الفرق بين الحياء المحمود والمذموم في الإسلام

كتابة:
الفرق بين الحياء المحمود والمذموم في الإسلام

مفهوم الحياء

قال الحافظ ابن حجر: "الحياء: خلقٌ يبعث صاحبه على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حقّ ذي الحقّ"، وقيل أيضًا هو: تغيُّرٌ وانكسارٌ يصيب الإنسان من وجل وخوف ما قد يؤدّي إلى ذمّه أو الانتقاص منه، وصورته في الوجه وحقيقته في القلب.[١]

فضل الحياء والتخلّق به

أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن فضيلة الحياء، وأنّه من مصادر الخير والمعروف؛ فقال -عليه الصلاة والسلام-: (الْحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ)،[٢] الحياء هو من أعظم الأخلاق الحميدة التي ينبغي للمسلم أن يتحلّى بها؛ فالإنسان غير الحيي تنزلق قدمه في مهاوي المعاصي؛ فقال -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ ممَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ، إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ)،[٣] فعديم الحياء لا ينتهي عن فعل شيءٍ.

الفرق بين الحياء المحمود والمذموم في الإسلام

إنّ للحياء نوعان، هما: [٤]

  • الحياء المحمود: لا يمنع من الحقّ؛ فلا يمنع الإنسان أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر.
  • الحياء المذموم: قد يمنع الإنسان من القيام بالحقّ والواجبات والمأمورات، وقد يدفعه لفعل المحرمات والوقوع فيها.

وحقيقة الحياء، أنّه خلقٌ يدفع على ترك المنكرات من الأفعال والأقوال، ويمنع من التساهل في الطاعات والمندوبات، والحياء خلقٌ جميلٌ، ميّز الله - تعالى بها الإنسان دون غيره من المخلوقات، وهو أعلى الأخلاق مرتبةً وقدرًا، وأكثرها خيريَّةً؛ ولولا صفة الحياء لم يستقبل الضيوف، ولم يوف بالعهود، ولم تؤدَّ الأمانات إلى أهلها، ولا سُترت له عورةٌ.[٥]

صور الحياء المحمود

الحياء المحمود له صورٌ كثيرةٌ، منها ما يأتي:[٦]

  • الحياء من الله -تعالى-: وذلك بتعظيمه واستشعار مراقبته، وطاعته في كلّ الأوامر والنواهي، وأن يستحي المسلم أن ينظر إليه خالقه حيث نهاه.
  • الحياء من الملائكة -عليهم السلام-: وذلك حينما يستشعر المسلم بأنّ الملائكة -عليهم السلام- يرافقونه في كلّ أزمنته وأمكنته، ولا يفارقونه إلّا عند قضاء الحاجة، وحينما يأتي الزوج زوجته.
  • الحياء من الناس: وهو برهان على مروءة الإنسان؛ فالمؤمن لا يؤذي الآخرين حياءً سواءً بلسانه أو بيده، فلا يقول المنكر ولا يتلفّظ بالبذيء، ولا يلمز أو ينمّ على الآخرين، وكذلك يستحي من أن تظهرعوراته؛ فيطلع عليها الناس.
  • الحياء من النفس: وذلك حينما يكون العبد لوحده بعيدًا عن أعين الآخرين ، فلا يقترف الذنوب والمعاصي؛ حياءً من نفسه، وهذا الحياء يُظهر حقيقة الحياء من خالقه عزّ وجلّ.
  • الحياء من الوالدين: ويكون ببر الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما، وعدم فعل شيءٍٍ يزعجهما.
  • الحياء من الضيف: ويكون بالإسراع لاستقباله وإكرامه وحسن ضيافته.

صور الحياء المذموم

الحياء المذموم له صورٌ كثيرةٌ، منها ما يأتي:[٦]

  • الحياء في طلب العلم والسؤال عنه: فإنّه يجب على المسلم التغلّب على هذا النوع من الحياء الذي يمنعه من التحصيل العلميّ ومعرفة الأحكام الشرعيّة سواءً عند الرجال أو النساء.
  • الحياء من القيام بالدعوة إلى الخير: الحياء لا يمنع العبد من أن يقول الحقّ ويفعل الحقّ من أمرٍ بالمعروف أو نهيِ عن المنكر.
  • فعل أمرٍ نهى عنه الشارع: فمن بعثه حياؤه إلى القيام بفعل شيءٍ نهى عنه الله -تعالى-، أو إلى ترك واجبٍ أو مندوب إليه في الدين؛ فهذا لا يعد حياء، وإنّما هذا ضعفٌ وهوانٌ؛ فليس من الحياء أن يترك الصلاة الواجبة بسبب ظرفٍ بسيطٍ مثل وجود ضيوفٍ أو ما شابه.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 207. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:37، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم:3484، صحيح.
  4. احمد حطيبة، كتاب شرح رياض الصالحين، صفحة 2-3. بتصرّف.
  5. محمد بن إبراهيم التويجري، كتاب موسوعة فقه القلوب، صفحة 1346. بتصرّف.
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية الدرر السنية، صفحة 219-220. بتصرّف.
5858 مشاهدة
للأعلى للسفل
×