السفر في الإسلام

كتابة:
السفر في الإسلام

أنواع السفر في الإسلام

تنقسم أنواع السَّفر في الإسلام إلى أقسامٍ عدَّةٍ مُتمثِّلةٍ بالأحكام الخمسة، بيانها فيما يأتي:[١][٢]

  • سفرٌ واجبٌ؛ كأن يُسافر المسلم لأداء فريضة الحجِّ أو العمرة الواجبة، أو السَّفر في سبيل الجهاد الواجب أو كما قال ابن العربي: الهجرة إلى بلادٍ يسودها السَّلام هرباً من الحرب أو الأذى.[٣]
  • سفرٌ مُباحٌ؛ كأن يُسافر العبد للسعيِ في الرِّزق المُباح من تجارةٍ ونحوها، وكلُّ ما يُباح فعله كالسِّياحة المباحة أو العلاج.
  • سفر مُستحبٌّ أو مندوبٌ؛ كأن يُسافر المسلم لأداء نوافل الأعمال كالعمرة أو الحجِّ، والجهاد تطوُّعاً، أو لزيارة المساجد الثَّلاث، أو لطلب العلم، والتفقُّه في الدِّين، والدَّعوة لدين الله، أو لوصل الأرحام، وزيارة الأقارب.[٤]
  • سفرٌ مكروهٌ؛ كأن يُسافر المسلم لوحده، فعن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في الوَحْدَةِ ما أعْلَمُ، ما سارَ راكِبٌ بلَيْلٍ وحْدَهُ).[٥]
  • سفر حرام؛ كأن يُسافر المسلم للتِّجارة بالمحرمات أو لارتكاب الفواحش والمعاصي أو سفر المرأة لوحدها بلا محرمٍ.


خصائص السفر

للسَّفر خصائصٌ وأحكامٌ عدَّةٌ، بيانها فيما يأتي:[٦][٧]

  • رخَّص الله للمسافر أن يقصر الصلوات الرباعية إلى إثنتين، ويجمع بين الصَّلوات؛ كالجمع بين صلاتي الظُهر والعصر أو المغرب والعشاء تقديماً أو تأخيراً.[٨][٩]
  • أباح الله -تعالى- للمسافر في شهر رمضان الفطر، حيث قال -تعالى-: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).[١٠]
  • أباح الله -تعالى- للمسافر الزِّيادة في مدَّة المسح على الخفين لثلاثة أيَّامٍ بلياليها.
  • حرَّم الله -تعالى- سفر المرأة بدون محرمٍ.


شروط السفر الذي تناط به الأحكام

يُشترط في أحكام السَّفر ما يأتي:[١١][١٢]

  • يجب أن تبلغ المسافة المقطوعة من بلد المسافر للوجهة الذي يقصدها مسافةً تُساوي واحد وثمانين كيلو متر وأكثر، وقد روى عطاء بن أبي رباح -رحمه الله-: (كان ابنُ عباسٍ وابنُ عمرَ يقصرانِ ويفطرانِ في أربعةِ بُردٍ وهي ستةَ عشرَ فرسخًا)،[١٣] وقدَّر المالكيَّة والشَّافعيَّة الفرسخ بثلاثة أميالٍ هاشميَّةٍ، والأربع بُردٍ يُقدَّر ذلك بمسير يومين أو يومٌ وليلةٌ، وقد اعتبر المالكيَّة سفر البَّرِّ والبَّحر سواءً من حيث المسافة، وقد أجازالشَّافعيَّة والحنابلة قطع مسافة الأميال بزمنٍ يسيرٍ ولو كانت أقلَّ من يومٍ وليلةٍ، ويجوز الأخذ برخصةِ قصر الصَّلاة والفطر من الصِّيام حتى أربعة أيَّامٍ فقط.[١٤]
  • يجب أن يكون المسافر قاصداً وجهةً محدَّدةً بذاتها غير مسافرٍ دون هدفٍ أو تخطيطٍ مُسبق، ولا تائهاً لا يعلم أين يذهب.
  • يجب أن لا يكون المسافر قاصداً سفراً حرام، فإن كان يُسافر لفعل المعاصي فلا تصحُّ الرُّخَص بحقِّه ولا تقبل صلاته كما نُقل عن الشَّافعيَّة والحنابلة، بينما ذكر المالكيَّة أنَّها تصح ُّالصلاة بحصول الإثم، ويجوز قصر الصَّلاة في السَّفر المكروه عند المالكيَّة والشَّافعيَّة، ولا يجوز عند الحنابلة، بينما كان للحنفية رأيٌ مميَّزٌ انفردوا به عن بقيَّة المذاهب فذهبوا إلى أنه يجوز القصر والأخذ بالرُّخَص في أنواع السَّفر جميعها حتى المكروه والحرام منه.
  • يجب مُفارقة العمران للأخذ برخص السَّفر وتفصيل آراء الفقهاء بوصف العمران ما يأتي:[١٥]
    • الحنفيَّة: العمران عندهم هي بُيوت المدينة، ومساكنها، وقُراها، وخيام بواديها، متصلةً كانت ببعضها أو متفرِّقةً ويشترط تجاوز ساحة البلدة الرئيسيَّة ولا يدخل ضمن العمران البساتين.
    • المالكيَّة: ورد أنَّه على ساكني الجبال مفارقة مكان سكنهم فقط، وساكني الخيام مفارقة كلُّ خيام قبيلتهم، وعلى ساكني المدن والقرى مفارقة البنيان والبيوت وكلُّ ما يتَّصل بها، واعتبروا البساتين من العمران وتجاوزها شرطاً لو كان المسافر يمرُّ من عندها فإذا كان لا يمرُّ فعليه مفارقة البُيوت فقط.
    • الشَّافعيَّة: ذهب الشَّافعية أنَّ مفارقة العمران تكون بتجاوز سور المدينة لو وُجد، وأيًّا كان حال هذا السُّور، ولو لم يكن هناك سورٌ فعلى المسافر تجاوز عمران المدينة حتى لو مرَّ بنهرٍ أو أرض خربه مُتخذه للإقامه وإن كانت الأرض الخربة خارج العمران أو مرَّ المسافر ببساتين ومزارع فليس عليه تجاوزها، وقد اعتبروا القريتين المُتلاصقتين كبلدة واحدة يجب تجاوزها والمقبرة المتَّصلة بالعمران أيضاً، أمَّا سكَّان الخيام فعليهم تجاوز البيوت المجتمعة أو المتفرِّقة وما يُتخذ منها للسهر أو السمر يدخل ضمنها مرافقها.
    • الحنابلة: ذهب الحنابلة الى إشتراط مفارقة عمران وبنيان القوم فقط كانت داخل سورٍ أو خارجها.


آداب السفر في الإسلام

آداب السَّفر بالإسلام كثيرةٌ بيان بعضٍ منها ما يأتي:[١٦][١٧]

  • كتابة الوصيَّة وكتابة ما على المسافر من ديونٍ ونحوه فقد ورد عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنه- قال: (ما حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، له شيءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)،[١٨] وقد أمر الله -تعالى- عباده على الإشهاد على الوصيَّة حال السَّفر حتى لو كانوا من أهل الكتاب إذ قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّـهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّـهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الْآثِمِينَ).[١٩]
  • يحرص المسافر على تأمين نفقة عياله وأهله وسدِّ حاجاتهم عند سفره.
  • الإستخارة قبل السَّفر.
  • تحرِّي الصُّحبة الصَّالحة في السَّفر والابتعاد عن السَّفر وحيداً.
  • التَّوبة النَّصوح من الذُّنوب والمعاصي.
  • التَّعجيل والتَّبكير بالسَّفر وأن يكون في يوم خميس أفضل.[٢٠]
  • طلب الدُّعاء من أهل الصَّلاح.
  • المداومة على ذكر الله في التِّرحال والرَّاحة.
  • توديع الأهل والحرص على الرُّجوع إليهم.
  • أداء صلوات التَّطوُّع والنذَفل.
  • المواظبة على الدُّعاء، والدُّعاء في حال خوفه من عدو ونحوه.[٢١]
  • الحرص على أداء الصَّلوات بوقتها والطَّهارة.[٢١]
  • النُّزول والاستراحة بأماكن النُّزول لا في الطرقات.[٢١]






المراجع

  1. سعيد بن وهف القحطاني (2010)، صلاة المؤمن (الطبعة 4)، صفحة 723-724، جزء 2. بتصرّف.
  2. سعيد بن وهف القحطاني (2010)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة 2)، المملكة العربية السعودية - الرياض:مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 127. بتصرّف.
  3. سليمان العودة (2013)، شعاع من المحراب (الطبعة 2)، المملكة العربية السعودية - الرياض:دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 107، جزء 5. بتصرّف.
  4. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، صفحة 531، جزء 2. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2998، صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:مطابع دار الصفوة، صفحة 266، جزء 27. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:مطابع دار الصفوة، صفحة 25-26، جزء 30. بتصرّف.
  8. ابن تيمية، مجموعة الرسائل والمسائل، صفحة 1، جزء 2. بتصرّف.
  9. عبد الرحمن السعدي (2000)، إرشاد أولى البصائر والألباب لنيل الفقة بأقرب الطرق وأيسر الأسباب (الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية - الرياض:أضواء السلف، صفحة 114. بتصرّف.
  10. سورة البقرة، آية:185
  11. مجموعة من المؤلفين (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة 4)، دمشق :دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 190، جزء 1. بتصرّف.
  12. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:مطابع دار الصفوة، صفحة 28-33، جزء 25. بتصرّف.
  13. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عطاء بن أبي رباح، الصفحة أو الرقم:568، صحيح.
  14. عبد الله الطيار (2011)، الفقه الميسر (الطبعة 1)، المملكة العربية السعودية - الرياض:مدار الوطن للنشر، صفحة 74-76، جزء 3. بتصرّف.
  15. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (الطبعة 4)، سورية - دمشق:دار الفكر، صفحة 1350-1353، جزء 2. بتصرّف.
  16. صهيب عبد الجبار، لصحيح للسنن والمسانيد، صفحة 33-42. بتصرّف.
  17. محمد نصر الدين عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 72. بتصرّف.
  18. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1627، صحيح.
  19. سورة المائدة، آية:106
  20. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 1. بتصرّف.
  21. ^ أ ب ت أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 1. بتصرّف.
4847 مشاهدة
للأعلى للسفل
×