النحت في اللغة العربية

كتابة:
النحت في اللغة العربية

اللغة العربية

تعدُّ اللغة العربية من اللغات السامية وهي أكبر فرع منها، وتتشابه مع بقية اللغات السامية مثل اللغة الأمهرية والعبرية والآرامية تشابهًا كبيرًا، واللغة العربية من أكثر اللغات انتشارًا بين البشر حيثُ يبلغُ عدد المتحدثين بها مليار وثلاثمئة مليون شخص ينتشرون في كثير من بقاع العالم، خصوصًا في الشرق الأوسط والشمال الإفريقي وإيران وتركيا والسنغال ومالي وتشاد، وتكمنُ أهميَّتها الكبيرة في أنها لغة القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- هدايةً للناس أجمعين، ولا تصحُّ صلاةُ مسلمٍ إلا بها، ويُعد انتشار الإسلام السبب الرئيس وراء انتشار اللغة العربية على نطاق واسع، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول النحت في اللغة العربية.[١]

علم الاشتقاق في اللغة العربية

قبل الحديث عن النحت في اللغة العربية سيُشار إلى الاشتقاق بشكل عام، حيثُ يعرَّف الاشتقاق لغةً بأنَّه أخذُ شيءٍ من شيءٍ آخر أو أخذُ شقِّه، ومعنى اشتقاق الكلام أي أخذه شمالًا ويمينًا، أمَّا في اصطلاح اللغة فيعرَّف الاشتقاق بأنَّه اقتطاعُ فرعٍ من أصلٍ ما تدورُ في تصاريفه حروف الأصل، أو أخذ كلمة من كلمة أخرى مع بعض الإجراءات وفق ما يناسب المعنى، أو انتزاع لفظٍ من لفظٍ آخر على أن يكونا متناسبين في المعنى والتركيب ويختلفان في الصياغة، ويُسمّى أيضًا علم مقاييس اللغة ولكنَّ علم الاشتقاق هو الاسم الأشهر في كتب النحويين، ويعدُّ ابنُ دريد أوَّل من أفرد له تصنيف خاص يحتوي على معظم أصوله وابن فارس في كتابه معجم مقاييس اللغة وهناك محاولات للفراهيدي قبلهما، ويقابل علم التأثير علم الاشتقاق في بقية اللغات الأخرى، ويعدُّ النحت في اللغة العربية أحد أنواع الاشتقاق.[٢]

النحت في اللغة العربية

يمكن تعريف النحت لغةً بأنه القطع والبري والنشر، فيُقال: نحتَ النجار الخشبَ وذلكَ إذا اقتطع منه وشذَّب حوافه وبراه، ومثل في ذلك في الحجارة، قال تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ}،[٣] أمَّا في اصطلاح اللغة فيدلُّ لفظ النحت على أخذ كلمة واحدة من حروف كلمتين أو أكثر مثل جملة بحيث تدلُّ الكلمة الجديدة على المعنى نفسه المراد من الجملة ذاتها، ولأنّ ذلك يشبه بشكل أو بآخر فن النحت في الخشب والحجارة أسماهُ النحويون نحتًا، وقد عرَّفه الخليل بن أحمد الفراهيدي قائلًا: "هو أخذُ كلمة من كلمتين متعاقبتين واشتقاق فعل منهما".[٤]

ويعدُّ الخليل بن أحمد الفراهيدي أوَّل من أشار إلى ظاهرة النحت في اللغة العربية عندما قال: "إنَّ العين لا تأتلف مع الحاء في كلمة واحدة لقرب مخرجيهما، إلا أن يشتقَّ فعلٌ من جمع بين كلمتين مثل -حيَّ على- كما في قول الشاعر:

أَقُولُ لَهَا وَدَمْعُ العَيْنِ جَارٍ

أَلَمْ يَحْزُنْكِ حَيْعَلَةُ المُنَادِي؟

وقد عرَّف الدكتور نهاد الموسى النحت تعريفًا شاملًا استلهمه من بقيَّة التعريفات قائلًا: "النحت هو بناء كلمةٍ جديدةٍ من كلمتين أو أكثر أو من جملة، بحيث تكون الكلمتان أو الكلمات متباينة في المعنى والصورة، وبحيث تكون الكلمة الجديدة آخِذة منها جميعًا بحظٍّ في اللفظ، دالَّة عليها جميعًا في المعنى"، ويعدُّ هذا التعريف أشمل تعريف للنحت.[٤]

أقسام النحت في اللغة العربية

لقد قسَّمَ علماء اللغة العربية المتأخرون النحت في اللغة العربية بناءً على القراءة والبحث في الأمثلة التي أوردها الخليل بن أحمد على النحت إلى عدَّة أقسام، وسيتمُّ ذكر أقسام النحت في اللغة العربية فيما يأتي:[٥]

  • النحت الفعلي: هو أحد أنواع النحت الذي يتمُّ فيه نحت فعلٍ من جملة واحدة ويدلُّ الفعل المنحوت على معنى الجملة كاملةً وعلى حدوث الفعل التي تعبِّرُ عنه، ومن الأمثلة على ذلك: فعل جعفَد المنحوت من: جعلت فداك، فعل بسملَ من: بسم الله الرحمن الرحيم.
  • النحت الاسمي: وهو أن يتمَّ نحت كلمة واحدة من كلمتين لتصبح كلمة جديدة تعبِّر عن المعنى نفسه المراد من الكلمتين السابقتين، ومن الأمثلة على ذلك: كلمة جلمود من: جمد وجلد، كلمة حبقر تدل على البرد وهي منحوتة من: حب وقر.
  • النحت الوصفي: وهو أن تُنحت كلمة من كلمتين تدلُّ على صفةٍ بنفس المعنى التي عبَّرت عنه الكلمتين أو بمعنى أشد، مثل: ضبطر بمعنى الرجل الشديد وهي منحوتة من: ضبطَ وضبر.
  • النحت النسبي: وهو أن يُنسب الشخص أو الشيء إلى بلدين معًا، مثل قولهم: طبرخزي أي منسوب إلى طبرستان وخوارزم في الوقت ذاته، وكذلك شفعنتي أي منسوب إلى مذهبي الشافعي وأبي حنيفة.
  • النحت التخفيفي: هو جمع كلمتين في كلمة وحذف حرف أو أكثر لتخفيف اللفظ، مثل: بلعنبر للدلالة على بني عنبر، بلحارث للدلالة على بني الحارث، بلخزرج للدلالة على بني الخزرج.
  • النحت الحرفي: هو أن يكون أحد الحروف منحوتًا مثل قول الفراء في نون "لكن"، حيثُ اعتبرها منحوتة وأن أصلها "لكن أن"، وللتخفيف تمَّ التخلص من الهمزة.
  • غير ذلك: يوجد العديد من التأويلات في كلمات كانت مستخدمة حملَها بعض النحويين على النحت، مثل قول أبي عبد الرحمن الثوري بأنَّ الدرهم من دار الهم، والدينار مِن يُدني إلى النار، وقيلَ أيضًا: إنَّ العصفور سمِّي بذلك من عصى وفرَّ وغيرها.

أغراض النحت في اللغة العربية

اللغة العربية من اللغات الثريَّة والتي ما تزال رغم مرور مئات السنين عليها تفرضُ سيادتها على كثير من شعوب الأرض، وامتازت اللغة العربية بالعديد من الخصائص التي تفوَّقت بها على غيرها من اللغات، ولكي تبقى على مستوى التفوق ذاك وُجد النحت في اللغة كغيره من أساليب اللغة وفنونها، وسيتمُّ ذكر بعض أغراض النحت فيما يأتي:[٤]

  • تسهيلُ التعبير عن معنى معين عن طريق اختصار الكلام الكثير في كلمة واحدة.
  • وسيلةٌ لتطوير اللغة العربية وتنميتها.
  • إكثار مفردات اللغة العربية وإثراؤها.

المراجع

  1. "لغة عربية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-07-2019. بتصرّف.
  2. "علم الاشتقاق"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-07-2019. بتصرّف.
  3. سورة الشعراء، آية: 149.
  4. ^ أ ب ت "النحت في اللغة العربية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-07-2019. بتصرّف.
  5. "ظاهرة النحت في اللغة العربية"، www.diwanalarab.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-07-2019. بتصرّف.
4972 مشاهدة
للأعلى للسفل
×