الفلسفة في الشعر العربي

كتابة:
الفلسفة في الشعر العربي

ماهية الشعر

قد يكون من الصعب وضع تعريف شامل للشعر يشمل على جميع أنواعه الموجودة في جميع لغات العالم، رغم ذلك وجِدت بعض التعريفات التي رسمت صورة شبه كاملة عن ماهية الشعر، ويشير أحد أهم التعريفات إلى أنَّ الشعر عبارة عن كلام موزونٍ ومقفَّى وله معنى، ويحتوي على أكثر من بيت، وهذا التعريف يشمل النَّظم، وأشار البعض إلى أنَّ الشعر هو كلام قصدَ إلى تقفيته ووزنه منذ بداية كتابته، لكن ما جاء بشكل عفوي ولا يقصد به الشعر فلا يقال عنه شعر، وأمَّا ابن خلدون فقد عرف الشعر بقوله: "هو كلام بليغ مبني على الأوصاف والاستعارة، مفصَّل بأجزاء متَّفقة في الوزن والروي، مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده، ويجري على أساليب العرب المخصوص به"، والشعر عمومًا شكل من أشكال الفنون الأدبية التي تستند إلى الوصف والتشبيه والأساليب الجمالية، وهذا المقال سيتحدث عن الفلسفة في الشعر العربي.[١]

الفلسفة في الشعر العربي

يمكن القول بأن الفلسفة تمثِّل في أوضح صورها محاولات الإنسان للوقوف أمام التساؤلات الكبرى التي ما تزال تشغله على مرِّ العصور مثل: الموت والحياة وبداية الخلق وحقيقة الكون ودور الإنسان ومصيره في النهاية وغيرها، فهي تساؤلات العقل البشري نفسه الذي ابتكر الشعر لطرح تلك التساؤلات بقوالب أدبية مختلفة، حيثُ يحاول الشعر أن يعبِّر عن كل ما يدور في خلد الإنسان بما في ذلك القضايا الفلسفية وكأن وظيفته الأولى هي القلق إزاء جميع التساؤلات ممثلةً بقول المتنبي: على قلقٍ كأن الريح تحتي، وظهرت الفلسفة في شعر العرب قديمًا على شكل حكمة وتأملات تجلَّت عند كثير من الشعراء مثل: زهير بن أبي سلمى والشنفرى ولبيد وغيرهم، ومع تطور حركة العلوم وترجمة الفلسفة اليونانية في العصر العباسي بدأت الفلسفة في الشعر العربي تظهر بشكل أكثر وضوحًا كما في أشعار أبي تمام وأبي العتاهية، وأمَّا أبو الطيب المتنبي فقد كان حالةً شعرية فلسفية فريدة في شتى مناحي الحياة، كما في قوله:[٢] إذا ما تأملتُ الزمان وصرفه تيقنت أنَّ الموت ضرب من القتلِ وما الدهر أهل أن تؤمل عنده حياة وأن يُشتاق فيه إلى النسلِ ويعدُّ أبو العلاء المعري أشهر الشعراء الفلاسفة عند العرب، فقد وصِف بأنه شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء، واستمرَّت الفلسفة بالظهور في الشعر العربي في كل مرحلة من مراحله، وحتى في العصر الحديث بعد ظهور المدارس الشعرية والأدبية الحديثة كالرومانسية والواقعية، وقد تميَّزت أشعار كلا المدرستين بكثرة التأملات والحديث عن الذات الإنسانية وعن الإنسان والقضايا الإنسانية، ومن أشهر الشعراء الذين ظهرت الفلسفة جليَّة في أشعارهم: جبران، خليل مطران، إيليا أبو ماضي، محمود درويش وغيرهم.[٣]

حضور الفلسفة في النقد الأدبي

لم يقتصر حضور الفلسفة على الشعر في الأدب العربي وإنَّما حلَّت الفلسفة في مختلف مجالات الأدب بما في ذلك النقد، وكانت أسلوبًا يتبعه البعض سواءً في الألفاظ أو الأفكار لطرح الكلام والحكم على أمر معيِّن، ولاحظَ النقاد العرب قديمًا ظهور الفلسفة في الشعر وتباينت مواقفهم من تلك الظاهرة، بين رافض ومؤيد لتلك الظاهرة، فالنقد علم قائم بحد ذاته، وهو بالإضافة إلى الذائقة الفردية عبارة عن عملية معقدة تُبنى على أساس الفكر والفلسفة والإيديولوجيا والثقافة والفن لتحليل النص الأدبي، وبالتالي فإنَّ النقد محاولة استقصاء لمختلف تجارب البشر لتشكيل موقف نقدي خاص، وهذا ما يمكن أن يجسد طريقة الفلسفة في البحث والوصول إلى الحقيقة.[٤]

المراجع

  1. "شعر (أدب)"، www.wikiwand.com، 23-4-2020. بتصرّف.
  2. "بنا منك فوق الرمل ما بك في الرمل"، www.adab.com، 23-4-2020.
  3. "شعر عربي"، ar.wikipedia.org، 23-4-2020. بتصرّف.
  4. رياض شنتة جبر، الشعر العربي والفلسفة، صفحة 182. بتصرّف.
7757 مشاهدة
للأعلى للسفل
×