محتويات
الطبيعة في شعر نازك الملائكة
تميزت الشاعرة العراقية الناقدة نازك الملائكة باستخدامها عناصر الطبيعة في قصائدها لتمزجها مع مشاعر الحزن والحب والشوق،[١] وفيما يلي مجموعة من أشهر القصائد التي استخدمت فيها نازك الملائكة عناصر الطبيعة في الشعر:
قصيدة: في أحضان الطبيعة
تقول الشاعرة في الأبيات:[٢]
أيها الشاعرون يا عاشقي النبـ
- ـل وروح الخيال والأنغام
ابعدوا ابعدوا عن الحبّ وانجو
- بأغانيكم من الآثام
اهربوا لا تدّنسوا عالم الفنّ
- بهذي العواطف الآدميّه
احفظوا للفنون معبدها السا
- مي وغنوا أنغامها القدسيّه
قد نعمتم من الحياة بأحلى
- ما عليها وفزتم بجناها
يعمه الآخرون في ليلها الدا
- جي وأنتم تحيون تحت سناها
اقنعوا باكتآبكم واعشقوا الفنّ
- وعيشوا في عزلة الأنبياء
وغدا تهتف العصور بذكرا
- كم وتحيون في رحاب السماء
اقنعوا من حياتكم بهوى الفنّ
- وسحر الطبيعة المعبود
واحلموا بالطيور في ظلل الأغـ
- ـصان بين التحليق والتغريد
اعشقوا الثلج في سفوح جبال الـ
- أرض والورد في سفوح التلال
وأصيخوا لصوت قمريّة الحقـ
- ـل تغني في داجيات الليالي
اجلسوا في ظلال صفصافة الوا
- دي وأصغوا إلى خرير الماء
واستمدّوا من نغمة المطر السا
- قط أحلى الإلهام والإيحاء
وتغّنوا مع الرعاة إذا مرّ
- وا على الكوخ بالقطيع الجميل
وأحبوا النخيل والقمح والزهـ
- ـر وهيموا في فاتنات الحقول
شجرات الصفصاف أجمل ظلاّ
- من ظلال القصور والشرفات
وغناء الرعاة أطهر لحنا
- من ضجيج الأبواق والعجلات
وعبير النارنج أحلى وأندى
- من غبار المدينة المتراكم
وصفاء الحقول أوقع في النفـ
- ـس من القتل والأذى والمآثم
وغرام الفراش بالزهر أسمى
- من صبابات عاشق بشريّ
ونسيم القرى المغازل أوفى
- لعهود الهوى من الآدميّ
وحياة الراعي الخياليّ أهنأ
- من حياة الغنيّ بين القصور
في سفوح التلال حيث القطيع الـ
- ـحلو يرعى على ضفاف الغدير
حيث تثغو الأغنام في عطفة المر
- ج وتلهو في شاسعات المجالي
وينام الراعي المغرّد تحت السّـ
- ـرو مستسلما لأيدي الخيال
في يديه الناي الطروب يناجيـ
- ـه ويشدو على خطى الأغنام
مستمدّا من همس ساقية السفـ
- ـح لحون الشباب والأحلام
آه لو عشت في الجبال البعيدا
- ت أسوق الأغنام كل صباح
وأغنّي الصفصاف والسرو أنغا
- مي وأصغي إلى صفير الرياح
أعشق الكرم والعرائش والنبـ
- ـع وأحيا عمري حياة إله
كلّ يوم أمضي إلى ضّفة الوا
- دي وأرنو إلى صفاء المياه
أصدقائي الثلوج والزهر والأغـ
- نام, والعود مؤنسي ونجيّي
ومعي في الجبال ديوان شعر
- عبقريّ لشاعر عبقريٍّ
أتغّنى حينا فتصغي إلى لحـ
- ـني مياه الوادي ومرتفعاته
وأناجي الكتاب حينا وقربي
- هدهدٌ شاعرٌ صفت نغماته
وخرير من جدول معشب الضفّـ
- ـة يجري إلى حفاف الوادي
وثغاء عذب من الغنم النشـ
- ـوى وهمسٌ من النسيم الشادي
آه لو كان لي هنالك كوخ
- شاعريٌّ بين المروج الحزينة.
قصيدة: في الريف
تقول الشاعرة في الأبيات:[٣]
عند هذي الأكواخ شاعرتي ألـ
- ـقي المراسي تحت الفضاء الصاحي
أنظري أيّ عالم فاتن المجـ
- ـلى بعيد عن ضجّة الأتراح
أنظري عّلنا بلغنا أخيرا
- ذلك الشاطىء الذي نتمّنى
بعد ليل من المسير طويل
- ضاع فيه عمري كلالا وحزنا
أنظري أنظري هنا العشب الأخـ
- ـضر نشوان في سفوح الجبال
عند نبع من قنّة الجبل الأبـ
- ـيض يجري تحت السّنا والظلال
الصباح الجميل قد توّج الود
- يان بالضوء والجمال البهيج
ما أحبّ الحياة في هذه الجنّـ
- ـة تحت الضياء بين المروج
ما أحبّ الصفاء يحتضن الأشـ
- ـجار والواد النضير الخصيبا
ما أرقّ الأزهار في مهدها الور
- ديّ ما أعطر الربى والسهوبا
كلّ شيء في هذه الجّنة الحلـ
- ـوة يوحي بأننا قد وصلنا
ها هنا شاطىء السعادة هذا
- حلم قلبي فما ألذّ وأهنا
فلنطف بالعرائش الخضر فلنغـ
- ـنم صفاء الحياة بعد أساها
فلتجفّ الدموع فليمض أمس
- مرّ بالقلب باكيا أوّاها
ولنعش للصفاء يفتن دنيا
- نا غناء الرعاة عند الجبال
ونشيد تديره شفتا طفـ
- ـل يغّني على تلول الرمال
وقطيع الأغنام في المرج تحت الظـ
- ـلّ والفجر والندى والنسيم
وليالي الحصاد والقمر السحر
- يّ والطيف والصدى والغيوم
فلنُقَضِّ الحياة في هذه الجنـ
- ـة ناسين حادثات الحياة
ها هنا فتنة الطبيعة تنجي الـ
- ـكائن الحيّ من خيال الممات
ها هنا أستطيع أن أفهم السرّ
- ففيم الأسى وفيم البكاء؟
قصيدة: كآبة الفصول الأربعة
تقول الشاعرة في الأبيات:[٤]
نحن نحيا في عالم كله دمـ
- ـع وعمر يفيض يأسا وحزنا
تتشفّى عناصر الزمن القا
- سي بآهاتنا وتسخر منا
في غموض الحياة نسرب كالأشـ
- ـباح بين البكاء والآهات
كلّ يوم طفل جديد وميت
- ودموع تبكي على المآساة
ثم ماذا ؟ في أيّ عالمنا المحـ
- ـزن نلقى العزاء عمّا نقاسي؟
عند وجه الطبيعة الجهم أم عنـ
- ـد فؤاد الزمان وهو القاسي
قد عبرنا نهر الحياة حيارى
- في ظلام الفصول والسنوات
وثبتنا على أسانا خريفا
- وربيعا فما جمال الحياة ؟
طالما مرّ بي الخريف فأصغيـ
- ـت لصوت القمريّة المحزون
وأنا في سكون غرفتي الدجـ
- ـياء أرنو إلى وجوم الغصون
طالما في الخريف سرت إلى الحقـ
- ـل وأمعنت في وجومي وحزني
كيف لا والكآبة المرّة الخر
- ساء قد رفرفت على كل غصن
والحمام الجميل قد هجر الأعـ
- ـشاش سأمان من وجوم السهوب
وطيور الكنار آثرت الهجـ
- ـرة والعيش في حقول الجنوب
وغصون الشجار مصفرّة الأو
- راق والزهر ذابل مكفهرّ
ورياح الخريف تعبث بالأو
- راق والسحب في الفضاء تمرّ
طالما سرت في المساء وفي سمـ
- ـعي صوت الأوراق تحت خطايا
كلما سرت خطوة أنّت الأو
- راق فاستجمعت بعيد أسايا
أرمق الحقل والجداول قد جفـ
- ـت ولون الفضاء أسود غائم
وأحسّ البوم الكئيب يغنّي
- من بعيد بين النخيل الواجم
وأرى النهر من بعيد كسرّ
- غلّفته أيدي الخريف الكئيب
لا رعاة على شواطئه يز
- جون أغنامهم قبيل الغروب
لا اخضرار يغري الحزانى بأن يسـ
- ـعوا إليه ولا صفاء جميل
ليس إلا رطوبة الأرض والوحـ
- ـشة والصمت والربى والنخيل
فإذا رعشة تضمُّ فؤادي
- وإذا الروح ضائق بأساه
المراجع
- ↑ "نازك الملائكة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022. بتصرّف.
- ↑ "في أحضان الطبيعة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022.
- ↑ "في الريف"، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022.
- ↑ "كآبة الفصول الأربعة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022.