بحث عن عقد الإجارة المنتهية بالتمليك

نظّمت الشريعة الإسلاميّة كلّ جوانب الحياة المختلفة، فنظمت أحكام العبادات والأحكام المتعلّقة بالأحوال الشخصية، والمعاملات المالية؛ وذلك من أجل تحقيق السعادة للإنسان في الدنيا والآخرة،^[١] ومن أهمّ المعاملات المالية: الإجارة، وتنقسم الإجارة إلى نوعين رئيسين، هما: إجارة منفعةٍ عينها معلومةٌ، مثل استئجار بيتٍ، أو استئجار حافلةٍ لمدَّةٍ معيّنةٍ، والنوع الآخر إجارةٌ على عملٍ معلومٍ، مثل استئجار شخصٍ للقيام بعملٍ؛ كالبناء، والحدادة، أو حرث الأرض،^[٢] وومن صور عقود الإجارة الحديثة: "الإجارة المنتهية بالتمليك"، وآتيًا في هذا المقال شرحٌ وتوضيحٌ لها.

تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك

إنّ عقد الإجارة المنتهية بالتمليك من العقود المستحدثة المعاصرة، وقد عرفه المعاصرون بعدَّة تعريفاتٍ، منها:^[٣]

• تمليك العميل المنفعةَ ابتداءً، وفي نهاية مدَّة العقد يتم تمليكه للمنفعة والعين المستأجرة.
• عقد إجارةٍ على عينٍ معينة، يتمّ دفع أجرة العين على شكل أقساطٍ خلال مدَّةٍ معيَّنةٍ، وعندما تنتهي هذه المدَّة يتم تمليك العين والمنفعة للمستأجر بعقدٍ جديدٍ.

حكم الإجارة المنتهية بالتمليك

اختلف الفقهاء في تحديد حكم الإجارة المنتهية بالتمليك على ثلاثة أقول، وهي:^[٤]

• القول الأول: ذهب عددٌ من الفقهاء المعاصرين إلى القول بجواز الإجارة المنتهية بالتملك، واستدلوا على هذا بأدلةٍ، منها:
  • أنّ عقد الإجارة المنتهية بالتمليك من العقود المشروطة بعدم انتقال ملكيّة العين إلى المشتري إلا بعد الانتهاء من مدة تسديد الأقساط، فالإجارة صوريَّةٌ في العقد، في العقود بحقائقها، كما أنّ الأصل في الشروط الصحّة، إلّا إذا جاء دليلٌ على بطلان شرطٍ ما.
  • أنّ عقد الإجارة المنتهية بالتمليك لا يخرج عن كونه عقد بيعٍ ورهنٍ للعين المستأجرة، حيث أن المشتري لا يتصرف في العين إلا بعد أن يدفع كامل ثمنها.
• القول الثاني: ذهب جمهور الفقهاء من المعاصرين إلى القول بجواز الإجارة المنتهية بالتملك، ولكن بشرط أن يتمّ الفصل بين عقد الإجارة وعقد التمليك.
• القول الثالث: ذهب عددٌ من الفقهاء المعاصرين إلى تحريم الإجارة المنتهية بالتملك، واستدلوا على هذا بقولهم:
  • ما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن بيعتينِ في بَيعةٍ".^[٥]
  • اشتمال عقد الإجارة المنتهية بالتمليك على الغرر؛ لأنّه متردِّدٌ بين عقد البيع وعقد الإجارة.
  • التعامل بعقد الإجارة المنتهية بالتمليك أدّى إلى تساهل الفقراء في مسألة الديون؛ حيث أصبحت ذمّة كثيرٍ من الفقراء مشغولةً بالديون بسبب هذه العقود والتساهل فيها.

صور الإجارة المنتهية بالتمليك

تعدّدت صور الإجارة المنتهية بالتمليك، وفيما يلي ذكرٌ لها:^[٦]

• عقد إجارة ينتهي بتمليك العين المؤجرة، وفي هذا الصورة تنتهي الإجارة بملكية الشخص المستأجر للعين دون عقدٍ جديدٍ، ويكون ذلك مقابل الأجرة التي دفعها المستأجر خلال المدّة؛ أي أنّها تنتقل نهاية المدّة بيعًا تلقائيًّا.
• إجارة عينٍ لشخصٍ بأجرةٍ ومدَّةٍ معلومتين، مع وجود عقد بيعٍ معلَّقٍ لحين انتهاء مدَّة سداد جميع الأجرة التي تمّ الاتفاق عليها، أو مضافٍ إلى وقتٍ في المستقبل.
• عقد إجارةٍ حقيقيٍّ مرتبطٍ ببيع بخيار الشرط لصالح المؤجِّر، وهذا يعني أن يكون البيع مؤجلًا إلى أجلٍ تمّ تحديده، وهو آخر مدَّة عقد الإيجار، وهذه الصورة هي التي تناولتها الفتاوى والقرارات الصادرة من هيئات علمية ومنها: هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وذهبت إلى جوازها.

المراجع

1. ↑ "أحكام الإجارة"، الألوكة، 2/5/2018، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2022. بتصرّف.
2. ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري ، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 163. بتصرّف.
3. ↑ الغفيلي عبد الله بن منصور، نوازل الزكاة، صفحة 312-113. بتصرّف.
4. ↑ " الإجارة المنتهية بالتمليك"، الالوكة، 7/12/2017، اطّلع عليه بتاريخ 4/2/2022. بتصرّف.
5. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1231، حديث حسن صحيح.
6. ↑ "الصور الجائزة والممنوعة للإيجار المنتهي بالتمليك "، إسلام ويب، 19/10/2011، اطّلع عليه بتاريخ 8/2/2022. بتصرّف.