الخطل الجنسي

كتابة:
الخطل الجنسي

الخطل الجنسي

الخطل الجنسيّ أو الانحراف الجنسيّ أو البارافيليا (Paraphilia) من الحالات المُثيرة للجدل في الوسط الاجتماعيّ والطبيّ النفسيّ، والذي يتلخّص بكونه حالة يشعر فيها المصابون بالإثارة والإشباع الجنسيّ بتخيّل أمورٌ خارجة عن المألوف أو باتّباع تصرّفات شاذّة، وينخرطون بها في كثير من الأحيان؛ كالاعتداء الجنسي على الأطفال، أو بالشعور بالنشوة عند التعرّض للإهانة أو العنف، أو باستخدامه أدوات وأشياء لا تبعث على أيّ رغبة أو إثارة لدى غيره؛ لذا فإنّ له عدّة أنواع تبعًا للشيء أو التصرّف الذي يربط الشخص باستثارته جنسيًّا.[١]

ويُصنّف الخطل الجنسيّ بأنّه اضطراب عاطفيّ في حال استمرت أعراضه لمدة 6 أشهر متواصلة على الأقل، بالتزامن مع كونه سببًا في شعور المُصاب بالضيق والقلق، مما يؤثر في حياته، أو كونه سببًا في تضرّر أشخاص آخرين، وغالبًا ما يستمر علاج حالات الخطل الجنسي لمدة سنتين على الأقل، ويتضمن العلاج العلاجات النفسية بالتزامن مع العلاجات الدوائية.[٢][١] وتجدر الإشارة إلى أنَّه في كثير من الأحيان ترتبط العديد من حالات الشذود الجنسي بعقوبات ومضاعفات قانونية.[١]


أعراض الخطل الجنسي

للحديث بتخصّص وتحديد أكبر عن الخطل الجنسيّ تجب معرفة أنّ أعراضه تختلف باختلاف نوعه، ويُفصّل كلٌّ منها في الآتي:

الاستعرائيّة

الاستعرائيّة أو الافتضاحيّة (Exhibitionism)؛ أي كشف المصاب عن عورته أمام الغُرباء، وشعوره بالنشوة من رؤية الصدمة أو الاشمئزاز في عيونهم، وعادًة ما يحدث هذا التصرّف دون وجود الاعتداء جنسيًّا أو التحرّش بمن يتعرّى المُصاب أمامه، لكنّ الاستعرائيّة من الجرائم التي يُعاقَب عليها القانون.[٣]

التوثينيّة

التوثينيّة، أو التقديس الأعمى (Fetishism)؛ هي ارتباط الشهوة والإشباع الجنسيّ بالأشياء والجمادات، التي ربّما تبدو نوعًا من الملابس أو الأقمشة، أو أحذية النساء وملابسهم الخاصّة، سواء أكان ذلك بالتلامس الجسديّ معها أم بارتدائها، وربما يستمتع المصاب أحيانًا بممارسة ذلك مع شخص آخر، لكنّ التوثينيّة عند استفحال وضعها تُصبح فيها العلاقة الجنسيّة محصورة بالجمادات فقط دون وجود أيّ شُركاء فعليّين[٣].

التحرشيّة

أمّا ما يحدث في حالة التحرشيّة (Frotteurism) فهو بالضبط ما يُسمّى بين الناس بتحرّش الأماكن العامّة، حيث المصاب يجد مُتعته الجنسيّة في الاحتكاك الجسديّ -أعضاؤه التناسليّة خاصة- مع شخص غريب آخر لا طواعيّة له وغير موافق على ذلك، ذلك في الأماكن العامّة والمُكتظّة؛ لذا فهو جُرم يُعاقب عليه القانون، وتصرّف مرفوض بين فئات المُجتمع.[٣]

الغلمانيّة

الغلمانيّة، أو التي تُشتهَر بالتحرّش الجنسيّ بالأطفال (Pedophilia)، والتي تُوازي جرائم الاغتصاب، ويُعاقب عليها القانون بالسجن، وهي الحالة التي ترتبط فيها المُتعة الجنسيّة لدى المُصاب بتخيّلات أو تحرّشٍ فعليّ بالأطفال ممّن تقلّ أعمارهم عن 13 عامًا في معظم الحالات سواء أكان ذلك في ممارسة أفعال جنسيّة أمام الطفل المُعتدَى عليه أم في تجريده من ملابسه أم في إرغامه على ممارسة علاقة جنسيّة مباشرة مع المصاب، وفي بعض الأحيان قد ترتبط الرغبة الجنسيّة هذه مع الأطفال على اختلافهم، أو تكون فقط للأطفال الذين تربطهم صلة بالمُصاب؛ كأبنائه أو أقربائه.[٣]

المازوخيّة

أمّا المازوخيّة أو الخضوعيّة (Masochism)؛ فهي ارتباط الرغبة والاستثارة الجنسيّة بالإهانة اللفظيّة أو الجسديّة التي قد تصل إلى حدّ التعذيب، وليس ذلك بداعِ التمثيل أو اللعب مع الشريك الآخر وإنّما أذى فعليّ لتحقيق المتعة الجنسيّة؛ كالضرب والصّفع أو جرح النفس بأدوات حادّة، وأحد أشكالها الخطيرة للغاية ما يُسمّى الاختناق الجزئيّ التلقائيّ (Autoerotic Partial Asphyxiation)، الذي يلجأ فيه الشخص لخنق نفسه بحبل أو كيس بلاستيكيّ بهدف الوصول للرعشة الجنسيّة، مما قد يُكلّفه حياته في كثير من الأحيان.[٣]

المثلية

في ما يخصّ المثليّة الجنسيّة (Homosexuality) التي يجد فيها الشخص رغبته الجنسيّة مع أفراد من جنسه نفسه؛ فهي كانت تُصنّف ضمن أنواع الخطل الجنسيّ في الدليل التشخيصي والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة بنسخته الثانية، وأُزيلت المثليّة من بين التصنيفات الأخرى في نسخة الدليل الخامسة DSM-5 وهي المعمول بها حاليًّا؛ لذا وبغضّ النظر عن الأسباب الكامنة وراء استثنائها، وبغض النظر عن القبول المُجتمعيّ والدينيّ لظاهرة المثليّة، لكنّها من وجهة نظر العالم غير المسلم لم تعد تُعامَل بمنزلة مُشكلة أو حالة نفسيّة تتطلّب العلاج.[٤]


أسباب الخطل الجنسي

لا يُحدّد سبب مُعيّن للإصابة بأيٍّ من أنواع الخطل الجنسيّ، بل هي مجموعة من العوامل والفرضيات التي يُعتقد أنّ لها أثرًا كبيرًا في رفع احتمال إصابة بعضهم مُقارنًة بغيرهم، ويُذكر منها الآتي:[١][٢]

  • اختلاف في تركيبة الدماغ واستجابته خلال الاستشارة الجنسيّة.
  • اضطرابات في النموّ الجنسيّ أثناء الطفولة؛ مثل:
    • الحساسية البالغة، إذ يميل الشخص إلى أن يفقد السيطرة على المشاعر والتصرّفات بشكل مفرط.
    • إعادة الصدمة، ذلك في حال تعرّض الشخص لتحرّش أو اعتداء جنسيّ في مرحلة الطفولة، إذ قد يجد نفسه يُكرّر ما حدث له مع الآخرين، أو بإيذاء نفسه بطريقة ما.
    • نقص في الوعي الذاتي، بضعف القدرة على التحكّم بالعواطف والمشاعر وإدارتها، وضعف القدرة على طلب المُساعدة ووسائل الراحة من الآخرين.
  • عدم القدرة على إقامة علاقات جنسيّة طبيعيّة لسبب ما، مما يدفع الشخص للبحث عن طرق إشباع جنسيّ أقلّ تطلّبًا للتواصل الاجتماعيّ.
  • وجود ظروف عائليّة تزيد من احتمال المعاناة من الخطل الجنسيّ؛ مثل:
    • سوء العلاقة ما بين الأب والأم.
    • قلّة الرقابة والمتابعة من الأهل.
    • عدم معاملة الطفل كما يجب عبر الوالدين.
    • ضعف العلاقة ومشاعر المودّة والعطف ما بين الأم والطفل.
  • تعرّض الشخص أثناء مرحلة طفولته لتصرّفات جنسيّة معيّنة أو مشاهدته لها.
  • اضطرابات في العلاقة ما بين العوامل الهرمونيّة والجهاز العصبي المركزي والسلوك، إذ تُعدّ إحدى النظريات الدائرة حول مُسبِّبات الخطل الجنسي بالتركيز على الهرمونات الجنسية الذكرية والسلوكيات العدوانية.
  • النظر إلى الخطل الجنسيّ أحيانًا بأنّه أحد أشكال اضطراب الوسواس القهريّ.


تشخيص الخطل الجنسي

تكمن المُشكلة في تشخيص الخطل الجنسيّ في عزوف الكثير مّمن يُعانون منه عن الكشف عن أنفسهم؛ لأسباب قانونيّة بوصف بعض أنواع الخطل من الجرائم التي يُعاقب عليه القانون، وربّما أيضًا بسبب نظرة المُجتمع والعادات لمثل هذه التصرفات، وعدم ربطها بالحالات النفسيّة بكونها مشكلة تتطلّب العلاج، لكن بمُجرّد طلب المساعدة من الاختصاصيّين والمُعالِجين النفسيين والأطباء يبدأ التشخيص بعدّة مراحل وخطوات، ومنها:[٢]

  • التشخيص الجسميّ، الذي يبحث في وجود أيّ مُشكلة في جسم المُصاب بإجراء فحوصات جسديّة ومخبريّة.
  • التقييم النفسيّ، الذي يتطلّب الإجابة عن مجموعة من الأسئلة فيما يخصّ الأعراض التي يعاني منها المُصاب، ومعرفة ما إذا كان لديه أكثر من نوعٍ واحد من الخطل الجنسيّ لتحديدها بالضبط، والإعداد للتعامل معها كما ينبغي.


علاج الخطل الجنسي

بوصف الخطل الجنسيّ من الاضطرابات النفسيّة فإنّ هناك بعض الخطوات العلاجيّة الناجحة في السيطرة على أعراض المرض، والتحكّم بالذات، وعادًة ما يُستخدم أكثر من واحد منها في الوقت ذاته،[١] ويُشار إلى أنّ رحلة العلاج قد تبدو طويلة بعض الشيء، إذ إنّها ربما تستمرّ لمدّة عامين على الأقل للوصول إلى أفضل حالات التحكّم والسيطرة، والتعامل السليم مع أيّ رغبات جنسيّة شاذّة.[٢] أمّا عن العلاجات المُستخدمة فيُذكر منها الآتي:[١]

  • مضادات الأندروجين، التي تُقلّل من نسبة هرمون التيستوستيرون في الدم، بذلك تُقلّل من الرغبة الجنسيّة عمومًا.
  • هرمون أسيتات ميدروكسي بروجستيرون (medroxyprogesterone acetate)، أو أسيتات سيبروتيرون (cyproterone acetate)، اللذان يُقلّلان من الرغبة الجنسيّة، والتخيّلات الجنسيّة، بالإضافة إلى تقليل ما يدفع الشخص للتصرّف الجنسيّ؛ كالاستمناء.
  • مضادات الاكتئاب، التي تُقلّل الرغبة الجنسيّة؛ كالفلوكسيتين (fluoxetine).
  • استخدام وسائل العلاج السلوكيّ المعرفي المختلفة؛ التي تُغيّر من تسلسل أفكار الشخص للتقليل من التصرفات الجنسيّة الشاذة، وربطها بالعواقب النفسيّة والجسديّة على الضحايا والعواقب القانونيّة على الشخص ذاته.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح "Paraphilias", psychologytoday,26-3-2019، Retrieved 1-5-2020. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث Roxanne Dryden-Edwards (9-10-2018), "Paraphilias"، medicinenet, Retrieved 1-5-2020. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج Traci C. Johnson (9-9-2018), "Paraphilias"، webmd, Retrieved 1-5-2020. Edited.
  4. Renee Sorrentino (28-11-2016), "DSM-5 and Paraphilias: What Psychiatrists Need to Know"، psychiatrictimes, Retrieved 1-5-2020. Edited.
3937 مشاهدة
للأعلى للسفل
×