الشعر العربي الحديث
يُطلقُ مفهوم الشعر العربي الحديث على الشعر العربيّ الذي كُتِبَ في العصر الحديث حَصرًا، ويُشير العصر الحديث إلى الفترة الزمنية المعاصرة التي تتميّز فيها معالم الحياة بمختلف جوانبها عن العصور السابقة، فالعصر الحديث هو آخر حلقة متعلّقة بتطوّر الشعر العربي على مرّ العصور، حيث بدأ في العصر الجاهلي ثمَّ صدر الإسلام ثمَّ العصر الأموي، يليه العصر العباسي وعصر الانحطاط ثمَّ عصر النهضة انتهاءً بالعصر الحديث، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول أحد أهمّ شعراء العصر الحديث، وهو الشاعر خليل حاوي وبعض قصائده. [١]
الشاعر خليل حاوي
يعدُّ الشاعر خليل حاوي من أهمّ شعراء لبنان في القرن العشرين، ولدَ الشاعر خليل حاوي في مدينة الشوير في لبنان عام 1919م، ودرسَ في مدارس قريته حتى سنّ 12 من عمره، فقد مرضَ والده ممّا اضطره إلى العمل في مهنة البناء ورصف الطّرقات لكَسْب الرزق، وفي الفترة نفسها كان يُكثر من القراءة والمطالعة، وبدأ بالكتابة وصار ينظمُ الشعر الحر والموزون بالعامية والفصحى، وتعلّم أيضًا إلى جانب اللغة العربية اللغتَيْن الإنجليزيّة والفرنسية، وتمكَّن بجهوده من دخول المدرسة ثم الانتقال إلى الجامعة الأمريكية، وبعد أن تخرَّج منها بدرجة التفوق حصلَ على منحة للدراسة في جامعة كامبريدج في بريطانيا وهناك حصل على شهادة الدكتوراه، وعمل بعد أن عاد إلى لبنان أستاذًا في الجامعة، وبقي فيها حتّى آخر حياته.
لم يَطرقُ الشاعر خليل حاوي في أشعاره الصورَ والمعاني المستهلكة ولا الموضوعات الوصفيّة المكررة، بل سلكَ دربًا شعريًا عبَّده بفلسفته وثقافته، وجعل محور كتاباته الحياةَ والكونَ والطبيعة، وأكثَرَ من الرموز النفسيّة والحسيّة والأسطوريّة في شعره، من أهمّ دواوينه: نهر الرماد، الناي والريح، بيادر الجوع، ديوان الشاعر خليل حاوي، الرعد الجريح، من جحيم الكوميديا، توفّي عام 1982م عن عمر يناهز 63 عامًا.[٢]
قصائد الشاعر خليل حاوي
تميَّزت أشعار الشاعر خليل حاوي بكثرة استخدام الرموز ضمنَها، سواءً الرموز النفسية أم الحسيّة أم الأسطورية أم غيرها، كما كان محورها الكون والطبيعة والحياة، ولا بدَّ من ذكر بعض من القصائد التي سكبَها الشاعر خليل حاوي من فيضِ روحِه وعَذْبِ قلمه فيما يأتي:
- قصيدة ليالي بيروت:[٣]
في ليالِي الضِّيقِ والحِرمانِ
والريحِ المدوِّي في متاهاتِ الدروبْ
مَن يُقَوِّينا على حَمْلِ الصليبْ
مَن يَقينا سَأمَ الصَّحْراءِ
مَن يَطرُدُ عنَّا ذلكَ الوَحشَ الرَّهيبْ
عندما يَزحَفُ من كَهفِ المغيبْ
واجِمًا محتَقِنًا عبرَ الأزقَّهْ
أَنَّةٌ تُجْهِشُ في الرِّيحِ وَحُرْقَه
أعينٌ مشبوهَةُ الوَمضِ
وأشباحٌ دَميمَهْ
ويثورُ الجنُّ فينَا
وتُغاوينا الذنُوبْ.
- قصيدةُ السجين:[٤]
كيْفَ تلتمُّ وتحْيا وتلينْ
كيف تخضرُّ خُيوطُ العنكبوتْ؟
تتَشهَّى عودَةً للمَوْتِ
في دنيا تموتْ؟
ما الذي يَهْذي تُرى؟
صوتُ المُغنِّي
لم يعُدْ يخْدعُ كَفَّيَّ وجفنِي
لم يعُدْ يخدعُني العَفوُ اللَّعينْ
بعد أن رثَّت عظامي من سنينْ
هل أخَلِّيها، أُخلِّيها وأمضِي
خاويَ الأعضاءِ وجهًا لا يبينْ
شبحًا تجلده الريحُ
وضوءُ الشمْس يُخزيهِ
وضحكاتُ الصغارْ
يتخَفَّى من جدارٍ لجِدارْ
ردَّ باب السِّجْن في وجهِ النهارْ
كان قبل اليومِ
يُغري العفو أو يُغري الفرار.
- قصيدة حب وجلجلة:[٥]
وأَنا في وحشَة المَنفَى
مَع الداءِ الذي ينثرُ لَحْمي
ومع الصمتِ وإِيقَاعِ السُّعالْ
أنفُض النومَ لَعلِّي أَتَّقي
الكابوسَ والجِنَّ التي تحتلُّ جِسْمي
وإِذا الليلُ على صدري جلاميدٌ
جدارُ الليلِ في وجهي
وفي قلبي دخانٌ واشتعالْ
آهِ ربِّي! صوتهم يصرخُ في قبري:
تعالْ!!
كيف لا أنفضُ عن صدري الجلاميدَ
الجلاميدَ الثقالْ
كيف لا أصرعُ أوجاعي ومَوتي
كيف لا أضرعُ في ذلٍّ وصمتِ:
رُدَّني ربِّي إِلى أرضي
أعِدني للحياةْ
وليكن ما كانَ، ما عانيتُ منها
محنةَ الصلبِ وأعيادَ الطغاة.
- قصيدة وجوه السندباد:[٦]
سجينٌ في قطارْ
مُرَّةٌ ليلتهُ الأولَى
ومُرٌّ يومُهُ الأولُ
في أرضٍ غريبَهْ
مُرَّةً كانتْ ليَاليهِ الرتيبَهْ
طالما عضَّ على الجوعِ
على الشهوةِ حرَّى
وانطَوى يعْلِكُ ذكْرَى
يمسحُ الغَبرةَ عن أمتعة ملءَ الحقيبَهْ
حَجَرٌ تحملُهُ الدوَّامةُ الحرَّى
سجينٌ في قطَارْ
ما دَرَى ما نكهةُ الشمسِ
وما طِيبُ الغُبارْ
ورشاشُ الملحِ في ريج البحارْ
مِن أَسابيعَ وفي غرفتِهِ
تلك الكئيبهْ
تأكلُ الغبرةُ أشيَاءَ الحقيبَهْ
تأكلُ الوجهَ الذي خلَّفَهُ
لمـَّا تعرَّى
ومضى وجهًا طريًّا
ما له أَمسٌ وذِكْرى.
المراجع
- ↑ "الشعر العربي في العصر الحديث"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "خليل حاوي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "ليالي بيروت"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "السجين"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "حب وجلجلة"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "وجوه السندباد"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2019. بتصرّف.