الرضاعة والجماع

كتابة:
الرضاعة والجماع

الرضاعة والجماع

بعد الولادة يكون التفكير بالجماع آخر اهتمامات المرأة بسبب الألم والإجهاد والخوف والتغيرات الهرمونية التي تعاني منها خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى انضمام فرد جديد إلى العائلة يحتاج إلى الاهتمام والرعاية، مما قد يؤثر على رغبتها باستعادة النشاط الجنسي مرةً أخرى. وإذا اعتمدت الأم الرضاعة الطبيعية لتغذية جنينها تنشغل بالكثير من التساؤلات حول العلاقة بين الرضاعة والجماع، ومدى تأثُّر الجماع والرغبة الجنسية بالرضاعة الطبيعية، وهو أمر لا يمكن الجزم به؛ إذ يكون التأثير مختلفًا ومتفاوتًا من امرأة إلى أخرى، كما أن مشاعر بعض الآباء حول الثدي الممتلئ بالحليب قد تكون سلبيةً أو إيجابيةً.

يوصي الطبيب عادةً بتأجيل ممارسة العلاقة الجنسية بعد الولادة حتى مرور 4-6 أسابيع للسماح للجسم بالتعافي بعدها، ويفحص الطبيب الأم بعد الولادة للتأكد من سلامة واستقرار حالتها قبلها، لكن في حالة الولادة القيصرية أو إجراء بضع الفرج قد تحتاج الأم إلى فترة أطول حتى تستعيد عافيتها وتشعر أنها قادرة على ممارسة الجماع.[١]


آثار الرضاعة الطبيعية على الجماع

الرضاعة الطبيعية تؤثر على الجماع بأكثر من طريقة، فالأم نفسها قد تشعر بالقلق من تغير شكل ثديها الممتلئ بالحليب بعد الولادة وأثناء الرضاعة، بالإضافة إلى العديد من الأمور الأخرى التي تقلقلها، مثل:[٢][١]

  • تأثُّر الرغبة الجنسية: تؤثر الرضاعة على الرغبة الجنسية، فتبعًا لدراسة أجريت عام 2005 فإن استعادة الرغبة بممارسة الجماع تتأخر لدى المرضعات مقارنةً بغير المرضعات، فبعد الولادة ينخفض مستوى هرمون الإستروجين في الجسم، ويرتفع مستوى هرمون البرولاكتين والأوكسيتوسين، وكل منهما يؤثر على الجسم بطريقة مختلفة، ويتداخلان مع الرغبة الجنسية وقد يقللان منها، وقد يحدث العكس تمامًا وتزيد الرغبة الجنسية، لذا تأرجُح الرغبة الجنسية خلال هذه الفترة أمر طبيعي، وسرعان ما تستعيد المرأة رغبتها التي اعتادت عليها قبل الحمل.
  • تسرُّب حليب الثدي أثناء الجماع: خلال أيام قليلة من الولادة يمتلئ الثدي بالحليب، ومحاولة لمسه خلال الجماع تسبب تسرّبه، كما قد يندفع الحليب من الثدي مع بلوغ المرأة النشوة الجنسية، وتستطيع المرأة التحدث مع زوجها عن هذا الأمر وتوضيحه للتأكد من أنه لا يزعجه، لكن إن كان الزوج ينزعج من تسرب الحليب يمكنها شفط حليب الثدي قبل الجماع مباشرةً لتقليل حجمه داخل الثدي، مما يقلل من فرص تسربه، أو تستطيع وضع ضمادات الرضاعة داخل حمالة الصدر خلال ممارسة الجماع.
  • الألم أثناء الجماع: خلال فترة الرضاعة الطبيعية ينخفض مستوى هرمون الإستروجين الذي يؤدي دورًا حيويًا في الإثارة وترطيب المهبل، مما قد يسبب الإصابة بالجفاف والشعور بألم أثناء ممارسة العلاقة الجنسية. تستطيع المرأة التغلب على هذه المشكلة بالاستعانة بالكريمات المزلقة والمرطبة، كما قد تشعر بالألم بسبب حلمتها الملتهبة من الرضاعة، لذا عليها توضيح هذا الأمر للزوج.
  • التَّغيُّرات الجسدية: بعض النساء يشعرن بالحرج من التَّغيُّرات الجسدية التي تحدث بعد الولادة، مثل: الجلد المترهل، وعلامات التمدد، والدهون الزائدة في الجسم، وتغيُّر لون الجلد في المناطق الحساسة، مما قد يقلل ثقتها بنفسها، وللتخلص من هذه الآثار المزعجة يجب الحرص على تناول غذاء صحي ومتوازن، واستشارة الطبيب في القيام ببعض التمارين للتخلص من الجلد المترهل والوزن الزائد.
  • الإرهاق والتعب: الذي يكون بسبب زيادة الأعمال اليومية لوجود طفلٍ صغير يحتاج إلى رعاية دائمة، خاصةً إذا كان الطفل حديث الولادة، مما يضطر الأم للاستيقاظ أكثر من مرة خلال الليل للاعتناء به وإطعامه، ولتجنب ذلك عليها الحرص على الحصول على قسط من الراحة، والاستعانة بالأقارب والأصدقاء للعناية بالطفل معها، وتناول الغذاء الصحي المتوازن، والحصول على المكملات الغذائية التي يصفها الطبيب.
  • التَّغيُّرات المزاجية: هي تغيرات تصيب الأم خلال فترة الرضاعة الطبيعية بسبب الإرهاق والتغيرات الهرمونية التي يمر بها الجسم بعد الولادة وأثناء الرضاعة.


الرضاعة الطبيعية ومنع الحمل

بعد المرور بمرحلة الحمل والولادة تكون الأم سعيدةً بطفلها الذي أنجبته، وعلى الرغم من جمال التجربة التي مرت بها إلا أنها لا تفكر عادةً في إعادة هذه التجربة وإنجاب طفل آخر خلال فترة قصيرة من الولادة؛ أي أنها قد تخشى الحمل مرةً أخرى، مما قد يجعلها تخاف من ممارسة الجماع، لكن لحسن الحظ الرضاعة الطبيعية تعدّ وسيلة منع حمل طبيعيةً وآمنةً يمكن الاعتماد عليها لكن بشروط، أو قد تستطيع المرأة استشارة الطبيب لوسيلة منع الحمل المناسبة للرضاعة لاستخدامها خلال هذه الفترة حتى تكون قادرةً على الإنجاب مرةً أخرى[١]، ولكي تكون الرضاعة الطبيعية وسيلةً فعالة لمنع الحمل يجب أن تتوفّر بعض الشروط، مثل:[٣]

  • أن تكون الأم معتمدةً على الرضاعة الطبيعية تمامًا لتغذية طفلها دون إدخال أي سوائل أو أطعمة صلبة، وأن تكون الرضاعة على مدار النهار والليل، إذ إنّها تخفض من مستوى هرمون البروجيسترون في الجسم، مما يمنع عودة الدورة الشهرية مرةً أخرى.
  • أن يكون عمر الطفل ستة أشهر أو أقل.
  • أن تكون الدورة الشهرية غائبةً منذ الولادة.

كما أنّ الرضاعة الطبيعية لها العديد من المميزات عند استخدامها كوسيلة منع حمل، فهي وسيلة فورية تمنع الحمل سريعًا بعد الولادة وآمنة ومجانية، ولا تحتاج إلى وصفة طبية مثل بقية موانع الحمل، كما أنها تقلل من كمية النزيف بعد الولادة، وتقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي، بالإضافة إلى العديد من الفوائد الأخرى للطفل؛ فهي تغذية مثالية له تمنحه كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها، وتمده بالأجسام المضادة اللازمة لمكافحة العدوى، كما تقي من إصابته بالربو والحساسية لاحقًا، وتقوي التواصل بين الطفل والأم.[٤]


وسائل منع الحمل الآمنة خلال الرضاعة

مع غياب أي من الشروط المذكورة سابقًا تقل فعالية الرضاعة الطبيعية كوسيلة لمنع الحمل، وفتظهر أهمية اختيار وسيلة منع حمل أخرى آمنة للاستخدام مع الرضاعة الطبيعية ما دامت المرأة ترغب بتأجيل الحمل، وفي ما يلي هذه الوسائل:[٥]

  • اللولب: هو الخيار الأول الذي تلجأ إليه معظم النساء بعد الولادة، فهو ذو فعالية عالية تصل إلى 99%، كما أنه وسيلة طويلة الأجل وينعكس تأثيرها فور إزالته، ويوجد نوعان من اللوالب، وهما: النحاسي، والهرموني، ويفرز هرمون البروجستيرون داخل الرحم.
  • الحبوب الصغيرة: هي حبوب منع حمل تحتوي على هرمون البروجستيرون فقط، على عكس حبوب منع الحمل التقليدية التي تحتوي على هرموني الإستروجين والبروجستين معًا، وتعدّ هذه الحبوب آمنةً للاستخدام مع الرضاعة ولا تؤثر على حليب الثدي، ويمكن صرفها دون الحاجة إلى وصفة من الطبيب.
  • العوازل: سواء العازل الذكري أو الأنثوي أو غطاء عنق الرحم، وهي وسائل تمنع وصول الحيوانات المنوية إلى داخل الرحم فتمنع إخصاب البويضة.
  • الغرسات تحت الجلد: هي جهاز صغير أسطواني الشكل يُزرَع تحت الجلد في أعلى ذراع المرأة، ويفرز هذا الجهاز هرمون البروجستيرون داخل الجسم، مما يمنع الحمل لمدة أربع سنوات تقريبًا.
  • حقنة الديبوبروفيرا: هي حقنة تحتوي على هرمون البروجيستيرون تؤخذ كل ثلاثة أشهر لمنع الحمل.
  • ربط قنوات فالوب: هو خيار ممتاز للنساء اللاتي لا يرغبن بالحمل والإنجاب مرةً أخرى، ويمكن إجراؤه بعد الولادة الطبيعية أو خلال الولادة القيصرية.


المراجع

  1. ^ أ ب ت Donna Murray (2019-11-20), "How Breastfeeding Affects Your Sex Life"، verywellfamily, Retrieved 2019-12-19. Edited.
  2. Kimberly Holland (2017-7-31), "What Effects Does Breastfeeding Have on Sex?"، healthline, Retrieved 2019-12-19. Edited.
  3. Kate Shkodzik (2018-12-4), "Breastfeeding As a Contraception Method: Does It Really Work?"، flo.health, Retrieved 2019-12-20. Edited.
  4. "What are the benefits of using breastfeeding as birth control?", plannedparenthood, Retrieved 2019-12-20. Edited.
  5. Ashley Marcin (2017-4-26), "Which Forms of Birth Control Are Safe to Use While Breastfeeding?"، healthline, Retrieved 2019-12-20. Edited.
3429 مشاهدة
للأعلى للسفل
×