الفرق بين الماء المطلق والماء المشمس

كتابة:
الفرق بين الماء المطلق والماء المشمس

الفرق بين الماء المطلق والماء المشمس

فصّل العلماء في كتب الفقه أقسام المياه في بداية كتاب الطهارة، وبحثوا في مسألة الماء المطلق والماء المشمس من حيث: حقيقته، وحكم استعماله في الطهارة الحسية، وهي إزالة النجاسة، وحكم استعماله في الطهارة المعنوية، وهي الوضوء والغسل، وناقشوا سبب قول بعض العلماء بكراهة استعمال الماء المشمس في الطهارة.

الفرق بينهما في التعريف

فرق العلماء بين الماء المطلق والماء المشمس من حيث حقيقته كما يأتي:

  • الماء المطلق: هو الماء الباقي على أصل خلقته دون تغير، فلا يحتاج إلى وصف آخر يوضح حقيقته، وهو الطاهر في نفسه المطهر لغيره.[١]
  • الماء المشمس: هو الماء الذي تم تسخينه بوساطة أشعة الشمس، ولا يطلق على الماء أنه مشمس إلا إذا كانت سخونته شديدة بحيث تغيره الحرارة، وهذا لا يكون إلا في البلاد الحارة.[٢]

الفرق بينهما في حكم استعماله في الطهارة

هناك فرق بينهما من حيث حكم استعمالهما في الطهارة:

  • الماء المطلق: طاهر في نفسه مطهر لغيره واستعماله جائز في الطهارة سواء لرفع الحدث الأصغر؛ كالنوم وخروج شيء من أحد السبيلين بالوضوء، أو لرفع الحدث الأكبر؛ كالجنابة بالاغتسال، أو لإزالة النجاسة وعليه الإجماع.[٣]
  • الماء المشمس: طاهر في نفسه، لكن العلماء اختلفوا في حكم التطهر به على قولين:
    • القول الأول: جائز بلا كراهة، وهو مذهب الحنفية،[٤] والحنابلة.[٥]
    • القول الثاني: جائز مع الكراهة، وهو مذهب المالكية،[٦] والشافعية.[٧]

سبب القول بكراهة التطهر بالماء المشمس

اعتمد القائلون بكراهة التطهر بالماء المشمس على عدة أدلة، وهي:

  • حديث ورد في هذا الأمر من رواية عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أسَخّنْت ماءً في الشَمس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تفْعَلي يا حُميراءُ فإنه يُورِثُ البَرَصَ)،[٨] حيث رواه البيهقي وضعفه وقال عنه لا يصح، ولفظ حميراء تصغير وصف حمراء، والمقصود بيضاء البشرة،[٩] أما البرص فهو البياض، وهو مرض يصيب الجلد.[١٠]
  • ورد أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال: إنه يورث البرص، وقد ذكر النووي أنه ضعيف أيضا.[٧]
  • ذكر القائلون بالكراهة أنها كراهة طبية، بسبب الأضرار التي يسببها للجلد.[١١]

وقد رجح النووي -رحمه الله- عدم كراهة استعمال الماء المشمس في الطهارة لسببين:[٧]

  • السبب الأول: اتفاق المحدّثين على ضعف الحديث.
  • السبب الثاني: عدم ثبوت ضرره على الجلد عند الأطباء.

لكن يبدو أن القول بضرر الماء المشمس على الإنسان كان موجودا عند بعض الأطباء القدامى،[١٢] ولكن ذلك لم يثبت في الطب الحديث، ولا شك أن علم الطب تطور حديثا تطورا هائلا يجعلنا نطمئن إلى نتائج الدراسات الطبية الحديثة؛ لأنها تعتمد التجربة المخبرية والسريرية، ولا نعتمد على الكلام الطبي في المصادر القديمة دون عرضها على الطب الحديث.

المراجع

  1. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 352. بتصرّف.
  2. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 363. بتصرّف.
  3. ابن المنذر، الإجماع، صفحة 34. بتصرّف.
  4. ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار " حاشية ابن عابدين"، صفحة 180. بتصرّف.
  5. ابن قدامة، المغني، صفحة 28. بتصرّف.
  6. الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، صفحة 45. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت النووي، المجموع شرح المهذب، صفحة 87. بتصرّف.
  8. رواه البيهقي، في السنن الكبرى، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1/6، لا يصح.
  9. النهاية في غريب الحديث والأثر، أبو السعادات ابن الأثير، صفحة 38. بتصرّف.
  10. الصحاح، الجوهري، صفحة 280. بتصرّف.
  11. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 364. بتصرّف.
  12. الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، صفحة 69. بتصرّف.
10445 مشاهدة
للأعلى للسفل
×