العلاقة بين الفلسفة والدين

كتابة:
العلاقة بين الفلسفة والدين

التوفيق بين الفلسفة والدين عند فلاسفة الإسلام

إنّ الحقيقة هي إحدى أكبر سؤالات الفلسفة، حيث كان السؤال عن الحقيقة من أوائل الأسئلة التي طرحها الفلاسفة, وقد سعى الدين أيضًا لأن يصل بالإنسان إلى الحقيقة، فمن أوجه التشابه بين الفلسفة والدين هو السعي للحقيقة، وإذا كان هذا التقاطع حاصلًا بين كلٍّ منهما، فهل تتعارض الفلسفة مع الدين؟ هذا السؤال كان مطروحًا عند الفلاسفة وكان سببًا في انقسامهم إلى مذاهب فلسفية متفرّقة.[١]، أوّلها مذهب يؤكد أن الفلسفة والشريعة كالأختين، ومن المستحيل أن يهبنا الله عقولًا ثم يبعث لنا شرائع مخالفة لها[٢], فالاختلاف ظاهريّ يكون فقط في طريق الوصول إلى الحقيقة وليس في الحقيقة نفسها. أما المذهب الثاني فيرى أن كليهما كالخطين المتوازيين يستحيل أن يلتقيا فكان محور بحثهم حول صراع الفلسفة والدين.[٣]

الفلسفة والدين عند ابن سينا

إن الله هو "واجب الوجود"، وتلك قيمة عليا في فلسفة ابن سينا، حيث يؤكد بهذه العبارة أنّ واجب الوجود واحد لا شريك له[٤] لكن كيف صدر العالم عنه؟ يرى ابن سينا أن الله الواحد الأول واجب الوجود لا يصدر عنه إلا واحد.[٥] وهذا العقل الأول نتيجة تعقل الواحد لذاته ومشاهدته لها, وهو العقل الذي يتفكر ذاته أيضًا ويتعقلها والكثرة تبدأ من هذا العقل.


فبتعقله لعلته يصدر عنه عقل ثالث وهو عقل يدبر الفلك الأقصى، وبتعقله لذاته تصدر عنه النفس، وهكذا استمرّت عملية الصدور, وينبغي التأكيد على أن هذه العقول ممكنة الوجود؛ ذلك لأن الواحد الله وحده واجب الوجود وعن كل عقل يصدر عقل آخر ونفس وجسم, وبهذا يقدم لنا ابن سينا إجابة  فلسفية عن سؤال كيف يمكن أن يصدر هذا العالم من الله وعلاقة الإسلام بالفلسفة.[٦]

الفلسفة والدين عند ابن رشد

ما علاقه الفلسفة بالدين عند ابن رشد؟

يرى ابن رشد أنّه لا خلافَ جوهريّ بين الفلسفة والدّين، وإذا وُجد الاختلاف بين النص الديني والعقل فعلى الخاصة من الناس -ويقصد بهم أولو العلم- أن يقوموا بتأويل عقلي للنص الديني وفقًا لما يمليه عليهم العقل، وبذلك يكون التأويل فعلًا مقتصرًا على فئة محددة من الناس[٧]؛ وذلك لأن المؤول ينبغي أن يكون على معرفة كبيرة وخبرة وعقل متقد, فللعقل أولوية على ظاهر النص الديني.[٨]


وأبرز مثال على الجمع بين الفلسفة والدين عن ابن رشد أنه حاول أن يبرز مكانة العقل في الدين الإسلامي وبحث عن فضيلة التفكر, أو ما يسمى بالتأمل العقلي فتوصل إلى أن الشريعة الإسلامية لا تعارض الفلسفة، إنما تحثّ بشكل كبير على التفكير, الجدير بالذّكر أنّ ابن رشد نفسه كان يعمل قاضيًا للقضاة ومفتيًا، وبالوقت نفسه كان فيلسوفًا، كما أنه تمكن من ترجمه كتب أرسطو عن اليونانية وبهذا يتضح لنا مدى مركزية العقل في الخطاب الرشدي.[٨]


وللجانب اللغوي عند الفلاسفة المسلمين أهمية كبرى, فابن رشد قام بترجمة المصطلحات الفلسفية عن اليونانية, ونحتها بشكل يتماشى مع مصلحات اللغة العربية دون أن يخل بالمعنى الذي وضعه الفلاسفة اليونان, وكان من أوائل من وضعوا أساسات لعلم المنطق باللغة العربية.[٨]

الفلسفة والدين عند الكندي

 ما موقف الكندي من فكرة خلق العالم؟

يؤكد الكندي أن العالم مخلوق، والله هو الذي يؤثّر في العالم, وليس العكس، حيث إنّ المعلول لا يؤثر في العلة التي هي أرقى منه بمرتبة الوجود لكن ما معنى الخلق؟ إنه الوجود من العدم، أي أن الله "يخرج الأيس من الليس"، والأيس: مصطلح فلسفي قديم يعني الوجود، والليس: يعني العدم، وبهذا يقرّ بألوهية الله وأنه العلة الأولى، والفلسفة تبحث لتصل إلى العلة الأولى أي الله وعلم العلة الأولى -ويقصد به الفلسفة- شريف جدًا, والكندي رأى أن الفلسفة أشرف من علم المعلول, ويقصد بعلم المعلول باقي العلوم عدا الفلسفة, وبهذا ظهرت لنا محاوله الكندي في التوفيق بين الفلسفة والدين.[٩]

الفلسفة والدين عند الرازي

هل ثمّة جانب إلحادي في فلسفه الرّازي؟

يقول الرازي إنّ الباري -عزّ اسمُه- ما أعطانا العقلَ وخصّنا به لننال المنافع العاجلة والآجلة، وأنه من أعظم نعم الله، فبالعقل في الجنة على الحيوانات غير الناطق وبالعقل أدركنا جميعًا ما يرفعنا ويحسن يطيب به عيشنا ونصل به إلى بغيتنا ومرادنا, أما فيما يخص الجانب الإلحادي في فلسفة الرازي فذكرت لنا المصادر أنها تتمثل في قضية إنكار النبوة، فالرازي لا يؤمن بالنبوة وكان نقده لها يقوم على أساس اعتبارات عقلية، وما دام العقل وحده قادرًا على معرفة الخير والشر فلا يرى الرازي أن للأنبياء وظيفة.[١٠]


وفيما يخص نقده للأديان في هذا الطرح, فإن الرازي أنكر الأديان بسبب ما يراه فيها من محالات وتناقضات، سواء بين رجال الدين أم بين الأديان نفسها، علمًا بأن هذا النقد لا يوجهه فقط الى الأديان التوحيدية وإنما الى كافه الأديان غير التوحيدية والتوحيدية، ويتساءل الرازي عن السبب الذي يجعل العوام يتمسك بالأديان يشيب أن التقليد وتوارث الدين بين الأجيال هو السبب الرئيس، والسبب الآخر هو السلطة وتعلق رجال الدين السلطان واتحاد السلطة المدنية بالسلطة الدينية.[١١]

الفلسفة والدين عند الغزالي

هل كفّر الغزالي حقًّا غيره من الفلاسفة؟

الغزالي متكلّم، متصوف وفقيه, كتب تهافت الفلاسفة وهو من أهم الكتب الثقافية، قام بتقديم أهم القضايا الفلسفية التي يعتقد فيه الغزالي أن الفلاسفة -تحديدًا الفارابي وابن سينا- أساؤوا للدين في فلسفتهم، فما هي هذه المسائل التي قام الغزالي بتكفيرهم لأجلها؟[١٢] إنها إنكار علم الله الجزئيات، إنكار البعث في الأجساد أي أن ما يبعث هو النفس فقط فمسألة النعيم والعذاب في الآخرة مرتبطتان بالنفس وليس بالجسد, وقِدَم العالم، ويُبطل الغزالي قولهم في هذه الأمور، فهل كان هناك توفيق بين الفلسفة والدين عند الغزالي؟[١٣]


من الصعب القول بأن الغزالي وّفّق بينهما؛ لأن تاريخ الفلسفة الغربية والإسلامية يختلف بعد كتاب تهافت الفلاسفة, لكن هل توقف تاريخ الفلسفة بعد هذا الكتاب؟ في الواقع لا، لأن ابن رشد قام بالرد عليه من خلال كتابه تهافت التهافت، حيث أكّد فيه أن كلًّا من الغزال الفارابي وابن سينا أساؤوا فهم الفلسفة اليونانية تحديدًا, مما جعلهم يتمادون في أدلجة الفلسفة فأدى هذا إلى تكفيرهم, وكذلك قام ابن رشد بالرد على مزاعم الغزالي عندما حاول نسف تاريخ الفلسفة [١٤].

الفلسفة والدين عند ابن طفيل

هل يستطيع الفرد أن يصل إلى قمة الهرم في النظر الفلسفي دون معونة؟

يقرّ ابن طفيل بهذا الأمر من خلال قصته الشهيرة حي بن يقظان، النزعة العقلية والبحث يصل من خلالها الى حقيقه وجود الله, فحي عاش في جزيرة بين الحيوانات, وكان هناك ظبية ترضعه فماتت وعندها بدأ يتساءل: ما حقيقة النفس؟ وما الذي يجعل من الكائن كائنًا حيًّا؟ وما الشيء الذي يجعله يفقد حياته؟ وهل فناء الجسد المادي يعني العدم النهائي؟ وبهذا يصل إلى أن الفساد والاضمحلال من صفات الأجسام، وأما ما ليس بجسم فهو لا يفسد, كما يؤكد ابن طفيل على أن الإنسان يمتلك عقلًا نظريًا يؤهله إلى معرفة الله، والأديان تكون للعوام أما نظر العقل المحض هو لخاصة الناس.[١٥]

الفلسفة والدين عند الفارابي

تأثر الفارابي بنظرية الفيض الأفلوطينية -نسبة إلى أفلوطين-، فما حقيقة هذا التأثر وما علاقته بالدين؟ يجيبنا الفارابي بضرورة التأكيد على أن الله هو الواحد الأوحد المطلق اللامتناهي، وهو غير متصف بأي صفات لا إيجابية ولا سلبية, بل يمكن تقريبه فقط لأنه سامٍ ويسمو على كل شيء ذلك أن في الوصف تحديدًا له وتناهيًا وهو أرقى من ذلك.[١٦]


لكن هل الواحد الأوحد سيظل غارق في وحدته؟ وكيف صدر عن هذا العالم هذا كله؟ نجد إجابة لهذا السؤال في نظرية الفيض، فالواحد يشع عنه نور ينتشر فيفيض دون أن ينقص منه الشيء، ويتعقّل مشاهداته وعندما يشاهدها ينتج عنها الأقنوم الأول وهو العقل، لكنه أقل من الواحد كمالًا ويقبل الكثرة، وهو يمثل عالم الصور والمقولات الذي يقابل عالم المحسوسات.[١٧]


وبهذا يقترب الفارابي من فكره عالم المُثُل عند أفلاطون، وتستمر سلسلة الفيوض -وهو مصطلح فلسفي يعني أن العالم وجد عن طريق عمليات فيض متتالية ابتداءً من الواحد وحتى الوصول إلى العقل العاشر-, فيصل إلى العالم المادي وهو عالم الكثرة, وبهذا يكون الفاربي يقدم إجابة لإشكالية كيف للكثرة أن تخرج من الواحد؟ وكيف للمادة أن تخرج من الكائن المطلق؟ بالتالي فإن المفهوم الأصح هو مفهوم الصدور أو الفيض وليس مفهوم الخلق, بالنسبة إلى علاقة الفلسفة والدين عند الفارابي.[١٨]

الفلسفة والدين عند ابن مسرة

لماذا اعتزل ابن مسرة في جبل في قرطبة؟ وهل كانت آراؤه جريئة حول الأديان؟

يقال إنّ ابن مسرة نادى بفكره وحده الوجود، ما معنى ذلك؟ أي أن الوجود كمادة وككائن مطلق واحد, وهي فكرة صوفية إلى حد ما نادى بها ابن عربي والحلاج وأيضًا موجودة بالفلسفة الحديثة عند سبينوزا بحيث يرى أن الله والعالم واحد والله والطبيعة وجهان لعملة واحدة.[١٩]


وقد نُسب إليه أنه نادى بأنّ نعيم الجنة والنار يرتبطان بالنّفس, ولا يرتبطان بالجسد, ونظرًا لشح المراجع واختفاء جزء كبير من كتابات ابن مسرة وضعف الترجمة إلى العربية، إلا أنه ما بين كونه متصوفًا أو زنديقًا لا يمكن أن ننكر أنه شكل حركه فلسفية، وكان له اتباع ومريدون، ونظرًا للظروف السياسية كان عليه كتمان أفكاره والعمل في الخفاء لفترة طويلة من الزمن.[٢٠]

الفلسفة والدين عند الفلاسفة الغرب

كما كانت القضية المركزية عند الفلاسفة العرب والمسلمين الدين كانت كذلك عند الفلاسفة الغرب, سواء في فترة العصور الوسطى وحتى في العصور الحديثة، فإنه يظل قضية مهمة ورائدة في العمل الفلسفي رغم اختلاف كل من فلاسفة العصور الوسطى والعصور الحديثة، ففي العصور الوسطى كانت الكنيسة هي المسيطرة.[٢١]


وقد ظهرت لنا محاولات كبيرة وجهود جبارة لفلاسفة مسيحيّين هم في الحقيقة رهبان أو رجال دين، مثل القديس أوغسطين صاحب كتاب مدينه الله, فكانت محاولات أوغسطين تقترب من فلسفة أفلاطون، ففكرة المدينة السماوية  عنده تتقارب من عالم المثل عند أفلاطون، ثم قدم القديس أنسلم وتوما الأكويني بحوثًا فلسفية دينية للإجابة عن سؤال الوجود، وسَعَيا لِأن يوظّفا الفلسفة فقط لخدمة الدين، وما عدا ذلك رَفَضاه فوضَعَا براهينَ فلسفيّة على وجود الله.[٢٢]


وكان لترجمات ابن رشد لكتب أرسطو دور كبير في المساهمة في نهضة أوروبا وتراجعها عن العديد من الأطروحات التي تخص مجال الدين فاستفادوا من مركزية العقل في الخطاب الرشدي وأن العقل لا يضادّ الدين، بالتالي لا خوف من دراسة الفلسفة فالتعارض شكلي فقط.[٢٢]

الفلسفة والدين عند هيجل

كان مفهوم المطلق ركن الأساس في فلسفه هيجل فما الذي يجعله مرتبطًا بالدين؟

إن هيجل يؤكد على أن فلسفته هي أعلى مراحل النضج الفلسفي, وذلك لكون المطلق يتحقق في التاريخ أي عندما يلتحم بالطبيعة، وفي الفلسفة المثالية كلمه مثالية تعني أسبقية الفكر والوعي على العالم المادي, إذ إن هناك روحًا مطلقة سابقة على الوجود المادي وهي علته وما الطبيعة إلا تجلٍّ للروح المطلق فما نتيجة ذلك؟[٢٣]


نتيجة ذلك تطوير نموذج سبينوزا الذي يقر بأن الله والطبيعة وجهان لعملة واحدة, النّوسْ أو بتعبير أعمق الروح هي علة العالم, فهنالك نوع من محايثة الروح المطلقة للطبيعة، أو بعبارة أخرى: محايثة الطبيعة المطبّعة للطبيعة المنطبعة.[٢٤] ومسيرة الحضارة تكون كمسيرة الشمس بدأت من الشرق مع الأديان الشرقية الهندوسية والزرادشتية والفرعونية وغيرها, حيث كان هنالك حر واحد وهو الملك أو القائد مقابل الشعب مستعبد وثم مرورًا بالحضارة اليونانية والرومانية التي انقسم فيها المجتمع إلى نصف عبيد ونصف أحرار حتى يصل بنا هيجل إلى عصر الحداثة في أوروبا ليصبح الكل حر وهي أوج الفلسفة ونهاية التاريخ.[٢٥]


ويقول د.محمد الشيخ في كتابه فلسفة الحداثة في فكر هيجل: الإله روح يتطابق مع روح الحرية الروحية العالمة بالله حق العلم, إن التمثل الذي يحمله الانسان عن الله يطابق الصورة التي يرسمها لنفسه وحريته, ولهذا أولى هيجل عناية خاصة للدين في الفينومينولوجيا بل في نظيمته الفلسفية بأكملها, لكن الدين كما فهمه هو أي من حيث هو المجال الذي يعبر فيه عن وجود الإنسان التعبير الأكثر حميمية.[٢٦]


وعنده أن هذا الدين -أو لِنَقُل الوعي الديني- إنما يمر بثلاث لحظات: في اللحظة الأولى كنا أمام الديانة من حيث هي الصورة مباشرة ومن, ثم طبيعية وفيها تعرفت الروح إلى ذاتها من حيث موضوع في صورة طبيعية أو مباشرة، وفي اللحظة الثانية، ديانة الجمال أو الصنعة كانت إزاء ديانة تعرفت فيها الروح إلى ذاتها في صورة الطبيعة الملغاة أو ذات ذات الفنان من حيث هي ذات متناهية عدمت عمق اللحظة الأولى.[٢٧]


وفي اللحظة الثالثة، لحظة ديانة التجلي تم الجمع بين العمق (اللحظة الأولى) والذاتية (اللحظة الثانية) بتجسد الشأن الإلهي في الشأن البشري هذا مع سابق العلم أن الديانة الأولى ديانات الشرقيين الصينيين والفرس والفراعنة وأن الديانة الثانية ديانة اليونان والرومان وأن الديانة الثالثة ديانة المسيحيين.[٢٨]

الفلسفة والدين عند كانط

ما الذي أحدثه كانط في تاريخ الفلسفة الغربية؟

قام كانط بما يشبه الثورة الكوبرنيكية تحديدًا في ما يخص نظرية المعرفة فإذا كانت الاتجاهات السابقة له هي العقلانيين مثل ديكارت، سبينوزا, ويرون أن العقل هو مصدر المعرفة أما التجريبيين مثل: ديفيد هيوم وجون لوك يرون أن التجربة هي مصدر المعرفة.[٢٩] فقد استطاع كانط أن يصل إلى مفهوم جديد، وهو القضايا التركيبية القبلية أي أنها القضايا التي تضيف لنا معرفة جديدة بنفس الوقت لا تحتاج لتجربة, مثالها الرياضيات 7+5=12, لكن هل من الممكن أن  تشتمل نظرية المعرفة على القضايا الدينية؟ يجيبنا كانط أن القضايا الدينية من المستحيل أن تدخل ضمن نطاق نظرية المعرفة إذا يمكن ان نطلق عليها مفهوم الإيمان فقد يقول الفرد "أنا أؤمن ولكنني لا أعرف".[٣٠]

الفلسفة والدين عندك ديفيد هيوم

يعدّ هيوم واحد من أبرز فلاسفة المذهب التجريبي في العصور الحديثة، وله رأي في الأديان، فقد كتب كتبًا عدة يعرض فيها من زاوية نقدية قراءة في العقيدة الدينية, ونقد هيوم أدلة لصحة الوحي المسيحي وثقافة الكتاب المقدس, وحاول أن يبحث عن أسباب اجتماعية ونفسية وتاريخية للدين، أيْ، ما الذي يجعل الناس تتبنى هذا الدين دون غيره.[٣١]


والأهم من ذلك أن نقده لإثبات وجود الله وكل هذا يعود بشكل رئيس إلى أنه فيلسوف تجريبي يعتقد بأن التجربة هي أساس للمعرفة، وأنه يتمتع بصرامة علمية عالية جدًا, فحاول أن ينقل منهجية العلوم الطبيعية إلى العلوم الإنسانية, ويصل بالعلوم الإنسانية إلى نفس مستوى الصرامة العلمية الموجودة في العلوم الطبيعية وهو المستوى الذي وضعه نيوتن, الذي يقوم على أسس رياضية وفيزيائية لا تخضع إلا إلى المنهج العلمي القائم على التجربة ولا تقبل بالتأمل التجريدي البعيد عن أرض الواقع.[٣٢]

الفلسفة والدين عند جون هيك

يطرح جون هيك الفيلسوف المعاصر علاقة الدين بالفلسفة بشكل مغاير, فيتطرق لمسألة التعددية الدينية في عالمنا ويتساءل عن سببها، إن السبب هو كلمة واحدة هي الحقيقة، بمعنى آخر: إن فكرة الله المتعالي أو الحقيقة الإلهية المتعالية هي بشكل عام أصل من أصول كل الديانات على الرغم من اختلافها، لكن كيف يفسر لنا هيك مسألة التعارض بينها؟ يؤكد هيك على أن التعارض شكلي يختص بكل ثقافة حسب الدين المنتشر فيها، والهدف النهائي هو الوصول الى أعلى درجة من الروحانيات, بذلك تكون التعددية الدينية مجالًا رحبًا وأرضية خصبة تحتم علينا استمرارية البحث فيها، خاصة في فلسفه الدين.[٣٣]


إنّ فلسفة الدين: بحث فلسفي يتعلق بشؤون الدين وضرورته وحقيقته وأهدافه، إلا أن جون هيك حاول تحجيم فكرة الأديان الشمولية واقتصار الحقيقة على ديانة معينة انتشرت بشكل واسع في منطقة جغرافية معينة، فلكلّ بؤرة سيولوجيّة نصيبُها الشعائريّ المدّثر بروح القداسة.[٣٤]

المراجع

  1. ت.ج.دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، صفحة 351. بتصرّف.
  2. مجموعة أكاديميين سوفياتيين (1974)، الموسوعة الفلسفية (الطبعة 1)، بيروت:الطليعة، صفحة 8. بتصرّف.
  3. دوركهايم، الصور الأولية للحياة الدينية، صفحة 55. بتصرّف.
  4. ابن سينا، النجاة، صفحة 269-398. بتصرّف.
  5. ت.ج.دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، صفحة 260. بتصرّف.
  6. ت.ج.دي بور (2018)، تاريخ الفلسفة في الإسلام، صفحة 261. بتصرّف.
  7. ت.ج.دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، صفحة 390. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ت.ج. دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، صفحة 382.
  9. الكندي، رسالة الكندي إلى المعتصم بالله نص أصيل، صفحة 136. بتصرّف.
  10. الرازي، الطب الروحاني، صفحة 7-8. بتصرّف.
  11. عبدالرحمن بدوي، من تاريخ الإلحاد في الإسلام، صفحة 174. بتصرّف.
  12. ت.ج.دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، صفحة 320. بتصرّف.
  13. ت.ج.دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، صفحة 320. بتصرّف.
  14. الغزالي، تهافت الفلاسفة، صفحة 236. بتصرّف.
  15. ابن طفيل، حي بي يقظان، صفحة 66. بتصرّف.
  16. ت.ج.دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، صفحة 219. بتصرّف.
  17. ت..دي بور (2018)، تاريخ الفلسفة في الإسلام، صفحة 220.
  18. يحيى هويدي، دراسات في علم الكلام والفلسفة الإسلامية، صفحة 204. بتصرّف.
  19. برتراند رسل، تاريخ الفلسفة الغربية، صفحة 111، جزء 3. بتصرّف.
  20. كامل عويضة، ابن مسرة محمد بن عبدالله ابن مسرة القربي الفيلسوف الزاهد، صفحة 22. بتصرّف.
  21. برتراند رسل، تاريخ الفلسفة الغربية، صفحة 82، جزء 2. بتصرّف.
  22. ^ أ ب برتراند رسل، تاريخ الفلسفة الغربية، صفحة 82، جزء 2. بتصرّف.
  23. محمد الشيخ، فلسفة الحداثة في فكر هيغل، صفحة 240. بتصرّف.
  24. هنس زند كولر، المثالية الألمانية المجلد الأول، صفحة 147. بتصرّف.
  25. محمد الشيخ، فلسفة الحداثة في فكر هيغل، صفحة 241. بتصرّف.
  26. محم الشيخ، فلسفة الحداثة في فكر هيغل، صفحة 241. بتصرّف.
  27. محمد الشيخ ، فلسفة الحداثة في فكر هيغل، صفحة 241. بتصرّف.
  28. محم الشيخ، فلسفة الحداثة في فكر هيغل، صفحة 241. بتصرّف.
  29. برتراند رسل، تاريخ الفلسفة الغربية، صفحة 274-275. بتصرّف.
  30. بدرالدين مصطفى وغادة إمام، الميتافيزيقا، صفحة 116. بتصرّف.
  31. برتراند رسل، تاريخ الفلسفة الغربية، صفحة 220. بتصرّف.
  32. برتراند رسل، تاريخ الفلسفة الغربية، صفحة 220، جزء 3. بتصرّف.
  33. وجيه قانصو، التعدية الدينية في فليسفة ون هيك، صفحة 11.
  34. غيضان السيد علي، فلسفة الدين، صفحة 9. بتصرّف.
13599 مشاهدة
للأعلى للسفل
×