الإجراءات الجزائية
يعدّ قانون الإجراءات الجزائية فرع من فروع القانون العام، وتتسم قواعده بالثبات، فلا يجوز التنازل عنها ولا الإتفاق على ما يخالفها وإلا كان ذلك باطلًا، فهو عبارة عن سلسلة من الإجراءات التي تدخل ضمن سيادة الدولة، حيث تولي الدولة جهة معينة للقيام بهذه الإجراءات، ويدخل ضمن هذه الإجراءات التحقيق والتفتيش والاستجواب والقبض والتوقيف، ونظرًا لتقارب مفهوم التحقيق مع الاستجواب، سيتم التطرق إلى مفهوم التحقيق والاستجواب، والفرق بين التحقيق والاستجواب.
مفهوم التحقيق
يُعرف التحقيق على أنّه: "البحث عن الأدلة وجمع المعلومات للوصول إلى الحقيقة"، وقد يقوم بالتحقيق الشرطة والذي يسميهم البعض رجال الضابطة العدلية، وتسمّى هذه المرحلة بمرحلة التحقيق الأولي أو مرحلة الإستدلال والتحري، فقد تصل إلى مركز الشرطة معلومات حول وقوع جريمةٍ ما قد تم ارتكابها، فيقوم رجال الشرطة بالبحث عن المعلومات اللازمة ووالوقائع والأدلة التي تثبت وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، ثمّ يتمّ إعداد تقرير حول هذه الجريمة ويقدموه للنيابة العامة لتقوم بأعمالها المحددة لها، لكن إذا كانت الجريمة من الجرائم المشهودة، فعلى رجال الضابطة العدلية ان يقوموا بالإجراءات الواجب القيام بها من قبل النائب العام وهذا يعدّ اسثناءً على الأصل.[١]
أمّا التحقيق الذي يقوم به النائب العام والذي يسمى بالتحقيق الابتدائي، حيث يقوم النائب العام بفحص الأدلة القائمة عند وقوع أي جريمة، والسعي للكشف عن الحقيقة، حتى يتم معرفة إذا كانت الأدلة كافية لتحريك الدعوى العمومية، وهناك إجراءات عديدة تدخل ضمن مرحلة التحقيق الابتدائي، كالتفتيش والإنتقال إلى موقع الجريمة، وندب الخبراء، وسماع الشهود، واستجواب المجرمين، والقبض والتوقيف.[١]
مفهوم الاستجواب
وهو عبارة عن: "مناقشة المتهم في أمور التهمة مناقشة تفصيلية ومجابهته بالأدلة القائمة ضده، ومطالبته بالرد عليها من أجل استخلاص الوقائع الصحيحة والوصل إلى الحقيقة"، ولا ينصب دور الاستجواب فقط على الحصول على الاعتراف من المتهم فقط، بل تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه أيضًا، وقد أحيطت عملية الاستجواب بضمانات عديدة نظرًا لأهميتها، فيحق للمتهم الإستعانة بمحامٍ أثناء الاستجواب، وعلى المحقق أن يطلع المحامي على جميع الأفعال المنسوبة لموكله.[٢]
ومن حقّ المتهم عدم الإجابة عن أيّ سؤال إلا بحضور المحامي، وعلى المحقق أن ينبهه بذلك في هذه الحالة، ولا يجوز إستعمال الإكراه مع المتهم، وإذا تعرّض المتهم للإكراه أثناء الاستجواب يعتبر الإجراء باطلًا، ويجب إعادته من جديد، وكذلك إذا ما ثبت أن المحقق لجأ لوسائل التعذيب لاستجواب المتهم يعدّ الاستجواب كأن لم يكن ولا يرتّب إلا البطلان؛ لأنه يجب مراعاة حرية المتهم في إبداء رأيه أثناء استجوابه دون أي ضغوطات، فالحرية حق من الحقوق التي كفلها الدستور للجميع.[٢]
الفرق بين التحقيق والاستجواب
عند التطرّق إلى كلمة التحقيق أو الاستجواب بصورة سطحية يتوانى للشخص إلى الوهلة الأولى أن المصطلحان ذو معنى واحد، لكن هناك فروقات جوهرية بين هذيْن المصطلحيْن، وفيما يأتي بيان الفرق بين التحقيق والاستجواب:[٣]
- التحقيق هو عبارة عن فحص الأدلة القائمة عند وقوع جريمة ما، والعمل على فحص وكشف كل ما يتعلق بهذه الجريمة للوصول إلى مرتكبها وإيقاع العقوبة المناسبة عليه، لكن الاستجواب هو مجابهة المتهم بالجريمة المنسوبة إليه ومناقشته بها مناقشة تفصيلية وبجميع الأدلة والمعلومات القائمة ضده، سواء أكان معترفًا أنه ارتكب الجريمة أم ناكرًا لها.
- إن إجراء التحقيق من الإجراءات التي تدخل ضمن عمل الضابطة العدلية في حالة التحقيق الأوّلي، والذي يسمى أيضًا بالاستدلال، ويقوم به النائب العام في حالة التحقيق الابتدائي، والذي يعدّ أول مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية، لكن الاستجواب هو من اختصاصات النائب العام ولا يجوز لأي رجل من رجال الشرطة القيام به إلا في حالة الجُرْم المشهود.
- يعد الاستجواب جزءًا من كلّ، ويعني ذلك أنه إجراء من إجراءات التحقيق لكن العكس غير صحيح، وهذا هو الفرق الأساسي بين التحقيق والاستجواب.
المراجع
- ^ أ ب جمال مصطفى (2004)، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، بغداد-العراق: المكتبة الوطنية، صفحة 46-50. بتصرّف.
- ^ أ ب علي جعفر (1994)، مبادىء المحاكمات الجزائية (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، صفحة 244-247. بتصرّف.
- ↑ محمد نمور (2016)، أصول الإجراءات الجزائية (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 365-391. بتصرّف.