الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية

كتابة:
الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية

الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية

إنَّ الفروض الإلهية التي فرضها الله -عز وجل- على المسلمين تنقسم إلى قسمين أساسيين؛ وهما: فرض الكفاية، وفرضُ العين، وهناك عدة فروق بينهما، ونبيّن هذه الفروق فيما يأتي:

المقصود من فرض العين وفرض الكفاية

المقصود بفرض العين وفرض الكفاية فيما يأتي:[١]

  • فرض العين

هو الشيء المطلوب من جميع أفراد المسلمين مِمَّن بلغ منهم سن التكليف الشرعي -وهو السنّ الذي إذا وصله المسلم أصبح مكلّفا-، ولا يسقط عنه إلّا إذا قام بتأديته على الوجه الذي طُلبَ منه، ولا يجوز أن يقوم به غيره عنه في الأداء، ولا يمكن أن يقوم به بعض الناس دون غيرهم، فالمقصد الأساسي منه هو أن يتم من قبل كُلّ شخص مسلم مكلّف؛ كأداء الصلوات المفروضة.

  • فرضُ الكفاية

هو ما طُلب فعله من المسلمين، فإن أدّاه بعضهم سقط عن الآخرين، لأنَّ فرض الكفايَةِ هو الذي يَكفي فيهِ أن يقوم به البعض عَن الكُل؛ إذ إنّ المقصود منه حصوله من عموم المُكَلّفِينَ وليس جميعهم.

الإثم المتعلق بعدم فعلهما

الفرق في الإثم المترتب على ترك كل من فرض العين أو الكفاية نذكره فيما يأتي:[٢]

  • فروض الكفاية

إذا تمَّ فعل المأمور به من قبل البعض فإنَّ الإثم يسقط عن باقي المسلمين، وإذا أُهملت -بحيث لم يفعله أح- فيقع الإثم على الجميع.

  • فرض العين

الإثم أو الثواب كلاهما يقع على الفرد بعينه، فإذا ترك شخصٌ ما أداء الصلاة وقع عليه الإثم.

المصلحة المتعلقة بهما

إنَّ المصلحة المرادة من فرض الكفاية وفرض العين هي:[٣]

  • فرض الكفَاية يتعلَّق بمصالحُ عامّة ومتعدٍّ نفعها للغير، سواء كانت دينية أم دُنيوِية، ولاَ تتحقّق الغاية منه إلاَّ بالقيام بها، فمراد الله -تعالى- هو أن يتم تحصِيلَهَا، وليس القصد أن يتكلف بها جميع الأفراد، بعكس فرض العينِ فَإِنَّ جميع المكلّفون مطالبون بالقيام بها.
  • المصلحةُ من فرض العين مستمرة من خلال الاستمرار بفعلها؛ مثل الصلاة، حيث إنّ المصلحة من فعلها هو الخضوع لله -تعالى-، وإظهار التذلُّل له، واجتناب المحرمات، أما المصلحة من فرض الكفاية فليست التكرار وإنما الفائدة التي تَعُم على الجميع حتى وإن لم يؤدّه الجميع.

وجوب الإتمام بعد الشروع فيهما

فيما يأتي بيان الفرق بين فرض الكفاية وفرض العين من حيث وجوب الإتمام بعد الشروع فيهما أم عدم وجوبه:[٤]

  • فرض الكفاية

إذا قام به الإنسان، فإنه يستطيع أن يقطعه، ولا يبقى مستمراً في فعله؛ كشخص أراد أن يتعلم حرفة معينة، وعرف أنَّ غيره قد تعلَّم هذه الحرفة، فإنّه يستطيع أن ينقطع عن هذه الحرفة لقيام غيره بتعلُّمها، ولا يترتب عليه الإثم.

  • فرض العين

إذا بدأ المسلم بفرض العين فإن الواجب عليه إتمام هذا الفعل، إلَّا إذا طرأ عليه عذر يمنعه من أن يستمر فيه؛ كشخص صام نهار رمضان، ثم بعد ذلك اشتدَّ به المرض، فيستطيع أن يقطع الصيام بسبب المرض، أما قطعه بغير عذر يؤثم عليه فاعله.

الأفضلية بينهما

يجدر بالذكر أن فرض العين والكفاية كلاهما مهمّ، ويجب الإتيان بهما كما تمّ توضيحه سابقاً، وقد تعدّدت آراء العلماء في أفضليّة كلّ منهما على الآخر من حيث نتيجة القيام بفعله على النحو الآتي:[٥]

  • جمهور العلماء

قالوا إنَّ فرض العين أفضل وأولى من فرض الكفاية؛ لأنَّ فرض العين يأتي في حق الفرد نفسه، فهو أصعب وأهمُّ، بخلاف الفرض الكفاية الذي يكون في حق الجميع، فكلما كان التكليف أعمَّ كان الخلاف أخفَّ.

  • قال بعض العلماء إنَّ فرض الكفاية هو الأفضل

لأنَّ من يفعله يسُدُّ مسدَّ الأمّة كلّها -يتحمَّل خطيَّة الجميع-، وَيُسقِطُ التكليف عن الأمة بِأَسرِهَا أيضاً، وإذا تركته جميع الأُمة فيَأثَمُ عندها كل من يستطيع فعله، وهذا حرجٌ كبير يقع على الأمة بأسرها.

الإجبار على تأديتهما

في فروض العين يُجبر المكلَّف على أن يقوم بأدائها من قِبل الحاكم إن قرّر ذلك، وهذا في حال قام المكلَّف بتركه، وهذا بخلاف الفرض الكفائي، ففي الفرض الكفائي لا يُجبَر الشخص على القيام بفعله كفرض العين، ولكن يجب أن تكون متواجدة في المجتمع لرفع الحرج عن الجميع.[٦]

أمثلة على فرض العين

من الأمثلة التي على الفرض العيني ما يأتي:

  • الصلوات الخمس.[٧]
  • أداء الزكاة.[٨]
  • حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.[٩]
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

والأصلُ فيه أنّه كفائي، ولكنّه يُصبح فرض عين في بعض الحالات، وذلك على من يتم تعيينه من أجل هذا الأمر، أو إذا لم يستطع العامة من الناس التفريق بين المنكر والمعروف، أو إذا تمَّ الاحتجاج على المعروف أو التأييد للمنكر؛ فيصبح فرض عين على العالِم واجباً، بأنَّ يوضِّح لعامة الناس ويُبيِّن لهم الحقّ والباطل.[١٠]

أمثلة على فرض الكفاية

ينقسم فرض الكفاية من حيث ما يتعلق به إلى فرض من الناحية الدينية أو الدنيوية، ومن الأمثلة على كل منهما ما يأتي:[١١]

  • الدينية

صلاة الجنازة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة القضاء، وتعلُّم العلوم الدينية؛ كالفقه والحديث وغيرها من الأمور المتعلقة بالدين.

  • الدنيوية

الحِرَف المهنية، والعلوم المختلفة كالطب والهندسة، والتجارة وأمور الدنيا المختلفة التي فيها مصالح العامَّة من الناس.

المراجع

  1. ابن عابدين (1992)، رد المحتار على الدر المختار (الطبعة 2)، بيروت:دار الفكر، صفحة 123، جزء 4. بتصرّف.
  2. عبد الله قادري الأهدل، كتاب السباق إلى العقول، صفحة 370. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين (2006)، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:دار الصفوة، صفحة 96-97، جزء 32. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 496. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين (2006)، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:دار الصفوة، صفحة 154، جزء 32. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين (2006)، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:دار الصفوة، صفحة 97، جزء 32. بتصرّف.
  7. كوكب عبيد (1986)، كتاب فقه العبادات على المذهب المالكي (الطبعة 1)، دمشق-سوريا:مطبعة الإنشاء، صفحة 109. بتصرّف.
  8. كوكب عبيد (1986)، كتاب فقه العبادات على المذهب المالكي (الطبعة 1)، دمشق-سوريا:مطبعة الإنشاء، صفحة 269. بتصرّف.
  9. كوكب عبيد (1986)، كتاب فقه العبادات على المذهب المالكي (الطبعة 1)، دمشق-سوريا:مطبعة الإنشاء، صفحة 333. بتصرّف.
  10. سليمان الحقيل، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ضوء كتاب الله، صفحة 63-64. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين (2006)، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:دار الصفوة، صفحة 96، جزء 32. بتصرّف.
5349 مشاهدة
للأعلى للسفل
×