بحث عن شاعر جاهلي

كتابة:
بحث عن شاعر جاهلي


طرفة بن العبد

من فحول الشعر الجاهلي، وصاحب إحدى المعلقات، وقد فضّل بعض النقاد معلقته على كثير من معلقات الشعر الجاهلي، لما فيها من آراء في الحياة و شعر إنساني وبراعة في التشبيه، يعود نسبه إلى أبوين شريفين، وجده وأبوه هما المرقشان وخاله المتلمس وجميعهم شعراء.[١]


نشأة طرفة بن العبد

ولد طرفة بن العبد في 543 م في المالكية التي تقع في مملكة البحرين حاليًا، أما والداه فهما العبد بن سفيان بن سعد بن قيس بن ثعلبة بن بكر بن وائل، وأمه وردة بنت عبد المسيح، وكانت له أخت من أمه تسمى الخرنق بنت بدر، توفي والده وهو صغير فعاش يتيمًا، وقد رفض أعمامه بعدما كفلوه أن يعطوه نصيبه من إرث والده؛ فنشأ مع والدته في بداية حياته.


عاش طفولة لاهية ومهملة، وعندما شب فتح عينيه على الحياة، وقذف نفسه في أحضانها يستمتع بملذاتها، فعاش حياة سكر ولهو، فتضجرت قبيلته بتصرفاته اللاهية فقامت بنفيه منها، وذكر ذلك في معلقته باستهزاء، إذ شبه نفسه ببعير مصاب بالجرب، ينبغي إبعاده قبل تعبيده بالقار.


قصة مقتل طرفة بن العبد

انتشر شعر طرفة بين الناس وقد ذاع صيته حتى وصل الملك عمرو بن هند، فجعله من الأصفياء ومن المقربين، واشتهر الملك بأن له يوم نعمة ويوم بؤس، لهذا السبب هجاه طرفة بن العبد بقصيدة وهي التي يقول في بعض من أبياتها:[٢]

فَلَيتَ لَنا مَكانَ المَلكِ عَمروٍ

رَغوثًا حَولَ قُبَّتِنا تَخورُ

مِنَ الزَمِراتِ أَسبَلَ قادِماها

وَضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرورُ

يُشارِكُنا لَنا رَخِلانِ فيها

وَتَعلوها الكِباشُ فَما تَنورُ


حتى انتشرت القصيدة بين الناس، إلى أن وصلت إلى الملك عمرو بن هند عن طريق الوشاة الذين أخبروه أن طرفة قد هجاه بشعر مر ولاذع، وفورًا قام باستدعاء طرفة مع شاعر آخر وهو الشاعر الملقب بالمتلمس لأنه قام هو أيضًا بهجاء الملك، وأراد عمرو بن هند أن يظهر في موضع الرزانة والركازة؛ لئلا يقول الناس إنه قتل طرفة الشاعر المشهور والعبقري، فما كان إلا أن توصل إلى حيلة بأن يحمل كل من طرفة والمتلمس رسالة إلى ملك البحرين المسمى بـ "المكعبر" ليتولى قتلهما.


وقف كل منهما أمام الملك عمرو بن هند، فقام بإكرامهما، وسلم كل واحد منهما رسالة ليعطياها لملك البحرين، وأخبرهما أنه قد أوصاه بأن ينعم عليهما بجوائز وهدايا، فانطلقا، وبينما هما في الطريق ساور القلق المتلمس وتملكه الشك والرّيب، فقام بفتح الرسالة فوجد مكتوب فيها: "إلى المكعبر ملك البحرين، إذا أتاك المتلمس فقطِّع أطرافه الأربعة ثم اضرب عنقه، وادفنه حيًا".


فارتعب الرجل، وقام برمي الرسالة في البحر، وقام بتحذير طرفة وأخبره بما في الرسالة، إلا أن طرفة أخبره بأن المكعبر لن يقتله في داره، باعتبار أن البحرين هي موطنه الذي نشأ وترعرع فيه، ولما أصرعليه المتلمس أن يغير من طريقه ومبتغاه، تملك الغرور من طرفة فتجاهل المصير الذي ينتظره، وقال للمتلمس: "لا، بل حسدتني والله أن لي مكرمة، وتريد أن تأخذها أنت عليَّ"، ولم يلتفت لكلام المتلمس وسار في طريقه ليقابل ملك البحرين.


لما دخل طرفة على ملك البحرين قدم إليه كتاب الملك عمرو بن هند، فقرأه فقال: "هل تعلم ما أمرت به؟" فأجاب طرفة: " نعم! أمرت أن تجيزني وتحسن إلي"، فقال المكعبر: "يا طرفة! بيني وبينك خؤولةٌ أنا لها راعٍ حافظٌ، فاهرب في ليلتك هذه، فإني قد أمرت بقتلك، فاخرج قبل أن تصبح ويعلم بك الناس".


لكن طرفة رفض ذلك، وظنَّ أن المكعبر أراد أن يحجب عنه الجائزة، وأنه أراد أن يوقع بينه وبين عمرو بن هند فطلب منه الهرب، فحبسه المكعبر ولم يقتله رغم إصرار وحثّ عمرو بن هند في الأمر، وقضى طرفة فترة في سجنه، فأمر الملك عمرو بن هند بأن يتولى رجلٌ مُلك البحرين ويقتل المكعبر وطرفة بن العبد معًا؛ وذلك ما حدث.


بعض الحقائق عن طرفة بن العبد

فيما يأتي بعض الحقائق السريعة عن طرفة بن العبد:

  • كان عمره قصيرًا لذا أشعاره كانت قليلة، فله ديوان شعري واحد مكون من 657 بيتًا.
  • معلقته كانت على البحر الطويل من الشعر مكونة من 104 أبيات، أي ما نسبته السدس من أشعاره.
  • لقب بالغلام القتيل؛ فقتل وعمره 26 عامًا فقط.
  • قيل بأن من قتل طرفة بن العبد هو عنترة بن شداد .


بعض أشعار طرفة بن العبد

في فيما يلي بعض أشعار طرفة بن العبد:[٣]


قصيدة سائلوا عنا الذي يعرفنا

سائِلوا عَنّا الَّذي يَعرِفُنا

:::بِقُوانا يَومَ تَحلاقِ اللِمَم

يَومَ تُبدي البيضُ عَن أَسوقِها

:::وَتَلُفُّ الخَيلُ أَعراجَ النَعَم

أَجدَرُ الناسِ بِرَأسٍ صِلدِمٍ

:::حازِمِ الأَمرِ شُجاعٍ في الوَغَم

كامِلٍ يَحمِلُ آلاءَ الفَتى

:::نَبِهٍ سَيِّدِ ساداتٍ خِضَم


قصيدة إن امرأ سرف الفؤاد يرى

إِنَّ اِمرَأً سَرفَ الفُؤادِ يَرى

:::عَسَلًا بِماءِ سَحابَةٍ شَتمي

وَأَنا اِمرُؤٌ أُكوى مِنَ القَصرِ ال

:::بادي وَأَغشى الدُهمَ بِالدُهمِ

وَأُصيبُ شاكِلَةَ الرِمِيَّةِ إِذ

:::صَدَّت بِصَفحَتِها عَنِ السَهمِ

وَأُجِرُّ ذا الكَفِلِ القَناةَ عَلى

:::أَنسائِهِ فَيَظَلُّ يَستَدمي


قصيدة لخولة بالأجزاع من إضم طلل

لِخَولَةَ بِالأَجزاعِ مِن إِضَمٍ طَلَل

:::وَبِالسَفحِ مِن قَوٍّ مُقامٌ وَمُحتَمَل

تَرَبُّعُهُ مِرباعُها وَمَصيفُها

:::مِياهٌ مِنَ الأَشرافِ يُرمى بِها الحَجَل

فَلا زالَ غَيثٌ مِن رَبيعٍ وَصَيِّفٍ

:::عَلى دارِها حَيثُ اِستَقَرَّت لَهُ زَجَل

مَرَتهُ الجَنوبُ ثُمَّ هَبَّت لَهُ الصَبا

:::إِذا مَسَّ مِنها مَسكَنًا عُدمُلٌ نَزَل


المراجع

  1. "طرفة بن العبد"، الهنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 13/1/2022. بتصرّف.
  2. "فليت لنا مكان الملك عمرو"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 13/1/2022. بتصرّف.
  3. " قصائد طرفة بن العبد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 13/1/2022.
5095 مشاهدة
للأعلى للسفل
×