محتويات
مرض الذئبة الحمراء
تُعرَف الذئبة الحمراء (lupus) بأنها أحَد الأمراض التي تنتُج عن خللٍ في الجهاز المناعيّ؛ إذ يُهاجم الأنسجة السّليمة في مختلف مناطق الجسم بطريقةٍ غير طبيعيّة، مما يتسبّب بتلَفها وحدوث العديد من الأعراض المرضية، وقد تُصيب الذئبة الحمراء أعضاءً مختلفةً في الجسم، والدم أحَد الأجزاء التي تتعرّض للإصابة.[١]
تأثير مرض الذئبة الحمراء في الدم
يُعاني المُصابون بالذئبة الحمراء من انخفاضٍ شديد وخطير في تِعداد خلايا الدم الحمراء، وخلايا الدم البيضاء، والصّفائح الدموية، مما يؤدّي إلى ظهور العديد من الأمراض المُرتبطة باضطرابات الدم، إلّا أنّ العديد ممّن يُعانون من هذا المرض لا تظهر عليهم أعراض قد تُشير إلى اضطرابات الدم، لِذا يُنصَح دائمًا بإجراء فحوصات دوريّة للدم للكشف عن أيّ مشكلات صحيّة قد تحدث.[١] وفي الحقيقة يُعاني ما نسبته 85% تقريبًا من مَرضى الذئبة الحمراء من اضطراباتٍ في الدم تسبّب لديهم العديد من المشكلات، من أبرزها ما يأتي:[٢]
- فقر الدم: يُعدّ فقر الدم (الأنيميا) من أكثر اضطرابات الدّم التي تُرافق مَرضى الذئبة الحمراء شيوعًا؛ فهي تُصيب أكثر من نِصف المُصابين تقريبًا في مرحلة ما من إصابتهم بالمرض، وهي حالة تنخفض فيها كميّة الهيموغلوبين في الدم بنسبةٍ كبيرة. ويرتبط فقر الدم ببعض الأعراض التي تظهر عند الشخص المُصاب، وقد تكون هذه الأعراض مؤّقتةً أو قد تستمرّ مدةً طويلةً، وتتراوح بين الطّفيفة والحادّة الشّديدة. وفي الحقيقة قد يُساعد تناول بعض المُكمّلات الغذائيّة في الحالات الطفيفة أو نقل الدم في الحالات الشديدة على التخفيف من حدّة الأعراض، ومن هذه الأعراض ما يأتي:
- الشعور بالإجهاد والضّعف العام.
- شُحوب البشرة.
- عدم انتظام ضرَبات القلب
- ألَم في الصّدر.
- الشعور بالدّوخة.
- بُرودة في اليَدين والقَدمين.
- تجلُّط الدم: يكون الدم بالحالة السائلة في الأحوال الطبيعية، إذ تتكون بلازما الدم من الماء بنسبة تصل إلى 90%، وفي حالة الإصابة بجُروح أو غيرها من مُسبّبات النّزيف فإنّ الدّم عبر عمليّةٍ طبيعيّة يتخثّر لوَقف النّزف الدمويّ، لكن في حالة الإصابة بمرض الذئبة الحمراء تكون عمليّة التخثر سريعةً جدًا، وقد تتكوّن التجلطات الدمويّة في أماكن من الجسم لا ينبغي لها أن تتكوّن فيها. وفي حال انفصال هذه الخَثرة أو الجلطة الدمويّة وانتقالها مع مجرى الدم إلى مكانٍ آخر من الجسم تُسمّى عندها الصِّمّة (Embolus)، وقد تكون خطيرةً أحيانًا؛ فقد تصِل إلى الرئتين، أو السّاقين، أو الذراعين. وفي حالات الحَمل التي قد لا تعِي المرأة الحامل بها حقيقة إصابتها قد تكون مثل هذه الجلطات خطيرةً جدًا، وقد تتسبّب بالإجهاض مرّاتٍ عديدة، وتجدر الإشارة إلى ارتباط الإصابة بتخثر الدم عند الأشخاص المُصابين بالذئبة الحمراء بزيادة أضداد الفصفوليبيد في الدم ( Antiphospholipid antibodies).[٢] وتُعرف متلازمة أضداد الفسفوليبد بأنها مرض مناعي ذاتي يرتفع فيه مستوى هذه الأجسام المضادة، الأمر الذي يزيد من سرعة تخثر الدم.[٣]
- التهاب الأوعية الدمويّة: يتضمّن التهاب الأوعية الدموية التهاب جُدرانها وتلفها، وقد يتسبّب بإعاقة مرور الدم في الشرايين، والأوردة، والشُعيرات الدمويّة. وقد يكون التهاب الأوعية الدمويّة طفيفًا وربمّا حادًا في بعض الحالات حتى قد يسبّب الوفاة. ويحدُث هذا النّوع من الاضطرابات لدى المرضى المُصابين بالذئبة الحمراء عندما يُهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ الأوعية الدمويّة، إضافةً إلى أنّه قد يحدث نتيجة التّفاعل مع بعض الأدوية، أو الإصابة ببعض أنواع العدوى، أو بسبب بعض الأمراض الأُخرى. وتختلف الأعراض حسب مكان الأوعية الدمويّة المُصابة بالالتهاب، وقد يشتمل العلاج على مقاومته من خلال استعمال المُثبّطات المناعيّة أو الكورتيكوستيرويدات.
- أعراض أخرى: تتضمن ما يأتي:
- انخفاض عدد الصفائح الدموية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة سهولة الإصابة بالكدمات، والنزيف من اللثة او الأنف، أو غيرهما من أماكن الجسم.
- نقص الخلايا المتعادلة، وهي نوع من أنواع كريات الدم البيضاء، وفي الحقيقة عادةً ما يكون النقص في مستوى هذه الخلايا طفيفًا، إلا أنَّ ذلك يزيد من خطر الإصابة بالعدوى في الحالات الشديدة.
- متلازمة البلعمة الحادة المرتبطة بالذئبة الحمراء (Acute Lupus Hemophagocyte Syndrome)، وهي من المضاعفات النادرة للإصابة بالذئبة الحمراء، وتمتاز بالإصابة بالحمى، وانخفاض عدد خلايا الدم الحاد والمفاجئ.
تشخيص الذئبة الحمراء في الدم
للكشف عن الإصابة بمرض الذئبة الحمراء يُطلَب من المريض إجراء عدد من تحاليل البَول والدم، مثل:[٤]
- فَحص تِعداد خلايا الدم الكامل: إذ يمكن بهذا الفحص الكشف عن عدد خلايا الدم الحمراء، وخلايا الدم البيضاء، والصّفائح الدموية، إضافةً إلى كميّة الهيموغلوبين، وهو البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء، وقد تُشير النتائج إلى الإصابة بفقر الدم، وهو من المشكلات الشّائعة لدى مرضى الذئبة الحمراء كما تبين سابقًا، إلى جانب أنّ انخفاض أعداد خلايا الدم البيضاء أو الصفائح الدموية قد يظهر في النّتائج أيضًا.
- فحص سُرعة تثقُّل الكُريات الحمراء: يُحدّد هذا الفحص المعدّل الذي تستطيع به خلايا الدم الحمراء الترسّب في أسفل أُنبوب الاختبار خلال ساعة، لذا فإنّ ترسبها بسرعةٍ أكبر من الطبيعي قد يُشير إلى الإصابة بمرَضٍ مناعي، مثل الذئبة الحمراء، إلّا أنّ هذا الفحص لا يُعدّ جازمًا في تشخيص الإصابة بالذئبة الحمراء؛ فقد يكون مؤشّرًا على الإصابة بأمراض أُخرى، مثل: الإصابة بالعدوى، أو الالتهاب، أو بسبب السرطان.
- فُحوصات تقييم وظائف الكبد والكلى: ذلك لأنّ الذئبة الحمراء قد تؤثر عليهما، وفحوصات الدم تشتمل على تقييم وظائفهما ومدى تأثّرهما بالحالة.
- تحليل البول: قد تُشير نتائج تحليل عيّنة البول لمَرضى الذّئبة الحمراء إلى وجود خلايا من الدم فيه، أو ارتفاع مستوى البروتين في العيّنة، وهو ما يُشير إلى إصابة الكلى بالتلف.
- فحص أضداد النّوى (ANA): قد تُشير النتائج الإيجابيّة لهذا الفحص بوجود هذه الأجسام المُضادّة إلى أنّ الجهاز المناعي مُحفَّز، ورغم أنّ الغالبيّة العُظمى من مرضى الذئبة الحمراء تكون نتائج فحص أضداد النّوى لديهم إيجابيّةً، فقد يتبع هذا الفحص إجراء فحص آخر مُتخصّص في الأجسام المُضادّة.
- الإجراءات التشخيصية التصويرية: تتضمن تصوير الصدر بالأشعة السينية، ومخطط صدى القلب.
- الخزعة: إذ تؤخذ خزعة من الكى أو الجلد في بعض الحالات.
علاج مرض الذئبة الحمراء
لا يوجد علاج جذري لمرض الذئبة الحمراء حتّى الآن، إلّا أنه يتوّفر ما يخفّف من حدّة الأعراض، وكما أُشير سابقًا فإنّ هذا المرض يشمل أجهزةً مختلفةً من الجسم، فإنّ محاولة العِلاج لا بُدّ أنها ستختلف حسب الجهاز والعضو الماصاب وفيه خلل، ومن هذه العلاجات ما يأتي:[٥]
- الأدوية المُضادّة للالتهاب والتهيُّج عند الشعور بألَم في المفاصل.
- استخدام بعض أنواع الكريمات، كتلك التي تحتوي على الكورتيكوستيرويد للتخلُّص من الطفح الجلدي الذي يُرافق الإصابة بالذئبة الحمراء.
- استعمال بعض مُضادّات الملاريا لعلاج مشكلات الجلد والمفاصل التي قد تنشأ جرّاء الإصابة بالذئبة الحمراء.
- استعمال بعض أنواع الستيرويدات لتخفيض مستوى الاستجابة المناعيّة من جسم المُصاب.
- في الحالات المُتقدّمة من المرَض قد تُستخدَم بعض الأدوية التي تستهدف الجهاز المناعيّ بصورة خاصّة.
قد يَعمد الطبيب المسؤول عن حالة المُصاب بمرض الذئبة الحمراء إلى تغيير سُلوكيّات معيّنة يتّبعها في حياته اليوميّة؛ لمحاولة تخفيف ظهور الأعراض وتفاقمها قدر المُستطاع، إلى جانب الأدوية الموصوفة للحالة؛ إذ يمكن أن يطلب الطبيب تغيير العادات الغذائيّة المُتبّعة من قِبَل المريض، بتجنّب أصناف معيّنة والحرص على تناول بعضها الآخر، واتباع الأساليب اللازمة للحد من الإجهاد والتوتر، بالتالي تقليل فُرص تحفيز ظهور الأعراض المُزعجة، إلى جانب كُل ذلك قد يُوصِي الطبيب بإجراء فحوصات دوريّة للتأكُّد من عدم الإصابة ببعض الأعراض الجانبيّة التي تترافق مع الدواء الذي يمكن أن يتناوله المريض لفترة ليست قصيرةً.[٥]
المراجع
- ^ أ ب "Lupus", my.clevelandclinic,2014-11-10، Retrieved 2019-3-12. Edited.
- ^ أ ب "What Problems Are Running Through YOUR Veins? Blood Disorders and Lupus", kaleidoscopefightinglupus, Retrieved 2019-3-12. Edited.
- ↑ Karrie Sundbom, "Antiphospholipid Syndrome (Also known as Lupus Anticoagulants or Hughes Syndrome)"، kaleidoscopefightinglupus, Retrieved 26-2-2020. Edited.
- ↑ Mayo Clinic Staff (2017-10-25), "Lupus"، mayoclinic, Retrieved 2019-3-12. Edited.
- ^ أ ب Jaime Herndon (2016-8-15), "Systemic Lupus Erythematosus (SLE)"، healthline, Retrieved 2019-2-16. Edited.