العلاقة بين شكر الله والقناعة والرضا

كتابة:
العلاقة بين شكر الله والقناعة والرضا

القناعة والرضا

توجد علاقةٌ متينةٌ بين القناعة والرضا، وقد عرَّف بعض أهل اللغة القناعة بالرضا، والقانع بالراضي، ويقال قنع الإنسان إذا رضي، والمؤمن يعلم أنّه إن سَخطَ لَنْ يُرزق بغير ما كُتب له، ويعلم أنّ العزّ في القناعة عما في أيدي الناس، والذلّ في طلب ما في أيديهم، وقدوته في هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي اختار أن يكون رزقه قليلاً في الدنيا؛ لينال الدرجات العالية في الجنّة.[١]

أوجه العلاقة بين شكر الله والقناعة والرضا

القنوع يدرك نعم الله فيشكره

المسلم الذي امتلأ قلبه إيمانًا بالله ورضًا بقضائه، يدرك نعم الله عليه، ومنها نعمة الصحة والإبصار والسمع واللمس والتذوق وغيرها من الحواس، ثم يدرك نعمة الإسلام والأمن والاستقرار، والمأكل والمشرب والزوجة والأقرباء والوالدين وغيرها من النعم، فيعلم أنّ نعم الله عديدةٌ لا تقتصر على المال أو الولد، وهذه النعم إن نقص منها شيءٌ أو ازداد شيءٌ؛ فهو يرى النعم الأخرى فيذكر الله ويشكره ويعبده، وهو راضٍ بما قسم الله.[٢]

الشكر نسيم النعم

من لم يشكر الله على النعم التي أنعمها عليه؛ فإنّ ذلك يستدعي زوالها؛ لأنّ الله -سبحانه وتعالى- علّمنا أنّه بالشكر تدوم النعم وتزيد، قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)،[٣] والمسلم إن وصل إليه بداية الخير والنعم من الله، فقنع ورضي بما آتاه الله وشكر الله؛ فإنّ ذلك أدعى لتمام النعم عليه وزيادتها، وإن سخط وشكى ولم يصبر؛ فإنّه ينفر النعم، فتزول كلّها ويحلّ عليه النقم وغضب الله.[٤]

مفاهيم أساسيَّةٌ في القناعة والشكر

من أهم النقاط التي تساعدنا على فهم العلاقة بين الرضا والشكر ما يأتي:[١]

شارب البحر لا يرتوي

كثيرٌ من الناس لا يرضون بقسمة الله -تعالى- ولا يقنعون بما آتاهم الله، ويتسخّطون على أقدارهم، فلا يرضيهم طعامهم، ولا لباسهم، ولا مراكبهم، ولا مساكنهم، فيريدون الزيادة دائمًا؛ لأنّ أبصارهم تنظر لمن هم فوقهم، ولا تبصر من هم تحتهم، فيستقلّون نعم الله عليهم، ومهما أُوتوا يريدون المزيد، كشارب البحر لا يرتوي، قال تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).[٥]

لا تتحقق السعادة أبدًا للذي يسخط ولا يرضى

الساخط لن يرضى إلّا إن أصبح أكثر الناس مالًا وولدًا ومسكنًا وغير ذلك، وهذا محال، والطريق الوحيد للسعادة هو القناعة والرضا، والراضي عن الله بما قسمه الله له يكون دائم الشكر لله؛ لأنّ من يرى أنّ نعم الله قليلةٌ لن يشكر الله عليها حقّ الشكر.

لا تتنافى القناعة مع الغنى

لا تتنافى القناعة مع الغنى، وإن امتلك الإنسان الملايين، وإنّما المنافي للقناعة أن تدخل هذه الأموال قلبه، وتجعله يتكاسل عن الطاعات ويفرِّط في الواجبات لأجلها، بل ويرتكب المحرمات من الربا والرشوة وغيرها، والقنوع لا يدخل الغش في تجارته، ولا يمنع العمال من حقوقهم ويؤدي ما عليه من حقوقٍ وواجباتٍ، فإن ربح شكر وإن خسر رضي.

المراجع

  1. ^ أ ب تصدر عن المنتدى الإسلامي، مجلة البيان، صفحة 28. بتصرّف.
  2. حسين المهدي، صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال، صفحة 289. بتصرّف.
  3. سورة إبراهيم، آية:7
  4. محمد الأماسي الحنفي، روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار، صفحة 264. بتصرّف.
  5. سورة سبأ، آية:13
4718 مشاهدة
للأعلى للسفل
×