الفرق بين السور المكية والمدنية

كتابة:
الفرق بين السور المكية والمدنية

ما الفرق بين السّور المكيّة والسّور المدنيّة

ميزات السّور المكيّة

تتميّز السّور المكيّة بعدّة خصائص عن السّور المدنيّة، منها:[١]

  • كل سورة من سور القرآن الكريم فيها لفظ (كلا) فهي سورة مكيّة، ولم يرد لفظ (كلا) إلا في النّصف الأخير من القرآن الكريم.
  • كل سورة فيها قول الله عزَّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) وليس فيها قول الله عزَّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فهي سورة مكيّة، باستثناء سورة الحج؛ فقد جاء في أواخرها قول الله عزَّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) مع توجّه كثير من العلماء إلى اعتبارها سورة مكيّة.
  • كل سورة ورد فيها قصص الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام والأمم السّابقة فهي سورة مكيّة، باستثناء سورة البقرة.
  • كل سورة فيها قصة نبي الله آدم عليه السّلام وإبليس فهي سورة مكيّة، باستثناء سورة البقرة.
  • كل سورة تُفتَتَح بالحروف المُقطّعة مثل: (الم) و (الر) وغيرها من الحروف فهي سورة مكيّة، باستثناء سورتي البقرة وآل عمران.


تتميّز السّور المكيّة أيضاً بذكر الدّعوة إلى توحيد الله عزَّ وجلّ وعدم الشّرك به، فهو الوحيد المُستحقّ للعبادة، وإثبات وجود البعث والحساب والجزاء، وذكر يوم القيامة، وذكر النار وعذابها، وذكر الجنة ونعيمها.[٢] كما تتميز أيضاً بأنَّ عباراتها مختصرة وواضحة وكلماتها معبّرة وقوية.


ميزات السّور المدنيّة

تتميّز السّور المدنيّة بعدد من الميزات:[٢]

  • تناولت السّور المدنيّة موضوع العبادات والمعاملات، والحدود في الإسلام، ونظام الأسرة، والمواريث، وفضيلة الجهاد، والصِّلات الاجتماعيّة، والعلاقات الدوليّة في حالتَي السِّلم والحرب، وقواعد الحُكم، ومسائل التّشريع وغيرها.
  • التوجّه لمُخاطبة أهل الكتاب من اليهود والنّصارى، ودعوتهم إلى الإسلام باستمرار، وبيان تحريفهم لكتب الله.
  • تتحدّث بكثرة عن المُنافقين وتكشف عن سلوكهم، وتُحلّل نفسيّاتهم، وتُزيح السّتار عن خباياهم، وتُبيّن خطرهم على الدّين.
  • تتميّز آيات السّور المدنيّة بطولها، وطول المقاطع في أسلوب يُقرّر الشّريعة ويُوضّح أهدافها.


من حيث طول الآيات

آيات السور المكية فيها الإيجاز والبيان فسورها قصيرة وآياتها صغيرة وذلك لأن قريش أهل بلاغة ولغة، أما السور المدنية فآياتها طويلة.[٣]


من حيث موضوعات السور

  •  تتسم السور المكية بالحديث عن موضوعات العقيدة إذ تركز على موضوع الإيمان والتوحيد، قال تعالى في سورة الإخلاص المكية: (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ[٤]وذكر الأنبياء وحواراتهم مع أقوامهم، وآيات النصر وتمكين الحق،[٥] وذكر الأمم السابقة وقصة ابني آدم عليه السلام، وآيات التثبيت والمؤازرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين،[٦] كما أتت على ذكر آيات خلق الله في الإنسان والكون.[٧]
  • تتسم السور المدنية أن موضوعاتها في التشريع من مبادئ عامة وعبادات ومعاملات والجرائم والحدود، قال -تعالى- في سورة البقرة المدنية: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)،[٨] كما تحدثت عن التشريعات الشخصية والاجتماعية والمدنية والدولية وشئون الحكم،[٩] والحديث عن الأخلاق والجهاد وذكر المنافقين ومجادلة أهل الكتاب، قال -تعالى- في سورة الحج عن الجهاد: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).[١٠][١١]


من حيث نوع الخطاب

  • الخطاب في السور المكية:
    • وجه للناس كافة لذا يغلب فيها النداء ب: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) و(يَا بَنِي آدَمَ).
    • أغلب السور التي ابتدأت بالأحرف المتقطعة مكية وتستثنى البقرة وآل عمران.[١٢] 
    • لم يرد لفظ "كلا" إلا في السور المكية وذلك لما فيها من الوعيد والزجر المناسبان لمن وجهت لهم الآيات وهم المشركين، قال -تعالى- في سورة الفجر المكية: (كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ[١٣][١٤] 
    • لم ترد سجدات التلاوة في القرآن إلا في السور المكية.[١٥]
    • تميز الخطاب المكي بقوة الألفاظ وكثرة القسم لبث الترهيب والخوف في المشركين، قال -تعالى- في سورة البلد المكية: (لَا أُقْسِمُ بِهَـذَا الْبَلَد).[١٦][١٥]


  • الخطاب في السور المدنية:
    • يغلب فيها النداء ب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).[١٥]
    • آيات سورها فيها شرح وإسهاب لأنها آيات أحكام.[١٥]


من حيث العدد

تختلف السورة المكية والمدنية من حيث العدد كما يأتي:[١٧]

  • السور المكية عددها 82 سورة متفق عليها.
  • السور المدنية عددها 20 سورة اتفق العلماء عليها.
  • باقي السور تراوحت بين المكية والمدنية فصنفت لدى بعض العلماء مدنية وعند آخرين مكية وعددها 12 سورة.


طرق معرفة المكيّ من المدنيّ

قد اتَّبع العلماء طريقين في معرفتهما هما:[١٨]

  • النقليّ السماعيّ: معرفة السّور المكيّة والسّور المدنيّة عن طريق الرّواية عن أحد الصّحابة رضوان الله عليهم الذين شاهدوا التّنزيل وحضروا فترة الوحي، أو عن طريق أحد التّابعين الذين سمعوا من الصّحابة. ومن الأمثلة على هذا الطّريق:
    • ما رواه مسلم عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: (أَلِمَن قتل مؤمناً مُتعمّداً من توبة؟ قال: لا. قال: فتلوت عليه هذه الآية التي في الفرقان: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ)،[١٩] إلى آخر الآية. قال: هذه آية مكيّة نسختها آية مدنيّة: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ)[٢٠]).[٢١]
    • حديث عائشة رضي الله عنها: (لقد نزل بمكّة على محمد -صلى الله عليه وسلم- وإني لجارية ألعب: (بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ)،[٢٢] وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده).[٢٣]
  • القياسي الاجتهادي: اعتمد العلماء في هذا الطّريق على الطّريق الأول؛ حيث نظروا في النّصوص القرآنيّة، واستنبطوا خصائص وضوابط للسّور المكيّة والسّور المدنيّة وأنزلوها على السّور التي لم يُذكر أنّها مكيّة أو مدنيّة، فما وافقت شروط السّور المكيّة اعتُبِرت مكيّةً، وما وافقت شروط السّور المدنيّة اعتُبِرَت مدنيّةً.


خلاصة المقال: في هذا المقال المعنون بالفرق بين السور المكية والمدنية توضيح للفرق بين السور المكية والمدنية من حيث طول الآيات، والموضوعات التي تميزت بها كل مجموعة، ونوع الخطاب ووجهته، وعدد الآيات، ومعرفة الفرق بين السور يفيد في علوم القرآن مثل التفسير ومعرفة المتقدم من المتأخر، وبيان الاهتمام بكل ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم والدقة في نقله، كما يبين تتدرج تشريع الأحكام، لذا حظي باهتمام من العلماء المتقدمين والمتأخرين كسائر علوم القرآن فلا يخلو كتاب من كتب علوم القرآن من ذكره والتفصيل فيه.


المراجع

  1. صبحي الصالح (2000)، مباحث في علوم القرآن (الطبعة الرابعة والعشرون)، بيروت: دار العلم للملايين، صفحة 181.
  2. ^ أ ب جعفر شرف الدين (1420هـ)، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الاسلامية، صفحة 5-6، جزء 3.
  3. محمد عبد العظيم الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، صفحة 203. بتصرّف.
  4. سورة الإخلاص، آية:1
  5. محمد المجالي (2016)، الوجيز في علوم الكتاب العزيز (الطبعة 10)، عمان- الأردن:المطابع المركزية، صفحة 90-91. بتصرّف.
  6. مصطفى ديب البغا، الواضح في علوم القرآن، صفحة 66. بتصرّف.
  7. محمد عبد العظيم الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، صفحة 202. بتصرّف.
  8. سورة البقرة، آية:110
  9. محمد عبد العظيم الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، صفحة 204. بتصرّف.
  10. سورة الحج، آية:39
  11. مصطفى ديب البغا، الواضح في علوم القرآن، صفحة 66. بتصرّف.
  12. مصطفى ديب البغا، الواضح في علوم القرآن، صفحة 65. بتصرّف.
  13. سورة الفجر، آية:17
  14. محمد عبد العظيم الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، صفحة 196-197. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت ث مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، صفحة 62-63. بتصرّف.
  16. سورة البلد، آية:1
  17. حسن أيوب، الحديث في علوم القرآن والحديث، صفحة 27. بتصرّف.
  18. أ. د. فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي (2003)، دراسات في علوم القرآن (الطبعة الثانية عشرة)، صفحة 126.
  19. سورة الفرقان، آية: 68.
  20. سورة النساء، آية: 93.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سعيد بن جبير، الصفحة أو الرقم: 3023، صحيح.
  22. سورة القمر، آية: 46.
  23. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4993، صحيح.
16341 مشاهدة
للأعلى للسفل
×