الفضالة مفهومها وشروطها

كتابة:
الفضالة مفهومها وشروطها

مفهوم الفضالة في القانون

تُعرف الفضالة لغةً: "فضَلَ على يَفضُل ، فَضْلاً ، فهو فاضِلٌ والجمع : فُضَلاَءُ، والمفعول مفضول عليه، وهي تولّي شخص عن قصد القيام بشأن عاجل ونافع لحساب شخص آخر دون أمر منه"،[١] وعرف الفقهاء الشخص الفضولي بأنّه: "من يتصرف في حق الغير دون إذن ولا ولاية"، وتُعرف الفضالة في القانون بأنها: "هي أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر، دون أن يكون ملزماً بذلك"، وقد اختلف الفقهاء فيما بينهم حول صحة تصرفات الفضولي، فذهب الحنفية والمالكية إلى القول بأنَّ تصرفات الفضولي تُعد صحيحة ولكنها موقوفة على موافقة صاحب الشأن في الموافقة على تصرفه أو إبطاله، بينما ذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية إلى القول بأن تصرفات الفضولي باطلة؛ لأنَّ العقد كان منذ البداية غير موجود، مستندين إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :"لا تبِعْ ما ليسَ عندَك"[٢]؛ أي ما ليس ملكُك، وفي ما يأتي سيتم توضيح شروط الفضالة في القانون وأحكامها.[٣]

شروط الفضالة في القانون

إنَّ الشخص الفضولي ذلك الشخص الذي يقوم ببعض التصرفات التي ليس له الحق بالقيام بها، ودون أي موافقة من صاحب الشأن أو ولي الأمر، وبالرّغم من أنَّ الفقهاء اختلفوا فيما بينهم حول مدى صحة تصرفات الشخص الفضولي إلا أنَّ القانون المدني حسم الأمر بالنسبة لتصرفاته، فيعرف الفضولي بأنّه: " أن يبادر الشخص بصورة شخصية وعفوية وبدون أي تكليف إلى العمل وهو مدرك بأنه يقوم بعمله لمصلحة الغير"، ومن هذا التعريف يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّه وفي حال ظنَّ الشخص أنَّ ما تصرف به من حقه وليس بنية إثراء لغير، ففي هذه الحالة لا تُطبق أحكام الفضالة عليه، وحتّى تُطبق أحكام الفضالة المنصوص عليها في القانون المدني يجب توافر الشروط الآتية:[٤]

  • أن يكون الشخص الفضولي عالمًا ومُدركًا أنَّ ما يقوم به هو إثراء لمصلحة الغير؛ بمعنى أدق أنَّ الفضولي غير مُلزم بتنفيذ العمل الذي قام به، ولا عبرة ولا بأي حال بشرط علم الفضولي بهوية الشخص صاحب المال الذي تصرف به؛ لأنَّه وبالأصل صاحب المال يكون غير عالمًا بالتصرف الذي قام به الفضولي، وفي حال علمه يتم التمييز بين حالتين: الحالة الأولى إذا أجاز مالك الشيء المُتصرف به تصرفات الفضولي انقلب وضع الفضولي إلى وضع الوكيل، وفي هذه الحالة تُطبق أحكام الوكالة، أمّا الحالة الثانية إذا اعترض المالك على تصرف الفضولي، هنا يجب إعادة الحال كما كانت عليه في السابق من قبل الفضولي إلا إذا كان تصرف هذا الأخير للمصلحة العامة كدفع الضرائب على سبيل المثال.
  • أن يكون عمل الفضولي ضروريًا ومستعجلًا؛ بمعنى أن تكون تصرفات الفضولي ضرورية من أجل رعاية مصالح الغير وحمايتها من أي أضرار قد تقع عليها، وبالرّغم من أنَّ أغلب التشريعات لم تذكر هذا الشرط إلا أنّه يجب أن يكون موجودًا؛ لأنَّه لا يجوز التدخل في شؤون الآخرين مهما بلغت الحاجة، وفي حال تجاوز ذلك يٌعد اعتداء ومساس بحقوق الآخرين وحرياتهم المصونة بموجب الدستور.
  • أن يكون الفضولي ذو أهلية، والتي نشب اختلاف حول الفقه القانوني حولها، بحيث ميّز الفقهاء بين الأعمال المادية والأعمال القانونية بالنسبة لتصرفات الفضولي، فاقد الأهلية من الممكن أن يُعد فضوليًّا فقط في التصرفات المادية دون القانونية، وفي حال تجاوز ذلك تُعد تصرفاته باطلة كأن لم تكن، أمّا الشخص ذو الأهلية الكاملة تُطبق عليه أحكام الفضولي سواء أكانت تصرفاته مادية أو قانونية.

أحكام الفضالة في القانون

كل شخص حرِّ التصرف في ماله بأي من التصرفات طالما لم تتجاوز حدود القانون، ومن هذه التصرفات البيع، والأصل العام أنَّ البيع يصدر من قبل المالك مباشرة إلى المشتري بواسطة عقد يتم بينهما يُسمى عقد البيع، ولكن في أحوالٍ استثنائية قد يصدر هذا البيع من شخصٍ آخر لا يكون مالك البيع، ويُسمى هذا الشخص بالفضولي،[٥] وهذا البيع يُعد من التصرفات الموقوفة التي نص عليها القانون المدني، والناظر في تشريعات الدول المختلفة، يجد أنَّ بعض التشريعات طبقت على أحكام الفضالة أحكام العقد الموقوف كما هو الحال في القانون المدني الأردني، حيث نصت المادة 550 على أنّه: "إذا باع شخص مالك غيره دون إذنه جاز للمشتري أن يطلب فسخ البيع، ولا يسري البيع في حق مالك العين المبيعة ولو أجازه المشتري"، ويتضح من خلال هذا النص أنَّ عقد البيع يكون بالنسبة للمشتري صحيحًا ونافذًا ولكنه غير ملزمٍ له، ويحق له فسخ عقد البيع سواء أكان ذلك برضا البائع أو دون رضاه.[٦]

ولكن في حال لم يجيزه المالك الحقيقي للمبيع فيُعد العقد باطلًا ولو أجازه المشتري، وفي حال رفضه المشتري وأجازه المالك الحقيقي يكون العقد قد انتهى بالأصل من قبل المشتري، هذا من جانب المشتري، أمّا بالنسبة للمالك فإنّ له الحق إمّا في إجازة البيع أو رفضه، فإذا قام بإجازة البيع ينفذ التصرف بحسب وقت صدوره، وفي هذه الحالة تُعد الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، ويُصبح الفضولي في منزلة الوكيل، لكن إن رفض المالك إجازة البيع يُفسخ عقد البيع وتُعاد الحال كما كانت عليه في السابق، ولكن هنا تثار إشكالية قانونية؛ لأن الحيازة بالمنقول سند الملكية، فإن كان المشتري حسن النية ولا يعلم المالك الحقيقي للمبيع لا يكون أمام المالك إلا استرداد المبيع عن طريق دعوى استحقاق أمام المحاكم المختصة، وفي حال هلاك المبيع يعود المالك على الفضولي أو المشتري على أساس المسؤولية التقصيرية، ويُطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحق به بسبب الهلاك، وهذا التعويض يكون سلطة تقديرية لقاضي الموضوع.[٦]

المراجع

  1. "تعريف و معنى فضالة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-18. بتصرّف.
  2. رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن حكيم بن حزام، الصفحة أو الرقم:165، حسن.
  3. "فضولي"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-18. بتصرّف.
  4. "الفضول تعريفه وشروطه وآثاره"، www.lebarmy.gov.lb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-18. بتصرّف.
  5. صلاح الدين الشوشاري (2001)، نظرية العقد الموقوف في القانون المدني دراسة موازنة بالفقه الإسلامي (الطبعة 1)، عمان-الأردن:دار الثقافة، صفحة 41.
  6. ^ أ ب زينة خريسات (2014)، التأصيل القانوني لبيع الفضولي، عمان-الأردن:جامعة الشرق الأوسط، صفحة 83-90. بتصرّف.
3437 مشاهدة
للأعلى للسفل
×