مفهوم جمع القرآن
يُطلق العلماء جمع القرآن على معنيين؛ الأول جَمَعَهُ بمعنى حَفِظَه، ومنه جُمّاع القرآن أي؛ حُفّاظه، وهو المراد بقول الله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}،[١] فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن ويعيد قراءته ويحض الصحابة على قراءاته وحفظه في صدورهم، حتى حفظ الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم القرآن الكريم كاملًا، أما المعنى الثاني لجمع القرآن فهو: كتابته كله وتدوينه، سواءُ أكانت هذه الكتابة مفرقة الآيات والسور أو الآيات فقط أو مرتبة الآيات والسور في صحائف مجتمعة، وهي التي قام بها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خلافته، ثم أتمها عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته.[٢]
الفرق بين جمع أبي بكر وعثمان
اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كُتابًا للوحي، منهم الخلفاء الأربعة وزيد بن ثابت رضي الله عنهم جميعًا، وكان يأمرهم بكتابة ما يقول من القرآن، ويأمرهم بوضع الآية في مكانها الخاص من السورة، فتزامن حفظ القرآن في الصدور مع كتابته، وقد كان يُكتب القرآن حينها متفرقًا على العسب والرقاع، والحجارة الرقيقة وغيرها، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حدث جمع للقرآن في خلافة أبي بكر وفي خلافة عثمان، وفي السطور الآتية بيان للفرق بين كلا الجمعين، من حيث الباعث على الجمع، وكيفية كلٍّ منهما.[٣]
جمع أبي بكر الصديق
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تولى الخلافة أبو بكر الصديق، وكان قد ارتد كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فكانت حروب الردة، وكان يقود هذه الحروب كبار الصحابة من القرّاء، فاستشهد كثيرٌ منهم، فدخل عمر بن الخطاب على أبي بكر يطلب منه أن يجمع القرآن خشية أن يذهب بذهاب حملته، فنفر أبو بكر في البداية من اقتراح عمر، فما زال به عمر حتى شرح الله صدره لذلك، فأرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت فأمره بجمع القرآن، وكان مصدر التوثيق ما تم حفظه في الصدور من الآيات، وما كتبه كتاب الوحي لرسول الله وكان موزعًا في بيوت أمهات المؤمنين، وما كتبه الصحابي لنفسه وشاهدان يشهدان أنّ هذا المكتوب قد كتب بين يدي رسول الله فإذا اجتمعت مصادر التوثيق على السورة أو الآية يتم تدوينها في المصحف، وقد كان جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه على قطع متساوية في الحجم، مرتبة الآيات والسور بطريقة مضبوطة متقنة، تم وضع المصحف الذي تم جمع القرآن فيه في بيت أبي بكر، فلما توفي في السنة الثالثة عشرة من الهجره تم نقله إلى بيت عمر بن الخطاب، فلما مات نُقل إلى بيت أم المؤمنين حفصة، فلما كانت خلافة عثمان بن عفان طلب المصحف من أم المؤمنين حفصة ليستنسخ منه.[٤]
كان جمع أبو بكر الصديق للقرآن في مصحف واحد يقتصر على ما لم تنسخ تلاوته، ومشتملًا على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.[٥]
جمع عثمان بن عفان
في عهد عثمان بن عفان اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، ودخل في الإسلام العديد من القبائل والشعوب، الذين احتاجوا إلى من يفقههم في الدين ويعلمهم القرآن، فرحل كبار الصحابة ومعهم التابعين إلى شتى الأقطار لتعليم القرآن ونشره، وقد كان القرآن الكريم قد نزل على سبعة أحرف تيسيرًا على الأمة، فكان أهل الأقطار لا يعلمون بنزول القرآن على سبعة أحرف وكانوا يتمسكون بما تلقوه من الصحابي المعلم، حتى إذا اجتمعوا في بعض المغازي وسمع من بعض ما يحفظون من القرآن ووقفوا على أوجه الاختلاف بين القراءات أنكر بعضهم على الآخر قراءته فلما سمع حذيفة بن اليمان ما حدث ذهب إلى عثمان بن عفان وأخبره بما حدث، فأجمعوا على كتابة القرآن على حرف واحد، فطلب المصحف الموجود عند أم المؤمنين حفصة وطلب من زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وغيرهم بنسخه فنسخوا منه سبع نسخ أرسلها إلى مكة والشام والبصرة وغيرها من حواضر المسلمين، وأبقى نسخة في المدينة. [٤]
المراجع
- ↑ سورة القيامة، آية:16 17 18 19
- ↑ "جمع القرآن وكتابته"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
- ↑ "فضل القرآن الكريم ومراحل تدوينه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
- ^ أ ب "رحلة جمع القرآن الكريم"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
- ↑ "مباحث في علوم القرآن"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.