بحث حول سلوك المستهلك

كتابة:
بحث حول سلوك المستهلك

سلوك المستهلك

يُعرف السلوك بوجه عام على أنه طريقة تعامل وتصرف الكائنات الحية مع الظروف البيئية من خلال نشاط يكون الهدف منه تعديل أو تغيير لهذه الظروف، بحيث تصبح ملائمة لها ولمتطلباتها كي تستطيع العيش والبقاء، وينطبق هذا المفهوم على الإنسان أيضاً، فأي سلوك أو تصرف يقوم به ما هو إلا ردود أفعال للضغوطات التي يتعرض لها في حياته، والتي تؤثّر في حالته النفسية. أمّا المستهلك فيُعرَّف حسب نوعه، فالمستهلك الفرد هو ذلك الشخص الذي يقوم بشراء سلع يحتاجها لاستخداماته الشخصية أو الأسرية، وهناك نوع آخر وهو المستهلك الصناعي، ويشتمل على جميع المنظمات الخاصة منها والعامة والتي تبحث عن المنتجات، وتقوم بشرائها لتستخدمها في تحقيق أهدافها وخططها المستقبلية.[١]


أما سلوك المستهلك فهو مصطلح يضم مفهومين هما السلوك والمستهلك، وبالتعريفات السابقة لهذين المفهومين يمكن الخروج بتعريف لسلوك المستهلك على أنه نشاط ذهني وبدني يبذله الفرد يشتمل على عملية تقييم للسلع والخدمات، ومقارنتها ببعضها من أجل الحصول على أفضلها بغرض استخدامها، كما أن المفهوم يَضُم ما يقوم به الأشخاص المستهلكون من دراسات عند قيامهم بتبادل شيء له قيمة بسلعة أو خدمة تلبي احتياجاتهم، وبالتالي فإنه يشمل كل ما يخص تعامل الفرد مع السلعة أو الخدمة من اختيار، وشراء، واستخدام وتقييم، ويمكن القول إن سلوك المستهلك هو مجموعة نشاطات يقوم بها الشخص نتيجة لدوافع وحوافز معينة، كما أنه خطوات متتابعة تشتمل على وجود مُدخلات ومُخرجات تتحكم بها دوافع الشخص المستهلك بشكل أساسي. ويتأثر سلوك المستهلك بعدة عوامل مثل شخصية الفرد المستهلك وحالته النفسية، بالإضافة إلى تأثير عدة عوامل خارجية عليه، والجدير بالذكر أن سلوك المستهلك يختلف باختلاف الوقت.[١]


العوامل المؤثرة في سلوك المستهلك

يواجه المستهلك مؤثرات عديدة تتحكم في سلوكه النهائي وتوجهه نحو شراء واستخدام سلعة معينة أو خدمة ما، وهذه المؤثرات تختلف باختلاف الفرد المستهلك من حيث طبيعته، وخلفيته الثقافية والاجتماعية، وطبيعة السوق الذي يتعامل معه، وتقسم هذه المؤثرات إلى خارجية وداخلية:


المؤثرات الداخلية

تتعلق المؤثرات الداخلية بالشخص المستهلك وتحديداً بالجانب النفسي والحاجة التي تتحكم بتوجيه سلوكه وتدفعه إلى الاستهلاك بهدف إشباع رغباته واحتياجاته، والعناصر المكوّنة للجانب النفسي هي:


الدوافع

وهي عنصر مؤثر في سلوك الفرد الاستهلاكي النهائي؛ لأنها توجه سلوكه وتتحكم به، بغرض تحقيق هدف معين. وقد تكون هذه الدوافع فطرية وُجدت منذ أن خُلق الشخص، وترتبط بحاجاته الفسيولوجية كحاجته للماء والطعام والهواء والمأوى، أو دوافع مكتسبة من البيئة المحيطة والخبرات اليومية. وعندما يشعر الفرد بالدافع يُسمى الدافعُ دافعاً شعورياً - كرغبته بالسفر - أما إذا لم يستطع تحديد الدافع وراء قيامه بالعمل فيسمى دافعاً لاشعوريّاً. والدوافع تكون إما إيجابية يرغب الفرد بعملها، وإما سلبية تمنع الفرد من القيام بعمل ما كالخوف من ركوب الطائرة، ولأن دخل الفرد بشكل عام محدود في مقابل حاجاته الشرائية غير المنتهية، فعليه أن يُرتب دوافعه إلى دوافع شراء أولية، وانتقائية وتعاملية. كما أن العاطفة والعقل تتحكمان بالداوفع الشرائية للفرد وبالتالي تحدد حاجة الفرد للسلعة.


الحاجات

ولها أهمية كبيرة في المؤسسات التي تؤمن بمفهوم التسويق الحديث، فهي نقطة البداية التي من خلالها يتم التعرف على ما يحتاجه المستهلك وعلى أساسها يتم إنتاج السلع والخدمات لإشباع رغبات الفرد. كما أن الحاجات تعرف بأنّها شعور بالنقص لشيء ما، وبالتالي فهي تساهم في توجيه السلوك لسد هذا النقص. وهناك عدة نظريات تفسر الحاجات لدى الإنسان، ومنها نظرية ماسلو التي تتضمن ترتيب حاجات الفرد على شكل هرمي وذلك لأنها تتدرج بالأهمية، وإشباع الفرد لهذه الحاجات يبدأ بالمهمة منها ومن ثم ينتقل إلى الأقل أهميّة وهكذا، وتتصف حاجات الفرد بأنها متغيرة باستمرار، حيث تظهر حاجة جديدة كلما تم إشباع واحدة.


الشخصية

وهي مجموعات الصفات الموجودة في الفرد والتي تميّزه وتحدد سلوكه وطريقة تفاعله مع كل شيء في بيئته، وهناك عدة نظريات تحدثت عن الشخصية منها نظريات التحليل النفسي التي تنظر إلى الشخصية على أنها مزيج من حاجات بيولوجية وجنسية وهذه الحاجات هي التي تتحكم بسلوك الفرد. وتُقسّم هذه النظرية شخصية الفرد إلى الأنا وهي غرائز وحاجات الفرد، والذات وهي الضمير الذي يتحكم بسلوك الفرد، والأنا العليا وهي القناعات التي يؤمن بها الفرد ويفترض أنها تتطابق مع قيم المجتمع، ويُستفاد من هذه النظرية في مجال تسويق المنتجات للمستهلك، وطَرحها في الأسواق واختيار المواقع المناسبة للإعلانات.


الإدراك

إن تصرفات الإنسان تكون بناءً على ما يدركه وهذا ينطبق على عملية الاستهلاك، فسلوك المستهلك يرتبط بالصورة التي يكوّنها عن المُنتج المعروض له، وعليه فإن القرارت الشرائية تتألف من ثلاث عمليات إدراكية وهي: تفسير المستهلك للمعلومة، وتقييم المنتج بناءاً على المعلومة ليستطيع الاختيار بين عدة منتجات، وتذكر بعض المعلومات عن منتجات أخرى أو عن نفس المنتج والاستعانة بها لتساعده في عملية الاختيار. والجدير بالذكر أن العملية الإدراكية تمر بعدة خطوات وهي: 
  • استقبال الفرد للمثيرات عن طريق حواسه الخمسة.
  • استيعاب المثيرات التي يرى الفرد أنها ذات أهمية له.
  • فهم المستهلك للبيئة المحيطة به، وإدراكه للمواقف والظروف المختلفة.
وهناك عوامل تؤثر في عملية الإدراك منها ما هو مرتبط بالشيء الذي تم إدراكه أي المثير ذاته مثل حجمه، ولونه، ومكان وطريقة عرضه، أو عوامل مرتبطة بالبيئة، والعامل الأخير يعود لصفات وخصائص المستهلك مثل حاجاته، ومستوى دخله، وحالته المزاجية.

الاتجاهات

وهي استعداد الفرد للتصرف بطريقة ما تجاه شيء أو فكرة أو موقف، وتأتي نتيجة الخبرات والتجارب التي يتعرض لها الفرد، وهي ليست موروثة، ويحتاج الفرد لأن تتوافر لديه معلومات عن الشيء أو الموقف ليكوّن اتجاهاً نحوه، وهذه الاتجاهات تنمو مع نمو الفرد وازدياد خبراته، ويكمن معرفتها من خلال سلوك الفرد، كما أنها تختلف بين الأشخاص، وللاتجاهات أربع وظائف في مجال التسويق وهي: وظيفة إشباع الحاجات والتي تساعد المستهلك على أن يكوّن اتجاهات إيجابية أو سلبية نحو السلعة، ووظيفة التعبير عن القيم مثل أن تتكون لدى الفرد اتجاهات إيجابية تجاه السلع الوطنيّة والتي يُعبّر عنها بمصطلح الولاء للمنتجات الوطنية، ووظيفة المعرفة التي تساعد على اكتساب المعلومات عن المنتج.


مفهوم التعلم

والتعلم يكون بخطوات مستمرة، ومنظمة، ومقصودة وغير مقصودة، ويكون الهدف من هذه الخطوات إكساب الفرد المعرفة، وتعديل نمط سلوكه أو إكسابه أنماطاً أخرى، وهناك متطلبات أساسية كي تتم عملية التعلم، وهي:

  • الدوافع الذي تحدد التصرّف والسلوك تجاه السلعة.
  • الإيحاءات التي ترتبط بالتصميم التسويقي الذي يحرك دوافع المستهلك.
  • الاستجابة للمؤثرات.
  • الرّغبة في التعلم، ووضوح الموقف الذي يزيد من فرصة وسرعة التعلم.
  • طاقة الفرد على التعلم، وربط الخبرات بالاتجاهات والمفاهيم.


المؤثرات الخارجية

وتشتمل المؤثرات الخارجية على الآتي:


الأسرة

للأسرة أثر كبير في الفرد لأنّه يتعلم منذ صغره كيف يتصرّف كمستهلك واعٍ من خلال اكتسابه للمهارات والقيم والاتجاهات من محيط أسرته، وبما أن الأسرة تلعب دوراً مهماً في العملية الاستهلاكية وتؤثر في سلوك أفرادها الشرائيّ، وتتحكم في القرارات الشرائية سواء من خلال الأب أو الأم، فعلى المهتمّين بعمليات التسويق تصميم الإعلانات بحيث تتناسب مع هذا الدور، ويمكن تصنيف دور الزوج والزوجة في قرارات الشراء بثلاثة أنماط، وهي:

  • منطقة الزوج: ويتم فيها شراء السلع بقرار من الزوج فقط.
  • منطقة الزوجة: ويتم فيها شراء السلع بقرار من الزوجة فقط.
  • المنطقة المشتركة بين الزوجين: ويتم فيها شراء السلع بقرار مشترك من الزوجين.
وللأطفال دور مهم في العمليات الشرائية التي تقوم بها الأسرة، إلّا أن دورهم يختلف باختلاف عمر الطفل حيث إن الأطفال الأكبر سناً عادة ما يتجهون نحو استهلاك السلع ذات السعر الأعلى مثل أجهزة الكمبيوتر، وغرف النوم والرحلات وغيرها أما الأطفال الأصغر سنّاً فإن استهلاكهم يتّجه نحو الشوكولاتة والألعاب.


الطبقة الاجتماعية

وتعرف على أنها مجموعة من الناس ينتمون إلى مستوى ونمط معيشي معين بناء على الدخل، والمهنة، والثروة والسلطة، وتستخدم الطبقات الاجتماعية كمعيار لتقسيم السوق، ويستخدمها رجال التسويق لإعداد استراتيجيات تسوقية حيث يتبعون الخطوات الآتية:

  • تحديد الطبقة الاجتماعية للمستهلك وعلاقتها باستهلاكه لسلعة ما.
  • تحديد الطبقة المستهدفة لتسويق منتج معين.
  • تصميم الموقع الذي سوف يُطرح به المنتج.
  • إعداد الخطة التسويقية المناسبة.


الجماعات المرجعية

ويقصد بها الأفراد الذين يؤثرون في استهلاك الفرد للسلعة، ويؤثرون في حكمه النهائي، وأكثر هذه الجماعات تاثيراً هي الأسرة، والأصدقاء وزملاء العمل.


قادة الرأي

هم الأشخاص الذين يُستخدموا كوسيلة لإقناع المستهلك بالسلعة، حيث تكون لديهم معرفة عالية بالسلعة، وهم مبتكرون ويحبون تجربة الجديد، ولديهم قدرة على تكوين العلاقات، ويفضلون المصلحة العامة وخدمة الجمهور على أنفسهم.


الثقافة

وهي سلوك يكتسبه الفرد من بيئته الاجتماعية والتي تحدد أنماطه الاستهلاكية والسلوكية، وعندما يُعرّف العاملون في المجال التسويقي الخلفية الثقافية لمجتمع معين بجميع طبقاته يستطيعون تحديد الطرق الترويجية للسلع، ونوعية المنتج الذي يطرحونه للمستهلك بحيث يتناسب مع ثقافتهم وعاداتهم ولا يتم رفضه.


أهمية دارسة سلوك المستهلك

تعتبر دراسة سلوك المستهلك من الأمور التي يهتم بها العاملون في مجال التسويق، فهي تُمكّنهم من إعداد برامجهم التسويقية، وتصميم إعلانتهم الناجحة والمنافسة، كما وتدفعهم إلى تطوير السلعة أو تغييرها لتتناسب مع رغبات وحاجات المستهلك، وتحديد الأسعار المناسبة للمنتج بناءاً على الطبقات الاجتماعية للمستهلك، وتدفعهم إلى تطوير استراتيجيات تسويقية مختلفة يكون هدفها التأثير في الزبون وتحفيزه على شراء المنتج، وفهم سلوك المستهلك بحيث يتمكن القائمون على العمليات التسوقية من الاحتفاظ بالزبون في بيئة التنافس.[٢]


سلوك المستهلك في الاقتصاد الإسلامي

يُحكم الاقتصاد في الإسلام من ناحية الإنتاج، والتوزيع، والتبادل والاستهلاك من خلال قواعد وضوابط الشريعة الإسلامية، فقد أوصى الإسلام المستهلك المسلم أن يستهلك ما يكفي حاجته وحاجة من هو قائم عليهم. ومن قواعد الاستهلاك في الإسلام الترشيد والاقتصاد، والنظر إلى الانتفاع من السلعة بقاعدة الاعتدال، وبموجب ضوابط إسلامية وليست بناءً على رغبات فردية. وكما حرّم الإسلام الطرق غير المشروعة في كسب المال فقد حرم إنفاقه في مجالات غير مشروعة، كما حرّم التبذير والإسراف في صرفه، وحث على الكفاية في الاستهلاك.[٣]


المراجع

  1. ^ أ ب د. سامية لحول ، محاضرات في مقياس سلوك المستهلك، صفحة 2-5. بتصرّف.
  2. أ.د.انيس احمد عبدالله، ادارة التسويق وفق منظور قيمة الزبون، صفحة 82. بتصرّف.
  3. نايف عبوش (2014-6-11)، "سلوك المستهلك في الاقتصاد الإسلامي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-2-6. بتصرّف.
7016 مشاهدة
للأعلى للسفل
×