تاريخ إقليم نجد

كتابة:
تاريخ إقليم نجد

إقليم نجد

نجد عبارة عن هضبة يتراوحُ ارتفاعها ما بين 762 و 1524 م فوق سطح البحر، مع انخفاض تدريجي من الغرب نحو الشرق، وهضبة نجد من رمال صحراء الحجارة، وصحراء النفود الكبير شمالًا، والدهناء شرقًا، وحدود الربع الخالي جنوبًا، بينما يحدها من الغرب جبال الحجاز ومن الجنوب الغربي مرتفعات عسير، وتبدأ من جبال الحجاز إلى سور كسرى عند نهر الفرات الذي بناه للحماية من هجمات قبائل العرب على المدائن، ولقد كان للعرب قديما مقولة "من رأى حضنا فقد أنجد" وذلك يعني أنه من كان قادمًا من الحجاز للشرق ورأى جبل حضن في عالية نجد شمالي مدينة تربة البقوم فقد دخل في نجد، وسيذكر تاليًا تاريخ إقليم نجد.[١]

جغرافيّة إقليم نجد

النجد في اللغة هو المكان المرتفع ويقابله لدى الجغرافيين مصطلح "الغور" وهو المنخفض، وقد أطلق الجغرافيّون المسلمون على عدّة مواقع في الجزيرة العربية مسمّى "نجد" مثل نجد اليمن، وسمي إقليم نجد بذلك لارتفاعه عن تهامة الحجاز، ويفصل بين إقليم تهامة المنخفضة وإقليم نجد المرتفعة القسم الشمالي من سلسلة جبال السروات، ولذلك سميت تلك الجبال بالحجاز أي الحاجز بين نجد وتهامة، ويتّسم إقليم نجد بالوعورة والجفاف إلا أنه صالح للسكنى والإقامة والرعي، وقد قطنه البدو عبر مرور الأزمان، ومع جفاف نجد إلا أنها عامرة بالثمار في هضابها المرتفعة، التي تروى من الآبار العميقة[٢]، وتشق نجد العديد من الأودية التي تحتفظ بالماء بعد نزول الأمطار في فصل الربيع مما يسمح بالزراعة، ووما قيل في هضاب نجد وجمال طبيعتها:[٣]

فيا حبَّذا نجدٌ وطيبُ ترابِه

إذا هضَّبَتْهُ بالعَشيِّ هواضبُه

وريحُ صبا نجدٍ إذا ما تنسَّمتْ

ضُحًى أو سرَتْ جنْحَ الظلامِ جنائبُه

بأجرعَ مِمْراعٍ كأنَّ رياحَهُ

سَحابٌ من الكافورِ والمِسكُ شائبُه

إنّ مناخ إقليم نجد قاريّ ويتسم بالحرارة في الصيف، مع طقس يميل إلى البرودة لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر في الشتاء، ويلاحظ فارق كبير في درجة الحرارة بين الليل والنهار في معظم السنة، أمّا موسم الأمطار فيكون عادة بين ديسمبر ومارس من كل عام، مع تفاوت ملحوظ بين العام والآخر، وكثيرًا ما تسيل أودية المنطقة في هذه الفترة، لذلك يوجد على أكثرها سدود لاستغلال السيول، وقد ينزل البرَد أو الثلوج في النصف الشمالي من الهضبة في فصل الشتاء، أمّا الثلوج فقد ينزل قليل منها بين العام والآخر في منطقة حائل والمناطق الشمالية من نجد، وسيتم ذكر تاريخ إقليم نجد في ما تبقى من المقال.[١]

أقاليم نجد

كانت أقاليم نجد محلّ صراع بين الدول لارتفاع هضباتها مما يخوّل مالكها بالكشف أكثر للمناطق المجاورة، غير أن المناطق صالحة للرعي، ومن أهم المراعي في نجد، عالية نجد الواقعة بين الحجاز وجبل طويق، ومناطق الصمان والدبدبة المتاخمة للعراق والتي يخترقها وادي الباطن أحد أطول أودية الجزيرة العربية، وتاليًا تذكر أهم أقاليم نجد:[١]

  • منطقه حائل: ويقع في شمال غربي هضبة نجد إلى الجنوب من صحراء النفود وهي موطن حاتم الطائي في القديم، ومدينته الرئيسة حائل.
  • القصيم: ويقع وسط نجد، وقد كان فيما مضى أكبر أقاليم نجد من حيث السكان نظرًا لخصوبة أرضه ووفرة مياهه الجوفية.
  • الزلفي: وهي المنطقة الواقعة حول مدينة الزلفي إلى الشرق من القصيم على حدود صحراء الدهناء.
  • سدير: ويقع جنوب القصيم على الجانب الشرقي لجبل طويق، واسم المنطقة القديم وادي الفقي.
  • الوشم: ويقع بمقابل سدير على السفح الآخر "الغربي" لجبل الطويق، وهو معمور منذ القدم.
  • إقليم السر: سكانها من العونة من بني رشيد وعتيبة وهي نفود رملية تقع غرب الوشم.
  • الفرع: وهو اسم يشمل منطقتي حوطة بني تميم والحريق إلى الجنوب من الخرج، بالإضافة إلى قرى نعام والحلوة، وهي تعد أحيانًا ضمن مسمى "العارض" نظرًا لوقوعها في جوف جبل العارض "طويق".
  • عالية نجد: وهي المرتفعات الغربية الواقعة على حدود الحجاز وجبل حضن وأطرافه وقد غلب عليها تاريخيًا الطابع البدوي.
  • وادي الدواسر: وهو آخر الأماكن المأهولة جنوب نجد، ويقع على حدود الربع الخالي، وكان يسمى حتى القرن الخامس عشر الميلادي باسم "وادي العقيق" و "عقيق اليمامة" و "عقيق بني عقيل" و "عقيق تمرة".

تاريخ إقليم نجد

تعدّ مملكة كندة التي قامت في قرية الفاو من أقدم الممالك التي قامت في إقليم نجد ويعود تاريخها للقرن الرابع ق.م، وكان لها ارتباطات وثيقة في مملكة سبأ، وقد توسعت المملكة كثيرًا في فترات ما بعد الميلاد أيام مملكة حِميَّر، وقد اكتشفت كتابات أثرية قديمة كُتبت بخط المسند وتحوي خصائص لغوية مميزة ولها أهمية كبيرة للوقوف على مراحل تطور اللغة العربية، ولم يعرف كثيرًا عن تاريخ إقليم نجد القديم، ولكن ما يعرف أيضًا أن المنطقة المذكورة كانت محل نزاع بين المناذرة ومملكة كندة المدعومين من الحِميَّريين، فنقش النمارة الذي اكتشف بجبل الدروز في سوريا، يُظهر أن ملك المناذرة امرؤ القيس بن عمرو الأول شن حملة واسعة أخضع خلالها قبائل بني أسد ونزار ومعد وهزم مذحج وقاتلهم بضراوة -على زعمه- على حدود نجران، وقد عُرِف ممن سكن إقليم نجد من الشعراء عدد لا بأس به، وهم: امرؤ القيس، الأعشى، وعنترة بن شدّاد العبسي، وعرفت في نجد معركة حامية سميت بداحس والغبراء وهي حرب "أهلية" بين فرعين من قبائل غطفان ودامت المعارك بينهم أربعين سنة بسبب ناقة على زعم الروايات المتناقلة. [١]

نجد بعد بعثة النبي

أمّا بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد وفدت القبائل النجدية على النبي -صلى الله عليه وسلم- في عام الوفود ومن هذه القبائل بنو تميم، والذين ذكروا في القرآن، بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}[٤]، فقد ذكر في الحديث النبوي الشريف عن أبي سَلَمة، قال: ثني الأقرع بن حابس التميميّ أنه أتى النبيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فناداه، فقال: يا محمد إن مدحي زين, وإن شتمي شين، فخرج إليه النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- فقال: وَيْلَكَ ذَلِكَ اللّهُ، فأنـزل الله قوله {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}[٥]، وقد ارتدت أغلب نجد عن الدين الإسلامي عقب وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكانت موطنًا لمسيلمة الكذاب الحنفي، من قبائل بني حنيفة النجديين، الذي هزم من قبل جيش المسلمين في عهد الخليفة أبي بكر -رضي الله عنه-، وبهذا يتم ختم مقال: تاريخ إقليم نجد.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "نجد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-08-2019. بتصرّف.
  2. عبد العزيز عبد الغني ابراهيم (2013)، روايات غربية عن رحلات في شبه الجزيرة العربية، بيروت: دار الساقي، صفحة 215، جزء 1. بتصرّف.
  3. "نجد : الحدود والأهمية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-08-2019. بتصرف.
  4. سورة الحجرات، آية: 4.
  5. رواه الطبري، في تفسير الطبري، عن أبو سلمة، الصفحة أو الرقم: 283/22.
  6. "من مدعي النبوة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-08-2019. بتصرّف.
4201 مشاهدة
للأعلى للسفل
×