مفهوم المغفرة والعفو
في تعريف مفهوم العفو فهو في اللغة مصدر الفعل الثلاثي عفا، وهو بمعنى التجاوز عن ذنب الآخرين وترك عقابهم عليه، والأصل فيه الطمس والمحو، ومعنى العفو عن الحق هو إسقاطه ومحوه عمّا كان عليه، وقيل كلّ ما كان مسُتحقًا للعقوبة وتُرك فقد عُفي عنه، وأمّا معنى العفو في الاصطلاح فهو تجاوز الذنب وترك العقوبة عليه، وقيل هو التجافي عن ذنب الآخر،[١] وفي تعريف مفهوم المغفرة فهي في اللغة بمعنى الستر، وكل شيء تمّ ستره فقد غُفر عنه، أمّا في الاصطلاح فهو ستر الله -عزّ وجلّ- لذنوب عباده، والغفّار هو من ستر قبيح عباده وأظهر جميلهم في الحياة الدنيا، ثم تجاوز عن عقابه لهم في الآخرة، فستر ذنوبهم وتجاوز عن خطاياهم، وسيتحدث هذا المقال عن الفرق بين المغفرة والعفو.[٢]
الفرق بين المغفرة والعفو
في الحديث عن الفرق بين المغفرة والعفو، فالمغفرة أو الغفران هو إسقاط العقاب عن الذنب والذي يستوجب الثواب، فلا تكون المغفرة إلا للمؤمن الذي يستحق الثواب، لذلك تقترن المغفرة بالله تعالى فيُقال: غفر الله لك، ولا يٌقال غفر فلان لك، أمّا العفو فهو يسقط الذم واللوم ولكنّه لا يستوجب الثواب، ويستعمل لفظ العفو مع العباد فيقال عفا فلان عن فلان، وبسبب التقارب بين معنى المغفرة والعفو فقد استخدما في صفات الله -عزّ وجلّ- في معنى واحد، فيُقال عفا الله عن فلان وغفر له، وتحملان المعنى ذاته، وقد جاء في قول لشيخ الإسلام ابن تيمية في التفريق بين معنى العفو والمغفرة: "الْعَفْوُ مُتَضَمِّنٌ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ قِبَلِهِمْ وَمُسَامَحَتِهِمْ بِهِ، وَالْمَغْفِرَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِوِقَايَتِهِمْ شَرَّ ذُنُوبِهِمْ، وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ، وَرِضَاهُ عَنْهُمْ؛ بِخِلَافِ الْعَفْوِ الْمُجَرَّدِ؛ فَإِنَّ الْعَافِيَ قَدْ يَعْفُو، وَلَا يُقْبِلُ عَلَى مَنْ عَفَا عَنْهُ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُ، فَالْعَفْوُ تَرْكٌ مَحْضٌ، وَالْمَغْفِرَةُ إحْسَانٌ وَفَضْلٌ وَجُودٌ"، ومن هذا القول يُبين أنّ المغفرة أبلغ في معناها من العفو بما فيها من العطاء والإحسان، وما قيل حول العفو بأنّه المسامحة المرافقة لمحو الذنب من الصحف، والمغفرة هي المسامحة مع بقائه في الصحف، فليس على هذه الأقوال أيّ دليل يثبتها، والله تعالى أعلم.[٣]
فضل العفو
في الحديث عن فضل العفو، فالعفو من أجمل الأخلاق التي على الإنسان أن يتحلّى بها، وذلك بأمر الله تعالى لرسوله ولعباد الله الصالحين، فقد قال -تعالى- في سورة الأعراف: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين}،[٤] كما ورد فضل العفو في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ، إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ"،[٥] وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس تسامحًا وعفوًا، وقد تمثّل عفوه -عليه الصلاة والسلام- في عفوه عن أهل قريش يوم فتح مكة وكان ذلك بعد كلّ ما ذاقه منهم من العذاب والأذى، كما أنّ العفو من صفات الأنبياء فقد جاء في كتاب الله تعالى على لسان نبي الله يوسف عليه السلام: {قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين}،[٦] وجاء في فضل العفو أنّه امتثال لأوامر الله عزّ وجلّ، كما أنه يزيل من النفس كلّ بغضاء ويبعث في القلب الطمأنينة، ويرفع من شأن العبد في الدنيا والآخرة، وينشر المحبّة بين المسلمين وأنّه هو الطريق الذي يوصل للجنة.[٧]
المراجع
- ↑ "معنى العفو والصفح لغةً واصطلاحًا"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "- الغفَّار، الغفور، العفوُّ"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين المغفرة والعفو"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 199.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2588، حديث صحيح.
- ↑ سورة يوسف، آية: 92.
- ↑ "فضائل العفو"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2020.