الشعر السياسي في العصر الحديث

كتابة:
الشعر السياسي في العصر الحديث

تطور الشعر العربي الحديث

تَطَوّر الشّعر العربي في العصر الحديث، وظهرت فيه أغراض جديدة بحسب متطلّبات العصر، وأهمّ ما طوّر الشّعر الحديث الشّعور القوميّ والوطنيّ، والأحداث المتلاحقة التي تتعرّض لها الأمّة العربيّة والإسلاميّة، ولدينا من الشّعراء الذين ساروا مع ركب الواقع والمتغيرات، ومن أمثلتهم أبو القاسم الشّابي الذي اعتمد القصيدة العموديّة، ولكنّه ألبسها ثوبًا يلائم طبيعة عصره، وشعراء المهاجر الشّمالية والجنوبيّة بريادة إيليّا أبو ماضي ورشيد سليم الخوري وفوزي معلوف، ومن أهمّ الأغراض الشعريّة التي ظهرت على السّاحة العربيّة الغرض السّياسيّ، والذي سيتمّ الحديث عنه بفقرة تالية، وهي: الشعر السياسي في العصر الحديث.[١]

الشعر السياسي في العصر الحديث

كما سبق والحديث عنه في الفقرة السّابقة، فقد ظهر غرض الشعر السياسي في العصر الحديث، وانتشر انتشارًا واسعًا في أرجاء الوطن العربيّ، والذي بات يعرف بالشّعر الوطنيّ، وذلك ردّة فعل على الاعتداءات الخارجيّة على الوطن العربيّ، كاعتداءات دول الاستعمار الغربيّ، وزرعها للكيان الصّهيونيّ في قلب الوطن العربيّ فلسطين، لإحكام السّيطرة على خيراته ونهبها لها، من خلال تفكيكه إلى دويلات وبقائه ضعيفًا، ممّا دفع الشّعوب العربيّة إلى المقاومة، ووقوفها في وجه أيّ معتد أو طامع خارجيّ، فوقف الأدباء يقاومون بكلماتهم ويحرضون على متابعة المقاومة، وعلى رصّ الصّفوف، والوقوف يدًا واحدة في وجه أيّ معتدٍ خارجيٍّ[٢]، ومن هؤلاء الشّعراء إبراهيم اليازجي الذي ينبهُ قومه، ويدعوهم إلى الاستيقاظ من غفلتهم، ونفض غبار الذّلّ والهوان، والتّحرّر من ربقة الاستعمار البغيض، فيقول:[٣]

تنبّهوا واستفيقوا أيّها العربُ

فقدْ طمى الخطبُ حتّى غاصتِ الرّكبُ

كمْ تُظلمونَ ولستُمْ تشتكونَ وكمْ

تُستغضبونَ فلا يبدو لكمْ غضبُ

وفارقتكُمْ لطولِ الذّلِّ نخوتُكمْ

فليسَ يؤلمُكمْ خسفٌ ولا عطبُ

شعراء الشعر السياسي في العصر الحديث

لقد ظهر شعراء كثر في العصر الحديث والمعاصر، مالوا إلى غرض الشّعر السّياسيّ أكثر من غيره بسبب غيرتهم على الأمّة؛ ولما لاقوه من الذّلّ والهوان الذي وصلت إليه الأمّة العربيّة والإسلاميّة، بعد استعمارها، وتقسيمها إلى دويلات، واحتلال فلسطين من قبل الكيان الصّهيوني، واستسلام بعض الحكومات العربيّة للأمر الواقع، ومن هؤلاء الشّعراء ما يأتي.

نزار قباني

يَتحدّث نزار قباني في هذه القصيدة عن تجرّعه مرارة المنفى، وهو يعيشُ في وطنه، وما أصعبَ أنواعَ الغربةِ وأنتَ تعيشُ وطنك غريبًا!، فهو يصوّر الوطن العربي بأنّه غابة، تجمعُ المفترسين، وأنياب العرب لا تأكل إلا أبناءَها المساكين، فيقول:[٤]

لا تُسَافِرْ بِجوازٍ عربِيّ
لا تُسَافِرْ مرَّةً أُخرَى لأوروبا
فأروبا كما تعلمُ ضاقتْ بجميعِ السّفهاء
لا تُسَافِرْ بِجَوازٍ عَربيٍّ بينَ أحياءِ العرَب
فُهم من أجلِ قرشٍ يقتلونَك
وهم حينَ يجوعونَ مساءً يأْكلونَك
لا تَسِرْ وحدكَ بينَ أنياب العرب
يا صديقي رَحِمَ الله العرب!

أحمد مطر

الشّاعر العرايّ أحمد مطر من شعراء العصر الحديث، عاش حياته ناقمًا على الحكومات العربيّة؛ لأنّه يرى بأنّ المواطن العربيّ يعيش في وطنه بلا حرّيّة ولا كرامة في كلّ مجالات حياته، فإنّه يعمل ويكدح في سبيل حماية وطنه والمحافظة عليه، إلّا أنّه لايجد في وطنه من يحميه، أو يحقّق له أدنى متطلّبات العيش الكريم، فيقول:[٥]

نحن الوطن !
منْ بعدِنا تبقَى الدّوابُ والدّمنْ
نحنُ الوطنْ !
إنْ لمْ يكنْ بنا كريمًا آمنًا
ولمْ يكنْ محترمًا
ولمْ يكنْ حُرًّا
فلا عِشْنا.. ولا عاشَ الوطنْ!

محمد مهدي الجواهري

إنّ الشّاعر الجواهري وعلى أثر قصيدته "عبد الحميد كرامي" التي قالها في الحفل التّأبيني الذي أقيم لتلك الشّخصيّة عام 1951م؛ فإنّه قد تعرّض إلى الطّرد من لبنان، ومنع من دخولها مدة من الزّمن، قال فيها:[٦]

باقٍ -وأعمارُ الطّغاة قصارُ

من سِفر مجدِكَ عاطرٌ مَوّارُ

متجاوبَ الأصداءِ نفحُ عبيرهِ

لَطْفٌ، ونَفحُ شذاته إعصارُ

تنهى وتأَمرُ ما تشاء عصابةٌ

ينهى ويأمرُ فوقها استعمارُ

خويتْ خزائنُها لمّا عصفتْ بها الـشـّ

ـهواتُ، والأسباطُ، والأصهارُ

واستنجدتْ - ودمُ الشّعوب ضمانُها

ورفاهُها- فأمدّها "الدولارُ
  

المراجع

  1. "الأدب العربي في العصر الحديث"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019. بتصرّف.
  2. "شعر سياسي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019. بتصرّف.
  3. " تنبهوا واستفيقوا أيها العرب"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019.
  4. "الحبّ لا يقف على الضوء الأحمر"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019.
  5. "الوطن"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019.
  6. "محمد مهدي الجواهري"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 02-07-2019.
7248 مشاهدة
للأعلى للسفل
×