أصول السلاجقة
ينحدر السلاجقة الأتراك من سلجوق بن دُقاق وهو كبير القبائل التركمانية التي حكمت في إيران ومن ثم أراضي الخلافة العباسيّة في العراق وأجزاء من آسيا الوُسطى، من قبائل رعوية إلى دولة كبيرة غيّرت مجرى التاريخ الإسلاميّ، كانت العلاقة بين السلاجقة والعباسيون وثيقة، السلاجقة الأتراك كان لهم صدامات مُتعددة في المشرق الإسلاميّ، فقد واجه السلاجقة الفاطميين على الصعيد الداخليّ، وكانت لهم مواجهات عدّة مع الصليبيين على الصعيد الخارجيّ، الأمر الذي مكّن العلاقة بين السلاجقة والعباسيون، والدارس لتاريخ دولة السلاجقة يجد أنهم شكلوا دولتهم بناءً على أسس رصينة وأنظمة سيّرت النظام الداخليّ فيما بعد، ودخولهم في جسم الدولة العباسيّة كان بمباركة من الخليفة العباسيّ آنذاك، وبهذا كانت بدايات تشكل معالم الدولة.[١]
السلاجقة والعباسيون
دخل السلاجقة بغداد بعد تفشي خطر البويهيين وتحكمهم بالخلافةِ العباسيّة، فكان هذا الأمر دافعًا مُقنعًا لدخول بغداد، فقد كانت المُراسلات بين طُغرل بك -مؤسس الدولة السلجوقية- والخليفة العباسيّ القائم بأمر الله تُبرهن على ذلك، في حين اشتداد الأخطار الداخلية والخارجية على الدولة العباسيّة، كان لا بد أن يُرحّب الخليفة العباسيّ بالسلاجقة المُخلصين، خصوصًا وأن طغرل بك -مؤسس الدولة السلجوقية- كان قد أعلن الولاء للدولة العباسيّة في أكثر من مُناسبة الأمر الذي أبرز العلاقة بين السلاجقة والعباسيون، دخل السلاجقة بقيادة طُغرل بك -مؤسس الدولة السلجوقيّة- بغداد عام 447هـ بِمُباركة الخليفة العباسيّ القائم بأمر الله.[٢]
وكان قد أرسل طُغرل بك رسالة إلى الخليفة العباسيّ تتضمن ما يأتي: الدفاع عن هيبة الخلافة، الدفاع عن أراضي الخلافة، مواجهة الصليبيين، حماية طريق الحج، وقد أطلق الخليفة العباسيّ على طُغرل بك لقب السُلطان بعد دخوله إلى بغداد، ومن هنا تتشكل العلاقة الوثيقة بين السلاجقة والعباسيون.[٣]
استطاع طُغرل بك أنْ يُثبّت أركان الدولة السلجوقيّة، بعد أن قضى على الدولة البويهية، وتصدى للخطر الفاطمي الذي كان يُهدّد الخلافة العباسيّة في بغداد، أنجز طُغرل بك -مؤسس الدولة السلجوقيّة- الكثير من المهام المُتعلقة بتثبيت أركان الدولة، وقد توفي عام 455 هـ، وجاء من بعده السلطان ألب أرسلان المُنتصر في معركة ملاذكرد الشهيرة.[١]
معركة داندقان
في ظل كثرة الدويلات المستقلة عن الخلافة العباسيّة كانت هُناك دولة عُرفت بالدولة الغزنوية، والتي بدأت تاريخها في أفغانستان في مدينة غزنة، وقد تزامن ظهور القوّة السلجوقية مع وجود الدولة الغزنويّة، الأمر الذي أزعج السلطان محمود الغزنوي، لهذا بدأ يُفكّر بالقضاء عليهم وخاض معهم حرب أسر فيها الزعيم أرسلان، وكان السلاجقة قد استولوا على خُراسان، الأمر الذي عجّل للقاء عسكريّ يفصل بين كل من الدولة السجلوقيّة والدولة الغزنوية، وبالفعل كانت معركة داندقان التي أنهت سيطرة الدولة الغزنويّة على خراسان عام 432 هـ، وهذا كان له دور في تشكيل العلاقة بين السلاجقة والعباسيون، وهذا الأمر مكّن السلاجقة من حُكم خُراسان بل وطلب الولاء من حُكّام الأقاليم المجاورة، كانت الثقافة الفارسيّة هي الثقافة السائدة في الدولة الغزنوية، وقد كان هناك نتاج علميّ في فترتهم أبرزه كتاب تاريخ البيهقي.[٤]
معركة ملاذكرد
حكم الدولة السلجوقيّة بعد عام 455هـ السلطان ألب أرسلان، وقد كانت لهُ صفات محمودة في الكرم والشجاعة وغير ذلك، وقد برز في عهد الوزير نظام المُلك الطوسي مؤسس المدرسة النظاميّة في بغداد والتي عُرفت باسمه، كان للسلطان ألب أرسلان إنجازات مُتعددة[٥]، والجدير بالذكر أن السلطان ألب أرسلان كانت فترة حكمه قصيرة إلّا أنه حقّق أهم الانتصارات على البيزنطيين في معركة ملاذكرد، إذ اجتمع الفريقان وانتصر السلاجقة بقيادة السُلطان ألب أرسلان على قائد جيش الروم البيزنطيين رومانوس عام 464 هـ، وقد تمّ أسره من قِبل السلاجقة، كان هذا الانتصار بمثابة حدث فاصل في التاريخ الإسلاميّ، هذا ما كان نتاج العلاقة بين السلاجقة والعباسيون، انتصارات مهمّة وإنجازات كثيرة.[٦]
توفي السلطان ألب أرسلان سنة 465 هـ، بعد عام واحد من هزيمته للروم في ملاذكرد المدينة التي تقع في تركيا، وقد تولّى حُكم السلطنة السلجوقية ابن السلطان ألب أرسلان السلطان العادل ملكشاه، وما يُميّز السُلطان ملكشاه حُبّه للمعرفة وتشجيعه للفكر، وقد لُقب بالعادل لدوره البارز في نشر العدل في دولته، وهذا بالتأكيد نتج في الأصل عن علاقة السلاجقة والعباسيون الوثيقة، وأيضًا كان وزيره نظام الملك الطوسيّ الذي عاون والده سابقًا، وعندما توفيّ السلطان ملكشاه بدأ عصر الصراع على العرش بين أبنائه بركياروق وأخيه محمود، الأمر الذي أدى إلى تقسيم الدولة السلجوقية وتعرضها للضعف بشكل واضح.[٧]
ضعف دولة السلاجقة
كانت العلاقة بين السلاجقة والعباسيون وثيقة في بداية الأمر، لدرجة أنه السلاجقة أسسوا دولتهم وحكموا أراضي الدولة العباسيّة، لكن كما هو الحال في أغلب الدول التي سقطت كان التنافس والصراع الداخلي على العرش من أحد الأسباب المؤدية إلى ضعف الدولة، وقد تطور هذا الصراع إلى صراع عسكري، وبالتأكيد هذا ما يُمكّن الأعداء من السيطرة على الدولة بكل سهولة، كان للسلاجقة دور مهم في التاريخ الإسلاميّ، وقد كانت علاقة السلاجقة والعباسيون علاقة قويّة، خصوصًا وأنّ الدولة العباسيّة هي من رحبّت بالسلاجقة على أراضيها، حيث شكّلت حكمها في أراضي العراق وبلاد الشام وخُراسان وغيرها، وقد شكّلت دولة السلاجقة امتدادًا فيما بعد للدولة العثمانيّة وذلك عن طريق المُصاهرات السياسية، التي كان لها دور في توثيق العلاقات بين السلاجقة والعباسيون.[٨]
المراجع
- ^ أ ب "دولة السلاجقة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "دولة السلاجقة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "سلاجقة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "الدولة الغزنوية"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019.بتصرّف.
- ↑ "ألب أرسلان ومعركة ملاذكرد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "دولة السلاجقة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "دولة السلاجقة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "دولة السلاجقة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.