الوصية وتأثيرها على الميراث

كتابة:
الوصية وتأثيرها على الميراث

تعريف الوصيّة

الوصيّة أو الإيصاء: مصدر الفعل وصّى وأوصى،[١] وتعرّف كالآتي:

  • الوصية لغة

تكليف الغير في القيام بفعل معيّن حال غيابه، خلال حياته، أو بعد مماته.[٢]

  • الوصية اصطلاحاً

التبرع بعينٍ أو بمنفعةٍ، وهو معلَّقٌ بالوفاة،[٣]وبهذا يكون تمليكاً من المُوصِي -وهو المملِّك- للموصَى له -وهو من له التّمليك-.[٤]

وتكون الوصيّة على نوعين من حيث الإطلاق والتقييد كالآتي:[٣]

  • وصيّة مطلقة

وهي غير المقيّدة بشرط، كالمكان أو الزّمان أو الحال، كأن يقول: أوصيت لفلان بكذا.

  • وصيّة مقيَّدة

وهي التي تقيَّد بتحقُّق شرط؛ كالمكان أو الزّمان أو الحال -غير الوفاة-، كأن يقول: أوصيت لفلانٍ بكذا إن مت في مرضي هذا.

تأثير الوصيّة على الميراث

تنقسم الوصيّة في تأثيرها على الميراث إلى قسمين بحسب مشروعيّتها؛ فما كان منها مشروعاً أثّر في الميراث، بل قُدّم عليه في الأداء، وما كان منها غير مشروع لم يصحّ ابتداءً، ولا يجوز العمل به، وبالتالي فليس له تأثير على الميراث، وعليه سنبيّن قسميِّ الوصيّة بشيءٍ من التّفصيل كما يأتي:

الوصيّة المؤثّرة على الميراث

حتّى تؤثّر الوصيّة على الميراث؛ لا بدّ لها من تحقيق شروط الوصيّة، أي لا بد لها أن تكون مشروعةً؛ ولذا حدّد لها أهل الفقه عِدّة شروط تُخرجها عن الوصيّة غير المشروعة، وتجعلها مقدّمة في الأداء على تقسيم الميراث نفسه، وقد تعدّدت الشّروط بتعدّد اعتباراتها؛ وفيما يأتي بيانها:[٥]

  • الشّروط المتعلّقة بالوصيّ (الموصِي)

وهي البلوغ أو التمييز -وتعدّدت آراهم في ذلك-، والعقل، والحريّة، والقصد، وأن لا يكون محجوراً لسفهٍ، وأن لا يكون مديناً بدَيّن أكثر من ماله.

  • الشّروط المتعلّقة بالموصى له

وهي أهليّة التملّك، والحياة حال الوصيّة، وأن يكون معلوماً بعينه أو بصفته، وأن لا يكون قاتلاً للموصي إلا بشروط.

  • الشّروط المتعلّقة بالموصى به

وهي أن يكون ملكاً للموصي، وأن يكون مباحاً، وأن يكون حال الوفاة لا قبلها -وإلّا كان هبةً-.

وإن تحقّقت الشّروط في الوصيّة؛ ثبتت الوصيّة، وترتّب عليها تملّك الموصَى له للموصى به من لحظة وفاة الموصِي، فإن أبى الموصَى له ما أوصِي له به، رُدّت على التَّركة،[٦] سواء كانت عيناً: كالنّقد أو العقار، أو منفعةً: كالانتفاع من الزرع بالثمر، وغير ذلك.[٧]

الوصية غير المؤثّرة على الميراث

هي الوصيّة التي خالفت واحداً من الشّروط أو أكثر، وتكون على عِدّة أشكال:[٨]

الوصية التي تزيد عن الثلث

دلّت السنّة على أنّ مَنْ كان له مالٌ قليل فالأصلح أن يتركه لورثته ولا يوصِي به، لأنَّهم أحقُّ به من غيرهم، أمّا من كان له مالٌ وفير وله من يرثه، فيُسنُّ له أن يوصي بخُمس ماله أو رُبعه، وله أن يوصي بالثّلث.

أمّا في حال إذا زادت الوصيّة عن الثّلث فلا تصحّ، إلاّ إذا وافق الورثة على ذلك بعد موت الموصِي.[٦]

ويُسْتثنى من ذلك من ليس عليه دَين، وليس له وارث، فله أن يُوصِي بكلِّ ماله، ووصيّته تصحّ ويُعمل بها دون إجازةٍ أحد،[٦] أمّا من كان عليه دَين، فإن دَينه يُقضى أولاً، وإن استهلك ماله كلّه، ثمَّ يعمل بالوصيّة فيما بقي من تركته.[٩]

الوصية التي تخالف قواعد توزيع الميراث

إن تعارضت الوصيّة مع الأحكام الشرعيّة التي تضبط الميراث، فلا تصحّ ولا يجوز العمل بها، وعليه فلا تُحدِث أثرها في الميراث، كأن يوصي أحدهم بالتّسوية في تقسيم الميراث بين الذّكور والإناث، لأنّ في ذلك مخالفةٌ للأحكام الشرعيّة وأكلٌ لمال الناس بالباطل.[١٠]

الوصية لوارث

لا تصحّ الوصيّة إذا كان الموصى له أحد الورثة؛ لقول الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)،[١١] إلّا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصِي، فإنَّها تصحُّ على سبيل الهِبة لا الميراث.[٦]

الوصيّة الواجبة وتأثيرها على الميراث

الوصيّة الواجبة هي وصيّة استُحدثت في بعض قوانين الأحوال الشخصيّة في البلاد الإسلاميّة؛ لمعالجة مُشكلة أحفاد المورِّث اليتامى، وأخذت حكم الوجوب، وقُدّمت في الأداء على الوصايا الاختيارية. فإن لم يوصِ بها الجد لأبناء ابنه المتوفَّى قبله أو معه؛ أنفذها القاضي قبل وصايا الجدّ الاختياريّة.[١٢]

سبب استحداث الوصية ومستحقوها

استُحدثت هذه الوصيّة؛ لمعالجة مشكلة الأحفاد اليتامى للمورِّث، إذ لا يرثون بطبيعة الحال، ويرث أعمامهم، وقد يكونوا في فقر وحاجة، ويكون أعمامهم خلاف ذلك، وكان استحداث هذه الوصيّة؛ تماشياً مع مقاصد التّشريع الإسلاميِّ في توزيع التّركة على أساسٍ من العدل والمنطق.[١٣]

أما عن مستحقّيها فهم الأحفاد الذين مات أبوهم قبل -أو مع- موت الجد أو الجدة، فإذا لم يوصِ الجد أو الجدة لهؤلاء الحفدة بمثل نصيب أصلهم، وَجَبَت لهم الوصية بإيجاب الله -تعالى- بمثل هذا النّصيب، على ألا يزيد على الثّلث. [١٣]

حيث قال الله -تعالى-: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ).[١٤]

تقديم العمل بالوصيّة الواجبة على الوصايا الاختياريّة

تقديم العمل بالوصية الواجبة على غيرها -من الوصايا الاختياريّة- واجب أيضاً؛ لأنَّ بها حقٌّ للعباد، فهي أوجب من الاختياريّة -التي يقصد بها الأجر والثواب-، على أن لا تزيد عن الثّلث، فإن شمل ثلث التّركة مجموع الوصايا الواجبة والاختياريّة عُمل بها جميعاً.[١٣]

شروط استحقاق الوصيّة الواجبة

ورد في قانون الأحوال الشخصيّ الأردنيّ أربعة شروطٍ لاستحقاق الأحفاد للوصيّة الواجبة، وهي كما يأتي:[١٥]

  • أن يكون مجموع حصة الأحفاد من هذه الوصية بمثل حصة أصلهم، على أن لا يزيد ذلك عن الثلث.
  • يُستثنى الأحفاد من هذه الوصية إن كانوا ورثة لجدهم، أو إن كان فُرض لهم في حياته بمثل حُصّة أبيهم من التركة، فإن فُرض أقلّ أُتِمَّت لهم، وإن فُرض أكثر سُمِّي ما زاد وصيّة اختياريّة.
  • تكون الوصية لأولاد الابن وإن نزل، وتقسم بينهم للذّكر مثل حظ الأنثيين.
  • هذه الوصيّة الواجبة مقدَّمة في الاستيفاء من ثلث التّركة على الوصايا الاختياريّة، وإن لم يفرضها الجدّ فَرَضها القاضي.

المراجع

  1. قاسم الحنفي، أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء، صفحة 111. بتصرّف.
  2. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مصر، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 674. بتصرّف.
  3. ^ أ ب وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ، صفحة 7440. بتصرّف.
  4. محمد البركتي، التعريفات الفقهية، صفحة 237. بتصرّف.
  5. عبد الله الطيار، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 280-283. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 679-680. بتصرّف.
  7. شمس الدين المقدسي، الشرح الكبير، صفحة 364. بتصرّف.
  8. لجنة الإفتاء (14/3/2016)، "حكم الوصية إذا تعارضت مع الأحكام الشرعية"، دار الافتاء، اطّلع عليه بتاريخ 28/12/2021. بتصرّف.
  9. "الدين مقدم على الوصية"، إسلام ويب، 9/8/2003، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2021. بتصرّف.
  10. لجنة الافتاء (28/12/2011)، "الوصية التي تخالف قواعد الشرع لا تنفذ"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 29/12/2021. بتصرّف.
  11. رواه الترمذي، في سنن ألترمذي، عن أبو أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:2120، حسن صحيح.
  12. لجنة الإفتاء (15/7/2010)، "الوصية الواجبة في قانون الأحوال الشخصية الأردني"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 30/12/2021. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ، صفحة 7564-7567. بتصرّف.
  14. سورة البقرة، آية:180
  15. حسام الدين عفانة، فتاوى د حسام عفانة، صفحة 166. بتصرّف.
4968 مشاهدة
للأعلى للسفل
×