العبر المستفادة من صلح الحديبية

ضرورة طاعة ولي الأمر العادل

ويكون ذلك لأن ولاة الأمر والقادة عادة ما يتخذون قرارات تخفى إيجابيتها ومحاسنها عن الرعية، ويكون ذلك لشمول الرؤية وكمالها عند ولي الأمر، بالإضافة إلى المفاسد التي يحاول ولي الأمر تجنّبها قدر إمكانه، فيحاول أن يجمع ما بين الواقعيّة والمطلوب،^[١] ويمكن تمثيل هذا بانقياد وانصياع الصحابة لما قرره رسول الله صلى الله عليه وسلّم عندما وقع على صلح الحديبية ووافق على بنودها، فكان راجيًا المكاسب للإسلام والمسلمين من وراء هذا الصلح،^[٢] وأمرهم بالرجوع إلى المدينة المنورة والعودة في العام القادم لتأدية مناسك العمرة.^[٣]

ويمكنك التعرّف على مجريات أحداث صلح الحديبية وذلك بالاطلاع على هذا المقال: قصة صلح الحديبية بالتفصيل

أهمية دور المرأة في المجتمع

يظهر هذا جليّا عندما طلب رسول لله -صلى الله عليه وسلم- من الصحابة بأن يتحللوا من الاحرام، ولكنهم تكاسلوا في ذلك، فقام بالدخول -عليه السلام- لخيمته برفقة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، فقصّ عليها ما حدث معه، فأشارت عليه بحكمتها بأن يخرج إليهم ويبدأ هو في التحلل من الإحرام، وما إن طبّق ما قالته، حتى أدرك الصحابة بأنّه لا مفر من التحلل من الإحرام، وبهذا يظهر جليًّا احترام رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجاته من خلال مشاورتهم في الأمور العظيمة والمهمة، وفي ذلك تجلي لدور المرأة في الإسلام، فكان أثر ما أشارت به أن تيسرت أمور العودة إلى المدينة المنورة.^[٣]

وللتعرّف إلى بنود معاهدة صلح الحديبية يمكنك الاطلاع على هذا المقال: شروط صلح الحديبية

الخير يكمن في ما يظنّه المسلم شرّا

ويظهر هذا الأمر في رد فعل الصحابة من البنود الّتي وضعها المشركون، وحتى في الآلية الّتي تمّت بها كتابة بنود الاتفاقيّة، فكانوا يرونها في صف المشركين، سوى البند الّذي ينص على دخول من أراد من القبائل في حلف المسلمين، وبناءًا على البنود وتأجيل تأدية أداء مناسك العمرة، قاموا بالتباطؤ في التحلل من الإحرام،^[٣] ومحاولة رسول الله-عليه الصلاة والسلام- التخفيف عنهم بأنّه قد أوحي إليه من الله تعالى، ولن يضيّعه الله، إلا أنّ الصحابة لم يروا الأمر في تلك الظروف.^[٤]

لكن بعدما عرفوا الخير العظيم المترتب على بنود الاتفاقيّة أدركوا -ويدرك المسلم- أنّ ما عليهم إلا الرضى بأوامر الله والاطمئنان لها، فالخير موجود، وربما آت، حتى وإن لم يراه المسلم.^[٤]

الاستغناء عن الشكليّات في سبيل تحقيق مكاسب مرجوّة

ويظهر هذا جليًّا عندما وافق رسول الله على عدم إتباع اسمه بأنه رسول من عند الله، والاكتفاء بأنّه محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- بالإضافة إلى الاقتصار على "باسمك اللهم" عوضًا عن "بسم الله الرحمن الرحيم" كما طلب مبعوث قريش سهيل بن عمرو، وكانت موافقته صلّى الله عليه وسلّم لرغبته بإتمام الصلح مع قريش وعدم السماح لشكليّات لا تؤثر في نبوّته بأن تكون حائلًا دون توقيع الاتفاقيّة.^[٥]

هل صلح الحديبية كان لها دور في فتح مكة؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: صلح الحديبية وفتح مكة

الحزم عند خرق الطرف الآخر الأعراف مسلّم بها

ويظهر هذا عندما أشيع أن عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- قتلته قريش، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا أن بايع المسلمين على مقاتلة قريش لمعاقبتهم على قتل مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهذا الأمر مخالف للأعراف المسلّم بها عند جميع الملل والأديان، وسميّت البيعة حينها ببيعة الرضوان، ونزلت في هذه البيعة آية قرآنية، وهي: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}.^[٦][٧]

ما سبب صلح الحديبية؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: ما هو صلح الحديبية

المراجع

1. ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 12. بتصرّف.
2. ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 1. بتصرّف.
3. ^ ^{أ ب ت} راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 4. بتصرّف.
4. ^ ^{أ ب} راغب السرجاني، كتاب السيرة النبوية، صفحة 11. بتصرّف.
5. ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 10. بتصرّف.
6. ↑ سورة الفتح، آية:18
7. ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 2. بتصرّف.