بحث عن غزوة بني سليم

كتابة:
بحث عن غزوة بني سليم

بنو سليم

بنو سليم -بضم السين وفتح اللام- من القبائل العربية العدنانية، وهم من ذرية إسماعيل -عليه السلام-، ومنازلهم في الحجاز ونجد وقد ارتحل جزءٌ منهم إلى شمال القارة الأفريقية، وهي من القبائل ذات المكانة المرموقة في الإسلام فمنهم أخوال النبي -صلى الله عليه وسلم فعن سيابة بن عاصم السلمي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:{أنا ابنُ العواتِك من سُلَيمٍ}[١] لكن ذلك لم يحلْ دون كراهية بني سُلَيم للإسلام وأهله بادئ الأمر، بل وكانت لهم اليد الطولى في محاربة المسلمين والتحريض عليهم من أجل كسر شوكتهم والحد من انتشار الإسلام المتنامي بين القبائل في شبه جزيرة العرب، فكانت غزوة بني سليم بين الفريقيْن.

بحث عن غزوة بني سليم

تميزت الفترة الزمنية الواقعة ما بين غزوة بدرٍ وغزوة أُحدٍ بالعديد من الحملات العسكرية والغزوات والسرايا التي خرج فيها المسلمون للدفاع عن أنفسهم ودينهم ضد العداء والكراهية التي تنامت بين القبائل العربية لا سيما بعد النصر المُبين للمسلمين في غزوة بدرٍ وهزيمة مركز الثِّقل والقوة -قريش- في تلك المعركة مما أثار المخاوف من انتشار الإسلام وتنامي قوة أتباعه العسكرية والتي قد تُلحق الهزيمة بأي جيشٍ، فسعتْ قريش بكل قوتها إلى حشد القبائل ضد المسلمين وتذكية روح القضاء على الإسلام وقد تقاطع هذا الهدف مع رغبة بعض القبائل في تحقيق السبق في هزيمة المسلمين لا سيما بعد فشل قريشٍ في ذلك ومن تلك القبائل الطامحة قبيلة بني سليم القاطنة على الطريق الواصل ما بين مكة والمدينة، وقد انضم إليهم بنو غطفان في تحالفٍ وتكوين جيشٍ والخروج به عند موضعٍ في ديار عامر بن صعصعة إلى ناحية الجنوب الشرقي من المدينة المنورة يُقال له: الكُدر أو قرقرة الكُدر وجراء ذلك تُعرف غزوة بني سليم في كتب التاريخ والسِّير باسم غزوة الكُدر أو قرقرة الكُدر، وقد وقعت أحداث غزوة بني سليم في شهر شوال من السنة الثانية للهجرة في أعقاب غزوة بدرٍ بسبعة أيامٍ.[٢]

بدأت أحداث غزوة بني سليم حين نقلت عيون المسلمين للنبي -عليه الصلاة والسلام- خبر التحالف القائم بين قبيلتيْ سليم وغطفان وعزمهما على مهاجمة المدينة والقضاء على الإسلام وذلك عقب غزوة بدرٍ بسبعة أيامٍ كما ذكر المؤرخون في كتبهم، فما كان من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أن حشد جيشًا قوامه مائتي مقاتلٍ تحت قيادته الحكيمة والتي كانت تقتضي منع المعتدين من مهاجمة المدينة المنورة والتصدي لهم قبل وصولهم إليها من منطلق الهجوم أفضل وسيلةٍ للدفاع، وقد استخلف -عليه الصلاة والسلام- على المدينة سِباع بن عرفطة -رضي الله عنه-، وقيل: عبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنه-، وقيل: كلاهما فسباعٌ يقضي ويحكم بين الناس وعبد الله يصلي بالناس كونه فاقدٌ للبصر فلا يصلح للقضاء وفض النزاعات بين الناس.[٣]

عقد النبي -عليه الصلاة والسلام- اللواء في غزوة بني سليم لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ثم سار الجيش نحو موضع تجمُّع قبيلتي سليم وغطفان عند قرقرة الكُدر -موضع ماءٍ-، لكن عندما وصل المسلمون إلى ذلك الموضع اتضح أنّ جيش تحالف القبيلتيْن قد فرّ هاربًا من لقاء المسلمين في نزالٍ في أرض المعركة إلى أعالي الجبال المجاورة، فأرسل النبي -عليه الصلاة والسلام- الفِرق لتعقبهم وتمشيط محيط المنطقة للتأكد من خلوِّها من أعداء المسلمين من القبيلتيْن فلم يجدوا أحدًا في المناطق المجاورة إذ هربوا جميعًا، وبذلك انتهت غزوة بني سليم دون قتالٍ بعد أن أقام النبي -عليه الصلاة والسلام- بجيشه في قرقرة الكُدر ثلاثة أيامٍ للتأكد من عدم عودة مقاتلي القبيلتيْن ثم قفل راجعًا إلى المدينة.[٢]

عاد المسلمون إلى المدينة بعد الظفر في غزوة بني سليم بعد إقامتهم الأيام الثلاث في منازلهم وقد غنِم المسلمون الأنعام من القبيلتيْن وقد قسمها النبي -عليه الصلاة والسلام- بين الصحابة في أرض المعركة تطبيقًا لأحكام الشريعة الإسلامية في توزيع الغنائم فكان نصيب كل رجلٍ بعيريْن أما الأسرى فلم يكن هناك سوى غلامٍ واحدٍ يدعى يسارًا وقد أسلم فأعتقه النبي -عليه الصلاة والسلام- ترغيبًا له في الثبات على الدِّين، كما كانت السنة الثانية حافلة بالعديد من الغزوات النبوية الخاطفة كغزوة بُواط وغزوة سَفَوان وغزوة العشيرة وغزوة السويق وغزوة بني قينقاع والأحداث البارزة في التاريخ الإسلامي كزواج علي بن أبي طالب من فاطمة الزهراء -رضي الله عنهما- ووفاة الصحابي الجليل عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- ومقتل أُمية بن أبي الصلت وهو أحد رؤوس الكفر في قريشٍ.[٤]

يرى المحللون والخبراء في الشأن النبوي وتحديدًا في الغزوات النبوية أن غزوة بني سليم تندرج تحت ما يسمى عمليات الإغارة والمباغتة الخاطفة للعدو في موضع تجمُّعه لغايات الردع ومنع التقدم نحو المدينة المنورة إلى جانب التأثير المعنوي وبثّ الرعب في قلوب المعتدين وهذا ما حدث بالفعل إذ كان خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- سببًا في فرار جيش الكفار وترك أنعامهم غنائم للمسلمين، وقد اُطلق على غزوة بني سليم اسم غزوةٍ واعتبرت واحدة من غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- الثمانية والعشرين والتي قادها بنفسه على الرغم من عدم وقوع قتالٍ بين الفريقيْن لأن غايتها تتوافق مع مفهوم الغزوة في الإسلام وهو خروج جيش المسلمين من المدينة المنورة بقيادة النبي -صلى الله عليه وسلم- من أجل تأديب أعداء المسلمين العازمين على توجيه ضربةٍ قاصمةٍ للمسلمين في عقر دارهم ومنع تقدمهم نحوهم أو من أجل استرداد حقوق المسلمين وغيرها سواءً انتهى الأمر بقتالٍ أو دون قتالٍ إذ إنّ غاية العمل في الإسلام هي النية؛ فهي مناط الأجر والثواب في الدنيا والآخرة.[٥]

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سيابة بن عاصم بن سنان السلمي، الصفحة أو الرقم: 1446، حسن.
  2. ^ أ ب "غزوات بين بدر وأحد"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13- 05- 2019. بتصرّف.
  3. "الغزوات قبل أحد"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13- 05- 2019. بتصرّف.
  4. "كتاب: تاريخ أبي الفداء/غزوة قرقرة الكدر"، al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 13- 05- 2019. بتصرّف.
  5. "تحليل نوعي وكمي لغزوات النبي صلى الله عليه وسلم"، alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13- 05- 2019. بتصرّف.
6488 مشاهدة
للأعلى للسفل
×