تحليل رواية الطنطورية

كتابة:
تحليل رواية الطنطورية

التحليل الموضوعي لرواية الطنطورية

تعد رواية الطنطورية واحدة من أجمل الروايات العربية من تأليف واحدة من أهم الكتاب العرب وهي الأدبية العربية الراحلة رضوى عاشور، قامت بتأليفها في العام 2010م، وهي زوجة الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي ووالدة الشاعر تميم البرغوثي، وهذه الرواية تُعد شاهداً على معاناة الشعب الفلسطيني، وعلى إرادة الحياة عندهم.[١]

وتبدأ أحداث هذه الرواية من قرية الطنطورة الفلسطينية، والواقعة على ساحل حيفا، وكانت هذه القرية موجودة فعلًا عام 1947م، إلا أنها اليوم غير موجودة لأنه تم طمسها من قبل الاحتلال، وقد صدرت الرواية لأول مرة عام 2010م، وفي بداية الرواية ستجد خريطة فلسطين، موضحًا فيها أهم المدن التي تدور بداخلها معظم الأحداث.[١]

تبدأ الرواية على لسان رقية الطنطورية، ابنة الثلاثة عشرة سنة، وأحداث الرواية تذكر جميع الأحداث من سنة 1948م حتى عام 2000م، بدايًة من النكسة والنكبة، مرورًا بصبرًا وشاتيلا، ثم الاجتياح اللبناني، وتحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، وتبدأ الرواية بمجزرة قامت بها جيوش الاحتلال في قرية الطنطورية.[١]

فاستشهدت فيها والد رقية، واثنين من إخوانها، إضافة إلى مئات من رجال القرية، وعلى إثر المجزرة، رحل أغلب سكان القرية إلى المدن المجاورة، وتبدأ رحلة الشتات لعائلة رقية، إذ كانت بداية في الخليل ثم إلى عمان، ثم صيدا، ثم بيروت، ثم أبوظبي، والاسكندرية، وفي النهاية كان اللقاء في الجنوب اللبناني المحرر على بوابة فاطمة[٢]. 


التحليل الأسلوبي لرواية الطنطورية

أسلوب رضوى عاشور من النوع السهل الممتنع، فالقارىء لا يجد سوى البساطة  في الحوار وفي أسلوب الكتابة، ومن بساطتها وقربها للناس يظن أنها استخدمت لهجة عامية، وإذا تعمَّق في الكلمات، سيجد أنها فصحى سليمة، لذلك لا يمكن أن يختلف القُراء في أسلوب رضوى عاشور الذي يتميز كثيراً عن كل ما حولها.[٣]. 
كما أنها استطاعت في هذه الرواية أن تُدخل الشخصيات العربية المعروفة في تلك الفترة إلى أحداث الرواية، مثل ناجي العلي، وكذلك غسان الكنفاني، وأسلوبها الذي كان يجمع ما بين الأحداث التاريخية الحقيقية وأحداث الرواية الخيالية، بأسلوب سردي مبسّط.[٣]
مما يجعل القارىء يعيش داخل البيت الفلسطيني، ويسمع الأهازيج والمواويل الفلسطينية على أصولها، ويتذوق ويشم الأكل الفلسطيني كأنه معهم. 


الاستعارة والصور الفنية في رواية الطنطورية

استطاعت الكاتبة تجسيد ووصف الأماكن والمشاعر والأحداث والتغيرات التي حدثت للفلسطينيين بدقة متناهية من خلال استخدام الرمزية، ونذكر مثالًا لذلك:

  • تصوير طيف حبيبها يحيى قادمًا من البحر، إذ إن البحر يدلّ على الموت، ولكنّه أيضًا يدلّ على الميلاد والحياة.[٤]
  • و في المشهد الأخير من الرواية، تصوير مشهد لقاء الأبن والأم والحفيد وكان عمر رقية حينها 77 عامًا، وقامت بمناولتها عقداً فيه مفتاحًا لباب بيتها في قرية الطنطورة، وذلك رمزاً لأملها في رجوعهم إلى بيتهم يومًا ما.[٤]


الحوار والسرد في رواية الطنطورية

كان سرد الرواية قصصي، ومحكي على لسان رقية، بطلة الرواية، ومن وجهة نظرها، ومن طفولتها حتى كبرت، وقد استطاعت أن تجسد لغة الفلسطينيين وطريقة كلامهم ولهجتهم بحوارات شخصيات الرواية، إضافة إلى استخدام العديد من الكلمات ذات اللهجة الفلسطينية، وكذلك الأمر في أهازيجهم ودبكاتهم.[٥]

كما أنها ركزت على الجانب الاجتماعي في القرية، وأوضحت كيف كان الناس يعيشون سويًا، وبالأخص أسرة رقية، فتكاملت عبر السرد أجواء الواقع، مما يشد القارىء ليصبح جزءاً من الطنطورة.[٥]


آراء نقدية حول رواية الطنطورية

من أشهر الآراء النقدية التي قدمت حول رواية الطنطورية:

  • الشاعر والإعلامي الفلسطيني أحمد الزكارنة

" أن رضوى عاشور استطاعت في روايتها الانتصار للذاكرة الفلسطينيّة، بوصفها ذاكرة قضيّة إنسانيّة أخلاقيّة، كما أنها حققت انتصارًا موازيًا للمرأة الفلسطينيّة، الّتي شكّلت ولا تزال في عديد من المراحل التاريخيّة، شريكًا أصيلًا في النضال الوطنيّ، بداية من مساندة الرجل مرورًا بما قدّمته على الصعيدين الفكريّ والاجتماعيّ داخل البلاد وخارجها".[٦]

  • المحامي حسن عبادي

" استخدمت رضوى عاشور فيها لغة بسيطة قويّة، بسهلها الممتنع، لتوصل لنا فكرتها، بلغة شاعريّة، وبأسلوب سرديّ فنيّ بعيد عن التعقيد، وقال أن الرواية ليست برواية تاريخيّة بموجب المعايير العلميّة رغم أنّ كاتبتها درست التاريخ والجغرافيا، بالزمان والمكان، وتمرّست بهما فكانا أرضيّة خصبة للرواية وأثراها كثيرًا".[٧]

  • الناقدة منة الله شلبي
أنه عندما تكتب رضوى عاشور، فهي تنسج خيوطًا من الإبداع لتضع أمام قارئها خلطة متوازنة من التاريخ والمشاعر والإنسانية، حتى يكتفي بما تكتبه ولا يعد يرغب في قراءة المزيد، لأن ببساطة جميع ما كُتب في التاريخ والأدب والشعر يصبح ضئيلًا أمام ما تكتبه رضوى عاشور[٨]. 


اقتباسات من رواية الطنطورية

فيما يلي مجموعة من أبرز الجمل التي ذكرت برواية الطنطورية:

  • "تناسيت حتى بدا أني نسيت"
  • "أمسى البكاء مبتذلاً، ربما لأن الدموع صارت تستحي من نفسها، لا مجال"
  • "وأنا أقرأ لك أتخيلك وأنت تكتب، أرى وجهك، جلستك، حركة يديك، مكتبك... فأشتاق أكثر!"
  • "فيتأكد لي مع كل صباح أن في هذه الحياة رغم كل شيء، ما يستحق الحياة"
  • "الأرواح تتآلف أو تتنافر هكذا لأسباب لا أحد منا يعلمها"
  • "ركضنا طلبًا للحياة ونحن نتمنى الموت"
  • "تعودت، لا أحد يستعصي على ترويض الزمان!"
  • "ذاكرة الفقد كلاب مسعورة تنهش بلا رحمة لو أُطلقت من عقالها"
  • "ليس هكذا الإنتظار، فهو ملازم للحياة لا بديل لها."
  • "كيف احتملنا وعشنا وانزلقت شربة الماء من الحلق دون أن نشرق بها ونختنق؟"[٩].

الطنطورية رواية تتناول مواضيع النكبة الفلسطينية واللجوء والشتات والغربة، وجاءت لغة الرواية شعبيّة جميلة وسلسة، فهي محكية باللهجة الفلسطينية، واستعمالها للأمثال الشعبيّة جعلها توصل لنا فكرتها، بلغة شاعريّة، وبأسلوب سرديّ فنيّ بعيد عن التعقيد.

و نتماهى مع رُقيّة لنشعر بأنهّا قريبتنا التي نعرفها عن كثب ونتحسس معاناة المرأة الفلسطينية المتشبثة بالأمل رغم الضياع، فكان جميلً جدًا أن تكتب المرأة عن المرأة.

المراجع

  1. ^ أ ب ت رضوى عاشور، رواية الطنطورية، صفحة 1. بتصرّف.
  2. خلود إبراهيم عبدالله جراد، تطور البناء الدرامي في روايات رضوى عاشور، صفحة 215. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "قراءة في رواية الطنطورية"، الرؤى، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "ملخص رواية “الطنطورية” للكاتبة رضوى عاشور"، مجتمع الأكاديمية، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب بشرى بدرة، عائشة تروني، مكونات الفعل السردي في رواية الطنطورية، صفحة 25. بتصرّف.
  6. "الطنطورية... ذاكرة الساحل الّتي قُتِلَتْ ولم تمت"، عرب 48، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2021. بتصرّف.
  7. "قراءة في رواية "الطنطوريّة" للكاتبة رضوى عاشور"، دنيا الوطن، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2021. بتصرّف.
  8. منة الله شلبي (1/4/2018)، "الطنطورية.. رواية بنكهة تاريخية"، ساسة بوست، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2021. بتصرّف.
  9. رضوى عاشور، "الطنطورية"، جود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2021. بتصرّف.
5989 مشاهدة
للأعلى للسفل
×