المضادات الحيوية ليست الحل دائما بالنسبة للأطفال

كتابة:
المضادات الحيوية ليست الحل دائما بالنسبة للأطفال

في 80% من حالات التهاب الجيوب الانفية لدى الأطفال، لا حاجة لاستخدام المضادات الحيوية، إذ أن الالتهاب يكون من مصدر فيروسي.

غالبية الأطفال الذين يعانون من التهاب الجيوب الأنفية (Sinusitis) لا يحتاجون إلى المعالجة بالمضادات الحيوية. هذا ما يتبين من نتائج بحث جديد نشر في العدد الماضي من مجلة  Pediatrics (طب الأطفال). وقد بينت نتائج هذا البحث إنه لم تظهر فروق في مستويات ونسب الشفاء بين الأطفال الذين تلقوا علاجا بالمضادات الحيوية وبين الأطفال الذين تلقوا علاجا وهميا. 

قام الباحثون بفحص 180 طفلا في سن ما بين سنة واحدة حتى 18 سنة، ممن عانوا من أعراض التهاب الجيوب الأنفية على مدى 10 أيام أو أكثر. بعد أن تم تشخيص إصابة الأطفال بالتهاب الجيوب الأنفية بشكل مؤكد، تم تقسيمهم - بشكل عشوائي - إلى ثلاث مجموعات: مجموعة تلقت علاجا بعقار الأموكسيسيلين (Amoxicillin)، ومجموعة تلقت علاجا يدمج بين الاموكسيسيلين وحمض الكلافولانيك (Clavulanic)، ومجموعة ثالثة تلقى أفرادها دواءً وهميا لا يحتوي على أية مادة فعالة. وقد شفي 80% من الأطفال في مختلف مجموعات التجربة، خلال أسبوعين.

تثبت هذه النتائج أن إعطاء المضادات الحيوية لا يساعد غالبية الأطفال الذين يتوجهون إلى الطبيب. إذا قرر الطبيب عدم إعطاء الطفل مضادات حيوية، فمن المهم أن يجلس الأهل ويسمعوا وجهة نظر الطبيب وأن يتحدثوا معه عنها في محاولة لفهمها، حتى لو كانوا على يقين بضرورة إعطاء ابنهم المضادات الحيوية. 

تعالج المضادات الحيوية التلوثات البكتيرية، وليس التلوثات الفيروسية. والتهاب الجيوب الأنفية هو حالة تنتفخ فيها وتتورم التجويفات الموجودة أعلى الأنف، وغالبا ما يحدث ذلك بسبب التلوثات الفيروسية كالرشح والأنفلونزا. في قسم صغير جدا من حالات التهاب الجيوب الأنفية، يكون مصدر الالتهاب تلوثا بكتيريا، وليس فيروسياً.  

من الصعب جدا التمييز بين التهاب الجيوب الأنفية البكتيري وبين الالتهاب الفيروسي. فالأعراض ومدة المرض متماثلة في كلتا الحالتين. لكن إذا كانت هنالك آلام وحساسية في الوجه، أو آلام في الأسنان لأكثر من سبعة أيام، فمن شبه المؤكد أن يكون الالتهاب بكتيريا. الطريقة الوحيدة التي تمكننا من معرفة نوع الالتهاب الذي يعاني منه المريض هي إدخال إبرة إلى الجيوب الأنفية عبر الأنف نفسه، وشفط القليل من السوائل الموجودة فيها، من أجل فحص نوع الجراثيم التي نمت هناك. من الواضح أن هذه الخطوة تعتبر خطوة حادة، ولذلك لا يتم إجراء هذه الفحوص بشكل عام إلا في الحالات النادرة. بالإمكان، طبعا، إجراء فحص التصوير المقطعي المحوسب (CT) للجيوب الأنفية، غير أن هذا الفحص باهظ الثمن، وليس دقيقا في كل الحالات. 

نظرا لصعوبة التمييز بين نوعي الالتهاب من طرف الأطباء، وبسبب الضغوط التي يفرضها عليهم الأهل، فإن الكثير من الأطباء يقومون بوصف المضادات الحيوية لمعالجة التهاب الجيوب الأنفية، احتياطا وتحسبا لاحتمال أن يكون الالتهاب بكتيرياً فعلا. لكن المشكلة هي أنه قد لا تكون هنالك ضرورة حقيقية للمعالجة بالمضادات الحيوية، بينما يسبب استخدامها بإفراط وبصورة مبالغة بها حالة من تاقلم الجراثيم لها واكتساب قدرة على مواجهتها وعدم الحساسية لها (المضادات الحيوية). 

من المحبذ الاعتماد على جهاز المناعة من أجل معالجة التلوث. ينطبق هذا الأمر على أكثر من 90% من الحالات. من المحبذ التوجه إلى الطبيب من أجل التأكد من أن الحالة العينية ليست حالة أشد خطورة من التهاب الجيوب الأنفية، كما لا بد من الوثوق بالطبيب عندما يقول إن الطفل ليس بحاجة إلى العلاج بالمضادات الحيوية. أما من أجل معالجة الأعراض، فبالإمكان استخدام العقاقير التي لا تحتاج إلى وصفة طبيب، مثل علاجات الرشح، مسكنات الآلام ومخفضات الحرارة، ولكن طبعا بعد استشارة الطبيب أو الصيدلي. 

3310 مشاهدة
للأعلى للسفل
×