تاريخ الحضارة الفارسية

كتابة:
تاريخ الحضارة الفارسية

الحضارة الفارسية

هي إحدى الحضارات العالمية الكبرى، كانت في شمال شرق شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، وتقع على الهضبة الإيرانية شرق بلاد الرافدين، نشأت هذه الحضارة حوالي القرن السادس قبل الميلاد، وقد اشتهرت هذه الحضارة بالإمبراطورية الفارسية، وكان سكانها في البداية غالبيتهم من الفرس، ثم تطورت هذه الحضارة فاتسعت رقعتها دولتها الجغرافية، فضمت عددًا من الشعوب الأخرى، ثم انتهت بظهور الإسلام، وكانت هذه الحضارة تتميز بالقوة العسكرية، ومر بها العديد من الأحداث والحروب التاريخية الكبرى، وسيتم في هذا المقال الحديث عن تاريخ الحضارة الفارسية.[١]

تاريخ الحضارة الفارسية

يبدأ تاريخ الحضارة الفارسيّة بحضارة عيلام، وهي واحدة من أولى الحضارات في المنطقة، وينتمي شعبها إلى الشعوب الهندو أوربية، وتوجد آثارها في محافظة ايلام وإقليم خوزستان، واستمرت منذ 7000 سنة ق.م، وعندما استقر فيها الآريون، تأسست الحضارة الفارسية وازدهرت عام 550 ق.م بقيادة قورش الأكبر، كما اتسعت في عهد داريوس حتى امتدت إلى نهر السند في الشرق، وإلى نهر الدانوب غربًا، حتى استولى عليها الإسكندر المقدوني عام 330 ق.م، ثم تحررت من السلوقيين خلفاء الإسكندر حوالي عام 250 ق.م، وقد ساعد في قيام هذه الحضارة كثرة تنوع البيئة والتضاريس والمناخ، ووجودها في طريق الحرير، كما تأثرت بحضارات الساميين القديمة، وكذلك الصينية والهندية، وقد انتهى عصر الإمبراطورية الفارسية تمامًا بفتحها في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.[٢]

الحالة الدينية والفكرية في الحضارة الفارسية

لم تُعرف الأديان السماوية في تاريخ الحضارة الفارسية إلا بنطاق محدود جدًا، وكان أكثر سكانها على المجوسية، فمنذ القرن الثالث الميلادي صارت الزرادشتية دينًا للدولة، وقد تدهورت أخلاق رجال الدين الزرادشتي فوصفوا بالارتداد والحرص والاشتغال بحطام الدنيا، وحاول كسرى الثاني تجديد الزرادشتية وإحياء معابد النيران في أرجاء الدولة، ويعرف رجال الدين الزرادشتيون بالموابذة وكل منهم يرأس مجموعة يسمون الهرابذة وهم الذين يخدمون نار المعبد في كل قرية.[٣]

كانت الحياة الاجتماعية في إيران تقوم على عمادين: النسب والملكيّة، فكان يفصل النبلاء عن الشعب حدود محكمة، وكان لكل فرد مرتبته ومكانه المحدد في الجماعة، وكان من قواعد السياسة الفارسية ألا يطمع أحد في مرتبة أعلى من المرتبة التي يخولها له مولده، فقد قام "أردشير الأول" بإرساء نظام اجتماعي ارتكز على تقسيم المجتمع إلى أربع طبقات رئيسية؛ تأتي في مقدمتها طبقة "رجال الدين"، ثم طبقة "رجال الجيش"، ثم طبقة "الكتّاب"، ثم طبقة "الفلاحين والعمال". وتقوم الأسرة على أساس تعدد الزوجات، وشاع بينهم الزواج بين المحارم بعض الفترات، وكان وضع المرأة يشبه وضع الرقيق حيث بامكان الزوج أن يتنازل عنها لزوج آخر دون رضاها، كما شاعت عادة التبني للأولاد.[٣]

التعليم في الحضارة الفارسية

كان الفرس لديهم عاداتٌ خاصّة في تعليم أبنائهم، وهذا من مميزات تاريخ الحضارة الفارسية، ففي عمر السابعة يدخل المدرسة، وكان التعليم يُقتصَر في الغالب على أبناء الأغنياء، ويتولاّه الكهنة عادةً؛ وكان من المبادئ المقررة ألاّ تقوم مدرسة بالقرب من السوق حتى لا يكون ما يسودها من كذب وغش سببًا في إفساد الصغار، وكانت مواد الدراسة تشمل الدين، والطب أو القانون، أمّا أبناء الطبقات غير الموسرة فلم يكونوا يتلقون ذلك النوع من التعليم، بل كان تعليمهم مقصورًا على ثلاثة أشياء: ركوب الخيل، والرمي بالقوس، وقول الحق، وكان التعليم العالي عند أبناء الأثرياء يمتدّ إلى الرابعة والعشرين، وكان مَن يُعَدُّ إعدادًا خاصًّا لتولِّي المناصب العامة أو حكم الولايات؛ يُدرَّبون على القتال، وكانت حياة الطلاب في هذه المدارس العليا شاقة؛ فكان التلاميذ يستيقظون مبكرًا، ويدرَّبون على تحمُّل جميع تقلبات الجو القاسية، وأن يعيشوا على الطعام الخشن البسيط.[٤]

مظاهر الحضارة الفارسية

اتّسم تاريخ الحضارة الفارسية بعدد من المظاهر المختلفة التي ميّزتها عن باقي الحضارات فامتدّ أثرها عبر التاريخ في حضارات مجاورة من أهمها العراق، ومن أبرز مظاهر الحضارة الفارسية ما يأتي:

  • نظام الحكم: كان نظام الحكم كسروياً مطلقًا يقف على رأسه الملك، ولقبه كسرى وصلاحياته مطلقة، كان يتسم بالحكمة والعدل أحيانًا، وأحيانًا يوصف بصفات الألوهية، فكسرى أبرويز وصف نفسه بالرجل الخالد بين الآلهة مما يدل على الغرور والتعاظم، في حين وصفه المؤرخون بالملك الحقود الجشع، يجمع أكوام الذهب مستغلًا بؤس رعيته، ولجأ للمنجمين والكهان والسحرة لاستشارتهم في اتخاذ قراراته المهمة.[٣]
  • الزراعة والصناعة: كانت بلاد فارس أرضًا خصبة ازدهرت فيها الزراعة عبر تاريخ الحضارة الفارسية، كما انتشر فيها بناء السدود المائية، ولكن مع وجود النظام الإقطاعي وكثرة جباية الضرائب، فقد ضعفت أحيانًا الزراعة كثيرًا، أما في مجال الصناعة فقد برعوا بصناعة الأسلحة والقماش والسجاد.[٣]
  • التجارة: فقد ازدهرت جدًا لوقوعها في وسط الطرق التجارية، احتكر الأغنياء الثروة ومصادرها، كما انهمكوا بمباهج الحياة وشهواتها، وراكموا ثرائهم بالربا الفاحش والضرائب الثقيلة التي فرضوها على الفقراء من الفلاحين والعامة، فزادوهم فقرًا وتعاسة، وحرّموا على العامة أن يشتغل الواحد منهم بغير الصناعة التي مارسها أبوه.[٣]
  • الضرائب: كان العامة من سكان المدن يدفعون الجزية كالفلاحين، ويشتغلون بالتجارة والحرف، وهم أحسن حالًا من الفلاحين الذين كانوا تابعين للأرض، ومجبرين على السخرة، ويجرّون إلى الحروب بغير أجر ولا إرادة. وكان جباة الضرائب لا يتحرزون عن الخيانة واغتصاب الأموال في تقدير الضرائب وجبايتها.[١]
  • العمارة: تأثر الفن المعماري في تاريخ الحضارة الفارسية بالحضارة المصرية والحضارة الإغريقية، ومن أبرز تلك الشواهد المعمارية، هي البيوت المنحوتة في الجبال والقنوات المائية، وآثار القبة البرميلية الضخمة في العراق. كان للفرس طراز فني خاص في العمارة؛ فقد شيَّدوا في أيام قورش مقابر وقصورًا، مثل الدرج الحجرية والأرصفة والأعمدة.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب "الإمبراطورية الفارسية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019. بتصرّف.
  2. "تاريخ إيران"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج "الامبراطورية الفارسية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "دور العلم في بناء الحضارة الفارسية"، islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-11-2019. بتصرّف.
5088 مشاهدة
للأعلى للسفل
×