طريق الشهوات

من الأسباب التي دعت الإسلام لتحريم بعض الأطعمة والأشربة هو سد طريق الشهوات التي تؤدي إلى الصد عن ذكر الله تعالى، وتبعد الإنسان عن أبواب رحمته، وفضله وإحسانه، وإثارة الشحناء والبغضاء، وانتشار أسباب العداوة بين المسلمين، وبالتالي قطع روابط الأخوة والمحبة بين الناس،[١٠] قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).[١١]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد بن ابراهيم التويجري ، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 317. بتصرّف.
  2. محمد بن ابراهيم التويجري، موسوعة الفقه الاسلامي، صفحة 278. بتصرّف.
  3. عطية سالم ، شرح بلوغ المرام، صفحة 10. بتصرّف.
  4. محمد بن ابراهيم التويجري، موسوعة الفقه الاسلامي، صفحة 314. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الافتاء المصرية، صفحة 414. بتصرّف.
  6. محمد بن ابراهيم التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 984. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ابن باز ، حكم شرب الدخان وإمامة من يتجاهر به، صفحة 3. بتصرّف.
  8. سورة البقرة ، آية:173
  9. ابن القيم الجوزية ، مدارج السالكين، صفحة 10. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين ، كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 78. بتصرّف.
  11. سورة المائدة ، آية:91
5734 مشاهدة
للأعلى للسفل
×