الطائفية في الإسلام

كتابة:
الطائفية في الإسلام

الإسلام

الإسلام هو الديانة السماوية التي أنزلها الله تعالى فهو التعبُّد لله سبحانه والإيمان به، والإسلام يشمل ما جاء به الأنبياء السابقون من نوح وموسى وعيسى وإبراهيم، ولكن مع مجيء رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- انتفت جميع الأديان السابقة لأنَّ شريعة محمد شاملة لكلِّ الشرائع فلا يبقى الأقوام على ما جاء به أنبياءهم السابقين وإلا يُصبحون في عداد الكفر، فلا يكون المسلم مسلمًا إلا إذا سلَّم لله تعالى في عقيدته وقوله وعمله، ومع ذلك فقد ظهرت بعض الطوائف الأخرى التي لا بدَّ من ضابطٍ للتعامل معها حتى لا يجور المسلم على غيره باسم الطائفة لذلك لا بدَّ من التفصيل في الطائفية في الإسلام.[١]

الطائفية في الإسلام

بدايةً إنَّ الطوائف تنقسم إلى قسمين الطوائف الإسلامية أي الطوائف التي تكون تحت شعار الإسلام والطوائف غير الإسلامية والتي هي بالأصل لا تؤمن بالإسلام دينًا ثابتًا لذلك فإنَّه لا بدَّ من التفصيل في بعض الطوائف الإسلامية وغير الإسلامية وفي ذلك يتمُّ الحديث عن الطائفية في الإسلام:

الطوائف غير الإسلامية

إنَّ كل ما يؤمن به الإنسان من أفكار وآراء ومبادئ يُطلق عليها اسم العقيدة فالجميع يحمل في داخله عقيدةً يؤمن بها ويُدافع عنها وعلى أساس تلك العقيدة يتمُّ تصنيفه حسب الطوائف، فالشيوعي والبوذي والنصراني واليهودي يمتلك عقيدة خاصة فيه صنَّفته في قائمة تلك الطائفة، وفيما يأتي ذكرٌ لأهمِّ الطوائف غير الإسلامية:[٢]

الصابئة

لقد ورد ذكر الصابئة في العديد من آيات الله تعالى وينقسم الصابئة إلى قسمين فأمّا القسم الأول أو الفرقة الأولى فيُطلق عليهم الصابئة الحرّانية وقيدهم أنَّ الله تعالى هو خالق الكون لكنَّه مع ذلك أمر بتقديس الكواكب، واتخاذها قبلة يُصلى إليها وأمَّا الفرقة الثانية فتُدعى بالمندائيون أو المنديون فمذهبهم هو المزيج من المجوسية والنصرانية واليهودية وكان تركزهم وانتشارهم في بلاد ما بين الرافدين.[٣]

البهرة

البهروة وهم فرقة من فرق الإسماعيليين الذين اعتزلوا أمور السياسة ومشكلاتها والتفتوا إلى التجارة، وأمرهم يعود إلى الإمام المستعلي ومن بعده الأمر ومن ثمَّ يليه ابنه الطيب، ووينقسمون إلى فرقتين البهرة الداوودية والبهرة السليمانية وسبب التسمية لكل منهم هو الإمام الذي يأتمون به، وأمَّا الإمام الطيب الذي يأتمون به فقد دخل ما يُدعى عندهم بالستر وجميع الأئمة المستورون من نسله لا يُعرف عنهم شيئًا ولم يرد عنهم أيّة معلومات.[٤]

الطوائف الإسلامية

وهي الطوائف والفرق التي انقسم إليها المسلمون من بعد موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحتى الآن وقد بلغت عددًا كبيرًا، وينقسمون إلى أهل السنة وهم أهل الحديث والسلفية والمدخلية، والأشاعرة والأشاعرة المفوّضة والأشاعرة المؤولة والأحباش، والماتردية والمرجئة والجهنمية والكرامية، وهناك المعتزلة والصوفية والإباضية والشيعة والدروز والإسماعيلية والخوارج وغيرهم العديد من الطوائف الأخرى التي بشّر بها النبي في حديثه "افترَقتِ اليهودُ على إحدى وسبعينَ فِرقةً وافترَقتِ النَّصارى على اثنتينِ وسبعينَ فِرقةً وتفترقُ أمَّتي على ثلاثٍ وسبعينَ فِرقةً"[٥] وفي ذلك تعدادٌ لبعض الطوائف التي انقسم إليها المسلمون.[٦]

وقد وقف الكثير من العلماء وقفة حقيقية في الحديث عن سلبيات التعامل الطائفيّ ومنهم الألباني رحمه الله في قوله "إنّ الإسلام يحارب هذا التفرّق الذي ينافي التكتل، ولكنّ التكتل ينافي التحزّب أيضاً، لأنّ التحزب يعني التعصّب لطائفة من الطوائف الإسلامية ضدّ الطوائف الأخرى، ولو كانوا على الحق فيما هم سائرون فيه" وقد دعى الألباني إلى تكتل يكون تحت ظل الكتاب والسنة وما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والهدف منه ليس تفريق المسلمين بل تجميعهم تحت راية كتاب الله، فقال: "نحن نريد بالتكتل أن يتعاون المسلمون على فهم الكتاب والسنة و على تطبيقه في حدود استطاعتهم و نريد من هذه الكلمة ما يراد من كلمة الحزبية في العصر الحاضر." وقد أسهب في الحديث عن سلبيات الطائفية التي لا تُعطي الحرية لأفرادها في أفكارهم وآرائهم إذ إنَّ بعضهم يعدّ مجرد الانتماء للحزب إيمان بكل قرارته وتصرفاته بطريقة عمياء دون إعمال الفكر.[٧]

لذلك لا تكون النجاة إلا في الحزب الذي يسير على خطى رسول الله وأصحابه قال تعالى في سورة المائدة: {فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[٨] فكان ذلك رأي العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني في مسألة الطوائف.[٧] وعلى ذلك فإنَّ الطائفية يجب أن تُنفى بين الفرق الإسلامية وذلك لأنَّها تُصبح في هذه الحالة نوعًا من أنواع الفتن والحرب الأهلية إلا في حال ظلم إحدى الطوائف للأخرى فتُقاتل التي تظلم وتبغي حتى تفيء إلى أمر الله، وأمَّا ممن يُقاتلون غيرهم من الفرق الإسلامية متذرعين بأنهم أهل بدعٍ وضلالٍ فإنه لا يصح قتالهم وذلك لأن للمسلم على الآخر حقّ الولاء المطلق إلا إن أخلَّ بشيء من عقيدة أهل السنة والجماعة فإنَّه يُتبرَّأ منه بما أخل به ولا يُتبرَّأ منه على جميع الأوجه إلا في حال خروجه من الملة الإسلامية، وأمَّا قتال غير المسلمين من اليهود أو النَّصارى فهذا مما لا يكون طائفية بل هو الجهاد لأنَّ ديدن الكفار محاولة محو الدين الإسلامي والشريعة الحقة تحت شعارات بات المسلمون يستسيغونها ولكن جهادهم يكون وفق قوانين الحرب عليهم كما هي قوانين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا يؤذى شيخ ولا امرأة ولا عجوز ولا يُقطع شجر ولا يُحرق زرع حتى يفيئوا إلى أمر الله وقد ورد أنه: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا بعثَ سَرِيَّةً قالَ لهم لا تقتلوا وليدًا ولا امرأةً"[٩] وفي ذلك تفصيلٌ لموضوع الطائفية في الإسلام والله في ذلك هو الأعلى والأعلم.[١٠]

الطوائف في المدينة المنورة

إنَّ فكرة الطائفية وتعدد الطوائف والأحزاب ليست وليدة العصر الحديث فمن العصر الإسلامي وعند بدء خطوات بناء الدولة الإسلامية على يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أمامه العديد من الطوائف للتعامل معهم فكانت طائفة المسلمين في مكة وهم المستصعفين الذين لم يخرجوا إلى المدينة بل بقوا فيها كاتمين إسلامهم مدة ثمان سنوات وطائفة المسلمين في المدينة المنورة وهم قبيلتا الأوس والخزرج والمهاجرين الجدد والطوائف حول المدينة من الأعراب وطائفة مشركي مكة وطائفة اليهود، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- على حكمةٍ ووعيٍ كبيرين في التَّعامل معهم جميعًا لأنَّ قوة الدولة تُبنى عند إتقان التعامل السياسي مع أفرادها ومن حولها، لذلك فإنَّ أول تعامل كان مع مسلمي مكة بأن أمرهم بكتم إسلامهم وأن يبقوا بين مشركي قريش وأما مسلمي المدينة فقد قرَّب بين الأوس والخزرج تمهيدًا لعملية المؤاخاة الكبرى بين المهاجرين والأنصار لأن حكمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أدركت أنَّ بناء الدولة القوية تبدأ من بناء مجتمعها.

وأمَّا القبائل التي كانت حول المدينة فقد كان يبعث إليهم ببعض الصحابة ليعلموهم شؤون دينهم ويدعونهم للإسلام دون أن يتركوا ديارهم ويأتوا للمدينة، وقد كان عليه الصلاة والسلام يُري الأعراب منه قوة وذلك حتى لا يظنوهم لقمةً سائغة ضعافًا لا حول لهم ولا قوة، وأمَّا طائفة المشركين في مكة المكرمة فلم يكن للنبي معهم سوى خيار القتال لأنَّ حلمهم الأول هو القضاء على النبي ودعوته ومحاولتهم غزو المدينة وتشريدهم لذلك فإن المشركين في أي أرضٍ وأيِّ زمانٍ ومكان لم تتبدَّل أحلامهم في محاولاتهم لاستئصال الإسلام، وفي ذلك توضيحٌ لكيفية تعامل النبي مع العديد من الطوائف على اختلافها.[١١]

المراجع

  1. "ما تعريف الإسلام وما الفرق بينه وبين الإيمان؟ "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-01-2020. بتصرّف.
  2. ناصر بن عبد الكريم العقل (1412 هجري)، مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة وموقف الحركات السلمية المعاصرة منها (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الوطن للنشر، صفحة 10-11، جزء الأول. بتصرّف.
  3. "فرق الصابئة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 04-02-2020. بتصرّف.
  4. "من هم البهرة والإسماعيلية ؟ "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 04-02-2020. بتصرّف.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6247، أخرجه في صحيحه.
  6. "طوائف إسلامية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-01-2020. بتصرّف.
  7. ^ أ ب "التعصب للأحزاب و الطوائف سلبياته ، أسبابه ، سبل علاجه كما يراها المحدث / محمد ناصر الدين الألباني "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-01-2020. بتصرّف.
  8. سورة المائدة، آية: 56.
  9. رواه الطحاوي، في شرح معاني الآثار، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي ، الصفحة أو الرقم: 3/221، حديث صحيح.
  10. "الطائفية في ميزان الإسلام "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-01-2020. بتصرّف.
  11. "سلسلة السيرة النبوية مجتمع المدينة - (للشيخ: راغب السرجاني)"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-01-2020. بتصرّف.
5217 مشاهدة
للأعلى للسفل
×