تاريخ غزوة بدر
غزوة بدر أو غزوة بدر الكبرى هي غزوة وقعت في اليوم السابع بعد العاشر من رمضان خلال السنة الثانية من الهجرة، بالقرب من آبار بدر بين المدينة المنورة ومكة، بعد قيام جماعة من المسلمين باعتراض قافلة التجارة الخاصة العائدة من الشام نحو مكة برئاسة أبي سفيان بن حرب.[١]
وتعد غزوة بدر أولى الغزوات التي حدثت بين جيش المسلمين وجيش الكفار، بعد بعثة الرسول الكريم محمد -عليه السلام- وحمله رسالة الإسلام، وكانت أولى الأدلة على قوة الإسلام والمسلمين وقدرتهم على تحدي جيوش الكفار.[٢]
أسباب غزوة بدر
بعد خروج المسلمين للنجاة بدينهم إلى المدينة المنورة، تركوا أبنائهم وأموالهم وكل ما لهم بمكة، فوجدت قريش ذلك فرصة للاستيلاء على ممتلكات المسلمين وكسر شوكتهم، وتعدت على ما للمسلمين بالنهب والسرقة والإتلاف، بالإضافة إلى محاولاتهم المستمر لاغتيال الرسول الكريم.
وعليه شعر المسلمين بأن حقوقهم تسلب وبأن قريش قد تمادت بأفعالها ووجب أن يتم وضع الحد لها، فبدأ المسلمون بالتفكير لاسترداد ما أخذ منهم وإثبات أن المسلمين ليسوا بالضعفاء العاجزين عن أخذ حقوقهم، بل هم أقوياء ولهم من القوة والمنعة ما يمكنهم من المواجهة بكل ضراوة وبسالة.
فنزل الدعم والمدد والتوجيه من الله تعالى والتوفيق حيث قال -سبحانه-: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).[٣]
فتجهز المسلمون بالعدة والعتاد لمواجهة المشركين وبذل ما لديهم في سبيل الله، وجهزوا السرايا والغزوات واستمروا في محاولاتهم في رد حقوق المظلومين والاستيلاء على أي من قوافل المشركين.
فأوشكت قافلة ضخمة بقيادة أي سفيان من الوقوع بأيديهم، إلا أنها أفلتت في طريق ذهابها إلى الشام، وكانت القافلة محملة بالكثير من الخير وصلت إلى ألف بعير، وقيل أن كل قريش شاركت فيها، فتربص لها المسلمون في طريق عودتها، ومن هنا بدأت شعلة الغزوة[٢]
أحداث غزوة بدر
بعدما علم المسلمون بعودة قافلة المشركين ذات الألف بعير بقيادة أبي سفيان، أمر الرسول بالخروج لملاقاتها وقطع الطريق عليها حتى لا يتمكن أبو سفيان بالنجاة بها كما حصل في طريق ذهابها، فخرج الرسول -عليه السلام- ومعه بعض الصحابة ممن كانوا على درجة من الاستعداد للخروج، وتخلف الكثير من الصحابة ظنًا منهم بأن الخروج سيكون لملاقاة القافلة فقط.
وكان خروج النبي في الثاني عشر من رمضان للسنة السابعة من الهجرة، وكان معه من الرجال ما يقارب الثلاثمئة وبضعة رجال، حيث ورد عن البراء رضي الله عنه أنه قال: (كُنَّا نَتَحَدَّثُ: أنَّ أصْحَابَ بَدْرٍ ثَلَاثُ مِئَةٍ وبِضْعَةَ عَشَرَ، بعِدَّةِ أصْحَابِ طَالُوتَ، الَّذِينَ جَاوَزُوا معهُ النَّهَرَ، وما جَاوَزَ معهُ إلَّا مُؤْمِنٌ).
وسمع أبو سفيان بخروج المسلمين للسيطرة على القافلة، فاتخذ كافة التدابير وغيّر طريق القافلة ونجا بها، لكن المشركين لم يقفوا عند هذا الحد، بل أصروا على الخروج والنيل من المسلمين لكسر شوكتهم، ورد اعتبار قريش بين القبائل، وفعلًا تجهز المشركون بألف من المقاتلين وخرجوا للقاء المسلمين.
فسمع الرسول الكريم باستعداد قريش للقتال والثأر من المسلمين، فاستشار المسلمون من مهاجرين وأنصار في هذه المواجهة ولكي كل الدعم والمؤازرة من قبلهم جميعًا.
وبعد التجهز والاستعداد من قبل كل من المسلمين والمشركين تم اللقاء في بدر وهي منطقة تقع بالمنتصف ما بين مكة والمدينة، وكانت منطقة مليئة بالآبار، حيث عمل المسلمون عند وصولهم إلى الشرب منها وأخذ حاجتهم وملئها بالحجارة؛ حتى تكون ضربة للمشركين العطشى وإضعافًا لهم.
وبدأت المعركة بخروج كبار قادة المشركين ومباشرتهم القتال، وكان من بينهم عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وقابلهم من المهاجرين الحارث بن عبدالمطلب، وحمزة وعلي، والتحم القتال والجيشان وأنزل الله تعالى مدد من عنده ملائكة تقاتل في صف المسلمين وتؤازرهم.[١]
فانتصر المسلمون على المشركين نصرًا مؤزرًا، وغنموا الكثير منهم وألحقوا بهم الكثير من القتل والأسر، حيث قتل حوالي 70 من المشركين كان من أبرزهم أبو جهل، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة ، ووقع في الأسر كثير منهم.
نتائج غزوة بدر
انتهت غزوة بدر بانتصار ساحق لجيش المسلمين على جيش الكفار، بالرغم من قلة العدد والعدة، ونجم عن الغزوة العديد من النتائج نبين أبرزها على النحو الآتي:[٤]
- قويت شوكة المسلمين، وأصبحوا ذات هيبة بين المدينة ومن جاورها من القبائل، وأصبح يحسب لهم الكثير قبل التفكير في التعدي عليهم حتى لا يصيبه ما أصاب قريش.
- نزول الحزن والهم والضعف على قلب المشركين لما أصابهم في بدر من قتل وأسر وجراح، والفقد الكبير الذي طال قادتهم وكبار مسؤوليهم.
- كان لنصر المسلمين الدور في كشف المنافقين واليهود والمشركين وما يكمن في دواخلهم.
المراجع
- ^ أ ب موسى بن راشد العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 329-348. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، كتاب السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 252-255. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية:60
- ↑ محمد أبو شهبة، كتاب السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 170-171. بتصرّف.