بحث عن عمر بن عبد العزيز

كتابة:
بحث عن عمر بن عبد العزيز

عُمر بن عبد العَزيز

اسمُ عمر بن عبد العزيز ونسبه

هو عُمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أُمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب الأُمويّ، كان والدهُ عبد العزيز من خيار أُمراء بني أُميّة، وأمّا أُمّه فهي أُمُّ عاصم بنت عاصم بن عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.[١][٢]


نشأة عمر بن عبد العزيز

وُلد عُمر بن عبد العزيز في المدينة، وكان كثير التّردُد على عبد الله بن عُمر -رضي الله عنه-؛ لمحبته له، وكثرةِ تعلّقهِ به، وكان يقولُ لأُمه أنّهُ يريدُ أن يُصبح مثل خاله عبدُ الله،[٣] وكان مولده في السّنة الواحدةِ والستين للهجرة، ونشأ في نعيمٍ ورفاهيّة، حيثُ كان أبوه أميراً على مصر، وعمه الخليفة عبد الملك، وهذا لم يمنعه من حفظه للقُرآن، وتلقّيه للعلم على يد أكابر الصّحابة الكرام؛ كعُبادة بن الصّامت، وعبد الله بن عُمر -رضي الله عنهما-.[٤]


كما أنّه تلقّى العلم من كِبار التّابعين؛ كسعيد بن المُسيّب، بالإضافةِ إلى تعلّمه اللُّغة العربية، ومما زاد في استقامته ودينه تعلُّقهِ بِعمِّ أُمّه عبد الله بن عُمر -رضي الله عنه-، وذات يومٍ بعث أبوه إلى أُمّه أن تَحْضر معه إلى مصر، فلما عزمت على السّفر مع ابنها عُمر جاءها عبد الله بن عُمر -رضي الله عنه- واستأذنها في بقاء ابنها معه، فوافقت على طلبه وأبقتهُ معه، ولما وصلت إلى زوجها وأخبرتهُ بذلك سُرَّ وكتب إلى أخيه عبد الملك بن مروان ليجعل له في كُلِّ شهرٍ ألفَ دينار.[٤]


وقد نشأ عُمر في المدينة بين أخواله، وتعلّم كثيراً من الصّحابة الكرام وتأثّر بهم، فكان كثير البُكاء من خشية الله -تعالى-، وخاصّةً عند قراءتهِ للقُرآن، كما تأثّر بوالده في طلب الحديث، وكان يذهب إلى العُلماء والفُقهاء؛ ليتعلّم منهم،[٥][٦] مما دفعهُ إلى ترك صحبة أقرانه من الشباب، وكان يُكثر الجُلوس في مجالس العلم، ولا يُهدر وقته إلا في القراءة أو الكِتابة أو المُذاكرة، مما أكسبهُ الذكاء والعلم والبصيرة والحِكمة والفقه،[٧] وكان لأُسرتهِ الفضل الكبير في تكوينِ شخصيته وعلمه، بالإضافةِ إلى إقباله على العلم مُنذُ صِغره، وتأثُّره ببيئتهِ في المدينة، حيث عاش في مُجتمعٍ يسودهُ التّقوى والصّلاح.[٨]


صفات عمر بن عبد العزيز

كان عُمر بن عبد العزيز من النّاحية الجسميّة أو الخَلقيّة نحيف الجسم، أسمرٌ، رقيق الوجه، حسن اللحية، غائر العينين*، وكان في جبهتهِ أثر نفحةٍ* من دابة؛ فلذلك كان يُسمى أشجّ بني أُميّة، وعليه شيب، وقيل: إنّه كان أبيضاً،[٩][١٠] وأمّا صفاتهُ الخُلُقيّة؛ فقد كان عُمر كان صاحب مكارم وأخلاق حسنة، وكان راسخ التّقوى والثّبات، بعيداً عن طيش الشّباب، وفِتن الدُنيا، قريباً من تذكُّر الآخرة، ربّانيّاً في جميعِ مراحلِ حياته، مُلتزماً بالحقّ واتّباع الدين، يحترم ويُكرم العُلماء فيرفع من منزلتهم وقدرهم، وكان كثير المُراقبة لنفسه والبكاء من خشية الله -تعالى-، زاهداً وقنوعاً، فكان يعيش حياة الكفاف، ويرضى ويقنع بالقليل في دنياه.[١١]


زوجات عمر بن عبد العزيز وأولاده

تزوّج عُمر بن عبد العزيز بفاطمة بنت عبد الملك، وأنجبت له إسحاق، ويعقوب، وموسى، كما تزوّج بلميس بنت علي بن الحارث الحارثيّة، وأنجب منها عبد الله، وبكر، وأُمُّ عمّار، وتزوج بأُمُّ عثمان بنت شعيب بن زبان الأصبغ، وأنجب منها إبراهيم، وقيل إنّه كان له أَمَة وأنجب منها عبد الملك، والوليد، وعاصم، ويزيد، وعبد الله، وعبد العزيز، ورزبان، وآمنة، وأُمُ عبد الله.[١٢][١٣]


أعمال عُمر بن عبد العَزيز

إمارة المدينة

تولّى عُمر بن عبد العزيز إمارة المدينة في عهد الوليد، وكان ذلك في السّنة السّادسة والثّمانين من الهجرة، وبقي إلى السّنة الثّالثةِ والتسعين للهجرة،[١٤] وقيل: تولّى إمارة المدينة في السّنة السّابعةِ والثّمانين، وكان عادلاً، واستعان بعشرةٍ من أفاضل المدينة في حُكمهِ؛ ليكونوا أنصاراً له في الحق،[١٥] وقام بتوسعة المسجد النّبويّ، ثُمّ اتّسعت ولايتهُ فصار والياً على الحِجاز، ونشر الأمن والعدل، وبدأ بحفر الآبار والطُّرق، وأعاد الأموال العامة إلى كرامتها وحُرمتها، وفَتح المدينة لمن كان هارباً من ظُلم الطُّغاة.[١٦]


خلافة المسلمين

لمّا مرض سُليمان بن عبد الملك طلب منه مَنْ حوله بالخلافة لِعُمر بن عبد العزيز، فأوصى بالخلافة له من بعده، وأشهد عليها من كان عنده، فلمّا توفي؛ أصبح عُمر أميراً للمؤمنين، وصعد المنبر وقال: "إن هذا لأمر ما سألته الله قط"، لكنّ عُمر بخبرته في ولاية المدينة قُرابة السبعِ سنوات اكتسب المهارة في ولاية الدّولة، واشترط ثلاثة شروطٍ للولاية، وهي:[١٧]

  • أن يعمل بالحق والعدل بين النّاس، وأن لا يظلم أحداً.
  • أن لا يأخذ من بيت مال المُسلمين ويعطي إلا من كان له حق.
  • أن يُسمح له بالحج في أول سنةٍ من تولّيه الخلافة وأن يبقى في المدينة.


وافق الجميع على هذه الشّروط، فأصبح خليفةً للمُسلمين، وعيّن عشرةً من فُقهاء المدينة للشّورى، وحرص على أموال الدولة، وكان دقيقاً في اختيار ولاته على الأمصار بناءً على معرفته الكاملة بأخلاقهم وقُدراتهم، وكان يُراقبُ أعمالهم ويُتابعها، ومَنَعهم من الأعمال الأُخرى؛ كالتّجارة، وأعطاهم من المال ما يكفيهم ويُغنيهم عن طلب الرّزق، واكتفى هو بالحياة الخشنة؛ استشعاراً منه بحجم المسؤولية التي أُوكلت إليه، فكان يُفكّر بالجائع والمريض والمظلوم، الأمر الذي جعل منه شخصاً نحيف الجسم، خشن اليد.[١٧]


وذات يومٍ أراد النّوم، فجاءهُ ابنه يسأله عمّا يُريدُ فعله، فأجابه: أي بني أريد أن أغفو قليلاً، فلم تبق في جسدي طاقة، فقال له: أتنام قبل أن تَرُدَّ المظالم؟ فقام مع ابنه، وأعانه على ذلك، وقال: الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني،[١٧] وكانت مُدة خلافتهِ سنتين وخمسةَ أشهرٍ وأربعة أيام، وكان حاكماً عادلاً، ورعاً، لا تأخُذهُ في الله -تعالى- لومة لائم،[١٨] وكانت مُبايعتهُ بالخلافة سنة إحدى وستين.[١٩]


إنجازات عمر بن عبد العزيز في خلافته

كان لِعُمر بن عبد العزيز الكثير من الإنجازات في خلافته، منها:[٢٠][٢١]

  • الإصلاحات التّنمويّة؛ من خلال حفظ الأمن، والقضاء على الفتن، وإعادة توزيع الثّروة والدّخل، وزيادة الإنفاق على الفُقراء والمحرومين.
  • الإصلاح الثّقافيّ، من خلال تدوين الحديث الشّريف، وهي مرحلة كتابة الحديث في كُتبٍ وتصانيفٍ، وأصدر إلى بعض الأئمة والعُلماء بجمع سُنن وأحاديث النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، كما حرص على نشر العلم بين الرّعية، وتفقيههم في دينهم، وتعريفهم بالسُّنة.
  • الاهتمام بالدّعوة إلى الإسلام، وتشجيع غير المُسلمين في الدُّخول في الإسلام، وإعطائهم من سهم المؤلفةِ قُلوبهم.
  • التطور الإداريّ؛ من خلال إعطاء عُمّالهِ ما يُغنيهم عن الحاجة؛ لأجل التّفرّغ لأعمال الدولة، وانتقل بالمُسلمين من حالة الفقر إلى الرخاء الاقتصاديّ، كما استطاعَ تحقيق الوئام الاجتماعيّ؛ فجلب الرّخاء والسّلام بين جميع فئات المُجتمع.


________________________________________

الهامش

* غائر العينين: أي عيناه داخلتان وغارزتان،  وقيل: "عَيْنٌ جَامِدَةٌ غَائِرَةٌ تَكَادُ تَخْتَفِي".[٢٢]

* نفحة من دابة: أي أثر ضربةٍ بسبب دابّة.[٢٣]


المراجع

  1. محمد حامد محمد، سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، صفحة 5-7. بتصرّف.
  2. يَاسِر بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محْمُودِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبي الحَمْدِ الْكُوَيِّس الحَمَدَاني، حياة التابعين، صفحة 1819. بتصرّف.
  3. عبد الله بن عبد الحكم بن رافع (1984)، سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه (الطبعة السادسة)، بيروت - لبنان: عالم الكتب، صفحة 24-25. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد الخضر حسين (2010)، موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (الطبعة الأولى)، سوريا: دار النوادر، صفحة 41-42، جزء 3. بتصرّف.
  5. حياة بن محمد بن جبريل (2002)، الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 55-58، جزء 1. بتصرّف.
  6. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 733، جزء 1. بتصرّف.
  7. عبد الستار الشيخ (1996)، عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين (الطبعة الثانية)، دمشق: دار القلم، صفحة 54-55. بتصرّف.
  8. علي محمد محمد الصلابي (2009)، الخليفة الراشد والمصلح الكبير عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (الطبعة الثانية)، دمشق: دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 16-19. بتصرّف.
  9. حياة بن محمد بن جبريل (2002)، الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 58، جزء 1. بتصرّف.
  10. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 732، جزء 1. بتصرّف.
  11. عبد الستار الشيخ (1996)، عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين (الطبعة الثانية)، دمشق: دار القلم، صفحة 98-100، 109-110، 117. بتصرّف.
  12. حياة بن محمد بن جبريل (2002)، الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 59، جزء 1. بتصرّف.
  13. محمد حامد محمد، سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، صفحة 10-11. بتصرّف.
  14. يَاسِر بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محْمُودِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبي الحَمْدِ الْكُوَيِّس الحَمَدَاني، حياة التابعين، صفحة 1821. بتصرّف.
  15. محمد الخضر حسين (2010)، موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (الطبعة الأولى)، سوريا: دار النوادر ، صفحة 42-43، جزء 3. بتصرّف.
  16. محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 735-736، جزء 1. بتصرّف.
  17. ^ أ ب ت محمد نصر الدين محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 736-740، جزء 1. بتصرّف.
  18. إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (1997)، البداية والنهاية (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، صفحة 676، جزء 12. بتصرّف.
  19. إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (1997)، البداية والنهاية (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، صفحة 677، جزء 12. بتصرّف.
  20. كفى عيش عزيزة (2017)، عمر بن عبد العزيز وإصلاحاته وأثرها على الأمة الإسلامية، الجزائر: جامعة محمد بوضياف، صفحة 29-37. بتصرّف.
  21. وي يوسف سيدي، دور عمر بن عبد العزيز السياسي في توحيد الأمة، صفحة 8. بتصرّف.
  22. "تعريف ومعنى غائر في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-3-2021. بتصرّف.
  23. ابن منظور (2003)، لسان العرب،  : دار صادر، صفحة 315، جزء 14. بتصرّف.
10810 مشاهدة
للأعلى للسفل
×