محتويات
ما هي الزكاة؟
الزكاة في اللغة هي: الزيادة والنماء، وفي الشرع هي: حق يجب في المال، وقد اختلفت المذاهب الأربعة في توصيف الزكاة وتعريفها اصطلاحًا، ولكنّ هذه الاختلافات كانت في أشياء ثانوية أمّا الأمور الأساسية فهم متفقون عليها، وفيما يأتي استعراض لتعريف الزكاة في كل مذهب من المذاهب الأربعة:[١]
- المذهب الحنفي: الزكاة هي تمليك جزء مال مخصوص من مال مخصوص لشخص مخصوص، عيّنه الشارع، وهذا التمليك لوجه الله تعالى.
- المذهب المالكي: الزكاة هي إخراج جزء مخصوص من مال بلغ نصابًا لمستحقّه؛ إن تمّ المِلْك ومضى عليه حول، في غير المعدن والحرث.
- المذهب الشافعي: الزكاة هي اسم لما يخرج عن مال وبدن على وجه مخصوص.
- المذهب الحنبلي: الزكاة هي حق واجب لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص.
كما يمكنك التعرّف على الحكم الشرعي لترك الزكاة بالاطلاع على هذا المقال: حكم تارك الزكاة
أحكام الزكاة فيما يتعلق بالمزكي
ما هي الشروط الواجب توافرها في الإنسان حتّى تجب عليه الزكاة؟
تجب الزكاة على الإنسان إذا تحقّقت لديه الشروط الأربعة الآتية:[٢]
- الإسلام: وضده الكفر، فالزكاة لا تجب على الكافر؛ لأنّها عبادة مالية يقوم بها المسلم بنيّة التقرّب إلى الله تعالى، والكافر لا تُقبل منها العبادات ما دام على كفره حتّى يدخل في الإسلام، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ}،[٣] فالكفر مانع من القبول والوجوب.
- الحرية: وضدها الرّق، والحرية شرط من شروط وجوب الزكاة فالعبيد لي عليهم زكاة وإن كانوا مكاتبين؛ لأنّ العبد لا يملك شيئًا وماله ملك لسيّده وزكاته ماله واجبة على السيّد لا العبد، وإذا كان مكاتبًا وملك المال فملكه ضعيف وهو يقوم بجمعه ليشتري به حريّته.
- ملك النصاب ملكًا تامًّا مستقرًا: يجب أن يملك المسلم الحرّ النصاب ويكون هذا الملك مستقر وزائد عن حاجته الضرورية التي لا غنى له عنها؛ كالطعام والشراب واللباس والمسكن، حتّى تجب الزكاة في حقّه، وقد حدّد رسول الله أنصبة الأموال، واعتبار الغنى هو شرط من شروط وجوب الزكاة لأنّها تُعطى للفقراء، ومن لا يملك النصاب بهذه الهيئة لا يُسمّى غنيًّا.
- حولان الحول على المال: وهو مُضي 12 شهر قمري على المال وهو يبلغ النصاب فتجب فيه الزكاة حينها، ولكنّ هذا الشرط معبر في بعض أنواع مال الزكاة وليس جميعها، فزكاة الزروع والكنوز التي يجدها الإنسان لها أوقات محدّدة تؤدّى بها ولا اعتبار لحولان الحول عليها.
أحكام الزكاة فيما يتعلق بالمزكّى عليه
ما هي مصارف الزكاة؟
يجب أن تُعطى الزكاة لثمانية فئات من الناس، وقد تمّت معرفة مصارف الزكاة هذه من خلال قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}،[٤] وفيما يأتي تعريف وبيان بهذه الأصناف الثمانية:[٥]
- الفقراء: جمع فقير، وهو الذي ليس لديه ما يسدّ حاجته وحاجة مَن يعول، وهذه الحاجة تتمثل بالطعام والشراب واللباس والسكن، والفقير يُطلق أيضًا على من يملك ما يسدّ أقل من نصف حاجته، وهذا يُعطي من الزكاة قدرًا يكفيه سنة كاملة.
- المساكين: جمع مسكين، وهو من يجد ما يسدّ نصف حاجته أو أكثر ولكنّه يحتاج إلى الزيادة لسدّ الحاجة، وهذا يُعطى ما يكفيه لمدّة سنة كذلك.
- العاملون عليها: جمع عامل، وهو القائم بجمع الصدقات ويُعطى مالًا من الزكاة على عمله هذا ولو كان غنيًا، ويكون أجره بقدْر ما يُفرّغ نفسه لأعمال الزكاة المتمثّلة بجمعها وكتابتها وحراستها وإعطائها لمستحقّيها.
- المؤلفة قلوبهم: وهم الذين يُعطون جزءًا من الزكاة لتألف قلوبهم الإسلام إذا كانوا كفّارًا، أو تثبيتًا لإيمانهم إن كانوا ضعيفي إيمان غير مهتّمين بأداء العبادات، أو لترغيب ذويهم وأقاربهم بالإسلام، أو لأجل كفّ أذاهم وشرّهم أو طلبًا لمعونتهم.
- في الرقاب: الرقاب جمع رقبة، وهي تعني العبد أو الأمة المسلم الذين يُدفع لمالكيهم من أموال الزكاة كي يقوموا بإعتاقهم، أو العبد المكاتب يُعطى من مال الزكاة ليُعطيه لسيّده ويُصبح حرًّا نافذ التصرّف، ويدخل في هذا الباب أسرى المسلمين عند أعدائهم، فيُدفع لهؤلاء الأعداء حتّى يفكّوا أسرهم ويُطلقوا سراحهم.
- الغارمون: جمع غارم، وهو المدين الذي استدان في شيء ما لم يكن به معصية لله، وكان هذا الدين لنفسه وصرفه في شيء مباح وعجز عن ردّه فإنّه يُعطى من مال الزكاة ما يُسدّد به دينه، وإذا استدان المسلم بهدف الإصلاح بين الناس فإنّه يُعطى من مال الزكاة حتّى إذا كان غنيًا ولم يعجز عن ردّ المال بنفسه.
- في سبيل الله: المقصود بهذا الصنف الغزاة والمجاهدين في سبيل الله من المتطوّعين الذين لم تخصّص لهم الدولة راتبًا، فيعطون من مال الزكاة إن كانوا أغنياء أم فقراء.
- ابن السبيل: هو المسافر الذي انقطع عن بلده وحتاج مالًا كي يعود إليه ويواصل سفره ولم يجد من يُقرضه مالًا، فيُعطى ما يحتاج إليه لإتمام رحلته والعودة لبلده.
كما يمكنك التعرّف على الحكم الشرعي فيما يخص إعطاء الزكاة للوالدين بالاطلاع على هذا المقال: هل يجوز إعطاء الزكاة للوالدين
أحكام الزكاة فيما يتعلق بالمزكى به
ما هي الأموال التي تجب فيها الزكاة؟
تجب الزكاة في أربعة أصناف من الأموال، وهي:[٦]
- الأثمان: وهي الذهب والفضة والأوراق المالية ويجب فيها ربع العُشر إذا بلغت أنصبتها المقدّرة لها.
- بهيمة الأنعام: وهي الإبل والغنم والبقر إذا كانت ترعى أكثر الوقت في الصحارى والأراضي المباحة وليست معلوفة ويُدفع ثمن علفها، وإذا بلغت النصاب وحال عليها الحول فتجب زكاتها وفقًا لمقادير محدّدة شرعًا.
- الزروع والثمار: تجب الزكاة في جميع أنواع الحبوب، وفيما يُكال ويُدّخر من الثمر كالتمر والزبيب، أمّا الخضروات والفاكهة فلا زكاة فيها إلّا إذا كانت معدودة للتجارة، ويختلف مقدار الزكاة باختلاف طريقة السقي، ووقت وجوب الزكاة هو اشتداد الحب وبدء صلاح الثمر.
- عروض التجارة: وهي الأشياء المُعدّة للبيع والشراء بقصد التجارة والربح، وتشمل العقارات والحيوانات والطعام والشراب والآلات وجميع ما يُباح ويُشترى، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول فقد وجبت فيها الزكاة.
مقاصد الزكاة من الناحية الدينية
ما هي فوائد الزكاة بالنسبة للمزكّي؟
في تأدية الزكاة الكثير من الفوائد التي تعود على المسلم في دينه وآخرته، ومنها ما يأتي:[٧]
- امتثال المسلم لأمر ربّه وانقياده له بالطاعة، وحمده وشكره على نعمه من خلال تأدية حقّها.
- تزكية النفس من الأنانية والطمع والانعتاق من عبادة المال والسعي الدائم لتكديسه بدون إنفاق.
- ترسيخ فضيلة الكرم والعطاء والبذل والسخاء في نفس المسلم تجاه أخوانه من المسلمين وقضايا أمّته ومجتمعه.
مقاصد الزكاة من الناحية الاجتماعية
ما هي الفائدة التي تعود بها الزكاة على المجتمع الإسلامي ككل؟
شُرعت الزكاة لأجل تحقيق مصالح اجتماعية جمّة، ومنها:[٨]
- مواساة الغني للفقير وسد حاجته وإشراكه في الحياة الاجتماعية ومنحه أكبر قدر من الحياة الكريمة.
- تقوية أواصر المحبّة والإخاء بين أفراد المجتمع وتنمية قيَم التراحم والتألف فيما بينهم.
- تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي له تأثير مهم في وحدة المجتمع ومنعته وقوّته.
- سلامة المجتمع من الضغائن كالحسد والأحقاد.
- التقليل من حجم الفوارق الطبقية بين أبناء المجتمع.
- زيادة عدد داخلي الإسلام وتقوية إيمان البعض من خلال سهم المؤلفة قلوبهم.
- تقليل عدد السجناء عن طريق الدفع عن المديونين العاجزين عن السداد.
- الحد من انتشار الجرائم وعمليات السلب والنهب.
- التشجيع على الجهاد والدفاع عن أراضي المسلمين عن طريق كفالة ذوي المجاهدين.
مقاصد الزكاة من الناحية الاقتصادية
هل إخراج الزكاة يُساهم في تطوّر الاقتصاد وازدهاره؟
تُسهم الزكاة في زيادة المال وتطوّر الاقتصاد، وذلك من خلال ما يأتي:[٨]
- نماء مال الزكاة بالنسبة للمُزكي فالله تعالى يُبارك بالمال المُزكّى، وأصل الزكاة التطهير والنماء.
- تنمية الاقتصاد داخل المجتمع عن طريق حركة المال وعدم احتكاره في يد فئة قليلة.
- السماح لجميع فئات المجتمع بالعمل والإنتاج والمساهمة في تطوير الاقتصاد ودفع عجلته نحو الأمام.
كما يمكنك التعرّف على الحكم الشرعي فيما يخص الزكاة بالاطلاع على هذا المقال: حكم الزكاة ومكانتها
كما يمكنك التعرّف على حكم تأخير الزكاة بالاطلاع على هذا المقال: حكم تأخير الزكاة
وبالمقابل يمكنك الاطلاع على حكم تعجيل الزكاة بالاطلاع على هذا المقال: حكم تعجيل الزكاة
المراجع
- ↑ وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 1788-1789. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 125-126. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية:54
- ↑ سورة التوبة، آية:60
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 144-145. بتصرّف.
- ↑ صالح السدلان، كتاب رسالة في الفقه الميسر، صفحة 60-63. بتصرّف.
- ↑ نور الدين الخادمي، كتاب علم المقاصد الشرعية، صفحة 171-172. بتصرّف.
- ^ أ ب الغفيلي، عبد الله بن منصور، كتاب نوازل الزكاة، صفحة 52-54. بتصرّف.