سورة الشرح
سورة الشّرح من سور القرآن الكريم المكّيّة، نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في مكّة المُكرَّمة، ولها عدّة مُسمّيات ومنها: ألم نشرح والانشراح، وهي السّورة الثانية عشرة في ترتيب نزولها، وكان نزولها بعد سورة الضّحى، وقبل سورة العصر، وعدد آياتها ثماني آيات، أمّا بالنّسبة لسبب نزول السّورة، هو عندما قام كُفّار قُريش بمعايرة المُسلمين بالفقر، أو كما ذكر ابن كثير أنّ سبب نزول السّورة عندما توجّه النّبي عليه الصّلاة والسّلام إلى الله تعالى بسؤاله أنّه أعطى الأنبياء والرّسل الذين سبقوه العديد من المُعجزات، فنزلت هذه السّورة لتذكّر النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- بنعم الله عليه، وفي هذا المقال سيتم التّعرّف على مضامين سورة الشّرح، إضافة إلى تأملات في سورة الشرح.[١]
تأملات في سورة الشرح
قبل الشّروع في الحديث عن مضامين السّورة الكريمة، لا بدّ للوقوف على بعض من اللمسات البيانيّة والتأمّلات، حول استعمال بعض الجمل والأحرف، وفيما سيأتي تأمّلات في سورة الشّرح:[٢]
- من التأملات في سورة الشرح ورود لفظ "نشرح" و"لك" في قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}،[٣]لإظهار مزيد من العناية للرّسول الكريم، وجاء الافتتاح بالاستفهام التّقريري "ألمْ"، دلالة على التنبيه بالنعم؛ أيْ أن يستحضر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام نعم الله عليه.
- ورد في الآية الثانية في قوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ}،[٤]التعبير بالوزر، دلالة على خوف الرّسول -عليه السّلام- من التّقصير في الرّسالة.
- ثمّ جاء التّعبير بعظم ما يحمله النّبي الكريم من الثّقل والهمّ والحرْص الشّديد، وذلك واضح في قوله تعالى: {الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ}.[٥]
- وردت عبارة الرفعة بالذّكر في قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}،[٦]دلالة على أنّ الله -سبحانه وتعالى- رفع مقام نبيّه في الذّكر، مثل: الشّهادتيْن في الأذان.
- جاء التّكرار في الآيتيْن، في قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}،[٧]وقوله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}،[٨]دلالة على تأكيد وترسيخ المعنى في النفوس، وخاصة عند الشّدائد، على أنّ الفرج سيأتي لينسّي آلام الماضي، وأن العسر لا يدوم.
- جاءت صيغة التّأكيد بوجود حرف الفاء في قوله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ}،[٩]لتدل على الأمر والوجوب، أيْ مواصلة الدعوة والتّجديد في أسلوبها دون ملل، حيث يقول ابن رجب -رحمه الله-: "الأعمال كلها يُفرغ منها، والذّكر لا فراغ له ولا انقضاء، وتنقطع الأعمال بانقطاع الدّنيا ويبقى الذكر".
- جاء في قوله تعالى: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}،[١٠]الرغبة، أيْ العودة إلى الله -سبحانه وتعالى-، بأداء النّوافل والاستشعار بلذّتها؛ لأنّها تكون بعد اجتماع الشّدائد والجهد، وتمّ تقديم الظّرف "إلى ربّك" للاختصاص؛ أيْ الرّغبة تكون لله وحده، يقول الضّحّاك في تفسير هذه الآية الكريمة: "فإذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء".
مضامين سورة الشرح
وبعد أن تمّ الحديث عن تأملات في سورة الشّرح جدير بالذّكر أنّ السورة الكريمة تتضمّن نافذة من نوافذ مغفرة الذّنوب، وباب من أبواب توجيه السلوك، ووسيلة للصّبر واللّجوء إلى الله وحده، وأصل من أصول السّعادة، ومضامينها العظيمة عديدة لا تنحصر، وفيما سيأتي بيان ذلك:[١١]
- السعادة تكون بيد الله وحده دون غيره، فهو من يشرح الصّدور، إمّا أن يضعها في قلب من يشاء فيسعد ويضحك، وإمّا أن ينزعها من قلب من يشاء فيشقى ويبكي، قال تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ}.[١٢]
- طمأنينة القلوب تكون بالصدر لا العقل، لقوله تعالى: {لَكَ صَدْرَكَ}،[١٣]وتكون فقط من عند الله فهو مقلب القلوب ومصرفها، وصلاح القلوب لا يكون إلا بالطّاعة.
- سورة الشرح وسيلة لمغفرة الذّنوب، لقوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وزرَك}،[١٤]كلما كان الإنسان قليل الذنوب زادت السعادة في قلبه، وهذه الذّنوب تُغفر بالتوبة والاستغفار والعودة إلى الله.
المراجع
- ↑ محمد سيد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط (الطبعة الأولى)، القاهرة: نهضة مصر، صفحة 435، جزء 15. بتصرّف.
- ↑ "وقفة مع العسر واليسر في سورة الشرح"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-09-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الشرح، آية: 1.
- ↑ سورة الشرح، آية: 2.
- ↑ سورة الشرح، آية: 3.
- ↑ سورة الشرح، آية: 4.
- ↑ سورة الشرح، آية: 5.
- ↑ سورة الشرح، آية: 6.
- ↑ سورة الشرح، آية: 7.
- ↑ سورة الشرح، آية: 8.
- ↑ "أصول السعادة العشرة في سورة الشرح"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-09-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النجم، آية: 43.
- ↑ سورة الشرح، آية: 1.
- ↑ سورة الشرح، آية: 2.