القانون الجنائي السعودي

كتابة:
القانون الجنائي السعودي

القانون الجنائي

يعدّ القانون الجنائي من القوانين التي ترتبط بسلطان الدولة، ولا يجوز لأي جهة أن تخالف أحكامه أو تتنازل عنها تحت أي ظرف، سواء أكان القاضي أم النيابة العامة، فالدولة هي صاحبة الحقّ الوحيد بإيقاع العقوبة على مرتكبي الجرائم، بواسطة الجهة المكلفة بذلك، وبالتالي فإن القانون الجنائي يوضّح الأفعال المجرمة والعقوبات المقدرة لها، كما يبيّن الإجراءات الواجب اتباعها منذ لحظة ارتكاب الجريمة إلى حين الفصل بها، وفي ذلك سنبين القانون الجنائي السعودي، وتعلقه بسيادة الدولة، وعلاقة قانون العقوبات بقانون الإجراءات الجنائية، والاختلاف بينهم.


القانون الجنائي السعودي

يُعرَّف القانون الجنائي السعودي على أنّه مجموعة من القواعد الشكلية والموضوعية التي تحدد الجرائم والعقوبات المطبقة عليها، كما أنه يحدد الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية منذ لحظة ارتكاب الجريمة إلى حين صدور حكم قطعيّ بها غير قابل للطعن، كما أنه يبين طرق الطعن، والقيود التي ترد على تحريك الدعوى العمومية، وأعمال النيابة العامة ومساعديها، وبالتالي فإن القانون الجنائي بدوره يضمّ مجموعتين من القواعد، أولها قواعد موضوعية أو تسمى بالقواعد المادية، والتي تتصف بالجمود ويطلق عليها قانون العقوبات، حيث إنّ قانون العقوبات يحدّد الأفعال التي تعدّ مجرّمة، وكذلك العقوبات المقدرة لها، ويبين أفعال التبرير والإباحة، وموانع المسؤولية الجزائية وموانع العقاب.[١]


أمّا المجموعة الثانية فهي مجموعة من القواعد الشكلية التي تحدد الوسائل والإجراءات التي يجب على الدولة ممثلة بالنيابة العامة القيام بها عند وقوع جريمة، كا أنه يحدد اختصاصات المحاكم على مختلف أنواعها، وإجراءات المحاكمة، ويطلق على هذه المجموعة قانون الإجراءات الجنائية.[١]


القانون الجنائي السعودي وسيادة الدولة

يعد القانون الجنائي فرعًا من فروع القانون العام، والذي بدوره يكون متعلقًا بسيادة الدولة، ذلك يعني أنه لا يجوز تطبيق أي قانون جنائي لدولة أخرى على أرض المملكة العربية السعودية، وإذا حصل ذلك يعد خرقًا لمفهوم سيادة الدولة، فالقانون الجنائي الوحيد الواجب التطبيق على أرض المملكة هو القانون الجنائي السعودي، سواء أكان أطراف النزاع من أصل المملكة أم من الأجانب عنها، وتتسم قواعد القانون الجنائي بالثبات، ويعني ذلك أن جميع قواعده آمرة ولا يجوز الخروج عنها بأي حالٍ من الأحوال، كما أنّه لا يمكن الإتفاق على ما يخالفها أو التنازل عنها، وإلا عد ذلك باطلًا ولا يرتب أي أثر.[٢]


ويعرف القانون الجنائي على أنه مجموعة من القواعد الموضوعية والشكلية التي تحدد الجرائم وما يترتب عليها من عقوبات، وكيفية تحريك الدعوى الجنائية بمراحلها كافة، والطعن بها وإعادة المحاكمة والعفو عن الأحكام، ويطلق على القواعد الموضوعية بقانون العقوبات، أما القواعد الشكلية تسمى قانون المحاكمات الجنائية.[٢]


علاقة قانون العقوبات بقانون الإجراءات الجنائية

كما تبيّن أن القانون الجنائي السعودي يضم قانون أصول الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات، فإن قانون الإجراءات الجنائية يعدّ الأداة الحية والفعالة لتطبيق قانون العقوبات التي تتسم قواعده بالجمود، فهو يعد الوسيلة الوحيدة لبيان الإجراءات الواجب اتباعها من أجل معرفة وقائع الجريمة، والكشف عن الأدلة المرتبطة بها، وملاحقة المسؤوولين عنها، والتحقيق معهم، وإحالتهم إللى المحكمة المختصة إلى حين صدور حكم بحقهم، وبالتالي فإن قانون العقوبات لا يمكن تطبيقه دون وجود قانون الإجراءات الجنائية، وهذا أكبر دليل على الارتباط الوثيق بين قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية.[٣]


وذهب جانب من الفقه بتقسيم قواعد القانون الجنائي السعودي إلى قسمين، شكلي الذي يضم قواعد قانون العقوبات، وموضوعي والذي يضم الإجراءات المتبعة لتطبيق قانون العقوبات، إلا أن جانبًا آخرَ من الفقه انتقد هذا التقسيم، واعتبر أنّ قواعد القانون الجنائي مختلطة، مما يجب عدم الاعتداد بذلك التقسيم بتاتًا، بل يجب النظر إلى طبيعة العمل ذاته، كذلك خصائص ذلك العمل في التتظيم القانوني المعمول به.[٣]


الاختلاف بين قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية

إنّ الاختلاف بين قواعد قانون العقوبات وقواعد قانون الإجراءات الجنائية على قدرٍ من الأهمية، حيث إنّه لا يجوز استخدام القياس على نصوص قانون العقوبات تحت أيّ ظرف، عملًا بمبدأ قانونية الجرائم والعقاب، حيث إنّ المشرع هو الشخص الوحيد المخوّل بتحديد الأفعال التي تعدّ مجرمة، كما أنّه يحدد العقوبات المناسبة لها، فليس لأي شخص سواء كان القاضي أم المحامي أم غيرهم من الأشخاص، أن يصنّف أي فعل من الأفعال أنّه جريمة، ويعاقب مرتكبها عليها دون أن ينصّ على ذلك قانون العقوبات، فليس لأي أحد أن يخلق جرائم وعقوبات لم يضمها المشرع إلى قانون العقوبات، وهذا المبدأ هو كفالة لحقوق الأفراد وحرياتهم، فلو ترك الأمر إلى تقدير القاضي لأصبح الأفراد في حيرة من أمرهم بما هو مباح من الأفعال وما هو مجرم، إلا أن القياس يمكن سريانه على قانون الإجراءات الجنائية.[٤]


أما مبدأ عدم رجعية القانون، فإنه لا يطبق في قانون العقوبات، إذ إنه من النتائج المترتبة على مبدأ الشرعية للجرائم والعقاب، فالمبدأ الأخير وُجد لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم، فلو صدر قانون جديد يخفف عقوبةٍ ما، أو يبيح فعلًا كان مجرمًا في ظل القانون الجديد، فإنه من الأفضل تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي، حيث أن الأصل عدم جواز تطبيق القانون بأثر رجعي، ويعد تطبيق القانون الأصلح للمتهم الاستثناء على الأصل، أما قانون الإجراءات الجنائية فتتسم قواعده بالفورية والمباشرة في التطبيق، فيخضع في ظلها كل الأفعال التي ترتكب خلالها دون أن تنسحب إلى الماضي بأثر رجعيّ.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد سعيد نمور (2014)، أصول الإجراءات الجزائية (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 22. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عباس الصرف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 35-39. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أحمد سرور (1979)، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية ، القاهرة: دار النهضة العربية، صفحة 5-6، جزء الأول. بتصرّف.
  4. ^ أ ب علي محمد جعفر (1994)، مبادىء المحاكمات الجزائية (الطبعة الأولى)، بيروت: المؤسسة الجامعية للداراسات والنشر والتوزيع، صفحة 8. بتصرّف.
4584 مشاهدة
للأعلى للسفل
×