مفهوم السجع
من أين أتت كلمة سجع؟
السجع لغةً: من سجع يسجع سجعًا، أي: استوى واستقام وأشبه بعضه بعضًا، وأمّا اصطلاحًا: هو توافق الفواصل في الكلام على حرفٍ واحدٍ، وهنا يبرز السّؤال التالي: هل في الشعر سجع؟ والجواب هو نعم، فالسجع يأتي في الشّعر والنثر على حدِّ سواء، والسجع والقافية لهما الدّلالة ذاتها، فالقافية تشتمل على الحرف الأخير الذي يُبنى عليه البيت وهو حرف الروي، والسجع يدلّ على الحرف الأخير الذي قد بنيت عليه الجملة.[١]
وقد كان السجع في الشعر الجاهلي كثيرًا؛ نظرًا لما في هذا الفنّ من دليلٍ واضحٍ على الموهبة وحسن الكلام، ومن ذلك قول الخنساء في الجاهليّة:
الحمدُ خُلَّتُهُ، والجودُ عِلَّتُهُ
- والصِدْقُ حوْزَتُه، إنْ قِرْنُهُ هابا[٢]
ومثال السّجع قول الثعالبي: "الحقدُ صدأ القلوبِ، واللّجاج سببُ الحروبِ"، فقد انتهت الجملتان على حرفٍ واحدٍ وهو الباء، ومنه أيضًا قول أعرابي ذهب السيل بابنه: "اللهم إن كنتُ قد أبليتَ، فإنّك طالما قد عافيتَ"، فقد بنيت الجملتان على نفس الحرف وهو التاء، فالسجع إذًا يكون بتوافق فواصل الكلام على الحرف ذاته.[٣]
لعلّ من نافلة القول الحديث على السجع والجناس، فكثيرًا ما يتداخل في ذهن الطالب مفهوم السجع والجناس على الاختلاف الذي بينهما، فالسجع كما مرّ هو الاتفاق في الحرف الأخير، ولكن لو سأل سائل ما هو الجناس؟ وكيف يمكن التفريق بينه بين السجع؟ فإنّ الجواب هو بأنّ الجناس -كما السجع- من المحسّنات البديعيّة التي تندرج تحت باب البديع الذي هو فرع من البلاغة العربية، وهو اتفاق الكلمات في اللفظ في بعض الحروف أو كلّها بناءً على نوع الجناس، فمن ذلك يظهر أنّ الفرق بين السجع والجناس هو أنّ السجع يختص بحرف واحد بينما الجناس يختص بكل الكلمة أو بعض حروفها.[٤]
أنواع السجع
ما الأبواب التي يصنّف تحتها السجع؟ تصنّف أنواع السّجع بحسب الوزن والطول والقصر إلى أنواع متعدّدة، وهي تبعًا لذلك تقسم إلى ما يأتي:
أنواع السجع من حيث الوزن العروضي
انقسم السجع من حيث الوزن والموسيقى إلى عدة أنواع هي:
السجع المرصع
وهو ما اتّفقت فيه جميع ألفاظ الجملتين أو أغلبها في الوزن العروضي والروي، وفي قولهم الوزن العروضي أي أن يكون للكلمتين نفس الحركات والسكنات، وقد سمّي هذا النوع بالمرصّع تشبيهًا له بعِقد اللؤلؤ، حيث توضع كل لؤلؤة ويوضع مقابلها ما يشبهها، فيخرج حينها العقد متناسبًا منظَّمًا، فعندما تُكتب كل كلمة مع ما يقابلها في الوزن العروضي والروي يخرج من ذلك جملًا منظَّمة متناظرة تمامًا كعقد اللؤلؤ[٥]، وكقول أحد الشّعراء العرب:
ومكارمٍ أوليتها مُتبَرِّعًا
- وجرائمٍ ألَغيتُها متورِّعًا
فإنّ "مكارم" تقابل "جرائم"، و"أوليتها" تقابل "ألغيتها"، و"متبرّعًا" تقابل "متورّعًا" في الوزن العروضي ولهما الروي ذاته، ومنه أيضًا ما جاء في قول أحد الحكماء: "قوّة الأشرار بلاء، وقوّة الأخيار دواء"، فقد اتّفقت ألفاظ الجملة الأولى مع نظائرها في الجملة الثّانية في الوزن والقافية، "الأشرار" تقابل "الأخيار" و"بلاء" تقابل "دواء".[٥]
السجع المتوازن
هو اتّفاق الفاصلتين في الوزن دون الروي، وذلك نحو قوله تعالى: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}[٦]، فانتهت الجملتان على "مصفوفة" و"مبثوثة"، وللكلمتان الوزن ذاته، أمّا روي الأولى فهو الفاء وروي الثانية هو الثاء، ومن أمثلته أيضًا قول مسلمة بن عبد الملك: "ما حمدتُ نفسي على ظفر ابتدأته بعجزٍ، ولا لمتها على مكروهٍ ابتدأته بحزمٍ"، فالتوازن واقعٌ بين الكلمتين "عجز" و"حزم" وقد اتّفقتا في الوزن دون الروي.[٧]
لكن قال بعض العلماء إنّ التوازن -أو الموازنة- ليس من أنواع السجع، بل هو فرع من فروع علم البديع، فالفرق بين السّجع والموازنة أنّ السّجع يجب أن يتّفق فيه الروي في مجمل أنواعه: "المرصّع والمتوازي والمشطور والمطرّف"، بينما الموازنة لا روي لها، بل فقط يشترط فيها الاتّفاق في الوزن دون الروي، وهكذا لا يُمكن أن تكون الموازنة نوعٌ من أنواع السّجع، بل تشترك مع السجع في مشابهة الوزن فقط.[٧]
السجع المتوازي
وهو ما اتّفقت فيه الكلمتان الأخيرتان من كلّ جملة على نفس الوزن والروي، وهذا النوع من السجع يقع في فواصل الجملة فقط، وفاصلة الجملة هي الكلمة الأخيرة منها، فتتفق هذه الفواصل على وزنٍ عَروضيٍّ واحدٍ وعلى حرف روي واحد، فتنتهي الكلمتان "الفاصلتان" بالحرف نفسه، كقول المتنبي:[٨]
فنحنُ في جذلٍ والرّومُ في وجلِ
- والبرُّ في شُغلٍ والبحرُ في خجلِ
فقد وقع السّجع في اللفظتين الأخيرتين "وجل" و"خجل"، وقد اتّفقتا في الوزن العروضي والروي.[٨]
السجع المطرف
وهو ما اختلفت فيه الكلمتان الأخيرتان من كل جملة في الوزن واتّفقتا في الروي، وسمي مطرّفًا لأنّ التوافق بين الفاصلتين قد وقع في الطرف، وفي هذا النوع لا يُنظر إلى الوزن بل فقط يُنظَر إلى الحرف الأخير في فواصل الكلم، فيشترط به توافق الحرف الأخير من الفواصل فقط، وذلك وكقوله تعالى أيضًا: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}[٩]، فقد اتّفقت الفواصل في الآية السّابقة "تولى" و"الأعمى" و"يزكى" في الحرف الأخير واختلفتا في الوزن.[٨]
السجع المشطور
وهذا النوع خاصٌّ بالشعر، وهو أن يكون لكل شطر في البيت الشّعري الواحد قافية مختلفة عن الآخر، فيكون للبيت قافيتان داخليتان، فالشطر الأول منه يكون مقفًّى داخليًّا على قافيةٍ معيّنة، والبيت الثّاني يقفّى داخليًا أيضًا ولكن على قافية مخالفة للقافية الأولى، وذلك كقول الشّاعر أبي تمام:
تَدْبيرُ مُعتصمٍ بالله منتقمٍ
- لله مرْتَغبِ في اللهِ مرتَقَبِ
السجع في الشّطر الأوّل مبنيٌّ على حرف الميم وفي الشّطر الثّاني مبنيٌّ على حرف الباء، فالسجع بحسب وزنه ونوع التوافق بين الكلمات التي يقع بها السجع ينقسم إلى مرصّعٍ ومتوازنٍ ومتوازٍ ومطرّفٍ ومشطورٍ.[٨]
أنواع السجع من حيث الطول والقصر
وللسجع من حيث الطول والقصر أنواع ذكرها العلماء هي:
السجع القصير
وهو السجع الذي تكون فيه السجعة مؤلّفة من عدد ألفاظ قليلة، فكلّما كانت الألفاظ قليلة كان السّجع أفضل، فتستسيغها الأذن لقربها من سمع السامع، وهذا النوع يعد أصعب أنواع السجع وأكثرها وعورةً, وذلك لصعوبته، منه قولهم: "الحرُّ إذا وعد وفى، وإذا أعان كفى، وإذا ملك عفا"، فقد بنيت الفواصل السّابقة على الفاء في "وفى" و"كفى" و"عفا"، وجميع الجمل السّابقة هي جمل قصيرة.[١٠]
السجع المتوسط
وهو الذي لا يكون عدد كلماته بين السّجع الطويل والسجع القصير، ومثاله قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى}[١١]، ومنه أيضًا ما جاء على لسان بعض الحكماء يوصي ابنه قائلًا: يا بني لا تزهدنّ في معروف، فإنّ الدهر ذو صروف، والأيام ذات نوائب على الشّاهد والغائب، فكم من راغب كان مرغوبًا إليه، وطالب أصبح مطلوبًا ما لديه، ومن يصحب الزمان ير الهوان".[١٠]
فقد بنيت الجملتان الأولى والثانية على حرف الفاء "معروف" و"صروف"، وبنيت الجملة الرابعة على حرف الباء "نوائب" و "الغائب"، وقد بنيت الجملتان الخامسة والسادسة على حرف الهاء "إليه" و "لديه"، وقد بنيت الجملة الأخيرة على حرف النون "الهوان" و"الزمان" وكلّ من الجمل السّابقة كانت متوسّطة الطّول.[١٠]
السجع الطويل
هو السجع الذي تكون السجعة فيه مؤلّفة من إحدى عشرة كلمة إلى عشرين، وذلك كقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}[١٢]، فالآية الأولى مبنية على إحدى عشرة كلمة والثانية مبنية على ثلاث عشرة كلمة، وهكذا قد انقسم السجع بحسب عدد ألفاظه وبحسب كونه متكلّفًا أو غير متكلّفٍ إلى طويلٍ وقصيرٍ ومتوسّطٍ.[١٣]
هل يوجد سجع في القرآن؟
انقسم العلماء إلى فريقين في القول بالسجع في القرآن الكريم، ففريقٌ أقرّ وجود السّجع وفريقٌ آخر نفى وجوده في القرآن الكريم.
الفريق الذي منع وجوده وأدلته
مِن الذين منعوا وجود السجع في القرآن الكريم: الرّماني والقاضي الباقلاني وأبو الحسن الأشعري، فقد نصّوا على أنّ الفواصل بلاغةٌ والسجع عيبٌ، وذهبوا إلى امتناع كون في القرآن سجع، ورأوا أنّ السجع من أساليب الكلام لدى العرب، ولو أنّ ما جاء في القرآن على هيئة السجع سجعٌ لما كان القرآن معجزًا؛ إذ إنّه يكون بذلك ككلام العرب، والسجع يتبع فيه اللفظ المعنى الذي سيؤديه ففيه تكلّفٌ، أما الكلام غير المسجوع فيذكر اللفظ المناسب للمعنى دون النظر إلى تقفيته، وشتّان بين الاثنين، فلا يمكن أن يكون كلام الله متكلّفًا.[١٤]
ممّا جعلهم يمنعونه أيضًا إنكار النبي لقول أحدهم الذي كان يسجع به: "أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الأعْرَابِ؟"[١٥]، فقالوا إنّ هذه النهايات هي فواصل القرآن الكريم؛ لأنها تفصل القرآن الكريم، ولا يمكن استخدام كلمة القافية أو الروي للقرآن؛ إذ نفي الشعر عن القرآن الكريم ينفي عنه ما يتّصل به من قافية وروي.[١٤]
الفريق الذي أجاز وجوده وأدلته
ترأّس هذا الفريق أبو هلال العسكري ثمّ تبعه ابن الأثير صاحب المثل السائر، فيرى هذا الفريق أنّ القرآن قد نزل بلغة العرب وأساليبهم، وغايته أن تصل رسالته إلى لبّهم وعقلهم، فإن كان السجع مؤثرًا بهم ويفتح آذانهم للحق فإنّه يخاطبهم به، وأمّا ما قيل عن اختلاف بعض أساليب السجع في القرآن عن أساليب السجع المعروفة فلا مشكلة بذلك؛ إذ لو نُظر إلى بحور الشعر لوُجِدَ أنّها لم تظهر على دفعة واحدة وإنّما جاءت على دفعات، وأمّا عن نهي النبي عن السجع فقد خصّصه بسجع الأعراب، وفي قولٍ سجع الكهّان، ولو كان النهي عن السجع مطلقًا لما قيّده -صلّى الله عليه وسلّم-.[١٦]
أيضًا ممّا يدلّ على إجازة النبي للسجع ما جاء من كلامه مسجوعًا، وذلك كقوله: "أَيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصَلُّوا والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلَامٍ"[١٧]، فقد بُنيت جميع الجمل السّابقة على حرف الميم، "السلام، الطعام، نيّام، بسلام"، وقد سلك بعض العلماء مسلكًا حسنًا إذ أجازوا إطلاق لفظ السّجع على الفواصل القرآنية عندما يحتاج الأمر إلى ذلك، وذلك في مثل علم البيان مثلًا، والاقتصار على ذكر اللفظ الأعم وهو الفاصلة القرآنية عندما لا تكون هناك حاجة لذلك، وذلك عند تفسير القرآن مثلًا، وهكذا قد أطلق البعض على الفواصل المتوافقة في القرآن اسم السّجع ورفض البعض الآخر إطلاق السّجع على القرآن، ولكلّ من الفريقين حججه.[١٨]
أمثلة عن السجع
كيف يمكن أن تتوضّح القواعد النظريّة السابقة؟
لا بدّ من أمثلة على السجع بأنواعه المختلفة السابقة تميط اللثام عن حقيقته وتجعله واضحًا أمام الدارس، ومن ذلك:
أمثلة على السجع من حيث الوزن العروضي
من أبرز الأمثلة على السجع من حيث الموسيقى والعَروض:
السجع المرصّع
قال بعضهم: "ليكن إقدامك توكّلًا، وإحجامك توكّلًا" فيه سجعٌ مرصّعٌ؛ وذلك لاتفاق ألفاظ الجملة الأولى مع نظائرها في الجملة الثانية في الوزن والروي، فـ"إقدامك" تناظر "إحجامك"، و"توكّلًا" تناظر "توكّلًا" في الوزن والروي، وأيضًا في قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}[١٩] فالأبرار تُقابل الفجار، ونعيم تقابل جحيم في الوزن العروضي ولهما الروي نفسه.
السجع المتوازي
من ذلك ما قاله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}[٢٠]، فقد انتهت الجملتان على "غوى" و"هوى"، وقد اتفقتا في الوزن والروي، وكقول الشريف الرضي:
ردوا الغليلَ لقلبيَ المشغوفِ
- وخذوا الكرى عن ناظري المطروفِ
فيه سجعٌ متوازٍ، وذلك لاتّفاق الفاصلتين في الوزن والروي، "المشغوف" و"المطروف" لهما الوزن ذاته ورويهما الفاء.
السجع المطرّف
قال تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}،[٢١] في الآيات سجعٌ مطرّفٌ وذلك لاتّفاق الفواصل في الحرف الأخير واختلافها في الوزن، وكقوله تعالى: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}[٢٢]، فالسجع واقعٌ بين الكلمتين "وقارًا" و"أطوارًا" فقد اتفقتا في الروي واختلفتا في الوزن.
السجع المشطور
كقول أبي تمّام:
تَدْبيرُ مُعتصمٍ بالله منتقمٍ
- لله مرْتَغبِ في اللهِ مرتَقَبِ
في البيت السّابق سجعٌ مشطور، فروي الشّطر الأوّل الميم "معتصم" و"منتقم"، وروي الشّطر الثاني الباء في "مرتغب" و"مرتقب"، فقد كان لكلّ شطر من البيت قافيتان مُختلفتان للشطر الآخر في الرويّ.
أمثلة على السجع من حيث الطول والقصر
من أهمّ الأمثلة على السجع من جهة الطول والقصر ما يأتي:
السجع القصير
قال بعضهم: "الإنسان بآدابه، لا بزيّهِ وثيابه"، فالجملتان اللتان وقع فيهما السجع مؤلّفتان من كلمتين، وأيضًا كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[٢٣]، فقد بنيت فواصل الآية السّابقة على حرف الراء، وجميع الجمل السّابقة قصيرة.
السجع المتوسط
يقول تعالى في سورة طه: {طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى * تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى}.[٢٤]
الآية الثانية مبنية على خمسة ألفاظ، والثالثة مبنية على أربعة ألفاظ، والرابعة مبنية على ستة ألفاظ، والخامسة مبنية على أربعة ألفاظ، والسادسة مبنية على اثني عشر لفظًا، والسابعة مبنية على سبعة ألفاظ، والثامنة مبنية على ثمانية ألفاظ، وهكذا قد بنيت أغلب الآيات المسجوعة على أربعة إلى عشرة ألفاظ فكانت متوسّطة الطول.
السجع الطويل
كقوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا ۖ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللهَ سَلَّمَ ۗ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}[٢٥]، فالآية الأولى مؤلّفة من عشرين كلمة أمّا الثّانية فمؤلّفة من تسع عشرة كلمة.
السّجع إذًا يكون بتوافق فواصل الكلمِ على الحرف ذاته، ويرد في الشّعر والنثر على حدّ سواء، واختلفوا حول ما جاء على شكل السّجع في القرآن الكريم، ففريقٌ أجازه وفريق منعه، وينقسم السجع بحسب طوله وقصره إلى طويلٍ وقصيرٍ ومتوسّطٍ، وينقسم السّجع أيضًا بحسب وزنه العروضي إلى أربعة أنواع هي السجع المرصّع والسجع المتوازي والسجع المطرّف والسجع المشطور وهو مختصٌ بالشعر دون النثر.
المراجع
- ↑ مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 85. بتصرّف.
- ↑ مالك محمد جمال بني عطا، السجع في العصر الجاهلي، صفحة 111. بتصرّف.
- ↑ مرعي بن يوسُف الحنبلي، القولُ البديع في عِلم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 85. بتصرّف.
- ↑ النداء راتنا فطرية، الجناس والسجع في سورة الصافات، مالانج - أندونيسيا:منشورات جامعة مولانا مالك إبراهيم الإسلامية الحكومية، صفحة 24. بتصرّف.
- ^ أ ب علي الجارم، مصطفى أمين، البلاغة الواضحة، القاهرة:العلم الحديث، صفحة 331. بتصرّف.
- ↑ سورة الغاشية، آية:15 - 16
- ^ أ ب عَلي الجارم، مصطفى أمين، البلاغةُ الواضحةُ، القاهرة:العلم الحديث، صفحة 331. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث عليّ الجارم، مصطفى الجارم، البَلَاغة الوَاضحة، القاهرة:العلم الحديث، صفحة 331. بتصرّف.
- ↑ سورة عبس، آية:1 - 3
- ^ أ ب ت عيسى علي العاكوب، المفصل في علوم البلاغة، حلب:منشورات جامعة حلب، صفحة 687. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعلى، آية:1 - 2
- ↑ سورة هود، آية:9 - 10
- ↑ عيسى علي العاكوب، المُفصّل في علوم البلاغة، حلب:منشورات جامعة حلب، صفحة 687. بتصرّف.
- ^ أ ب الزركشي، البرهان في علوم القرآن، بيروت:الكتب العلمية، صفحة 52. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم:1682، حديث صحيح.
- ↑ محمد قاسم الشوم، علوم القرآن ومناهج المفسرين، بيروت:الكتب العلمية، صفحة 122. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن سلام، الصفحة أو الرقم:2485، حديث صحيح.
- ↑ طاهر الجزائري، التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريق التبيان، حلب:مكتب المطبوعات الإسلامية، صفحة 272. بتصرّف.
- ↑ سورة الانفطار، آية:13 14
- ↑ سورة النجم، آية:1 - 2
- ↑ سورة الفجر، آية:1 - 3
- ↑ سورة نوح، آية:13 - 14
- ↑ سورة المدثر، آية:1 - 5
- ↑ سورة طه، آية:1 - 8
- ↑ سورة الأنفال، آية:43 - 44