الفرق بين القطمير والفتيل والنقير

كتابة:
الفرق بين القطمير والفتيل والنقير

القطمير والفتيل والنقير في لغة العرب

من الكلمات العربية الغريبة التي عرفناها بسبب ورودها في كتاب الله -تبارك وتعالى-: (القطمير)، (الفتيل)، (النقير)، ومعنى أنها غريبة؛ أي أن معناها غير متبادر إلى الذهن أو مفهوم بمجرد قراءتها كغيرها من الكلمات والألفاظ العربية السهلة، المألوفة الواردة في القرآن الكريم.

ولا بد من الرجوع إلى لغة العرب ومعرفة معناها في استعمالهم، ليتضح معناها اللغوي أولاً، ثم يُفهم المقصود من إيرادها في الآيات، وذلك حسب السياق الذي أتت فيه، وبيان ذلك كما يأتي:

  • القطمير

القشرة الرقيقة التي تكون على نواة التمر.[١]

  • الفتيل

الخيط الرفيع الذي يكون في شق النواة؛ وسمي بذلك لأنه إذا أخرجه الإنسان من مكانه انفتل، ويروى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "الفتيل ما يخرج من بين الإصبعين إذا فتلهما"، وعنه وعن مجاهد -رضي الله عنهما-: "أن الفتيل هو الوسَخ الذي يفتله الإنسان بين أصابعه".[٢]

  • النقير

النقطة أو النقرة التي تكون على ظهر النواة، وتكون بيضاء غالبًا، ويقال: هو الذي في جوف النواة،[٣]وفي ذلك قال الشاعر:[٤]

ثلاثٌ في النواةِ مسمياتٌ

فقطميرٌ لفافتها الحقيرُ

وما في شقِّها يدعى فتيلاً

ونقطة ظهرها فهي النقيرُ

ورودها في القرآن الكريم

وردت هذه الكلمات الثلاثة في كتاب الله -تعالى- في مواضع مختلفة، نذكرها:

  • (قطمير)

جاءت في موضع واحد، في سورة فاطر، في قوله -تعالى-: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚوَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ).[٥]

  • (فتيل)

جاءت في ثلاثة مواضع، اثنان منها في سورة النساء، في قوله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚبَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا)،[٦] وقوله -تعالى-: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا)،[٧] والموضع الأخير في سورة الإسراء؛ قوله -تعالى-: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا).[٨]

  • (نقير)

جاءت في موضعين من كتاب الله -تعالى-، كلاهما في سورة النساء، أولهما في قوله -تعالى-: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا)،[٩] والثاني في قوله -عزّ وجلّ-: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا).[١٠]

معناها حسب ورودها في الآيات الكريمات

خاطب الله -عز وجل- الناس الذين أنزل عليهم كتابه العزيز بشيء محسوس يعرفونه جيدًا، ويرونه دائمًا في طعامهم المعتاد؛ فضرب لهم بها الأمثال، وهذه الأشياء الثلاثة المذكورة تُضرب كلها أمثالاً للأمر التافه القليل، وفيما يأتي بيان ذلك:

  • عندما قال ربّنا -عز وجل- في سورة فاطر: (مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ)[٥]

معناها أن الذين تعبدونهم وتدعونهم من دون الله -تعالى-، هؤلاء لا يملكون شيئا قليلاً ولا كثيرًا، حتى إنهم لا يملكون تلك القشرة الرقيقة التي على نواة التمرة، ويرونها ويأكلونها دائمًا، ولا يملكون شيئًا أكبر ولا أصغر منها ملكًا حقيقيًّا.[١١]

  • قوله -تعالى-: (بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا)[١٢]

يريد الله -تبارك وتعالى- أن يبين للذين يزكّون أنفسهم ويبرئونها من الخطأ والذنب، وهم في الحقيقة ليسوا كذلك؛ أن الله هو العالِم الحقيقي بسرائر الناس وخفاياهم، وليس المزكي من زكى نفسه، ولكنه الذي يزكيه الله.[١٣]

والله يزكي من يشاء من خلقه، فيطهره ويبرئه من الذنوب؛ بتوفيقه لاجتناب معاصيه، والسير إلى ما يرضاه من طاعته، ولا يظلم الله هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يزكون أنفسهم ولا غيرهم من خلقه، فيبخسهم شيئًا من حقوقهم، ولا يضع شيئًا في غير موضعه، ولكنه يزكي من يشاء من خلقه، حتى مقدار الفتيل ذلك الشيء التافه القليل؛ كل ذلك إليه وبيده.[١٣]

  • قوله -تعالى-: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا)،[١٤] وقوله: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا)،[١٥]وقوله: (فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا).[١٠]

كذلك فالمعنى نفسه في هاتين الآيتين اللتين وردت فيهما كلمة (فتيل)، وكلمة (نقير)؛ فالمعنى المشترك الواضح في هذه الآيات الثلاث؛ أن الله العادل الرحيم -سبحانه وتعالى- لا يظلم أحدًا شيئًا من حقه يوم القيامة؛ حين الحساب والميزان، كل شيء مسجل ومسطور ومحسوب، حتى وإن كان بحجم ووزن فتيل التمر الذي ترونه، وهذه قمة العدل والرحمة.[١٦]

  • قوله -تعالى-: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا)[١٧]

ففي هذه الآية أثناء وصف الله -تعالى- لليهود بالبخل والحسد؛ بمنعهم مالهم وتمنّيهم مال غيرهم، وهاتان الصفتين من أقبح الصفات البشرية، وضرب مثلاً -سبحانه وتعالى- لإثبات بخلهم أنهم لا يملكون شيئًا؛ لكن لو كان لهم نصيب من الملك الدنيوي فحينها لن تجدهم يعطون أحدًا شيئًا، وإن كان مقدار تلك النقرة التي على ظهر نواة التمرة!؛ بسبب بخلهم الشديد، وحرصهم على الدنيا.[١٨]

المراجع

  1. أبو منصور الأزهري ، تهذيب اللغة، صفحة 14-206. بتصرّف.
  2. ابن عادل الحنبلي ، اللباب في علوم الكتاب، صفحة 12-345. بتصرّف.
  3. ابن الأنباري ، الزاهر في معاني كلمات الناس، صفحة 1-256. بتصرّف.
  4. "القطمير والنقير والفتيل ذكرت في القرآن .. هل تعرف معناها؟"، المعاني .
  5. ^ أ ب سورة فاطر ، آية:13
  6. سورة النساء ، آية:49
  7. سورة النساء ، آية:77
  8. سورة الإسراء ، آية:71
  9. سورة النساء ، آية:53
  10. ^ أ ب سورة النساء ، آية:124
  11. الجلال المحلي والجلال السيوطي، تفسير الجلالين، صفحة 573. بتصرّف.
  12. سورة النساء، آية:49
  13. ^ أ ب أبو جعفر الطبري، تفسير الطبري، صفحة 8-456. بتصرّف.
  14. سورة النساء ، آية:77
  15. سورة الإسراء ، آية:71
  16. جلال الدين السيوطي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، صفحة 2-704. بتصرّف.
  17. سورة النساء ، آية:53
  18. أبو البركات النسفي ، تفسير النسفي، صفحة 1-365. بتصرّف.
4458 مشاهدة
للأعلى للسفل
×