الجنة
الجنة في اللغة هي البستان الواسع العظيم، الذي لا يظهر ما يداخله بل يستره، وقد اشتُقت لفظة "الجنة" من جنن والذي هو بمعنى الستر، وعلى ذلك جاء اسم الجن جنًا بس استتارهم واختفائهم عن أنظار البشر، وأيضًا سُمي الجنين جنينًا لأنه مختبأٌ ومستتر في بطن أمّه، ومن ذلك جنون الليل أي اشداد الظلام فيه، فستر ما يجري به، وأمّا تعريف الجنة في الشريعة الإسلاميّة في الدار التي يُخلد فيها المؤمنون، والتي أعدها الله تعالى لهم جزاء إيمانهم وصلاحهم، وأكرمهم فيها برؤية وجهه الكريم، وقد أعدّ اله تعالى فيها لعباده ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، وقد أعدّ الله تعالى في الجنة الحور العين للرجال فماذا للنساء.[١]
وصف الجنة في القرآن والسّنة
قبل الإجابة عن سؤال أنّه في الجنة الحور العين للرجال فماذا للنساء، من الجيد الحديث عن وصف الجنة الذي ورد في القرآن الكريم والسّنة النبويّة الشريفة، وقد أوضح الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه صفات هذه الدار، الذي يسعى المسلمون لنيلها، كما أشاد بها نبيه -صلى الله عليه وسلم- في أحاديثه الشريفة، حتى يقبل العباد على ما صَلُحَ من الأعمال، وفيما يأتي بيان لبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة التي ورد فيها وصف للجنة:[٢]
- ما ورد في سورة الأعراف من صفات المؤمنين بعد دخولهم الجنة، وصفات الجنة، وكان ذلك في قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.[٣]
- وصف الخلود في الجنة وذلك في آيات من سورة النساء، في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا}.[٤]
- وصف وجوه المؤمنين في الجنة، وذلك في قوله تعالى في سورة الغاشية، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَة* لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ* فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ* لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً* فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ* فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ* وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ* وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ* وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}.[٥]
- حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الذي وصف به من يدخل الجنة، وقد قال في ذلك -صلى الله عليه وسلم-: "مَن يَدخُلُ الجنَّةَ يَنعَمُ لا يَبأَسُ، لا تَبلى ثِيابُه، ولا يَفنى شَبابُه، في الجنَّةِ ما لا عَينٌ رأَتْ، ولا أُذُنٌ سمِعتْ، ولا خطَرَ على قَلبِ بَشَرٍ}.[٦]
الحور العين للرجال فماذا للنساء
قد يتساءل الكثير من المسلمين والمسلمات أنّ الله أعدّ في الجنة الحور العين للرجال فماذا للنساء، في الإجابة عن هذا السؤال يمكن ذكر ما للنساء في الجنة، وربّ العالمين لا يظلم أحدًا مثقال ذرة، فعندما ذكر الله تعالى المغريات في الجنة من الطعام والشراب والمشاهد الجميلة واللباس والسكن، عمم ذلك كلّه على الرجال والنساء، فكلا الطرفين سوف يتمتع بما سبق في الجنة، ولكن أغرى الله تعالى الرجال بما ذكره من حور عين ونساء جميلات في الجنة، ولم يفعل ذلك مع النساء، وعلى الرغم من أنّ الله لا يُسأل عمّ يفعل -جلّ وعلا-، ولكن ليست من حرج في معرفة الحكمة والسبب من النصوص الشرعيّة، والحكمة من ذكر الحور للرجال وعدم ذكر شيء مماثل للرجال يعود لطبيعة المرأة؛ فالمرأة لديها الحياء بطبعها -كما هو معروف- ولذلك فلم يشوّق الله تعالى النساء المؤمنات للجنة بأمرٍ يستحين منه.[٧]
وفي تفسير ذلك أيضًا أنَّ شوق الرجال للمرأة ليس كشوق المرأة للرجال -كما هو معروف أيضًا-، ولذلك فقد ذكر الله الحور العين للرجال في الجنة لتشويقهم لها، وشّق النساء للجنة بذكر الزينة لهن من لباس وحليّ، فشوقهن لتلك الأمور أكثر منه للرجال، فذاك ما خلقها الله تعالى عليه، وقال ابن عثيمين -رحمه الله- في ذلك أنّ الله ذكر الزوجات للأزواج في لأنّ الزوج هو من يطلب الزواج من المرأة وهو الراغب فيها، وسكت عن ذكر الأزواج للنساء، وذلك لا ينفي وجود أزواج لهن، بل للنساء أزواج من بني آدم، والله أعلم.[٧]
فإن ماتت المرأة قبل أن تتزوج فالله تعالى يزوجها في الجنة برجل من رجال الدنيا تقرّ به عينًا، وكذلك التي ماتت وهي مطلقة، وكذلك المرأة التي كانت متزوجةً في الدنيا ولكنّ زوجها لم يكن من أهل الجنة، فيزوجها الله في الجنة، وأمّا المرأة التي كانت متزوجةً في الدنيا برجل صالح ودخلا الجنة فزوجها في الجنة هو زوجها الذي ماتت عنه، والمرأة التي مات عنها زوجها في الدنيا، وبقيت على عهده ولم تتزوج بغيره من بعده فهو زوجها في الجنة، وأمّا من مات زوجها فتزوجت من بعده فهي لآخر أزواجها في الجنة مهما كان عددهم، والله أعلم.[٧]
المراجع
- ↑ "معنى (الجنة) لغة واصطلاحا"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-08-2019. بتصرّف.
- ↑ "وصف الجنة في القرآن الكريم والسنة النبوية "، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-08-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 43.
- ↑ سورة النساء، آية: 57.
- ↑ سورة الغاشية، آية: 8-9-10-11-12-13-14-15-16.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 9391، إسناده صحيح على شرط مسلم.
- ^ أ ب ت "للرجال في الجنة حور العين... فماذا للنساء؟؟"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-08-2019. بتصرّف.