المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير

كتابة:
المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير



مفهوم المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير

تُعدّ المسؤولية التقصيرية جزءًا من المسؤولية المدنية التي تقع على عاتق كثيرٍ من الأشخاص، وهي من أهم مسائل القانون المدني الحديث وأكثرها جدارة بالبحث والدراسة، وتتطور طبقًا لتطور الفكر الاجتماعيّ السائد في الدولة، والذي يتغير وفقًا لظروف الحياة المختلفة، وترتبط هذه المسؤولية ارتباطًا وثيقًا بالحياة اليوميّة، وتتميز بالتطبيق العملي المُتواصل والمستمر لها.[١]


إنّ الأصل في المسؤولية أنّ الإنسان لا يُسأل إلا عمّا يرتكبه من أعمال يقوم بها بنفسه وتلحق ضررًا بالآخرين، ولكن يستثني القانون بعض الحالات من هذه القاعدة العامة، فيجعل فيها الإنسان مسؤولًا عمّا يصدر عن الغير من أفعال تُلحق ضررًا بأشخاص آخرين، دون أن يكون له دَخْل في هذه الأفعال، والسبب في ذلك وجود علاقة قانونية معينة تربط صاحب السلوك الخاطئ بالشخص الأول، والتي تعطي الحقّ لمن لحقه الضرر بمساءلة الأخير.[٢]


وعليه، يمكن تعريف المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير أنّها: "تلك المسؤولية التي لا تقوم على أساس خطأ الواجب الإثبات، بل على وجود خطأ مفترض صدرَ عن الغير وليس عن الإنسان نفسِه، ولكن المسؤولية قامت في مواجهة الأخير"، وأساس هذا النوع من المسؤولية هو رغبة المشرّع القانوني في إزالة عبء إثبات الخطأ عن كاهل المضرور "أي الذي لحقَه الضرر".[٢]

حالات المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير

تتعدّد حالات المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير؛ ولكن يمكن شَملُها بنوعين، هما:[٣]

  • الحالة الأولى

حالة مَن تجب عليه رقابة شخص هو في حاجة إلى الرّقابة، وذلك بسبب صغر سنّه، أو بسبب حالته العقلية أو الجسمية، لذلك، كلّ عمل يصدر عن هؤلاء سوف تتم مساءلة المسؤول عن الرقابة والرعاية، ويمكن مطالبته بالتعويض.

  • الحالة الثانية

حالة المتبوع عن أعمال التّابع، وهنا تقوم مسؤولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعًا أثناء تأديته لوظيفته أو بسببها، ويشترط لقيام هذا النوع من المسؤولية، قيام علاقة التبعيّة بين المتبوع والتابع، وحدوث خطأ من جانب التابع، ويجب أن يكون هذا الخطأ قد حصل أثناء قيام التابع بعمله لدى المتبوع أو بسبب هذا العمل.

المسؤولية التقصيرية عن الأشياء الحية وغير الحية

وهو نوع من أنواع المسؤولية التقصيرية التي يُسأل فيها الإنسان عن ضرر يصدر من شيء تحت حمايته أو حراسته، ويلحق ضررًا بالغير، سواء كان حَيًّا؛ كالحيوان أو النبات، أم كان غير حيّ؛ كالبناء أو الآلات الميكانيكية.[٤]


حقيقةً، إنّ هذا النوع من المسؤولية يقوم على أساس فكرة الخطأ أيضًا، ولكنه ليس خطأ بَشَرِيًّا ناتجًا عن عمل، إنما خطأ في الحراسة والتأمين، وتظلّ فكرة المسؤولية مبنية على الخطأ، مما يعطي الحق لكل شخص لحقه الضرر المطالبة بالتعويض، وتكون هذه المسؤوليّة على ثلاثة أنواع، هي:[٤]

  • مسؤولية حارس الحيوان عمّا يلحقه من ضرر بالغير إذا ما أخطأ في حراسته وتأمينه، كما لو أن كلبًا هجم على شخص وسبّب له جرحًا بليغًا؛ بسبب أن صاحبه لم يقم بتأمينه تأمينًا كافيًا.
  • مسؤولية صاحب البناء الذي ألحق ضررًا بالغير؛ بسبب عدم قيام صاحبه بالأعمال الواجب عليه لحماية الآخرين، كترميمه مثلًا لكونه قديمًا نوعًا ما أو متهالكًا، فسقط على شخص ما وألحق به أضرارًً جسيمة.
  • مسؤولية من يتولّى حراسة وتأمين الآلات الميكانيكية، أو تلك الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة؛ بسبب طبيعة هذه الأشياء الخطرة التي من شأن الإهمال في تأمينها التسبب بالضرر للآخرين.

المراجع

  1. هوزان عبدالمحسن عبدالله ، مسؤولية متولي الرقابة دراسة مقارنة، صفحة 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب د هلدير أسعد أحمد، نظرية الغش في العقد، صفحة 212-214. بتصرّف.
  3. سيد أمين، المسؤولية التقصيرية عن فعل الخير في الفقه الإسلامي المقارن، صفحة 132. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، صفحة 893. بتصرّف.
6619 مشاهدة
للأعلى للسفل
×