الطائفة الدرزية ماذا يعبدون

كتابة:
الطائفة الدرزية ماذا يعبدون

الطائفة الدرزية

من هو مؤسس الطائفة الدرزية؟

يعود ظهور الطائفة الدرزية إلى القرن الحادي عشر الميلادي وذلك في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وهي واحدة من الطوائف التي تحتفظ بسرية عقيدتها وقد تأسست على يد رجل يدعى محمد بن إسماعيل نشتكين الدرزي، وكان قد قدم من بلاد فارس إلى مصر، وقد وافق في ذلك الوقت القائلين بألوهية الحاكم بأمر الله من ثم أضاف إلى ذلك الدين بعض العقائد.[١]


لكنَّه لم يجد في مصر الشعبية الكافية التي تصغي إليه فذهب إلى الشام ووجد هناك من يستمع إليه؛ لذلك فإن تركز الدروز في جبل لبنان وفي سوريا، ولكنَّ الدروز لا ينسبون أنفسهم إلى محمد بن إسماعيل الدرزي بل ولا يحبونه، بل ينسبون أنفسهم إلى رجلٍ يجلونه وهو حمزة بن علي وقد كان من خواص الحاكم بأمر الله.[١]


ماذا تعبد الطائفة الدرزية؟

إنَّ الأساس العقيدي عند الطائفة الدرزية هو تأليههم للحاكم بأمر الله؛ فهم يعدونه الإله الذي لا تدركه الحواس وليس له أي مكان، كما لا يخلو منه أي مكان، وهو ليس بالظاهر وليس بالباطن، ولا يعترف الدروز بحقيقة عقيدتهم أمام الآخرين، بل يكرونها ولو واجههم بها الجميع لما اعترفوا بذلك؛ لأنه موجود في كتابهم أنَّه لا يجب التصريح بذلك أمام الآخرين، ومن يرتد عن عبادة الحاكم بأمر الله فإنه يكفر ويستحق من الرب العذاب الأليم، وله وحده -أي الحاكم- مطلق العبوية لا يشترك معه أي أحد فيها.[٢]


وكما ورد في كتابهم العهد والذي يعدونه أصل التشريع عندهم ما يثبت ذلك: "آمنت بالله ربي الحاكم العلي الأعلى رب المشرقين ورب المغربين وإله الأصلين والفرعين مُنشِئ الناطق والأساس، مظهر الصورة الكاملة بنوره الذي على العرش استوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى، وآمنت به وهو رب الرجعى وله الأولى والآخرة، وهو الظاهر والباطن". ومما ذكر في كتابهم أيضًا: "إنني قد برأت وخرجت من جميع الأديان والمذاهب والمقالات والاعتقادات قديمها وحديثها، وآمنت بما أمر به مولانا الحاكم الذي لا أشرك في عبادته أحدًا في جميع أدواري"، وكذلك تختلف العقيدة الدرزية عن غيرها من العقائد بكثير من الأمور.[٣]


التقمص

يعتقد الدروز بعقيدة التقمص والتي تنصّ على أنَّ الروح لا تموت بل هي تتنقل بين الأجساد، فالروح هي الأصل ولما يبلى الجسد تنتقل إلى غيره لتكمل حياتها، ولا يؤمنون بالتناسخ؛ لأنَّ التناسخ يعني أن الروح قد تحل في حيوان أو في نبات والإنسان أعلى من ذلك، بل التقمص يكون بين الإنس فقط، فهم يعدون انتقال روح البشري إلى بهيمة أو إلى نبات مَسخًا، وهم ينفون المسخ في عقيدتهم نفيًا قاطعًا.[٤]


ويؤمنون حق الإيمان بمبدأ الحلول وهو أنَّ الروح التي انتقلت من جسد إلى آخر تنتقل معها صفاتها النفسية أو الصفات البارزة فيها، فمنهم يقولون أن روح حمزة بن علي هي نفسها روح الصحابي الجليل سلمان الفارسي، وبهذا تشترك العقيدة الدرزية مع البوذية والهندوكية.[٥]


الحدود الخمسة

لا يكتمل الإيمان في العقيدة الدرزية إلا عن طريق الإيمان بالحدود الخمسة والتي تتمثب بـ "العقل والجد والنفس والفتح والخيال"، وقال الدروز بأنَّ المعبود قد أبدع من نوره العقل الكلي وبه ابتدأ كل شيء فهو القضاء وهو علة كل شيء وهو القائم على كل أمر وهو حمزة بن علي، وكل تلك الألقاب والصفات قد أطلقها حمزة بن علي على نفسه فجعل من ذاته العقل الكلي، وكذلك فقد جعل حمزة بن علي من الحدود الخمسة موجودات وليس مخلوقات أي هم ليسوا قابلين للفناء بل هم يزورون العالم بظروف وأوقات مختلفة.[٦]


وبذلك فإنَّ الحدود الخمسة تحل في الأجساد ولا يخلو أي عصر منها، ويعتقدون كذلك بأنَّ الأصل القديم من الحدود هما العقل الكلي والنفس الكلية ويقيم حول العقل الكلي جوانب أربعة هي بمثابة الأجنحة له، وترتيبهم هو كذلك:[٧]


  • أولًا النفس: وهي المتمثلة بحمزة بن علي، وهو ذو معة وهو علة العلل وصاحب كل أمر والقائم على هداية المستجيبين وهو الإرادة كلها.
  • ثانيًا النفس: وهي المتمثلة بصهر حمزة بن علي وهو إسماعيل بن محمد بن حامد التميمي، وهو صاحب المشيئة وذو مصة.
  • ثالثًا الكلمة: وهي المتمثلة بمحمد بن وهب القرشي، وهو ذو مصة وعماد كل من يستجيب، وهو فخر الموحدين وبشارة المؤمنين.
  • رابعًا السابق: وهو سلامة بن عبد الوهاب السامري.
  • خامسًا التالي: وهو بهاء الدين أبو الحسن علي بن أحمد السموقي.

ويذكرون أيضًا أنَّ التَّالي -وهو بهاء الدين- له ثلاثة حدود وهم الفتح والخيال والجد، والجد يتمثل بأيوب بن علي، والفتح هو رفاعة بن عبد الوارث، والخيال هو محسن بن علي.[٧]


الغيبيات

لا يؤمن متبعي الطائفة الدرزية بأي شيء من الأمور الغيبية فهم لا يؤمنون بالملائكة ولا بالجن ولا بالنار ولا بالجنة، بل يعتقدون أنَّ المقصود بالملائكة هم متبعي الدين الدرزي، والشياطين هم من غير الدروز، كذلك فهم لا يؤمنون باليوم الآخر على ما اصطلح عليه علماء المسلمين؛ إذ لا يعدون بالأصل أنَّ الأرواح تبعث من جديد؛ لأنَّ الأرواح في أصلها لا تموت بل تتنقل من جسدٍ إلى آخر، بل يكون الحساب عند انتهاء وقت تطور الروح وانتقالها بين الأجساد، وليوم القيامة عندهم العديد من العلامات مثل تسلط اليهود والنصارى على غيرهم واحتلال اليهود لبيت المقدس.[٨]


وفي ذلك اليوم يظهر الحاكم بأمر الله في الصورة الناسوتية ولكن لم يحدد تاريخ ذلك اليوم على وجه الدقة بل يذكرون أنَّ ذلك سيكون في رجب أو جمادى، ويذكرون أنَّ مكان الخروج هو في الصين ويكون حوله أقوام يأجوج ومأجوج، ويطلقون على يأجوج وماجوج اسم القوم الكرام، وينقسمون إلى خمس أقسام كل قسم يترأسه حدٌّ من الحدود.[٨]


وينقسم الناس عند الحساب إلى أربعة أقسام فهم الموحدون وهم العقال من الدروز والقسم الثاني أهل الظاهر وهو المسلمون واليهود، والقسم الثالث هم أهل الباطن وهم النصارى والشيعة والقسم الرابع هم الجهال من الدروز، والعذاب على الأعمال عندهم لا يكون في النَّار أو غيرها بل ربما يكون بدفع جزية كل عام أو عذابًا يلحق به أو غير ذلك من ألوان الهوان.[٨]


إنكار التكليف

تنكر العقيدة الدرزية التكليف بالصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج أو غيرها من الفروض التي بينها القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، ويعمدون إلى تأويل ما جاء في القرآن الكريم مثل الصلاة فهم يزعمون أنَّ الصلاة هي صلة للقلوب، وأمَّا الزكاة فهي أن يزكوا قلوبهم وأن يطهروه من الأرجاس التي كانوا يعرفونها قبل مجيء الحاكم بأمر الله وحمزة بن علي، وكذلك فإنَّ الدروز يحاربون إقامة المساجد أو إعمارها بل ويمنعون المسلمين المقيمين بينهم من بنائها، ويقيمون بدلًا عنها الخلوات التي يجتمعون بها ليلة الخميس، وأمَّا معنى الزكاة الباطني عند الدروز فهو أخذ العلم عن أئمتهم.[٩]


ما أبرز ما يميز منتسبي الطائفة الدرزية؟

من مميزات الدرزيين:[١٠]

  • الاستتار بأديان أخرى غير الدرزية وعدم الإفصاح عن دينهم.
  • عدم إقصاء النساء عن طبقة العقال.
  • قدرتهم على التعرف على بعضهم عن طريق سؤال الدرزي هل في بلادكم فلاحون يزرعون حب الإهليلج، فلو قال نعم مزروع في قلوب المؤمنين، يُسأل عن الحدود، فلو أجاب فهو أخ له في الدين.
  • ارتداء اللباس الأسود للتعبير عن حزنهم عندما اضطهدهم علي الظاهر في مصر.
  • عدم اطلاع أي شخص على الدين الدرزي؛ لأنَّ ذلك من أسرار الحاكم بأمر الله وييجب إخفاؤها.


أقسام الطائفة الدرزية

هل أبناء الطائفة الدرزية متساوون في الرتبة؟

تقسم الطائفة الدرزية إلى أربعة أقسام مرتبين من الأعلى إلى الأدنى:[١١]

  • المجرِّبون: وهم الذين يكونون مستعدين لتقبل أسرار الدين.
  • العقَّال: وهم أدنى من مرتبة المجربين.
  • الأجاويد: وهم أدنى من مرتبة العقَّال ويطلق عليهم اسم المشايخ.
  • الجهَّال: وهم الذين ما زالوا لا يعرفون شيئًا عن أمور الدين.


دور العبادة عند الطائفة الدرزية

كيف يتم ضم الجهال إلى طبقة العقال؟

ليس هناك دور عبادة خاصَّة بالطائفة الدرزية؛ لأنَّهم في غالب الأمر لا يتمسكون بدينهم أمام الآخرين؛ فيظهرون النصرانية مع النصارى والإسلام مع المسلمين، وأمَّا من تفقه منهم في أمور دينه فيُطلق عليهم اسم العقال، ومن لم يعرف بعد شيئًا عن أصول الدين يطلق عليهم اسم الجهَّال، ويقيم العقَال في ليلة كل جمعة اجتماعًا بين بعضهم وهي أشبه بالجلسات الدينية ويطلق على تلك الجلسة اسم "الخلوة".[١١]


ويُتلى في مساء يوم الجمعة على العقال من كتبهم المقدسة، ويتم التشاور فيما بينهم عن أمور الدين والطائفة وما تؤول الأمور إليه، ولا يسمح للجهال أبدًا بحضور اجتماعات العُقّال، أمَّا لو حاز أحد من الجهال على ثقة أحد من العقال فإنَّه يضمه إلى العقَّال شريطة أن يتم إخضاعه إلى امتحان صعبٍ وعسير ويهدف ذلك الامتحان إلى كبح شهوات النفس وجماحها.[١١]


الزواج عند الطائفة الدرزية

هل الزواج عند الدروز من أجل المتعة أم النسل؟

لا يصح في العقيدة الدرزية زواج الدرزي من غير الدرزية أو زواج الدرزية من غير الدرزي، ولو حصل ذلك لكان الزواج باطلًا حتمًا، وكذلك فإنَّه لا يصح الجمع بين الزوجات عند الدروز؛ أي إنَّه يحرمُ التعدد عندهم على خلاف المسلمين، ولو حصل ذلك الأمر فالزواج الثاني يكون باطلًا على وجه التأكيد، وهناك طائفة من العقال تعتقد أن الزواج هو لحفظ النسل فقط وليس لقضاء الشهوة، وهذه الفئة تعتقد أنَّه لو صار للرجل أربعة أولاد فقيرًا كان أم غنيًا فإنَّه يجب عليه أن يفارق زوجته إلى آخر الحياة، وذهب بعض الدروز إلى أنّ هذا الاعتقاد لا يمشي عليه اليوم سوى بعض العقال.[١٢]


وكذلك فإنَّه لا يجوز عندهم جماع المرأة أثناء الحمل؛ لأنَّ ذلك من شأنه إفساد الولد، ولو أرادت المرأة الطلاق من زوجها فينظرون في هذه الحال إن كانت هي التي كرهته وهو طيِّب المعشر معها فإنَّه يأخذ منها نصف ما تملكه من كل شيء، ولو أتت بشهود عدول يشهدون عليه أنَّه سيّئ المعاملة معها فإنها تطلق منه دون أن يأخذ منها أي شيء، أمَّا لو أراد هو أن يطلقها دون أن تخطئ بحقه فلها نصف ما يملكه من كل شيء سواء كان أملاكًا أم أثاثًا أو دوابًا أو غير ذلك، ولو طلق الدرزي زوجته فإنَّه لا رجعة بينهم على الإطلاق؛ فليسوا كالمسلمين في ذلك.[١٢]


ويذكر أنَّ طائفة من الدروز تحل الزواج من البنات وذلك أنَّها ابنة الرَّجل وهو أولى بها، وحجتهم في ذلك أنَّ آدم -عليه السلام- قد تزوج من حواء التي قد خُلِقَت من ضلعه، ويقيسون على ذلك، ومن ثم يقولون أليس الرجل إذا زرع فإنه يأكل من زرعه، وبذلك يحل زواج الفتاة من أبيها.[١٣]


وأمَّا عن حكم زواج المسلم بالدرزية أو العكس فلا يجوز وهو محرم شرعًا، وقد ذكر في ذلك شيخ اسلام ابن تيمية: "هؤلاء الدروز كفار باتفاق المسلمين لا يحل

أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم بل ولا يقرون بالجزية؛ فإنهم مرتدُّون عن الإسلام ليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى وإن أظهروا الشهادتين، وهم من القرامطة

الباطنية الذين هم أكفر من اليهود والنصارى ومشركي العرب".[١٤]


أبرز الشخصيات المنتمية إلى الطائفة الدرزية

من أبرز الأسماء الدرزية في الساحة العربية في العصر الحديث:[١٤]

  • سميح قاسم.
  • كمال جنبلاط.
  • وليد جنبلاط.
  • يوسف مشلب.
  • فريد الأطرش.
  • شكيب أرسلان.
  • عزمي بشارة.

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 282. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية، صفحة 351. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية، صفحة 352. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية، صفحة 363. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية، صفحة 365. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية، صفحة 366. بتصرّف.
  7. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية، صفحة 367. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية، صفحة 374. بتصرّف.
  9. غالب بن علي عواجي، كتاب فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها، صفحة 630. بتصرّف.
  10. أنور ياسين، تعليم الدين الدرزي، صفحة 16. بتصرّف.
  11. ^ أ ب ت زيد الفياض، حقيقة الدروز، صفحة 152. بتصرّف.
  12. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام الدرر السنية، صفحة 410. بتصرّف.
  13. زيد الفياض، حقيقة الدروز، صفحة 345. بتصرّف.
  14. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البيان، صفحة 114. بتصرّف.
5852 مشاهدة
للأعلى للسفل
×