الفرق بين الأدب العالمي والأدب المقارن

كتابة:
الفرق بين الأدب العالمي والأدب المقارن

ما الفرق بين الأدب العالمي والأدب المقارن؟

الأدب العالمي مصطلح يستعمل للدلالة على الآداب التي تعدّت حدود الدّولة المنتجة لها إلى دولٍ أخرى مجاورة، والآداب التي ترجمت إلى اللغات الأخرى ووصلت إلى العالمية، والآداب التي حقّقت شهرةً وانتشارًا واسعين، مثل الأدب الذي كتبه شكسبير وهمنغواي وماركيز وغيرهم.[١]

يدرس الأدب المقارن الآداب المتنوّعة وفقًا لنقاط الالتقاء فيما بينها، فيدرس كلّ أدب بلغته الأم، ويكشف عن العلاقات التي تربط الآداب بعضها بعضًا، وهدف هذه الدّراسات التّاريخية المقارنة هو القضاء على اغترار الشّعوب بأنفسهم واحتقار من سواهم.[١]

الفرق بين الأدب العالمي والأدب المقارن من حيث المفهوم

إنّ الأدب العالمي هو الإبداعات والفنون الأدبيّة الخالدة التي تحمل قضايا إنسانيّة عميقة، والتي تحدّث العالم بأسره عن جمالها وصدقها وصدق تعبيرها وجماله، فالأدب العالمي هو ذلك الأدب الذي خرج عن حدود البلد التي نشأ بها، لأسبابٍ ميّزته عن غيره من الآداب.[١]

بينما الأدب المقارن هو ذلك المنهج الذي يدرس نقاط التلاقي بين الآداب التي تنتمي إلى لغات مختلفة، ويبحث في الصّلات فيما بين هذه الآداب في الماضي والحاضر، ثمّ يرى ما لهذه الصّلات التّاريخية من تأثير وتأثّر، مهما كانت هذه النقاط في التّأثير والتّأثّر، سواء أكانت في الأصل الفني أم بنوعية الموضوعات، أم بصورة البلاد التي تعكسها الآداب.[٢]

الفرق بين الأدب العالمي والأدب المقارن من حيث النشأة

تختلف ظروف نشأة الأدب العالمي والأدب المقارن، وتفصيل ذلك كما يأتي:

نشأة الأدب العالمي

إنّ أوّل من بشّر بظهور أدب عالمي تشترك به كل الأمم هو الكاتب الألماني غوته؛ حيث تشارك فيه جميع الأمم وتشترك فيه آلامها وآمالها، وضّح أنّه ليس هناك أيّة أهميّة للشعر القومي في الوقت الحالي، إنّما الأهميّة الكبرى هي للأدب العالمي، فيرى في الأدب العالمي وسيلة ناجحة للتواصل بين الدّول.[٣]

نصّ كذلك على أنّ النقطة التي تجعل الأدب القومي أدبًا عالميًّا هي امتداده خارج حدوده المحلّية، وتقاطعه الثقافي مع غيره من الآداب، وسعى غوته إلى توحيد الآداب تحت نموذج الأدب الأوروبي، وهكذا فقد ارتبط مصطلح الأدب العالمي وظهوره باسم الكاتب الألماني غوته.[٣]

نشأة الأدب المقارن

أوّل من استعمل لفظة الأدب المقارن هو الفرنسي آبل فيلمان، وبدأت أولى علامات الظّهور للأدب المقارن في أوروبا وفقًا للتسلسل الآتي:[٤]

  • في العصر القديم

كان أوّل تأثيرٍ وتأثّرٍ بين الآداب ظهر عندما تأثّر الأدب الألماني في الأدب الروماني، ففي عام 146 ق. م حصلت هزيمة اليونان أمام روما، وجعلتها تابعة لها في الثّقافة والأدب، ومن هنا بدأ اللاتين يحاكون الرومان ويسيرون على نهجهم.

  • في العصور الوسطى

خضعت الآداب الغربية إلى عاملين احتكمت بهم، فالأول هو العامل الدّيني، انطبعت آدابهم بطابعٍ ديني مسيحي، واستخدم الأدباء اللغة اللاتينية لغة الكنيسة لغةً في آدابهم، أمّا الأمر الثّاني الذي أثّر في الأدب في ذلك العصر فهو الفروسيّة، فقد وحّدت كثير من الآداب الغربية في العصور الوسطى.

  • في عصر النهضة "العصر الحديث"

ظهرت فيه ثلاثة أمور، هي:

    • العصر الكلاسيكي: في القرنين السادس والسابع عشر، اتّجهت الآداب الغربيّة إلى ما كانت عليه اللاتينية واليونانية، فشكّلت الدعوة إلى اتّباع الآداب اليونانية ثورة فكرية للتخلّص من الفكر الديني الذي ساد في العصور الوسطى، وأهم من يمثّل العصر الكلاسيكي "جماعة الثّريا أو البلياد".
    • الحركة الرومانتيكية: تدعو إلى دراسة الآداب الأخرى والإفادة منها في لغاتها الأصليّة وفتح آفاق جديدة للآداب القوميّة، وكان ثمرة هذا الاتّجاه الجديد ظهور الأدب الحديث، وأشهر روّاد هذا الاتّجاه سانت بوف.
    • الحركة العلمية: بدأت تظهر الأبحاث المكتوبة التي تعتمد على النظريات العلمية والدراسات الاستنتاجية التي تخضع لشروط معيّنة؛ للكشف عن أصول الأدب وأفكاره وكل ما يتعلّق به، وكشف نقاط التّأثّر والتّأثير.

الفرق بين الأدب العالمي والأدب المقارن من حيث الرواد

يختلف روّاد الأدب العالمي عن الأدب المقارن، وذلك كما يأتي:

رواد الأدب العالمي

من روّاد الأدب العالمي الذين أغنوا المكتبة العالمية بمؤلفاتهم:[٥]

  • فيرجيل

(70- 91) ق. م بوبليوس فرجيليوس مارو، شاعر البطولة وشاعر القصائد الطّويلة في الأدب الروماني.

  • كونفوشيوس

(479- 551) ق. م شاعر وفيلسوف صيني، أسّس كونفوشيوس مدرسة قوامها الأخلاقيات؛ حيث دعا في أدبه إلى معالي الأخلاق، كان مذهبه يقوم على احترام الفرد لذاته ولمجتمعه وللعادات والتّقاليد التي تحيط به.

  • جيوفاني بوكاشيو

(1313م- 1375م) رائد النثر الحديث في الأدب الإيطالي، كانت كتاباته حول المشكلات الاجتماعية المعاصرة، ولكنّه تناولها بشكل ساخر.

رواد الأدب المقارن

من روّاد الأدب المقارن:[٦]

  • جورج برانديس

درس في جامعة كوبنهاجن وتخصّص في فلسفة الجمال، وكانت له دروسٌ جمعت في كتاب مطبوع.

  • إدوارد رود

كاتب وصحفي فرنسي سويسري، أعطى دروسًا جامعيّة في الأدب المقارن وكان من الروّاد.

  • ماكس كوش

ناقد ومؤرّخ ألماني، أصدر في ألمانيا مجلة الأدب المقارن.

نماذج من الأدب العالمي

من الأمثلة العالمية على الأدب العالمي ما يأتي:

  • قول شكسبير في مسرحية الملك لير:[٧]

"إذا كان سبب خسارتي حبكم هو افتقاري لفن التملق كوني أفعل ما أنويه قبل الإفصاح عنه، فأرجو أن توضحوا للجميع أن سبب حرمانكم لي من رحمتكم لم يكن وصمة أو جريمة تمس شرفي، بل كان افتقادي للأشياء التي من دونها أنا الأغنى".

  • قول غابرييل غارسيا ماركيز في رواية مئة عام من العزلة:[٨]

"لم يكن يهتم بالموت وإنّما بالحياة، ولهذا فإنّ الإحساس الذي راودَه عندما نطقوا بالحكم لم يكن إحساسًا بالخوف وإنّما بالحنين".

  • قول دوستويفسكي في رواية الجريمة والعقاب:[٩]

"هكذا حال النفوس الرومانسية دائمًا، تظلّ حتّى آخر لحظة تزيّن الناس بريش الطاوس، تظلّ حتّى آخر لحظة تفترض الخير لا الشر، ورغم تصورها وجود الشر فإنّها لا يمكن أن تعترف بذلك لنفسها بحال من الأحوال".

دراسات في الأدب المقارن

من الدراسات المهمة في الأدب المقارن ما يأتي:

  • الأدب المقارن

ألّفه ماريو فرانسوا غويّار عام 1951م وترجمه هنري زغيب، يدور الكتاب حول مفهوم الأدب المقارن وأسسه ومواضيعه وتطوّراته التي مشى في طريقها.[١٠]

  • الأدب المقارن مقدمة نقدية

ألفته سوزان باسنيت عام 1970م، وترجم على يد أميرة حسن نويرة، ويتناول هذا الكتاب الأدب المقارن من وجهة نظر نقدية.[١١]

  • في الأدب المقارن دراسات نظرية وتطبيقية

ألفه الطاهر أحمد مكي عام 2002م، يدور الكتاب حول مناهج دراسة الأدب المقارن مترافقًا ذلك بأسلوب تطبيقي تحليلي.[١٢]

  • الأدب المقارن

ألفه محمد غنيمي هلال عام 1953م، ويضم هذا الكتاب الأصول للأدب المقارن والدراسة المقارنة، كما يحتوي على الأسس الأولى لهذا العلم والنشأة والمدارس التي ظهرت فيه.[١٣]


المراجع

  1. ^ أ ب ت نبيل راغب، معالم الأدب العالمي المعاصر، صفحة 7 - 15. بتصرّف.
  2. ماريوس فرانسوا غويار، الأدب المقارن، صفحة 7 - 13. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أسماء غجاتي، مدخل إلى الأدب العالمي، صفحة 1 - 9. بتصرّف.
  4. سامية سعيد عمار، محاضرات مدخل إلى الأدب المقارن، صفحة 8 - 20. بتصرّف.
  5. علي عبد الفتاح، أعلام في الأدب العالمي، صفحة 9 - 13. بتصرّف.
  6. سامية سعيد عمار، محاضرات مدخل إلى الأدب المقارن، صفحة 12. بتصرّف.
  7. "الملك لير"، جود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 29/10/2021.
  8. "مئة عام من العزلة"، جود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 29/10/2021.
  9. "الجريمة والعقاب"، جود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 29/10/2021.
  10. ماريوس فرنسوا غويار، الأدب المقارن، صفحة 1. بتصرّف.
  11. سوزان باسنيت، الأدب المقارن مقدمة نقدية، صفحة 1. بتصرّف.
  12. الطاهر أحمد مكي، في الأدب المقارن دراسات نظرية وتطبيقية، صفحة 1. بتصرّف.
  13. محمد غنيمي هلال، الأدب المقارن، صفحة 1. بتصرّف.
6749 مشاهدة
للأعلى للسفل
×