الفرق بين الصدفة والقدر

كتابة:
الفرق بين الصدفة والقدر


يقول الله تعالى في محكم تنزيله {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49] ومن هنا يمكن القول أن القدر هو كل ما قدره الله سبحانه من أمور خلقه، فهو يسير هذا الكون بكل تفاصيله، ويحيط بعلمه الأزلي كل ما حدث وسيحدث في هذا الكون من أحداث، مهما صغرت أو كبرت، ويعلم أين ومتى سيحدث كل شيء، وما يسبقه من مقدمات وما يتبعه من آثار. أما الصدفة فهي تلاقي شيئين أو أكثر، يرتبطون ببعضهم البعض بطريقة ما، بمكان واحد أو زمان واحد دون تخطيط بشري، وهذا أمر طبيعي وهو جزء من الأقدار المكتوبة، فالصدفة قد تحدث، والقدر المكتوب وراءها.


ما هي الصدفة؟

الصدفة هي أمر دنيوي، وحدوثها قد يكون سارًا للشخص أحيانًا، كأن يلتقي بصديق الطفولة في مكان عام، أو يجد حلًا لمشكلة ما أثناء التفكير بشأن آخر، وقد تكون الصدفة مزعجة أحيانًا أخرى، كأن يلتقي بشخص لا يرغب برؤيته في مكان ظن أن من المستحيل تواجد الشخص الآخر فيه، وقد تكون الصدفة أمرا محايدًا، ليس بمفرح ولا بمزعج، فقد يتصادف وجود صديقين بنفس الاسم أو نفس تاريخ الميلاد، وهذا أمر طبيعي جدًا حتى عند قياسه ضمن أسس الرياضيات الإحصائية.

فالصدف هي نتاج تعايش عدد كبير من الناس ضمن مصادر زمنية ومكانية محدودة، وكل شخص له قدره الذي يعيشه، فقد يكون قدرك أن تذهب اليوم للسوق، ويتصادف أن قدر شخص لم تره منذ سنوات أن يذهب للسوق ذاته أيضًا، وأن تلتقيا عند مدخل السوق بساعة معينة، وهذا كله جزء من أقدار كتبها الله، نعلم جزءا بسيطًا منها ويخفى عنا جزءها الأكبر.


ما هو القدر؟

القدر أشمل وأعمق من الصدفة، وفهمه بشكل تام أو الاطلاع عليه أمور بيد الله -عز وجل- وحده، وإن كتابة الأقدار والحفاظ على هذا التناسق الفريد بالكون أمر معجز وخارج إدراك البشر ولا يمكن إلا لله عز وجل تدبيره، فالمرء المؤمن الحق يعلم أن الله قد خطط له حياته الشخصية، ونسقها مع حياة المحيطين به، ونسق حياة الناس جميعهم ضمن ظروف دنيوية أخرى. فقد حدد الله تعالى لكل امرء رزقه، وعمره، وسعادته وشقائه، وكل ما يتعلق بنصيبه من الحياة الدنيا، وحتى كل صدفة سيمر بها الشخص هي مقدرة له ومكتوبة في قدره منذ أن بدأ الله الخلق.


التخيير والتسيير

قد يخلط البعض عند الحديث عن القدر بين كون الإنسان مخيرًا أو مسيرًا في هذه الحياة الدنيا، وقد تكون الإجابة الأقرب على هذه المسألة هي كون الإنسان مسيرًا في أمور معينة، فقد يولد بمكان معين ولأهل معينين، وضمن حالة مالية أو مكانة اجتماعية معينة، ولكن الإنسان مخير في أمور عديدة أخرى، فقد يؤمن أو يكفر، وقد يسعى لتغيير واقعه، أو يبقيه على ما هو، وقد يقرر مجال دراسته وعمله وارتباطه بشريك أسري معين، وقد يقرر السفر أو البقاء ببلده... وتطول قائمة الأمور التي يمكن للمرء أن يقررها، وقد يقدرها الله له أو يمنعها عنه، وهذا كله خير، فالمؤمن الذي يثق بقدرة الله ورحمته في خلقه يعلم أن الله مطلع على الغيب، ويختار للإنسان قدرًا يتناسب مع مستقبله الذي يجهله، حتى وإن بدا للوهلة الأولى أنه ابتلاء.[١]


الفرق بين الصدفة والقدر باختصار

الأقدار محددة ومكتوبة لكل إنسان، وكل امرئ يعيش ما هو مقدر له من قبل الله -سبحانه- وتعالى، والصدف قد تحدث في هذه الأثناء، والمسلم يؤمن بالقدر كجزء من إيمانه بالله عز وجل، ولا يؤمن بالصدف على أن لها أي تأثير على سير حياته، وإنما هي جزء دنيوي من القدر ولا يؤثر على ثقته بقضاء الله وقدره المكتوب، ولا يزعزع إيمانه.[٢][٣]



المراجع

  1. د أحمد خيري العمري، ليطمئن عقلي، صفحة 253. بتصرّف.
  2. "التفرقة بين الحظ والصدفة وبين القضاء والقدر"، مركز الأبحاث العقائدية، اطّلع عليه بتاريخ 24/01/2022. بتصرّف.
  3. د. يسر الغريسي حجازي (31/10/2019)، "القدر والصدفة"، دنيا الوطن، اطّلع عليه بتاريخ 24/01/2022. بتصرّف.
5349 مشاهدة
للأعلى للسفل
×