تتوفر عدة اساليب لعلاج الاطفال المصابين بالتوحد منها العلاج النفسي، العلاج السلوكي والمهارات الاجتماعية تعرفوا عليها فيما يلي:
خلال السنوات التي أعقبت اكتشاف التوحد تمت محاولة العديد من الأساليب العلاجية النفسية وعلى الرغم من عدم تمكن أياً من هذه الأساليب من علاج التوحد بشكل نهائي إلا أن عدداً من الأساليب العلاجية النفسية قد أسهمت في حدوث قدر من التحسن، وأوضح مثال على ذلك هو أسلوب العلاج السلوكي.
العلاج السلوكي:
تصمم البرامج السلوكية من قبل الأخصائيين والأطباء النفسيين بالتشاور مع الوالدين والمعلمين وتركز هذه البرامج في الأساس على تحسين وتطوير السلوك التكيفي (مثل استخدام دورة المياه) أو تخفيف المشكلات السلوكية (مثل سلوك البصق). ولهذا فإن برامج العلاج السلوكي يمكن أن تكون ذات فائدة عملية كبيرة، وتتلخص فكرة العلاج السلوكي في القيام بتحليل للأنماط السلوكية من حيث مسبباتها وعواقبها ومن ثم يتم تطبيق برنامج سلوكي يهدف إلى التعرف على العوامل التي تكافئ أو تشجع السلوك الصحيح، وتلك التي تساعد على تثبيط وإطفاء الأنماط السلوكية غير الصحيحة أو المزعجة.
وتتم مكافأة السلوك الصحيح باستخدام الأسلوب الذي يفضله الطفل ويرتاح إليه وبطريقة واضحة، كما أن الأساليب الحديثة للعلاج السلوكي لا تقر مبدأ العقاب كوسيلة لإطفاء السلوك غير الصحيح وبدلاً عن ذلك يتم إطفاء الأنماط السلوكية غير الصحيحة من خلال وقف العوامل التي كانت السبب في تشجيع الطفل على مثل هذا السلوك واستبدالها بمهارات اكثر إيجابية.
عندما تبدأ ملامح السلوك المحبذ في الظهور ولو بشكل بدائي (مثل محاولة نطق كلمة من قبل طفل أصم) فإنه يلزم عند ذلك استخدام أساليب مختلفة بهدف تسريع حدوث النمط السلوكي الصحيح.
والعلاج السلوكي يمكن أن يجدي في إيقاف العديد من المشاكل السلوكية مثل إيذاء النفس، فرط النشاط، العنف ونوبات الغضب، كما أن العلاج السلوكي مجد كذلك في التدريب على مهارات الاعتناء بالذات مثل ارتداء الملابس والنظافة وإلى حد ما المهارات التربوية والتعليمية.
حيث تمت الاستفادة بنجاح من أساليب العلاج السلوكي في زيادة كم ونوع القدرة الكلامية إلا أن الاستفادة من هذه الأساليب في علاج الجوانب الاجتماعية، التواصلية والسلوكيات الاستحواذية لم تثبت جدواها، ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن هذه الجوانب ليست نتيجة لنمط سلوكي واحد يمكن تشجيعه أو إطفاءه. وسوف أعرض لاحقا بعض التطبيقات للعلاج السلوكي المستخدمة للحد من بعض الأنماط السلوكية غير الصحيحة.
التدريب على المهارات الاجتماعية:
يشمل مفهوم التدريب على المهارات الاجتماعية عدد واسع من الإجراءات والأساليب التي تهدف إلى مساعدة الأطفال والبالغين التوحديين على التفاعل الاجتماعي. ولأن كل موقف اجتماعي يختلف عما سواه فإن ذلك يجعل من عملية التدريب على المهارات الاجتماعية أمراً شاقاً على المعلمين والمعالجين السلوكيين، ولكن ذلك لا يقلل من أهمية وضرورة التدريب على المهارات الاجتماعية باعتبار أن المشاكل التي يواجهها التوحديون في هذا الجانب واضحة وتفوق في شدتها الجوانب السلوكية الأخرى وبالتالي فإن محاولة معالجتها لابد وأن تمثل جزءاً أساسياً من البرامج التربوية والتدريبية. ومن الأمثلة على برامج التدريب الاجتماعية تدريب البالغين من التوحديين على كيفية إجراء اتصال هاتفي أو كيف يتسوق.
على أن التركيز أثناء التدريب على هذه المهارات لا يقتصر على الجوانب المحسوسة والمادية مثل طريقة إدارة رقم هاتف أو عملية عد النقود ..... بل يتعدى ذلك إلى الأعراف والتقاليد الاجتماعية المصاحبة عادة للمهارات الاجتماعية، كأن يبدأ ويستمر وينهي المكالمة الهاتفية أو كيف يقف بأدب في انتظار دوره عند التسوق.
ومن الأساليب المستخدمة في التدريب على هذه المهارات أسلوب تمثيل الأدوار واستخدام كاميرا الفيديو لتصوير المواقف وعرضها إضافة إلى التدريب العملي في المواقف الحقيقية. وبشكل عام يمكن القول بأن التدريب على المهارات الاجتماعية أمر ممكن إلى حدٍ ما على الرغم مما يلاحظه بعض المعلمين أو المدربين من صعوبة لدى بعض التوحديين تحول بينهم وبين القدرة على تعميم المهارات الاجتماعية التي تدربوا عليها على مواقف أخرى مماثلة أو نسيانها، وفي بعض الأحيان يبدو السلوك الاجتماعي للطفل التوحدي غريب من وجهة المحيطين به لأنه تم تعلمه بطريقة نمطية ولم يكتسب بطريقة تلقائية طبيعية.
ولابد من الإشارة كذلك إلى أن هناك بعض جوانب المهارات الاجتماعية التي يصعب تدريسها أو التدريب عليها، مثل الإحساس بمشاعر الآخرين وأفكارهم أو إظهار التعاطف مع الغير.
العلاج النفسي والتوحد:
أيد عدد من الأطباء والمحللين النفسيين استخدام أساليب العلاج النفسي مع آباء وأمهات الأطفال التوحديين. ويستند هذا التوجه على أن الآباء والأمهات يجب أن يحسنوا طرق تعاملهم مع أطفالهم حتى يتمكن الأطفال من النمو العاطفي المتوازن وأن العلاج النفسي هو الأسلوب الأمثل لتحقيق ذلك. إلا أن الدارسات لم تثبت صحة الاعتقاد القائل بأن الآباء والأمهات هم السبب في إصابة أبنائهم بالتوحد وان العلاج النفسي ذا جدوى في نمو عاطفي متوازن لدى الأطفال التوحديين. على أن ذلك لا يعني أن العلاج النفسي عديم الفائدة للوالدين أو للأطفال التوحديين أنفسهم، حيث ثبتت إمكانية الإفادة من بعض أساليب العلاج النفسي في تقديم الدعم والمؤازرة للتعامل مع المواقف الصعبة المصاحبة للتوحد وما يترتب عليها من مشاعر الضيق والاكتئاب. أي أن أساليب العلاج النفسي ذات جدوى وتفيد في توفير الظروف الملائمة للتعامل مع الصعوبات والمشاكل النفسية بشكل آمن وبطريقة حيادية. ولابد من الإشارة إلى أن الفائدة من أساليب العلاج النفسي تظل محدودة إذا استخدمت مع الأطفال التوحديين الذين يعانون من صعوبات لغوية. (اقرؤوا المزيد حول ما هو العلاج النفسي؟)
ويكون البديل في مثل هذه الحالات الأساليب غير اللفظية كالعلاج من خلال اللعب والذي أثبت فاعلية في مساعدة الأطفال التوحديين على ضبط حالات القلق التي تنتابهم وتمكنهم من اللعب بطريقة ابتكاريه وإبداعية، وقد تكون نتائج هذا الأسلوب عكسية في الحالات التي يقوم فيها المعالج بتفسير لعب الطفل بطريقة تسبب له الإرباك وتؤدي إلى الخلط بين الأشياء.